غسان بن جدو : خطاب نصر الله كان بمثابة "البيان رقم 2" الذي أنهى فيه ما يعرف بـ"قواعد الاشتباك" مع «اسرائيل»

غسان بن جدو : خطاب نصر الله کان بمثابة "البیان رقم 2" الذی أنهى فیه ما یعرف بـ"قواعد الاشتباک" مع «اسرائیل»

اعتبر الخبير بالشؤون الستراتيجية و الاقليمية الاعلامي المخضرم غسان بن جدو رئيس مجلس ادارة قناة "الميادين" أن خطاب الامين العام لحزب الله لبنان سماحة السيد حسن نصر الله عصر امس الجمعة في حفل تكريم شهداء القنيطرة ، "كان بمثابة «البيان رقم 2» ، الذي أنهى فيه ما يعرف بـ"قواعد الاشتباك" مع كيان الارهاب الصهيوني ، معتبرا ان نصر الله أعلن في الجوهر انتهاء مرحلة وعصر تفوق «اسرائيل» وفرضها شروطها على غيرها ، و بدء مرحلة جديدة بالكامل فيها حزب الله هو صاحب المبادرة والقرار .

و تحدث الزميل "غسان بن جدو" لوكالة "تسنيم" الدولية للانباء ليل الجمعة السبت ، عن الخطاب الهام للسيد نصر الله و رآى ان السيد نصر الله أعلن في الجوهر انتهاء مرحلة وبدء مرحلة جديدة بالكامل ، وأنه انهى عصر تفوق «اسرائيل» وفرضها شروطها على غيرها ، وبات حزب الله هو صاحب المبادرة وهو الذي يمسك بزمام المبادرة .
و كتب الزميل "غسان بن جدو" لـ «تسنيم» :
١/ في عملية "شهداء القنيطرة" التي رد بها حزب الله في مزارع شبعا المحتلة اللبنانية على الاعتداء «الاسرائيلي» الغادر على سيارتي مقاومي حزب الله والقائد في الحرس الثوري الجنرال محمد علي الله دادي ، أعلن حزب الله بياناً أسماه "البيان رقم 1" .. و هو بيان تبنى فيه العملية الناجحة ضد موكب عسكري «اسرائيلي» .. لكنني أعتقد أن كلمة السيد حسن نصر الله يوم الجمعة كانت بمثابة "البيان رقم 2" .. كانت كلمة تاريخية بكل ما للكلمة من معنى بالمعايير الاستراتيجية وبمعنى تحديد ثوابت عسكرية جديدة مع «اسرائيل» . هي في جوهرها ، ثوابت استراتيجية لمنظومة المقاومة والمواجهة في المنطقة وليست فقط ثوابت جديدة للمقاومة الاسلامية في لبنان .
٢/ من أهم هذه المعايير الجديدة و القوية : إنهاء ما يعرف بـ "قواعد الاشتباك"، وهذا إعلان كبير ؛ بل بصراحة مفاجىء للسيد نصر الله .. أولا . و للتوضيح ، فان قواعد الاشتباك هي الضوابط العسكرية و الامنية التي يضعها متحاربون من اجل تفادي المواجهة ، بمعنى ، حين يكون بلدان او قوتان او جبهتان في حال حرب ، فان هذين الطرفين يضعان بينهما قواعد اشتباك بشكل مباشر أو عبر مفاوضات غير مباشرة أو حتى بقرار من جهة دولية كبرى كمجلس الامن الدولي مثلا عبر قرار لوقف اطلاق النار بين هذين الطرفين المتحاربين . و "قواعد الاشتباك" هذه توضع ليس من اجل الاشتباك بل من أجل منع الاشتباك وتفادي التصعيد والحروب سواء أكان الطرفان في حال هدنة كما هو الحال بين  سوريا و«اسرائيل» أو وقف لاطلاق النار كما هو قائم بين المقاومة الاسلامية في لبنان وبين العدو الصهيوني.
٣/ لكن بصراحة ايضاً ، فان من يحدد قواعد الاشتباك هذه عموما هو الطرف الأقوى وليس الطرف الأضعف . و حتى اذا كان الطرفان يتمتعان بموازين قوى متعادلة او موازين ردع متبادلة ، فان من يفرض "قواعد الاشتباك" عملياً هو الطرف المعتدي لان الجانب المدافع والمقاوم هو عموماً الطرف الذي يهدف الى التحرير ولا يبغي افتعال حرب . و في واقعنا ، فان «اسرائيل» هي التي تضع منذ عشرات السنين قواعد الاشتباك و تفرضها على العرب جميعاً ، أولا : لانها كيان اجرامي يبيح لنفسه الاعتداء والقتل والاغتيال متى يشاء ، وثانياً : لانه يحظى بدعم اميركي لا حدود له وغطاء اوروبي وغربي عموماً لا يتوقف ، هذا بالاضافة الى أن الاطراف العربية التي فرضت «اسرائيل» عليها قواعد الاشتباك ، هي اطراف اقل قوة و اقل رغبة في المواجهة ، ولا تتمتع بدعم دولي او حتى مجرد غطاء أممي او اقليمي جدي .
٤/ اليوم ، باعلانه انه لم يعد يعترف بـ"قواعد الاشتباك" ، فان السيد نصر الله أعلن في الجوهر انتهاء مرحلة وبدء مرحلة جديدة بالكامل . لقد انهى السيد نصر الله عصر التفوق «الاسرائيلي» و فرضها شروطها على غيرها . هي مرحلة جديدة بات فيها حزب الله هو صاحب المبادرة وهو الذي يمسك بزمام المبادرة .
٥/ هذا يعني تحوّلاً جوهرياً واستراتيجياً لا بل مصيرياً في أفق الصراع مع الكيان الصهيوني ، وهذه من النتائج الاساسية لعملية الحزب في مزارع شبعا المحتلة ، ذلك ان «الاسرائيلي» حقق مكسباً تكتيكياً بلا شك في عمليته الغادرة في القنيطرة ، لكنه خسر استراتيجياً ، أما المقاومة في لبنان فانها حققت مكسباً تكتيكياً في عملية ردها الناجحة في مزارع شبعا المحتلة وكذلك هي نجحت استراتيجياً ، ولذا فان اعلان السيد نصر الله انهاء ما تُعرف بـ"قواعد الاشتباك" هو اعلان الربح الاستراتيجي بعد عملية الرد ، وهذا دليل جديد على القدرة القيادية الهائلة لشخص السيد حسن نصر الله و القدرة البنيوية الهائلة لحزب الله والمقاومة ، و القدرة الاستراتيجية الهائلة للجمهورية الاسلامية الايرانية ، باعتبارها رأس محور المقاومة والمواجهة في المنطقة .
٦/ وبالمناسبة ، فانني اعتقد ان ما اعلنه السيد نصر الله ينسجم مع ما اعلنه بيان حرس الثورة الاسلامية بعد اعتداء القنيطرة واستشهاد العميد الله دادي ، حين حذر البيان بأن «اسرائيل» ستتلقى "ردا عاصفاً" .. الرد العاصف هو في جوهره مجموعة ردود ، بينها ردود عسكرية و أمنية متلاحقة ومتراكمة ، و بينها ردود استراتيجية كبرى . و أرى أن اعلان السيد نصر الله إنهاء "قواعد الاشتباك" وعدم تفكيك الساحات والاستعداد للرد على اي عدوان «اسرائيلي» هو اعلان كبير ويشكل احد عناوين "الرد العاصف" الذي توعد به الحرس الثوري «اسرائيل» .
٧/ هنا طبعاً ، يجب ان نشير الى الاهمية القصوى لعبارة "عدم تفكيك الساحات"، وهو تأكيد لما قاله السيد لقناة "الميادين" في مقابلته الاخيرة حين اعلن لاول مرة وقتذاك ان محور المقاومة لم يقدم التزاماً لـ«اسرائيل» انه اذا تم الاعتداء على سوريا فان المحور لن يرد .. اليوم ، فان السيد نصر الله عاود تأكيد ما قاله في تلك المقابلة بقوله هذه المرة "عدم تفكيك الساحات" ، لكن عدم تفكيك الساحات يبدو أيضاً أكثر شمولية ، فساحات المواجهة هي فلسطين و لبنان و سوريا ، وقد تشمل العراق وايران .. هي واضحة : هذه الساحات المواجهة لـ«اسرائيل» ، اي فلسطين لبنان وسوريا ، لكن حين نضيف العراق ، فلأننا نتحدث هنا عن هذا الحلف الموضوعي والعضوي الجديد في المنطقة بين «اسرائيل» ومن معها وبين الجماعات التكفيرية الارهابية و من وراءها ، و هذه الجماعات تحتل اجزاء من العراق ، ويالتالي فان حزب الله قد يضطر الى ان يقدم دعمه و خبراته  للقوى الشعبية في العراق .
أما عن ساحة ايران ، فربما قصد السيد حسن ان المقاومة في لبنان معنية بأي استحقاق عسكري او غير عسكري يتطلبه الرد على أي تهديدات قد تواجه ايران. لكنني اعتقد ان أهم ساحة قصدها السيد حسن ، هي ساحة الجولان ، فهي ساحة مقاومة وتحرير ، واذا كان «الاسرائيلي» قد استهدف شهداء القنيطرة كي يوجه رسالة الى حزب الله ان الجولان بالنسبة لـ«اسرائيل» هي "خط أحمر" و هو لن يسمح بأن يتخذ منها حزب الله ساحة لحركته ومقاومته ، فان السيد نصر الله اعلن باسم المقاومة أنه لن يتراجع في الجولان ، و هذا واحد من معاني "عدم تفكيك الساحات" الذي اعلنه السيد نصر الله ..
٨/ ثمة موقف كبير وهام اطلقه السيد نصر الله في كلمته كذلك، وهو ان المقاومة ، و ان كانت لا تريد الحرب ، فانها لا تخشاها وستواجه «اسرائيل» بل ستنتصر، وربما هذا ليس جديدا ، لكن أن يعلنه السيد حسن بعد عمليتي القنيطرة ومزارع شبعا المحتلة ، فهذا الموقف ازدادت أهميته وجديته وخطورته بالنسبة لـ«اسرائيل» ، لا سيما وأن السيد حسن كشف ان قيادة حزب الله كانت قررت الرد على اعتداء القنيطرة في اليوم نفسه للاعتداء ، وان حزب الله كان مصمما على تنفيذ رده حتى و ان اتجهت الامور الى" نهاياتها" ، أي الى حرب مع «اسرائيل» ، و هذا كشف هام للسيد نصر الله و له دلالات كبرى ، رغم ان هذا الكشف قد يجلب على حزب الله انتقادات محلية لبنانية من بعض الاطراف السياسية الخصمة  اساسا لحزب الله ...

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة