موضع قدم الإمام الرضا (عليه السلام) في مدينة نيشابور المعروف باسم " قدمگاه "


محافظة خراسان رضوي محفوفة بقرى وارياف هي الغاية في الروعة والجمال ومن جملة ضواحيها الجميلة مدينة نيشابور العريقة التي تشرفت يوماً بحضور ثامن أئمة الشيعة فيها علي بن موسى الكاظم (عليهما السلام) الذي خلف فيها مقاماً مباركاً مقدساً وهو موضع قدمه المعروف باسم " قدمگاه " والذي يستقبل يومياً أعداداً كبيراً من الزائرين القاصدين زيارة ضريحه المقدس في مدينة مشهد.

خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء - هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمتكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.

موضع قدم الإمام الرضا (عليه السلام) في نيشابور

الزائر المتجه نحو مدينة مشهد لزيارة ضريح ثامن أئمة الشيعة علي بن موسى الكاظم (عليهما السلام) المعروف بالرضا، فهو يمر في طريقه بمدينة نيشابور وكأنه يسير على خطى الإمام حينما شد رحاله إلى تلك الديار، وفي هذه المدينة الصغيرة هناك مقام شريف فيه أثر لقدم الإمام يطلق عليه باللغة الفارسية " قدمگاه " البناء المشيد في هذا المكان المقدس يرجع تأريخه إلى القرن الحادي عشر الهجري حيث تم تشييده بأمر من الملك الصفوي الشاه عباس.

تعلو هذا المقام قبة زرقاء وهو مكون من طابقين وبشكل ثماني الأضلاع، ويقع على مسافة 24 كم شرقي مدينة نيشابور ويقع على قارعة الطريق المؤدي إلى مدينة مشهد المقدسة.


وتجدر الإشارة هنا إلى أن أهمية هذه البقعة المباركة لا تقتصر على قدسيتها، بل إنها متسقرة في منطقة خضراء رائعة الأجواء ولا سيما في فصل الصيف إذ إنها زاخرة بالأشجار الباسقة الخضراء ومجاري المياه الصافية العذبة، ناهيك عن أنها مدينة تأريخية.

بعد ستين عاماً من تشييد خطوة الإمام الرضا (عليه السلام) من قبل الملك الصفوي الشاه عباس، حدثت هزة أرضية أسفرت عن انهيار البناء لذلك بادر الملك سليمان الصفوي إلى ترميمه من جديد، وفي العهد القاجاري حظي المقام باهتمام من قبل الملك ناصر الدين شاه القاجاري واعتبرت الحديقة المحيطة به كجزء من التراث الوطني الثقافي وهي حتى اليوم كذلك.


أجزاء المبنى

المبنى المحاذي لموضع قدم الإمام الرضا (عليه السلام) في نيشابور فيه نزلان وخزان مياء واسطبل وحمام، وقد تم تشييدها في عهد الشاه عباس الصفوي، لكن أحد النزلين والأسطبل لم يدوما طويلاً واندرسا منذ تلك الآونة ولم يبق سوى نزل واحد وحمام.

في محاذاة موضع القدم الشريف هناك قريتان رائعتان يستشف الناظر منهما تلك العهود السالفة لكونهما محفوفتين بالكثير من الأشجار الباسقة القديمة وآثار البناء المندرسة ، إحداهما تسمى " بالا ده " أو " قلعه بالا " وتقع في الناحية الشمالية الغربية للخطوة وهي مرتفعة لذلك تشرف عليها وفيها آثار وأطلال لقلعة قديمة مندرسة، والثانية اسمها " پايين ده " أو " قلعه پايين " حيث تقع في الجانب الشمالي الشرقي منها.

موضع قدم الإمام الرضا (عليه السلام) أثر رضوي مقدس

الإمام الرضا (عليه السلام) في طريقه نحو خراسان خلف تراثاً مباركاً في مدينة نيشابور، ففي موضع قدمه المبارك المسماة " قدمگاه " هناك ينبوع زاخر بالمياه الصافية العذبة قيل إنه نبع بفضله وكرامته، والأهم من كل ذلك هو مركز ومحور هذا المكان المبارك وهو الحجر المقدس الذي فيه أثر لقدمين ولونه أسود حيث يبلغ عرضه 53 سم وقد نصب في جدار المقام المبارك، ويعتقد السكنة المحليون أن هذين الأثرين على الحجر هما لقدمي الإمام حينما وقف عليه، ولكن الحقيقة أن محبي أهل البيت (عليهم السلام) نقشوهما حباً به وتيمناً بشخصيته المعصومة الكريمة لما اجتاز مدينتهم.


الأهمية التأريخية لموضع قدم الإمام الرضا (عليه السلام)

إضافة إلى أهمية موضع قدم الإمام الرضا (عليه السلام) الدينية، فهو ذو أهمية تأريخية أيضاً فهو حينما كان متجهاً نحو مدينة مرو حط رحاله لفترة من الزمن في مدينة نيشابور التي كانت آنذاك عامرة بالسكان وزاخرة بالمساحات الخضراء بحيث اعتبرها بعض الباحثين والمؤرخين بأنها أكثر المدن المحاذية لمدينة مشهد كثافة سكانية آنذاك وأكثرها تطوراً، لذلك استقبله فيها أهلها وبعض الوافدين من المناطق المحاذية لها ويروي التأريخ بأن العدد يضاهئ المئة ألف، وآنذاك روي عنه أهم حديث ينسب إليه وقد دونه الكثير من الحاضرين بين يديه، وهو المعروف بحديث سلسلة الذهب لأن سلسلة رواته جميعهم من المعصومين (عليهم السلام) حتى تصل السلسلة إلى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ثم إلى جبرائيل ثم إلى الله سبحانه وتعالى، وهو: "كلمة لا إله إلا الله حصني ومن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن عذابي".