قلعة "بهستان".. من أغرب وأجمل الآثار في محافظة زنجان + صور


قلعة بهستان هي من أهم الأبنية الدفاعية للمحاربين القدماء في جمهورية إيران بمحافظة زنجان، وتُعَد حصناً منيعاً يصعب الصعود إليه حيث كان المحاربون القدماء يدافعون بالقلاع عن نفوسهم ويرمون العدو منها ولا نبالغ ان قلنا ان قلعة بهستان هي الأغرب والأجمل على الإطلاق في إيران.

محافظة زنجان تعتبر واحدة من أجمل المدن في إيران لكونها تجمع بين التراث العريق والطبيعة الخلابة ولا سيما اعتدال أجوائها في فصل الصيف، ومعالمها الأثرية التي تضرب بجذورها في مختلف العصور لا حصر لها، وما زاد من روعتها حسن ضيافة سكنتها الناطقين باللغة التركية الأذربيجانية.

محافظة زنجان هي إحدى المناطق الجميلة في الجمهورية الإسلامية حيث تحفها الجبال الشاهقة التي ترتدي حلة بيضاء في فصل الشتاء وتجري في أكنافها الأنهار الزاخرة بالمياه العذبة وفضاؤها الرحب يجوبه النسيم العليل مما جعلها تمتاز بطبيعة غناء في فصل الصيف، ناهيك عن أنها مدينة تأريخية كانت مهداً للعديد من الحضارات البشرية على مر العصور.

ويعتقد بعض علماء الآثار إلى أن تأريخ تأسيسها يعود إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، وقبل ظهور الإسلام كانت مدينة "زنگان" أو "زندگيان" مركزاً لها حيث تغير اسمها إلى "زنجان" بعد أن هجوم العرب وسيطرتهم عليها. تقع هذه المحافظة في الناحية الشمالية الغربية من إيران وتجاورها المحافظات التي يقطنها الأتراك الأذربيجانيون.

وقد احتلت هذه المدينة مكانة هامة منذ قديم الزمان لكونها تقع على الطريق التجاري العالمي الشهير بـ "طريق الحرير" الذي يربط بين البلدان الآسيوية والهند والصين وقارة أوروبا، وأهم نهر فيها هو نهر "قزل اوزن" حيث ينبع من جبال كردستان وبعد أن يمخر محافظة زنجان يصب في بحر قزوين "بحر الخزر".

إضافة إلى الآثار القديمة والمعالم الطبيعية فإن أهالي مدينة زنجان لديهم مهارات حرفية عديدة وبما في ذلك فن النمنمة وصناعة السكاكين ومختلف أنواع الحصران والسجاجيد، ويمكن القول إن مدينة طارم هي أجمل مدنها بحيث تستقطب سنوياً أعداداً هائلة من السائحين الإيرانيين والأجانب، كما اكتشف في أحد كهوفها التراثية مومياءات لرجال بقيت أجسامهم محفوظهم بين الملح لأن هذه الكهوف كانت مناجم لاستخراج الملح في قديم الزمان، وفيها أكبر قبة مشيدة من الطابون، وفي شهر محرم الحرام يجتمع سكنتها بأعداد كبيرة في وسطها لإقامة مجلس عزاء مشترك عظيم، لذا فهي أرض الطبيعة والتراث والعجائب.

أهم الأثار التاريخية في زنجان

قلعة بهستان

قلعة بهستان هي من أهم الأبنية الدفاعية للمحاربين القدماء في جمهورية إيران بمحافظة زنجان، وتُعَد حصناً منيعاً يصعب الصعود إليه حيث كان المحاربون القدماء يدافعون بالقلاع عن نفوسهم ويرمون العدو منها ولا نبالغ ان قلنا ان قلعة بهستان هي الأغرب والأجمل على الإطلاق في إيران، برغم مرور قرون على بنائها فهي تحافظ على بهائها وجمالها حيث يعود تأريخها إلى عهد الأخمينيين.

موقعها الجغرافي

تقع قلعة بهستان التأريخية في مدينة ماه نشان بمحافظة زنجان في شمال غربي جمهورية إيران، وتبعد هذه القلعة مسافة 12 كيلومتر عن مدينة ماه نشان وقد تم تشييدها في إطار معماري رائع، لذلك ينسبها بعض خبراء الآثار إلى العهد الإخميني. وتقع محافظة زنجان بدورها في الشمال الغربي لهضبة إيران الوسطى، ومركزها هو مدينة زنجان. ان محافظة زنجان لها سبعة أقضية هي: أبهر وايجرود وخدابنده وخرّم دره وزنجان وطارم وماه نشان. المناخ في محافظة زنجان في أيام الشتاء بارد جداً وفي الصيف معتدل.

التنوع المناخي في المحافظة تسبّب في ظهور أنواع مختلفة من الحيوانات الضارية والطيور المهاجرة والكائنات المائية، مما يجعل عدداً كبيراً من السياح ومحبي الطبيعة يقصدون المنطقة خاصةً في الأوقات التي يُسمح فيها بصيد الحيوانات. ان أكثر مناطق محافظة زنجان ارتفاعاً  هو مرتفعات "تخت سليمان" (يزيد ارتفاعها عن 3000 متر) وأقلّها ارتفاعاً يقع في "قزل اوزن" في "كيلوان" (أكثر من 300 متر).

كما وان تأريخ زنجان يعود إلى أواخر الألفية الثانية قبل الميلاد. ويوجد في محافظة زنجان نوعان من الطقس هما الأجواء الجبلية والأجواء الحارة وشبه الرطبة تتوفر فيها مناظر طبيعية جميلة في الفصول المختلفة بما فيها ينابيع المياه المعدنية العديدة، الأنهار الدائمية والموسمية، الغابات الخضراء والشلالات.

تأريخ القلعة

تحاذي هذه القلعة ضفاف نهر قزل اوزن وهي تضم العديد من الغرف والممرات والسلالم المتعرجة، ويقول علماء الآثار بأنها شيدت في العهد الإخميني، ويرى بعض العلماء أن تأريخها الحقيقي يعود إلى الحقبة الميدية إذ إن الميديون قد استوطنوا هذه المنطقة وشيدوا القلاع دفاعاً عن أنفسهم قبال هجمات الأعداء. ومن جانب آخر تبين الدراسات التأريخية ان القلعة كانت منذ عهد الأخمينيين وحتي القرن الخامس الهجري يستفاد منها في الدفاع عن المدينة.

وعند الدخول إلى القلعة نشاهد ان الطوابق العليا للدفاع والحرب، والسفلى تُستَخدَم كمستودع ذخائر، أي بمعنى ان أرزاق الناس كانت تخزن هناك. تُعتبَر قلعة بهستان من ضمن 20 قلعة تأريخية موجودة في مدينة زنجان والتي بنيت في قلب الجبل وكانت عند تشييدها من أهم الأبنية الدفاعية لدى الحكام.

أقسام القلعة

بنظرة عابرة يمكن تقسيم بناء القلعة إلى ثلاثة أقسام، الغرف، الممرات، السلالم. في هذه القلعة يتصل البناء الشرقي والغربي الموجود في الأسفل مع البناء الشمالي الموجود في الأعلى بواسطة سلالم مرتبة وبشكل ملفوف على طول الطريق. يوجد على جدران القلعة أجسام مثلثية الشكل كان يستفاد منها لوضع الأعواد للإنارة. في الوقت الحاضر ونتيجة الإندثار لم يوجد من هذه السلالم إلا القليل وغير الصالح للإستعمال.

ولكن في البناء الشمالي الغربي للقلعة والذي يُعتبَر من الأماكن التي لم تتعرض للإندثار في قلعة بهستان يمكن مشاهدة السلالم وهي قائمة، يوجد إلى الأعلى من السلالم غرفة بشكل مقوس والتي كانت محراباً لمسجد وتم تشييدها في العصر الإسلامي والذي يدل على استعمال القلعة بعد قرون من تشييدها. يمكن مشاهدة سلالم وبعرض متراً واحداً والتي يُعتبَر بنائها اقتباساً من العمارة الإسلامية.

المومياءات المحفوظة بالملح

توجد في محافظة زنجان العديد من الكهوف التي كانت في الأزمة السالفة مناجم لاستخراج الملح، وقد اكتشف فيها لحد الآن ستة مومياءات لرجال بقيت أجسامهم محفوظة في الملح وقد عرفوا في إيران باسم "رجال الملح" ويقول علماء الآثار بأن عمر هذه المومياءت آلاف السنين وقد تم التأكد من أن ثلاثة منهم يرجعون إلى العهد الإخميني واثنين منهم قد عاصروا أواخر العهد الساساني، ويمكن اعتبارها سراً من أسرار البشرية وأعجوبة من أعاجيب الدنيا.

قبة سلطانية

قبة سلطانية تعتبر أعلا قبة مشيدة من الطابوق في العالم بحيث تم تسجيلها ضمن قائمة الآثار العالمية في منظمة اليونسكو، لذا فهي تحفة فنية خالدة في فن العمارة الإسلامي.
تقع هذه القبة على مسافة 40 كم شرقي محافظة زنجان ويقال إنها شيدت في العهد المغولي لكن هذا الكلام غير صحيح إذ شيدها غازان خان والجايتو، فهي مبنية على غرار سائر المقابر المنتشرة في شتى أكناف الجمهورية الإسلامية، والفن المعماري المتبع فيها يعكس معالم فن العمارة السلجوقي وقد تم تقليدها وتشييد قبة مشابهة لها في كنيسة سانت ماريا دلفيوره في مدينة فلورنسا الإيطالية.

يمكن القول إن هذه القبلة بلغة الذروة من حيث الزخرفة والتزيين الهندسي المعماري كما أنها كانت مدرسة للمهندسين والفنانين المعماريين على مر العصور.

كهف "كتله خور"

كهف "كتله خور" هو أحد الكهوف العجيبة في إيران، فهو ذو مساحات جافة ومسطحات مائية ويقع على مسافة 155 كم جنوبي محافظة زنجان وعلى بعد 80 كم من مدينة خدابنده.
تحف جدران وسقف هذا الغار أحجار الترافرتين الزاهية بشتى الألوان الجملية، ويمكن اعتباره أول كهف جبسي في العالم حيث يتكون من ثلاث طبقات رسوبية وفيها العديد من الممرات الفرعية و أحجار الترافرتين الموجود فيه على نوعين فمنها صاعدة والأخرى هابطة، كما توجد فيه العديد من الأعمدة الطبيعية التي تبدو وكأن فنان معماري بارع قد شيدها للحفاظ على السقف كي لا ينهار، ناهيك عن تلك الأحجار الملونة البراقة المكونة من بلورات جميلة.

وتشير بعض الدراسات التأريخية إلى أن هذا الكهف العجيب والفريد من نوعه مرتبط بأحد ممراته بكهف علي صدر الشهير والواقع في مدينة همدان، ومن عجائبه الأخرى تعدد طبقاته الرسوبية كما أشرنا الأمر الذي جعله منقطع النظير عالمياً، ويعقتد خبراء الآثار بأن عمره يتجاوز الـ 30 مليون عام.

مبنى "رخت شويخانه"

مبنى "رخت شويخانه" التراثي يقع في وسط مدينة زنجان بحيث كان جزءاً من مبانيها القديمة وتشير التقارير التأريخية إلى أن مدة تشييده دامت 15 شهراً وتم الانتهاء منه في سنة 1307 هـ وقد أشرف على بنائه مدير البلدية آنذاك علي أكبر توفيقي.

معنى "رخت شويخانه" باللغة العربية "دار الغسيل" حيث كان الأهالي في تلك الآونة يقصدونه لغسل ثيابهم وسائر أقمشتهم المنزلية ولا سيما في فصل الشتاء حينما يكون الطقس في غاية البرودة، فهو مغطى وفيه أماكن خاصة لتسخين المياه، ومن المؤكد أن العالم بأسره لم يشهد في تلك الآونة هكذا مبنى مصمم لأجل هذا الغرض، أو على أقل تقدير يمكن القول إن من جملة أماكن معدودة شيدت لغسيل الثياب والأقمشة لعامة الناس.

هذا المبنى التراثي أصبح اليوم متحفاً شعبياً في محافظة زنجان بعد أن أجريت عليه بعض الترميمات حيث يستقبل السائحين طوال أيام السنة.

سوق زنجان القديم

سوق زنجان القديم عبارة عن مباني تراثية قديمة مرتبطة مع بعضها ومتراصفة بشكل طولي من شرق المدينة إلى غربها لتشكل أطول سوق في الجمهورية الإسلامية، وفي شتى أرجائه هناك العديد من المجمعات التجارية التي يختص كل واحد منها ببيع بضائع خاصة، كما شيدت على أطرافه العديد من المساجد القديمة الأمر الذي يدل على انتعاشه تجارياً واقتصادياً على مر العصور.

وتدل الشواهد والدراسات التأريخية إلى أن هذا السوق قد بدأ تشييده في عام 1205 هـ إبان حكومة آغا محمد خان قاجار وفي سنة 1213 هـ إبان عهد فتح علي شاه قاجار بالتحديد تم الانتهاء منه، وبعد ذلك بادر المسؤولون المحليون إلى إضافة بعض المباني له من قبيل الفنادق والحمامات العامة والمساجد ليكتمل بحلته التي هو عليه اليوم في عهد الملك القاجاري محمد علي شاه قاجار في سنة 1324 هـ بالتحديد.

معبد وكهوف "داش كسن"

على مسافة 10 كم جنوب شرقي مدينة سلطانية يوجد معبد ومجموعة كهوف معروفة بـ "داش كسن" وهذا المكان في الحقيقة لا نظير له في إيران بأسرها لكونه يتضمن معبداً في مبنى حجري طبيعي، وتشير الوثائق التأريخية أن الكهف الذي شيد فيه هذا المعبد كان خلال حقب تأريخية عديد ملجئاً لاستيطان العديد من القوميات البشرية، وفيما بعد تم تشييد المعبد فيه وذلك في العهد الساساني بالتحديد لكن لم تبق آثار من هذه الفترة.

هذا المكان يتألف من ثلاثة كهوف غائرة في أعماق الجبل وقد نحتت بشكل مذهل ورائع، وفيها نقوش تأريخية كثيرة كالحيوانات الأسطورية والنباتات، كما أسست فيه محاريب العبادة، وهناك تنينان تم نحتهما فيه من قبل فنانين صينين استدعاهم الملك اولجايتو ( السلطان محمد خدابنده).

السياحة الدينية في محافظة زنجان

هناك الكثير من المعالم الدينية في محافظة زنجان، ومن جملتها مقبرة النبي قيدار (عليه السلام) والعديد من أولاد وأحفاد الأئمة المعصومين (عليهم السلام) والكثير من المساجد المشيدة بأسلوب معماري فذ فريد من نوعه، ناهيك عن أن المواطنين الإيرانيين بأسرهم يعلمون بعظمة الطقوس الدينية التي تقام في يوم عاشوراء بمدينة زنجان الأمر الذي دعاهم لوصفها بمدينة العشق الحسيني. 

لذلك يقصدها الكثير من السائحين في يوم عاشوراء لمشاهدة هذه الطقوس العظيمة، وحسينية "أعظم" بدورها تعد واحدة من الأماكن الدينية الشهيرة هناك حيث يرجع تأريخ تشييدها إلى أكثر من مئة عام وذلك من قبل الميرزا محمد نقي والميرزا بابائي، والميزة التي تمتاز بها هذه الحسينية هي أنها تنتعش وتزخر بالمعزين في يوم الثامن شهر محرم الحرام، وفي هذا اليوم تجتمع الحشود الغفيرة في شارع فردوسي وتتجه نحو مرقد السيد إبراهيم (عليه السلام)، ومن الجدير بالذكر أن شهر محرم في هذه المدينة له أجواؤه الخاصة التي جعتها تختلف عن سائر مدين الجمهورية الإسلامية.

الحرف اليدوية في محافظة زنجان

محافظة زنجان معروفة بمهارة أهلها وتخصصهم في مختلف الصناعات اليدوية ولا سيما صهر المعادن وحياكة السجاد، فقل أكثر من ألف عام وفي العهد الساساني بالتحديد عرفت هذه المدينة بالصناعات النحاسية للتطور وتبلغ الذروة في العهد السلجوقي، وفي العهد الإيلخاني اجتذب الحاكم هولاكو خان بعض الحرفيين الصينيين ليطوروا هذه الحرفة الهامة.
ومن الصناعات اليدوية الأخرى التي تشتهر بها محافظة زنجان عبارة عن: حياكة السجاد بشتى أنواعه من بسط وحصران وسجاجيد بمختلف الأنواع والأحجام، صناعة السكاكين بجميع الأحجام والأشكال، حياكة المنمنمات، الغزل والنسيج، صناعة الأحذية التقليدية، صناعة السلال بأنواع وأحجام مختلفة.

/انتهى/