وادي " واشي" المعروف بـ " تنگه واشي " في مدينة فيروز كوه+صور وفيديو


محافظة طهران معروفة بمعالمها الحضارية المعاصرة وحدائقها الكبيرة، لكنها في الحقيقة تتوسط بين معالم طبيعية قل نظيرها في جميع نواحيها ومن جملتها الوادي الشهير المعروف باسم " تنگه واشي " الذي يجمع بين الطبيعة الرائعة والتراث الأصيل الذي يعكس حضارة عريقة شيدها الأسلاف قبل 6000 عام في تلك النواحي.

خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء- هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمتكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.

القاصي والداني يعرف محافظة طهران بمعالمها الحضارية الفريدة من نوعها، ولكن هذه المدينة الجميلة محاطة من جميع نواحيها بمناظر طبيعية خلابة وآثار قديمة تضرب بجذورها في شتى العصور، ومن جملتها واد جميل اسمه " تنگه واشي " الذي يجمع بين الطبيعة والحضارة في آن واحد.

* مدينة فيروز كوه الجميلة

يقع هذا الوادي على مسافة 17 كم من مركز مدينة فيروز كوه ولكونه معلماً تراثياً وطبيعياً فهو يستقطب سنوياً الكثير من السائحين ومحبي الطبيعة، لذلك يعتبر واحداً من أهم المراكز السياحية في المحافظة.

مدينة فيروز كوه تقع في الجانب الشمالي الشرقي من مدينة طهران، وهي مدينة جميلة زاخرة بروافد وأحواض المياه العذبة والجبال الخضراء الشاهقة، كما أنها معروفة بينابيعها التي تتدفق بالمياه المعدنية لذلك تعتبر منتجعاً صيفياً هو الغاية في الروعة والجمال، ومن هذا المنطلق يشد الكثير من سكان العاصمة رحالهم صيفاً إليها بهدف الراحة والاستجمام للتنزه في مناظرها الفريدة والانتعاش بأجوائها المعتدلة في أيام الحر الشديد.

* " تنگه واشي " وشلال " ساواشي "

هناك الكثير من المعالم الأثرية في مدينة فيروز كوه، ومعظمها يعود إلى العصر القاجاري، فهناك مباني قديمة كانت محلاً لإقامة المسافرين وقلاع تراثية ومقابر تأريخية والعديد من مراقد السادة من أهل البيت (عليهم السلام)، هذا إلى جانب معالمها الطبيعية الفذة المتناثرة في شتى أرجائها ولا سيما الوادي الجميل المسمى " تنگه واشي " الذي تنهمر منه مياه شلال " ساواشي " من ارتفاع ثمانية أمتار.

هذا الوادي الجميل يطلق عليه أيضاً اسم " سوباشي " و " ساواشي "، وهو في غاية الروعة والجمال بحيث يعتبره الكثيرون بأنه واحداً من أجمل المناظر الطبيعية في محافظة طهران، لذلك يعرفه جميع سكنة هذه المحافظة وزاره معظمهم.

وقد أطلق عليه هذا الاسم لكونه عبارة عن ممر ضيق بين جدارين جبليين عظيمين لنهر تنهال مياهه من أعلا الشلال، لذلك يتلذذ السائحون كثيراً حينما يتجولون فيه.

* جمال الوادي والحيوانات البرية التي تسكن في أطرافه

بعض السائحين يقصدون الوادي سيراً على الأقدام في حين أن بعضهم يستكري الدواب من القرويين الساكنين في تلك المنطقة، فهي تقع على سفح جبل وطريقها وعر.

للوصول إلى الشلال يجب أولاً اجتيار واديين الأول هو " واشي " الذي يعد أطول وأضيق وأكثر عمقاً من الآخر، حيث يبلغ طوله 600 م إلى 700 م وعمق المياه في بعض نقاطه يتجاوز المتر، والملفت للنظر أنه مجاور لنقش حجري أثري.

الوادي الثاني اسمه " سا " الذي هو أقل عمقاً من وادي " واشي " ويبلغ طوله 400 م إلى 500 م، والمياه في كلا الواديين عذب وبارد ينعش النفس، حيث ينهمر من الشلال ويجري إلى أسفل الجبل، وروعته تتجلى في فصل الصيف إثر النسيم العليل والأجواء العبقة التي تحفه، ولا سيما الشلال الجميل الذي يبلغ ارتفاعه 15 م.

ومن ناحية أخرى هناك العديد من الحيوانات البرية التي تقطن تلك المنطقة، ولكن من المؤسف أن صيدها قد أدى إلى تضاؤل أعدادها بشكل كبير.

* الآثار التأريخية

إضافة إلى جمال " تنگه واشي " من الناحية الطبيعية، فهو يعد معلماً أثرياً أيضاً الأمر الذي جعله قطباً سياحياً هاماً في محافظة طهران، إذ يوجد إلى جانبه نقش كبير على جدار صخرة كبيرة محاذية له ويرجع تأريخها إلى العهد القاجاري، وهو واحد من ثلاثة نقوش ترجع إلى تلك الآونة، فهناك نقش في منطقة " چشمه علي " في مدينة " شهر ري " وفي نفق " وانا " الواقع على طريق هراز الخارجي، وقد تم نقشها بأمر من الملك القاجاري فتح علي شاه.

* نقش فتح علي شاه

الملك القاجاري فتح علي شاه قبل أن يتولى زمام الحكم كان مقيماً في مدينة شيراز، وهناك شاهد النقوش الجميلة التي نقشها الفنانون الساسانيون على سفوح الجبال بكل روعة وبراعة، لذلك أمر الفنانين حجار باشي ونقاش باشي ومعمار باشي بتقليد ذلك في محافظة طهران بعد أن أصبح ملكاً للبلاد، وبالفعل فقد أنجز هذا العمل وتم تدوين أسماء هؤلاء الفنانين في هذه النقوش الثلاثة.

النقش الذي تم نحته على سفح وادي ساواشي تبلغ أبعاده 6 م في 7 م وقد دونت فيها معلومات حول أهم الأحداث التي شهدتها إيران إبان حكومة الملك فتح علي شاه القاجاري إلى جانب نقوش تصور بعض الحيوانات كالخيول وكذلك الرماح وعمليات الصيد، وبما في ذلك صور أولاد الملك وأحفاده وهم يقومون باصطياد الحيوانات وهم عباس ميرزا وعلي قلي ميرزا وعلي نقي ميرزا.

يبلغ عمر هذه النقوش 185 عاماً تقريباً وقد بقيت محتفظة بطلاوتها ولم تطرأ عليها تغييرات كبيرة لكونها لم تكن عرضة للمؤثرات الجوية واشعة الشمس، ولكنها للأسف الشديد لم تكن بمأمن من تخريب بعض السائحين.

* الكهف الجميل في الوادي الثاني

الوادي الثاني هو أيضاً في غاية الروعة والجمال حاله حال الوادي الأول، فهو على هيئة ممر ضيق يحيط به جداران مرتفعان، والرائع فيه أن الإنسان حينما يرفع رأسه يشاهد السماء وكأنها نهر جار في الأفق، وما يزيد من روعته تلك المياه العذبة التي تتدفق وتجري بين جداريه.

ارتفاع هذا الوادي أقل نسبياً من الوادي الأول وفيه يصب شلال " واشي " الذي يبلغ ارتفاعه 15 م تقريباً، وفي نهايته هناك حوض تبلغ مساحته حوالي 50 متراً مربعاً ومتوسط عمقه يضاهئ متراً واحداً، ومتوسط درجات الحرارة فيه أقل بنسبة عشرين درجة مئوية مما هو عليه الحال في مركز محافظة طهران، لذا فإن أفضل الأوقات للتجول فيه هي أيام فصول الربيع والصيف والخريف.

* الهدايا التي يقتنيها السائحون من ساواشي

أفضل الهدايا التي يمكن أن يقتنيها السائحون لأنفسهم وذويهم من منطقة ساواشي في فيروز كوه تتمثل في نوع من اللبن اللذيذ الذي تضاف إليه عصارة خمسة نباتات معطرة وهي الزعتر والنعنع والنعنع البري والبطنج والكاكوتي، كما هناك طعام محلي طيب الطعم وهو معجون البرقوق وقمر الدين، إضافة إلى الصنادل الخفيفة التي تناسب تسلق الجبال.