كهف "كرفتو" روعة طبيعية في قلب جبال إيران+ صور


محافظة كردستان معروفة بطبيعتها الزاهية ولا سيما تلك الجبال الباسقة الخضراء التي تسر الناظرين، ويتوسط هذه الجبال كهف يجمع بين الطبيعة والتراث باسم "كرفتو" اتخذ كمعبد للإغريق في فترة من الزمن ويقع على مسافة 67 كم شمال غربي مدينة "ديوان درّه"، وتدل البحوث الأثرية على أنّه في العصور السحيقة كان مغموراً تحت المياه.  

خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء- هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمتكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.

الطبيعة تزهو بحلة جميلة في محافظة كردستان ولا سيما في فصل الصيف حيث تعتدل الأجواء ويهب النسيم العليل في جميع أكنافها، وأبرز ميزة طبيعية في هذه المنطقة تلك الجبال الشاهقة الخضراء الرافلة بالأشجار المتنوعة المثمرة وغير المثمرة، ومعالمها التراثية والطبيعية كثيرة لا حد لها ولا حصر، ومنها كهف يجمع بين التراث القديم والطبيعة الفذة باسم "كرفتو" حيث يقع على مسافة 67 كم في أحد الجبال المرتفعة وفي قلب صخرة عظيمة شرقي مدينة "ديوان درّه" وشرقي مدينة "سقّز".

وحسب البحوث والدراسات التأريخية التي أجراها علماء الآثار حول هذا الكهف فقد كان في العصور السحيقة مغموراً تحت المياه ومن ثمّ ظهر بحلة جديدة ليبدو إلى العيان في قلب مرتفعات جبلية.

يقع هذا الكهف بين قريتي "مسعود آباد" و "تركان بلاغ" وإلى الجنوب من قرية "مير سعيد" وغربي قرية "علي آباد" وفي الناحية الشرقية من قرية "يوز باش كندي"، وأقرب طريق يوصل إليه من مدينة ديوان درّه هو الطريق المتفرع من مفترق "گور بابا علي"، وأما أقرب طريق له من مدينة سقّز فهو الطريق المؤدي إلى قرية "مير سعيد"، وأما من مدينة تكاب فيمكن الوصول إليه عن طريق قرية "علي آباد".

* معالم كهف "كرفتو"

كهف "كرفتو" هو الكهوف الكلسية التي تكونت خلال عصور متمادية على مر التأريخ، وقد استوطنه البشر في العصور السحيقة مما أدى إلى حدوث تغييرات في تركيبته.

يتكون هذا الكهف من صخور مرتبة على أربعة طوابق في قلب الجبل، وقد زاره العديد من الباحثين في علم الآثار والمستشرقين المعروفين ورسموا خريطته الطبيعية، ناهيك عن أنهم دونوا العديد من البحوث والمقالات حوله نظراً لطبيعته الفريدة من نوعه، والملفت للنظر أنّه يعد تحفة أثرية إضافة إلى روعته الطبيعية، فهناك نقوش على بوابته كتبت باللغة الإغريقية ووصف بأنّه معبد الإلهة "هرقلوس".

يبلغ طول الكهف في امتداده الأصلي 750 م تقريباً وفيه العديد من الطرق الفرعية التي تبدو فيها آثار الاستيطان البشري بشكل جلي، حيث شهدت تغييرات تنم عن أنّ الإنسان هو الذي قام بها ولا سيما تلك النقوش الفذة التي رسمت على جدرانه وسقفه، كما هناك بعض الغرف التي حفرت فيه في قديم الأزمنة.

ما يمتاز به هذا الكهف عن سائر الكهوف في الجمهورية الإسلامية أنّه يضم في مختلف جوانبه فنون معمارية تراثية يعكس كل منها الأذواق البشرية في فترة من الزمن، ويرتفع مدخله عن أرضية الجبل الموجود فيه بمسافة 25 م وكان الوصول إليه قديماً شاقاً وخطراً لكن السلطات المحلية بادرت إلى تشييد مدرجات آمنة تقود إليه.

* الفن المعماري في كهف "كرفتو"

في مدخل كهف "كرفتو" يجد السائح أمامه بناء من أربعة طوابق، حيث حفرت فيه على هيئة بناء يقطنه عدد من العوائل، والجميل أن في كل طابق توجد عدة غرف متداخلة فيما بينها وقد حفرت فيها نوافذ لدخول الهواء والنور من الخارج، إلى جانب وجود العديد من الممرات الداخلية التي تربط بين كل طابق وبين الغرف الموجودة فيه، لذا فهو يعتبر تحفة معمارية فريدة من نوعها جادت بها يد البشر قبل آلاف السنين، ولكن ما يدعو للأسف هو حدوث انهيار في بعض نواحيه مما شوه بناءه وطمر بعض الغرف.

* النقوش القديمة في كهف "كرفتو"

على مر الأزمنة ومع تنوع الساكنين في كهف "كرفتو" نقشت في مختلف أجزائه نقوش وصور متنوعة تعكس تلك المرحلة الزمنية التي استوطنها البشر، ففيه نقوش لحيوانات ونباتات إضافة إلى مكوناته المعمارية الجميلة التي تتمثل في غرفه وممراته ونوافذه المحفورة في الحجر الصلد والتي تم تزيين بعضها بنقوش جميلة.

وقد حظي هذا الكهف بأهمية كبيرة في العهد الإغريقي، ففيه أحجار منقوشة باللغة الإغريقية ذكر فيها اسم الإلهة هرقلوس، لذلك أطلق علماء الآثار اسم معبد الإلهة هرقلوس، ومن جملة ما دون في الحجر المنقوش في بوابته والذي اندثر جانب كبير من كتابته: "هذه دار هرقلوس، وكل من دخل فيه فهو آمن"، وذهب بعض الباحثين في علم الآثار إلى أنّه استوطن من قبل الإغريق بعد عهد الإسكندر المقدوني وفي عهد السلوكيين إبان الفتوحات التي قام بها مهرداد الأشكاني الثاني في النواحي الغربية من إيران القديمة.

ونظراً للأضرار التي لحقت به على مر العصور فقد بادرت السلطات المحلية إلى إجراء بعض الترميمات عليه بغية إعادة هيبته وإحيائه من جديد كمعلم سياحي يجمع بين التراث العريق والطبيعة الرائعة.

/ انتهى/