كيف تحقق عيد المقاومة والتحرير؟

کیف تحقق عید المقاومة والتحریر؟

لم يكن تحرير الاراضي اللبنانية المحتلة عام 2000، إلا تتويجا لمسار تصاعدي من انتصارات سجلها حزب الله، فنفذ ايهود باراك، رئيس الوزراء الصهيوني انسحابا احادي الجانب من الأراضي اللبنانية.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء أن اللبنانيين يحتفلون منذ 16 عاما بعيد المقاومة التحرير والذي يعد محطة مهمة في مسار المقاومة الإسلامية، وموضع قدم لحزب الله، انطلق منه لتسجيل انتصارات اكبر توجت بالنصر على العدو الصهيوني في حرب تموز التي ما تزال نتائجها تصدع أسس كيان الاحتلال.

في نظرة سريعة إلى السنوات التي سبقت عام التحرير، يلاحظ أن الرهانات الصهيونية مرت بمراحل وارتبطت بتطورات سياسية وأمنية. لكن الرهان الذي ظلَّل مراحل المواجهة كافة، تمحور حول إمكانية أن تشيخ المقاومة مع مرور الزمن، وأن يدب اليأس في صفوف جمهورها الذي يرفدها بشبابه مع تعاظم التضحيات.

ولكن هذا لم يتحقق بل أن حرب الاستنزاف التي حاول الكيان الصهيوني فرضها على حزب الله ترجمها الأخير الى جهد تراكمي يهدف إلى استنزاف الاحتلال نفسه على كافة المستويات بهدف ايصاله إلى النقطة التي تجبر فيه قيادته وجمهوره، على اتخاذ قرار بالانسحاب.

وبالعودة الى الوراء كان الاحتلال قد اجتاح جنوب لبنان عام 1978، معلنا أهدافا أمنية خاصة وجعل الاجتياح على عدة مراحل. ففي المرحلة الأولى من هذا الاجتياح كانت احتل منطقة الممتدة من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى حدود طرابلس في الشمال اللبناني بما في ذلك الجبال اللبنانية و بيروت العاصمة.

وانبرت المقاومة الإسلامية وعلى رأسها حزب الله في لبنان لاستنزاف قوات الاحتلال وجعل بقاءه في لبنان عبئا عسكريا واقتصاديا وأخلاقيا، وتهيأت لها ظروف معقولة تساعدها على الاستمرار والقوة، دعم لوجستي وسياسي وإعلامي من اللبنانيين، وتأييد سوري و إيراني، وتمويل شعبي ورسمي، وشعبية كبيرة بين اللبنانيين و العرب.

ولم تقع المقاومة اللبنانية في التعصب أو الفساد والغرور والاعتداء على الناس والمؤسسات الرسمية والشعبية، كما أظهرت المقاومة مسؤولية وانضباطية عالية بحيث عومل سكان المناطق الجنوبية باحترام وإنسانية بخلاف ما كان متوقعا مما اكسبها احترام اللبنانيين وبخاصة المسيحيين. ولم تحاول استغلال شعبيتها في مكاسب تتجاوز الخدمة المباشرة للمقاومة، فأصحبت حالة نموذجية في تاريخ المقاومة الشعبية.

واضطر الكيان الصهيوني تحت ضربات مطرقة المقاومة الى الانسحاب من معظم الأرضي اللبنانية، ولم يتبقى له سوى قرى الجنوب اللبناني ومع استمرار المقاومة الإسلامية وضرباتها، استسلم الشارع الصهيوني للواقع الجديد الذي فُرِضَ عليه وبدأ يطالب بالانسحاب من لبنان، وفي عام 1999، توصل المرشح لرئاسة الحكومة الصهيونية، إيهود باراك، الى حل للنزف الصهيوني المستمر في جنوب لبنان، ولم يكن هذا الحل سوى الانسحاب بصفقة لحفظ ما تبقى من ماء الوجه.

ولم يكن باراك بحديث العهد في المشهد اللبناني، بل ارتقى سلم الدرجات الوظيفية ووصل الى ارفع دراجات المؤسسة العسكرية، وكان قد شارك وخطط للكثير من محاولات الصهاينة انهاء المقاومة أو استنزافها بما ينهيها. وتوصل باراك الخبير بالشأن العسكري واللبناني والصهيوني  الى أن استمرار الاحتلال لم يعد ممكنا، فسعى للانسحاب من خلال اتفاق مع سوريا يضمن لكيانه الخروج المشرف ويحقق أهداف عجز الصهاينة عنها عسكريا.

وحاول باراك عقد صفقة مع الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد، تضمنت الانسحاب من لبنان، بما يضمن التزام إنهاء المقاومة مع تدابير أمنية صارمة في الساحة اللبنانية تحقق المصالح الأمنية والسياسية الصهيونية. وكان باراك يريد أن يحول التهديد إلى فرصة، إلا أن صمود الأسد ــــ كما يذكر باراك في كتاب «قصة حياتي» ــــ وصلابته في التمسك بمصالحه، حالا دون التسوية، وبالتالي كان الانسحاب من دون اتفاق ومن دون انجازات.

وفي محاولة للاحتيال الإعلامي، عاد الكيان الصهيوني للالتزام بقرارات الأمم المتحدة، واعلن التزمه بالقرار الصادر قبل عقود وتحديدا في عام 1978 الذي ينص على وجوب انسحاب هذا الكيان من الأراضي اللبناني، ووافق باراك على تنفيذ هذا القرار معتبرا انه سيمكن الكيان الصهيوني من التغطية على الانسحاب احادي الجانب الذي يعد هزيمة مطلقة وتحت غطاء الشرعية الدولية.

وفي  24 ايار عام 2000 اصدر باراك اوامره لقائد الجبهة الشمالية في حينه، غابي اشكنازي، لبدء تنفيذ خطة الانسحاب من جنوب لبنان، لتحتفل المقاومة بالنصر الكبير الذي كلل سنوات من الصمود.

واليوم بعد 16 عاما على الهزيمة الصهيونية الكبرى ما زال ايهود باراك مصرا على ان القرار الذي اتخذه كان صائبا وما زال يعتبر أن الحرب مع حزب الله خيار خطر وقبل شهرين تقريبا صرح خلال احتفال بإصدار كتاب (الفجر الباكر) الذى يغطى تفاصيل انسحاب جيش الاحتلال من جنوب لبنان عام 2000 ، علق على هذا الانسحاب قائلا "إذا تبنينا هذا النهج فربما تكون لدينا حروب أقل ، أو كم أقل من الديناميكية التى تجلبها الحرب"

وبعد سنوات اعترف الصهاينة رسميا بأن حزب الله هو من فرض عليهم الانسحاب وتوقيته إذ أقر رئيس شعبة العمليات السابق ورئيس مجلس الأمن القومي السابق اللواء في الاحتياط غيورا آيلان، في حوار مع الاذاعةالصهيونية بأن "حزب الله هو من فرض شكل وتوقيت الانسحاب من لبنان في أيار العام 2000 وان رؤية الجيش الصهيوني كانت تقضي بالبقاء داخل الأراضي اللبنانية في حزام أمني بعرض كلم واحد وعلى التلال المشرفة، لكن تفكك مليشيا انطوان لحد واحتلال حزب الله لمواقعه فرض التعجيل بالانسحاب من لبنان ليلة 23 أيار".

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار {0}
عناوين مختارة