هيكل : داعش صناعة أمريكية تركية عربية .. النظام العالمى يسقط .. والفوضى ترسم الخريطة الجديدة للشرق الأوسط


هیکل : داعش صناعة أمریکیة ترکیة عربیة .. النظام العالمى یسقط .. والفوضى ترسم الخریطة الجدیدة للشرق الأوسط

دعا المفكر و الكاتب المصري الشهير محمد حسنين هيكل ، بلاده الى مد جسور العلاقة مع ايران في الوقت الذي رآى ان النظام العالمى يتجه نحو السقوط والفوضى ترسم الخريطة الجديدة للشرق الأوسط ، وشدد على ان عصابات داعش الارهابية هي صناعة أمريكية ـ تركية ـ عربية ، و قال : "أن أمريكا حققت كل ما تريده بتمويل عربي" ، مشيرا إلى أن جدول أعمال اجتماعات الامم المتحدة تقوده أمريكا و لافتا الى ان أكبر جيش يحارب "داعش" حاليا هو الجيش السوري لكنه ليس ضمن التحالف الامريكي المزعوم .

و واصل هيكل ، للأسبوع الثانى ، تشريحه للأوضاع السياسية محليا و إقليميا ودوليا ، فى الحلقات الخاصة التى تحاوره فيها الإعلامية لميس الحديدى ، على قناة CBC تحت عنوان «مصر أين وإلى أين»، والتى تحدث فيها عن التطورات التى تشهدها المنطقة العربية والعالم ككل، وهى تطورات تتسارع فى اتجاه أهداف جديدة، وتوازنات كبيرة لم تتحدد ملامحها بعد، لكنها تواصل تحسس الطريق نحو تكوين ملامح جديدة لمنطقة مأزومة بالإرهاب والفوضى . وبدأ هيكل الحوار بالحديث عن أول زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الولايات المتحدة، للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التى تسيطر عليها أجواء الحرب على الإرهاب، موضحا أن العالم الآن أمام أوضاع مختلفة، ويمكن جدا أن يكون هناك نظام عالمى يسقط، دون أن يكون هناك أحد لديه خطة لإعادة البناء شيء، وعقدت اجتماعات قريبة مخصصة لبحث ملف الإرهاب، مثل مؤتمر حلف شمال الأطلسى، ومؤتمر باريس، وشارك فيه كل المهتمين، وبينهم مصر، رغم أنهم مقبلون على قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونلاحظ على هامشها، أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما يعقد جلسة لمجلس الأمن حول الإرهاب، بينما الدول بصفة عامة تبحث القضية، وهو أمر نواجهه لأول مرة فى المنظمة الدولية.
السيسى والإرهاب والأمم المتحدة ولقاء اوباما
و قال هيكل : قضية الإرهاب دائماً محصورة فى منطقتنا، فنحن المتهم، والقاضى، والقاتل ، والمقتول، ونحن حبل المشنقة، ورأس المشنوق، لكن أعتقد أن كل هذه المؤتمرات تكاد تكون نوعا من المحاكمة على ما يجرى فى الشرق الأوسط، وأعتقد أن هذا الوضع غير مسبوق، وسأستعين عند وصف المشهد الحالى بمقولة وزير الخارجية الأسبق، الدكتور محمود فوزى، «الحوادث جلل، والرجال صغار».
ويضيف: أعذر السيسى، وقلبى معه، وتصورت أنه سيعتذر عن حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، لأننا أمام عالم يحاكم المنطقة، فما دامت الدورة مخصصة للإرهاب، فنحن فى قفص الاتهام، ومع احترامى للجميع، سيكون النجم الأعظم فى الاجتماعات هو أوباما، وأنا أحترمه، وأعرف قدراته، وأعتبر مجيئه إلى الحكم، كما ذكرت، دليل أزمة فى الولايات المتحدة نفسها، ونوعية الزعامات الموجودة فى هذه المرحلة الحاسمة، ومع فى هذه المرحلة الحاسمة، والحوادث الكبيرة، تشير إلى أن «الرجال صغر» . وتابع : هذه الزعامات هى بالفعل المسؤولة عما حدث فى المنطقة، فكل المصائب أو ثلاثة أرباعها، صنعها آخرون، لكن لنتذكر أنه عندما يلحق ضرر بنا، فنحن بقدر ما مسئولون، لأننا تواطأنا، ونسينا أنفسنا، ودخلنا فى عالم من الأوهام منذ فترة طويلة ، ولو نظرنا ماذا فعل العالم العربى بنفسه سنرى أننا خرجنا من الحرب فى عام 1974، ثم دخلنا على حرب أهلية فى لبنان، وفى عام 1976 دخلنا فى حرب السفارى فى الصومال إرضاء للولايات المتحدة، ثم حرب تدمير العراق، وحرب تحرير الكويت، وهى صحيحة، لكنها انتهت بتدمير العراق، ثم دخلنا فى مغامرات، وكأننا نسينا أنفسنا .
واشار إلى أنه لابد أن نواجه أوضاعنا بصراحة ، و قال : نحن استدعينا الدين لمواجهة أوضاع اجتماعية كانت موجودة فى مصر، و نحن وظفناه فى خدمة الراغبين فى السيطرة على المنطقة، ولنتذكر جيدا ما حدث فى أفغانستان، ولماذا دخلنا فى عملية لارهاق الاتحاد السوفييتى، والقضاء على الشيوعية، فنحن جندنا عشرات الآلاف من الشباب باسم الإسلام، ودربناهم جيداً، للجهاد ضد الإلحاد، ولم يكن ذلك بتمويل أمريكى فحسب، فمع الأسف نفذت الولايات المتحدة كل ما تريد بتمويل عربى. واضاف هيكل : لو تحدثنا بجدية عن جدول الأعمال الذى سيناقش فى اجتماعات الأمم المتحدة، سيظهر أنه تقوده الولايات المتحدة، سواء عن قصد حقيقى، أو بالاستغلال، وواضح من المؤتمرات الأولى التى مهدت للاجتماعات، أن جدول الأعمال هو الإرهاب، ومن يتولى إدارتها هو من ساهم فى زرع الإرهاب، وهو من يتولى قيادة معسكر آخر، من خلال تحالف لمواجهتها، كما قاد تحالفات أخرى فى السابق، أنا لا أعرف متى سننتبه، ونعرف أن مستقبلنا لا يصنع بهذا الشكل، نحن بددنا ثروات، وضيعنا الشباب، وأربكنا أفكارا.وعن احتمالية لقاء الرئيس المصرى بنظيره الامريكى قال هيكل : لست متحمسا لأن يلتقى السيسى مع أوباما ، فالأخير يعتبر فاشلا فى أمريكا الآن ، وعلى سبيل المثال، خطبته الأخيرة التى ألقاها، لم تكن موجهة لنا، ولا للإرهاب، وإنما موجهة إلى محاولة تحسين صورته كرجل قادر على اتخاذ القرار، بعدما وصم بأنه غير قادر على اتخاذ القرارات، وأنه بلا خطة، وثانياً هو يحاول أن يدارى الأمور عن حزبه، لأن لديه مشاكل بلا حدود مع العسكريين، وقريبا ستجرى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، ويظهر هو كرجل لا يتحرك بخطة، وليس فى وضع قوى سواء أمام المؤسسة السياسية أو العسكرية.

خارطة المنطقة الجديدة
ويرى هيكل أن الفوضى تعيد رسم الخريطة الجديدة فى الشرق الأوسط الآن ، و قال : هى ليست حالة مستمرة مثل الفوضى الخلاقة ، فلا يوجد تخطيط رئيسى ، فهناك من يرسم البدايات فقط، ويترك بعض الأشياء تتحرك، ثم ينتظر كيف تتشكل النهايات ، فمن الأمور المعلقة مثلا فى الأوضاع الحالية ، إمكانية و كيفية إنشاء دولة كردية ، وما إذا كانت سوريا ستبقى على ما هى عليه ، بالإضافة إلى وضع الحوثيين فى اليمن ، فإذا انفجرت الأوضاع فى كل مواقع من هذه المواقع ، لا توجد فكرة عما ستصل إليه الامور .
لقد تحركت كل وحوش التاريخ الآن ، ففى قديم الزمان كنا نتحدث عن ثلاثة وحوش فحسب ، هى الوباء والمجاعة والفقر، لكن الآن أضفنا إليها المذهبية والطائفية والقوميات ، ففكرة الأوطان وجدت كغطاء لمجتمع متعدد العناصر . وأكد هيكل أن مسار الحوادث هو ما يرسم خريطة المنطقة ، و يحدد إلى أى مدى سيسير صراع القوى ، فنحن اليوم أمام عراق ممزق، وسوريا ممزقة ، والقضية الفلسطينية بها ما بها، وكذلك اليمن وليبيا والسودان، فهناك خريطة للعالم العربى ضاعت فيها الأوطان، وظهرت محلها القبائل والطوائف والمذاهب، وهذا ما يجعل مصر المتماسكة قادرة على أن تلعب دورا فى شكل الخريطة القادمة، هى وحلفاؤها، لكن لا أدرى الكيفية، وأعتقد أن أحدا لا يملك خريطة للمنطقة، فجميع الخرائط المنشورة عبر المراكز البحثية، هى رؤية أكاديمية تحركها مصالح بعينها، لكن الواقع على الأرض هو من يرسم المستقبل .
دولة داعش
وعندما نتحدث عن مخطط جديد للمنطقة ، علينا أن نسأل من الذى أتى بداعش ؟ ، تركيا شاركت ، والخليج (الفارسي) شارك ، والولايات المتحدة مشارك أكبر ، وتركيا هى الراعى الأعظم .
ولنسأل واحد مثل أردوغان، لماذا لا يريد الدخول فى الوضع السورى، هو يناسبه جدا كل ما يحدث ويجرى الآن ، وعندما نتحدث أن قوة داعش تتراوح بين 20 و30 ألف مقاتل ، وأوباما يتحدث عن حرب قد تطول لثلاث سنوات، فإن ذلك كله أمور غريبة، وشركات السلاح تنتعش الآن استعدادا لهذه الحرب، والشركات التى تقدم المرتزقة تتحدث عن عقود كبيرة بالملايين .
تكلفة مواجهة الإرهاب
نحن أمام ملف خطير جدا، وأخشى أن يطلب أوباما من العرب فى السنوات الثلاثة المقبلة ، سداد فواتير كثير من المغامرات غير المحسوبة، ما يؤدى إلى استنزاف الثروات، وفساد غير مسبوق، ومعى هنا بيانات بشان تحقيق أمريكى حول ما تم إنفاقه خلال حرب «الجهاد ضد الإلحاد»، ومن كان موجودا وقتها ، ويعمل منسقا لها هو شخص يدعى شارلى نليسون ، وهو عضو فى الكونجرس، تولى التنسيق مع الـ CIA ، والمخابرات البريطانية والفرنسية، وشركات السلاح التى دخلت فى العملية .
ويكشف هذا تحقيق عن الفساد فى حرب أفغانستان الأولى، التى تكدست فيها ثروات كثيرة جدا، منها ثروات فى مصر، والتحقيق فى هذه القضية كان فى 4200 صفحة، خص شخصية مصرية واحدة فقط منها حوالى 150 صفحة، وهى تتحدث عن الرجل الذى كان موجودا فى موقع مسئولية، وحقق ثروة بلغت 100 مليون دولار، ليس من صفقات السلاح وحدها، فمصر وردت أغذية ومنسوجات ومتطوعين إلى أفغانستان، وباعت لها 6 آلاف بغل، لأنها الأفضل فى صعود الجبال، ما استفادت منه تلك الشخصية التى كانت فى موقع مسئولية، يؤثر على صنع القرار، فأخذت عمولات.
استدراج مصر
هناك تقارير تتحدث فى سى إن إن عن محاولة لاستدراج الولايات المتحدة، وتهويل بشأن داعش، لكن الأمر ليس استدراجا للولايات المتحدة، وإنما لنا نحن، ونرى أن مصر مترددة فى المشاركة فى الحرب ضد الإرهاب، والكيفية التى يمكن أن تدخل بها، فالموقف الرسمى المعلن الذى قال إن الحرب على الإرهاب لا تتجزأ، يعنى أنها لم تأخذ موقفا بعد.
والتحالف الموجه ضد الإرهاب حاليا لايوجد أحد فيه لديه استراتيجية، فهو تحالف ضرورات ورغبات وطلبات لأطراف كثيرة مختلفة ، لكن جميع هذه الأطراف تعلم أن هناك تغييرات كبيرة ستحدث فى المنطقة والعالم ، و تريد أن تكون موجودة ومشاركة.

دعم داعش
تحيا داعش بتشجيع من تركيا التى لا تريد أن تتدخل ، وقطر أيضا موجودة، وهى تشارك فى التمويل ، و أنا أتمنى أن يبلور السيسى خطوطا ، ونحن مقبلون على معركة دون بداية أو نهاية ، دون معرفة حدودها ، لكن أنا أتصور أن دولة مثل مصر ممكن أن تفتح مكتب اتصال لتتابع ما يحدث ، حتى لا نفاجأ بشىء ، ولا نجد خرائط ترسم ، نحتاج إلى عيون تنظر إلى العالم العربى القادم .
معركة إنقاذ أوباما
يرغب أوباما فى الدخول المعركة ضد داعش لكنه غير قادر على ذلك، لأن أمريكا تورطت فى حروب كثيرة جدا ، ودخلت فى أزمة ، و أتت برجل من خارج السياق لحل أزمتها، وهو يعلم أنه ليس قادرا على الحل، فهو قدم بوعد ألا تكون له قوات فى الخارج، لان أمريكا ملت من فكرة الحرب.
علينا أن نضع فى اعتبارنا دائما أن أوباما جاء على خلفية أن الولايات المتحدة سئمت الحروب ، سواء فى أفغانستان أو العراق أو كوريا أو فيتنام ، و جاءت بأوباما على أساس عدم الدخول فى حروب ، و تشابك مع الكونجرس والقوات المسلحة ، لكن هو ليس قائدا عاما لهذه الحرب الكبيرة كما يزعم ، فبوش حتى الابن كان بجواره تشينى وغيرهم، ويتمنى أوباما أن تكون له حرب، لكنه كما قلت جاء على أرضية اللا حروب .
الدور المصرى والسعودى
وفيما يتعلق بالدور السعودى فى تدريب المعارضة السورية التى تصفها بالمعتدلة، قال هيكل : لست متأكد ا أن السعودية قادرة على القيام بتدريب يناسب داعش ، فهذا هو التدريب الذى صنعته السى أى إيه فى وقت معين، والذى دخلت فيه دول عربية نحن منها فى وقت معين، وأنا أريد أن تكون مصر موجودة فى الصورة، لكنى لا أريد أن تتورط فيما لا تراه ، فلابد أن تقترب من الصورة فى حدود ما تستطيع أن تراه وتلمسه، وهذا ليس ممكنا .
ويجب أن تجمع مصر شتات القادرين والراغبين فى العالم العربى على حد أدنى، وأكثر ما يقلقنى تذكر بيت شعر يقول عن العرب «فتفرّقـوا شيعا فكل قبيلة، فيها أمير المؤمنين ومنبر» ، أريد مصر أن تجمع شتات القادرين والراغبين ، و أن تجمعهم فكرا، وتبلور نوعا من الرؤيا لمستقبل يمكن قبوله، ويمكننا بشكل أو آخر من المشاركة فى أحوال العالم.
وأكد هيكل أن وسيلة مصر لتحقيق أمنها القومي هو استعمال قوتها غير العسكرية ، مشيرا إلى أن هناك دولتين لابد أن تكون لمصر علاقة بهما هما : إيران وتركيا ، معتبرا الثورة الإسلامية فى إيران ، حقيقة وقوة كبيرة جدا فى المنطقة .

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة