من إيران الثورة الاسلامية الي إيران النووية

من إیران الثورة الاسلامیة الی إیران النوویة

لا شك بأن انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 ، لم يكن حدثاً عادياً ، كما أن نتائجه لم تنحصر علي الصعيد الإيراني فحسب ، بل طالت المنطقة ثم العالم وهنا فإن الإضاءة علي نتائج انتصار الثورة يجب أن يحمل أبعادها، وآثارها وليس فقط الحديث عنها كحدثٍ تاريخي خصوصاً أن تاريخ ما بعد الإنتصار ، أرشف العديد من التحولات الإقليمية والدولية .

و كتب موقع "الوقت" التحليلي مقالا جاء فيه : لا شك أن أغلب التحليلات أو المقالات، تتحدث عن ما بعد انتصار الثورة الإسلامية ، في حين يجب القول، بأن الإضاءة علي مرحلة ما قبل الثورة، ولو بإيجاز، يجعلنا نفهم حقيقة الإنجاز. فما هي النقلة النوعية التي حققتها الثورة الإسلامية ؟

لم تكن إيران قبل الثورة مثل إيران اليوم . وهو ما قد يجهله الكثير من الجيل الشاب في إيران. فقد كانت إيران القوة المركزية التي تعتمد عليها السياسة الغربية الإستعمارية، وتحديداً الصهيونية العالمية. وهو الأمر الذي رسَّخه نظام الشاه عبر حلفه الإستراتيجي مع الكيان «الإسرائيلي» . فجعل مخابراته السافاك في تصرف الموساد «الإسرائيلي» . ولم يكتف بالتعاون الأمني بل زاد ذلك الي مراحل من التعاون الإقتصادي عبر تزويدها بالنفط الإيراني حتي في حروبها. كما كان نظام الشاه صلة الوصل السرية بين الكيان «الإسرائيلي» والعديد من الأنظمة العربية وتحديداً الخليجية منها .
وبالتالي فإن النظام الشاهنشاهي، كان لاعباً تابعاً، جعل من إيران مركزاً للغرب والعالم . الأمر الذي دفع الدول الغربية الي تزويده بأحدث الأسلحة ليصل الي مرحلةٍ أعتُبر سادس أقوي جيشٍ في العالم في سبعينيات القرن الماضي. وإن كان هدف أمريكا الإستراتيجي حينها، إيجاد قوةٍ تقف في وجه الإتحاد السوفيتي آسيوياً.
بناءاً لما تقدم ، ولأن معرفة الماضي تساهم في فهم أهمية الحاضر ، نقول إن عظمة الإنجاز لا تمتد فقط من تاريخ ما بعد الثورة، بل تبدأ من ربط ذلك بالواقع الذي سبق الإنتصار. وهنا وبعد أن أوجزنا في ذكر بعضٍ من ذلك ، نقول التالي:
- منذ أن انتصرت الثورة ، كانت واضحة المعالم والأهداف بل الهوية. وهو الأمر الذي يؤكد بأن الثورة جاءت لتنقل إيران بكل ما يرتبط بها حينها، من واقعٍ تابعٍ للغرب وأمريكا، الي واقعٍ آخر واضح المعالم. فقد أسقطت الثورة أكبر نظامٍ دكتاتوريٍ في الشرق الأوسط، وبالتالي وجهت ضربةً قاسيةً للإستعمار الأمريكي والصهيونية العالمية .
- ولم تكتف الثورة بإسقاط لنظام ، بل وجهت بوصلتها الي هدف التصدي للكيان «الإسرائيلي» ، بإعتباره الغدة السرطانية في المنطقة. وجعلت تحرير فلسطين القضية التي يجب أن تكون هوية الثورة الإسلامية. فالإمام الخميني قدس سره، اعتبر تحرير فلسطين والإيمان بقضية الشعب الفلسطيني، هدفاً يجمع بين تحقيق إزالة الكيان «الإسرائيلي»، وتوحيد جميع المسلمين.
- لذلك فقد نجح الإمام رضوان الله عليه، في نقل إيران من دولةٍ تابعةٍ بمقدراتها الإقتصادية والأمنية والعسكرية والسياسية، الي دولةٍ مستقلةٍ لها قرارها، وترتبط بحضارةٍ تفوق الألفين عام، لكنها تمُد يد التعاون لجميع الدول في العالم الإسلامي والعربي من منطلق احترام الحقوق وحرية الشعوب. وبالتالي فقد استطاع الإمام من خلال ذلك، تقديم نموذجٍ يُعتبر الأول من نوعه في التاريخ.
وهنا لا بد من الحديث قليلاً عن بعض النتائج العملية التي حققتها الثورة الإسلامية ، علي الصعيدين المحلي والدولي . لذلك نقول التالي :
- إن التضحيات التي بذلها الشعب الإيراني العظيم، كانت السبب الأساسي لإنتصار الثورة. وهو ما يجب أن يكون مفخرة الجيل الإيراني الذي لحق بالثورة. لكن هذه التضحيات، لم تقتصر علي فترة الثورة وإسقاط نظام الشاه، بل كان الرد الغربي علي انتصار الثورة، محاصرة إيران ومعاقبتها. وهي ردة الفعل الأولي التي أثبتت صوابية خيار الإمام الخميني، حيث أكدت بأن أمريكا طرفٌ يسعي لمصالحه ولا يحترم حق الشعوب.
- لكن إيران الإمام الخميني التي قدمت تضحياتٍ كبيرة في الكثير من الملاحم خلال وبعد الثورة، لم ترضخ لتلك العقوبات. بل إن كل المكائد التي نصبها الغرب لها لم تنجح. فقد توجهت النخب الإيرانية الي الإعتماد علي القدرات الذاتية، في مشروعٍ استراتيجيٍ يهدف لتطوير خطط التنمية الإقتصادية والإكتفاء الذاتي علي الصعد كافة. خدمةً لإنجاح مشروع الثورة الإسلامية وتأمين استمراريته كخيارٍ شعبي .
- وهو الأمر الذي نقلها عبر تاريخٍ من العمل الدؤوب، الي دولةٍ تحكمها مؤسساتٌ عريقة، تعتبر نموذجاً للديمقراطية والتعددية، مما ساهم في تأمين الأرضية السياسية والإجتماعية لكافة الإنجازات الأخري. فتحولت من مرحلة السعي لتأمين الإكتفاء، الي قوةٍ نوويةٍ قادرة، يأتي العالم بأسره اليها. وبالتالي فإن الحاضر الذي نعيشه اليوم، يدل علي أن خيار الثورة الإسلامية لم يكن ناجحاً فقط، بل صبَّ في مصلحة الشعب الإيراني وشعوب المنطقة أجمع.
ولعل الحديث عن التحولات في المنطقة والعالم، هو من الأمور التي تتعلق بآثار الإنتصار . ومن خلال الحاضر الذي نعيشه نشير للتالي:
- لقد كان انتصار الثورة كحركةٍ تحررية، نموذجاً لجميع الأحرار في العالم. بل إن شعار المستضعفين، جعل من الأمة الإسلامية أمةً تستخدم الثورة كسلاحٍ أمام أي ظلمٍ وعدوان. الأمر الذي ساهم في إنشاء حركات المقاومة الفلسطينية، وكذلك اللبنانية. وبالتالي انتقلت مفاعيل الإنتصار الإيراني علي الإستعمار، الي الجوار العربي، فكانت أول خطوةٍ جمعت المسلمين، ضد الإستعمار والهيمنة الأمريكية الصهيونية .
- وهنا فإن المخاض الذي أنتجته الثورة، ولَّد علي المدي الإستراتيجي ما يُعرف اليوم بمحور المقاومة. والذي جمع إيران الي جانب سوريا وحزب الله والمقاومات الفلسطينية. ليكون الحلف الأول من نوعه الذي يتخطي القوميات والطائفية. مما رسَّخ واقعاً مقاوماً في جوهره ، رافضاً للإختلافات ، موحَّداً ضد الإحتلال «الإسرائيلي» .
- الي جانب انشاء محور المقاومة، والذي يُعتبر طرفاً وازناً علي الصعيد الإقليمي، ساهمت إستراتيجية إيران الواضحة الأهداف والمستقيمة المبادئ - والتي يمكن ومن خلال مراجعة التاريخ، التأكُّد من أنها انطلقت من مبادئ الثورة الإسلامية، وأمنت إستمراريتها من خلالها – في تعزيز النموذج الإسلامي الذي قدمه الإمام الخميني، وأكمل في السير به الإمام الخامنئي. الأمر الذي أسقط كل محاولات الغرب تشويه صورة الإسلام، وميَّز المدرسة الإسلامية الصحيحة والتي تحمل مبادئ المحبة والسلام واحترام حرية الشعوب والأديان، عن تلك التي تدعي زيفاً تعلقها بالإسلام. مما جعل طهران الإسلامية محط العالم لحل كل المعضلات السياسية والأمنية.
يطول الكلام عند الحديث عن إنجازٍ بحجم انتصار الثورة الإسلامية. لكن عظمة الإنجاز ترجمتها القيادة الحكيمة للإمام الخميني، والتي احتضنها الشعب الإيراني وقدَّم من أجلها الدماء. واليوم تستمر القيادة ذاتها تحت لواء الإمام الخامنئي، في ظل وجود أمةٍ تبدأ من إيران ولا تنتهي، تحمل نموذج الثورة سلاحاً لها في مقارعة الإستكبار العالمي بكل أشكاله.

الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة