"بازار تبريز".. أقدم بازار في الشرق الأوسط وأكبر سوق مسقوف في العالم + صور


يشكل بازار تبريز الكبير إحدى أهم الوجهات السياحية التي تستقبل الأجانب في إيران، كونه معلماً أثرياً فريداً. وقد دخل في قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي عام 2010، كأول سوق أثري يُسجّل في القائمة على مستوى العالم. سبق ذلك دخوله في قائمة التراث الوطني الإيراني عام 1976. وهو أقدم بازار في الشرق الأوسط وأكبر سوق مسقوف في العالم.

خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء- هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.

تحتل مدينة تبريز موقعاً مهماً للتبادل الثقافي منذ العصور القديمة. ويعتبر البازار واحد من أهم المراكز التجارية على طريق الحرير يقع في مركز مدينة تبريز , إيران .ويتألف البازار من مجموعة بازارات فرعية, مثل بازار أمير (لبيع الذهب والجواهر),بازار المظفرية (لبيع السجاد),بازار الأحذية, والعديد من البازارات الأخرى المخصصة لبيع أنواع السلع. كانت أكثر أوقات السوق إزدهاراً خلال القرن السادس عشر حينما كانت مدينة تبريز عاصمة الدولة الصفوية ورغم إن العاصمة انتقلت خلال القرن السابع عشر الا إن السوق بقى محافظاً على أهميته الإقتصادية والتجارية.

تمتد سمعة بازار تبريز، كأحد أبرز الأسواق في العالم، بعيداً في التاريخ، إذ إنّ الرحالة الطنجي، ابن بطوطة، ذكر أنّه من أروع الأسواق على الإطلاق. ومن المعروف أنّ البازار كان من أهم الأسواق على طريق الحرير. السوق الذي يقع في مدينة تبريز في محافظة أذربيجان الشرقية، شمالي غرب إيران، يكشف ذلك التاريخ الكبير للزائر منذ دخوله إليه، إذ تمتلئ جدرانه وسقوفه بالنقوش، كما يكشف عن تزاوج حركة التاريخ مع التجارة في الحياة البشرية على مرّ العصور.

ويتكون هذا الهيكل المذهل من عدد من الاسواق الفرعية وبه اماكن اقتصادية وثقافية مختلفة. سوق تبريز عبارة عن اكبر مجموعة أسواق مسقفة ومتلاصقة في العالم. هذه السوق التي تبلغ مساحتها قرابة كيلومتر مربع تعدّ من روائع الفن المعماري الايراني، ناهيك عن ان سوق تبريز من أهم الاسواق في ايران وكذلك على صعيد آسيا.

تبلغ مساحة سوق تبريز القديم في محافظة آذربايجان الشرقية حدود مليون متر مربع, ويُعتبر أكبر بناء آجري مسقوف في العالم. وبسبب وجود مدينة تبريز على طريق الحرير القديم فقد كانت في مختلف العقود التاريخية مركزاً للمعاملات التجارية. ورغم اقامة عدد هائل من المتاجر والمجمعات التجارية الحديثة مۆخرا، إلا ان سوق تبريز مازال القلب الاقتصادى للمدينة ولشمال غرب إيران.

التخطيط

يضم بازار تبريز مجموعة كبيرة من الأسواق منها:

سوق أمير

وهو المركز الرئيسي لتجارة السجاد ومركز بورصة الذهب والجواهر والنسيج، ويتألف هذا السوق من 112 متجراً يعود إلى عام 1878م وقد أنشأه الميرزا محمدخان أمير نظام زنكنة. ويعتبر اليوم من أحد أكثر أسواق تبريز ازدحاماً وموقع جذب سياحي كبير.

تيمجة مظفرية

وهو أكثر الأجزاء شهرة في سوق تبريز ويعود تاريخه إلى عام 1927م. وقد بناه أحد تجار تبريز تزامناً مع ولاية عهد مظفر الدين ميرزا القاجاري. ولذلك عرف المكان باسم مظفرية نسبة إلى ولي العهد. وأصبح هذا المكان الآن أحد المراكز الرئيسية لتجارة السجاد الأرذبيجاني. لذلك هو معروف على الصعيد الدولي. ويتألف من بناء ذو طابقين و32 متجراً لبيع السجاد.

سوق الزجاجيات

وهو من أشد الأسواق ازدحاماً والأكثر ثروة نظراً لكون موقعه مكاناً لبيع الزجاجيات والكرستالات. لكنه اليوم لا يحتوي عليها وإنما أصبح يعرض بضائع متنوعة ويتكون هذا السوق من 35 خان و25 تيمجة و11 دهليز وحوالي 5500 متجر يقوم ببيع حوالي 40 نوع من السلع المختلفة.

كما يستخدم هذا السوق فى إيران لاقامة بضع الاحتفالات الدينية المهمة، وأهمها يوم عاشوراء الذى يوقف فيه التجار أنشطتهم لمدة نحو عشرة أيام وتقام احتفالات دينية داخل السوق. وشأنه شأن الاسواق الاخرى فى الشرق الأوسط، هناك عدة جوامع تم انشاۆها خلف السوق. قام مركز التراث العالمى باليونيسكو بادراج سوق تبريز الكبير، وهو مجمع تاريخى يقع فى مقاطعة اذربيجان الشرقية فى شمال غرب إيران، ضمن قائمة التراث العالمى.

تاريخ البناء

التاريخ الدقيق لبناء هذا السوق لم يذكر في المصادر التاريخية، غير أن عدداً كبيراً من الرحالة والسياح الأجانب منذ القرن الرابع الهجري حتى العهد القاجاري، أشاروا في ذكرياتهم ومؤلفاتهم الى سوق تبريز وقدموا معلومات عنه.وهناك من المؤرخين من يرى أن سوق تبريز الحالي يعود بناؤه الى أواخر العهد الزندي وبدايات العصر القاجاري.

الموقع

يقع سوق تبريز في قلب مدينة تبريز، ويضم أجزاء وأقساماً مختلفة مثل الخانات ومجموعة أسواق وحجرات صغيرة ومحطات نزول القوافل.من السياح والرحالة الذين مروا بمدينة تبريز وزاروا سوقه، وتحدثوا عن ازدهاره وانتعاشه، وأشادوا بها، نذكر على سبيل المثال الرحالة العربي ابن بطوطة وماركوبولو الايطالي وجاكسن وياقوت الحموي وغاسبار درووي وألكسيس سوكتيكف وجان شاردن الفرنسي واوجين فلاندن وجان كارت رايت وجيملي كاردي وكلاويخو وروبرت غرنت واتسن وحمدالله المستوفي والمقدسي.

كان سوق تبريز على طريق الحرير التاريخي؛ مما زاد من ازدهاره وتطوره. وكان التجار البريطانيون ينتقلون ببضائعهم وسلعهم التجارية الى هذا السوق، من خلال طريق الحرير التاريخي ومرورهم بمدن مثل اسطنبول (الآستانة) وطرابوزان. هذا السوق هو نموذج عال من الامتزاج الفاعل والنشط بين التجارة والحياة الاسلامية- الشرقية.

بازار تبريز عبارة عن مجمّع أثري ضخم متعدد الأغراض على مساحة كيلومتر مربع ووجود المساجد والطيقان والقباب السامقة المزدانة بالقاشاني المقرنص والهياكل المبنية من الطابوق المتماسك فضلاً عن وجود 5500 حجرة ودكان ومحل و40 نوعاً من المهن والحرف و35 خاناً و25 نزلاً و20 مسجداً و11 ممراً ودهليزاً و9 مدارس؛ كل ذلك يروي الانسجام والتماسك بين الدين والحياة في هذا السوق التاريخي المعمر.

الاحداث والوقائع

تعرّض هذا السوق التاريخي لعدة أحداث كبيرة، منها ثمانية زلازل مدمرة، آخرها كان في عام 1780، ليقوم بعدها حاكم تبريز، نجفقلي خان دنبلي، بإعادة إعمار السوق. كذلك، تعرض لحريقين كبيرين في العصر الحديث، الأول عام 2009، والثاني في أوائل مايو/ أيار فخلال ليل الأربعاء- الخميس، 8 و9 مايو، اشتعلت النيران عند الساعة الحادية عشرة مساء، واستمرت حتى الثانية فجراً، ملتهمة 130 محلاً تجارياً في سوق "إيكي قابيلي" الفرعي لمستحضرات التجميل، ما تسبب بخسائر مادية كبيرة، وأخرى في معالم السوق الأثرية. وقدرت الخسائر بمليون و450 ألف دولار، وفقا لإعلان مؤسسة التراث الثقافي والصناعات اليدوية والسياحة.

يتبين من تركيبة السوق أنّه منظومة متكاملة، لا تقتصر وظيفتها على الأنشطة التجارية فحسب، بل تمارس إلى جانبها الأنشطة الثقافية والاجتماعية والدينية في فضاء معماري تاريخي، وهذا ينسجم مع تاريخ تبريز على مرّ العصور القديمة، إذ كانت ملتقى للتبادل الثقافي، فضلاً عن التجاري.

حظيت مدينة تبريز وأسواقها الكبيرة باهتمام بالغ في القرن الثالث عشر الميلادي بعدما اتخذتها الدولة الإلخانية عاصمة لها، إلى أن بلغت ذروة الازدهار والاهتمام حينما أصبحت عاصمة للدولة الصفوية في القرن السادس عشر. وبعد نقل الصفويين عاصمتهم إلى قزوين ثم أصفهان، لم تفقد المدينة موقعها التجاري، فظلت أسواقها تحافظ على مكانتها كأحد أهم المراكز التجارية في إيران.

/انتهى/