إيرواني يؤكد على ضياع المعنى الحقيقي لميثاق الأمم المتحدة

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن أمير سعيد إيرواني، سفير وممثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدائم لدى الأمم المتحدة، قال في اجتماع مجلس الأمن المخصص لموضوع «حفظ السلم والأمن الدوليين»: «إن ميثاق الأمم المتحدة يمر اليوم باختبار حقيقي بسبب استمرار الأعمال العدوانية وسوء الاستخدام السياسي لآلياته»، مشدداً على أن تآكل الثقة بالأمم المتحدة لا يعود إلى مبادئها، بل إلى العجز عن تنفيذ تلك المبادئ بصدق وحياد. 

وأضاف: «حين يبقى العدوان بلا عقاب، ويحلّ النهج الأحادي محل الحوار والتعددية، يفقد الميثاق معناه وتُقوّض مصداقية مجلس الأمن».

نصّ كلمة إيرواني جاء على النحو التالي:

السيدة الرئيس،

نرحّب بعقد هذه الجلسة العلنية في وقتها المناسب وبأهميتها البالغة، ونعرب عن تقديرنا لمبادرة الاتحاد الروسي. وبما أن هذا اليوم يصادف الذكرى الثمانين لتأسيس منظمة الأمم المتحدة، فإن هذا الاجتماع يشكل فرصة سانحة للتأمل، كي نقيم ما إذا كنا لا نزال أوفياء لرؤية مؤسسي الميثاق، المتمثلة في «إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب» وضمان أن تُدار العلاقات الدولية على أساس القانون لا القوة.

إن أهداف ومبادئ الميثاق — المتمثلة في المساواة في السيادة بين الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية، ومنع استخدام القوة أو التهديد بها — لا تزال عالمية وغير قابلة للتجزئة. ويجب تطبيق هذه المبادئ بالكامل ومن دون معايير مزدوجة. إن صون هذه المبادئ يستلزم إحياء الصدق في التعددية وضمان ألا يكون أي بلد أو مجموعة بلدان فوق القانون.

اليوم، يقف ميثاق الأمم المتحدة، الذي يشكل أساس القانون الدولي والتعددية، أمام اختبار حقيقي بسبب استمرار الأعمال العدوانية، والإفلات من العقاب، وسوء الاستخدام السياسي لآلياته.

وفي هذا السياق، هناك نموذجان فاضحان يستوجبان اهتماماً خاصاً من مجلس الأمن:

أولاً: الأعمال العدوانية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد دول المنطقة، ومنها بلادي. ففي 13 يونيو/حزيران 2025، شنّ الكيان الصهيوني، بدعم مباشر ومشاركة من الولايات المتحدة الأمريكية، حرباً واسعة دون أي استفزاز مسبق ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. إن استمرار صمت المجلس وتقاعسه عن الرد على مثل هذه الانتهاكات الجسيمة، لا يشجع المعتدين فحسب، بل يضعف بشدة أسس ميثاق الأمم المتحدة.

ثانياً: وبالقدر نفسه من الخطورة، هناك الاستغلال المتعمد لصلاحيات مجلس الأمن من قبل الدول الأوروبية الثلاث الأعضاء في الاتفاق النووي، التي أقدمت — تحت ضغط وتوجيه من الولايات المتحدة — على محاولة فاشلة لتفعيل آلية ما يسمى «سناب باك» المنصوص عليها في القرار 2231 (لعام 2015)، وهو إجراء لا أساس له وغير قانوني، هدفه إعادة فرض قرارات العقوبات الملغاة ضد إيران. وقد شكّل ذلك انتهاكاً واضحاً للإجراءات المقررة وتناقضاً مع نص وروح القرار 2231 والاتفاق النووي على حد سواء.

وأشار إيرواني إلى أن هذا الإجراء السياسي المتحيز، الذي رفضه بحزم عدد من أعضاء المجلس، من بينهم دولتان دائمتا العضوية، فضلاً عن المجتمع الدولي الأوسع، ولا سيما 121 دولة عضو في حركة عدم الانحياز، يفتقر إلى أي وجاهة أو مشروعية قانونية، وبالتالي فهو لاغٍ وباطل الأثر.

السيدة الرئيس،

إن تآكل الثقة بالأمم المتحدة لا ينجم عن مبادئها، بل عن العجز في تطبيق تلك المبادئ بصدق وحياد. فعندما يبقى العدوان من دون عقاب، ويحل النهج الأحادي محل الحوار والتعددية، يفقد الميثاق معناه وتُقوّض مصداقية مجلس الأمن.

ولإعادة بناء الثقة، ينبغي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تؤكد مجدداً على سموّ الميثاق، وأن تجدد التزامها بتعددية حقيقية قائمة على المساواة والاحترام المتبادل وسيادة القانون. وعلى مجلس الأمن، على وجه الخصوص، أن يؤدي مسؤوليته الأساسية بحياد وفعالية ومن دون انتقائية، وأن يضمن ألا يتمكن أي عضو — مهما بلغت قوته — من استغلال هذا المجلس لتحقيق أغراض سياسية أو أحادية.

/انتهى/