فاطمة تتحدث لـ«تسنيم» عن الأب أبو مصطفى والقائد الشهيد عماد مغنية : كان تواقا الى حلمه وهو تحرير فلسطين

فاطمة تتحدث لـ«تسنیم» عن الأب أبو مصطفى والقائد الشهید عماد مغنیة : کان تواقا الى حلمه وهو تحریر فلسطین

شددت الحاجة فاطمة ابنة الشهيد عماد مغنية القائد الجهادي لحزب الله لبنان ان علاقته بسماحة السيد حسن نصر الله "هي علاقة المحب لقائده الذي لا يتأخر عن تقديم كل عائلته فداء له و لخطه" و كشفت في حوار مع وكالة تسنيم انها لم تكن تعرفه كقائد إلا بعد استشهاده و قالت ان استشهاده لم يكن مستغربا أو مفاجئا ، بل حدّثنا أنه من الممكن أن لا يعلن عن ذلك ؟! مؤكدة انه كان تواقا لحلمه وهو تحرير فلسطين وانه أوصى أحد رفاق دربه قبل 10 أيام من استشهاده بـ"الصبر فانه مفتاح الفرج" .

و اعتبرت الحاجة فاطمة في حوارها مع وكالة "تسنيم" ان الشهيد عماد ، لم يمت رغم ان لقاءنا به كان دائما اللقاء الأخير و ان استشهاده لم يكن مستغربا أو مفاجئا ، بل حدّثنا أنه من الممكن أن لا يعلن عن ذلك ؟! ، مؤكدة انه كان تواقا الى حلمه وهو تحرير فلسطين وانه أوصى أحد رفاق دربه قبل 10 أيام من استشهاده بـ"الصبر فانه مفتاح الفرج" .

وفيما يلي نص الحوار :

• لم أكن أعرفه كقائد إلا بعد استشهاده

كان أبا طبيعيا جداً ، بمعنى أنه كان يمارس كل طقوس الأبوة ، كنا نتواصل دائماً، وما كان يميز علاقتي به أننا كنا صديقين، أفضي إليه بالكثير من الأمور كما أفعل مع أي من صديقاتي.
وبالتاكيد يمكنني أن أصف الشهيد كأب بحكم ارتباطي به .. لكن كقائد لم أعرفه إلا بعد استشهاده من شهادات من عايشوه أثناء عمله الجهادي ، و من الذين التقوه وعرفوه أو لم يعرفوه . فكثيرون التقوه واحتكوا فيه لسنوات من غير أن يعرفوا هويّته الحقيقيّة . لكن بالتأكيد ثمّة ما هو مشترك بالحالتين -بحالة الأب والقائد- استطعت ملاحظته من خلال القصص التي نقلت لي عن لسان أصدقائه ومعارفه  أنّه كان على سجيّته أي لم يكن شخصًا متكلفًا ، كان عفويًا، ومرحًا... لذلك أثناء جلوسك معه تشعر بحضوره الخفيف والكثيف في آن ، كما تشعر انه يحيطك عاطفة واهتماما .

• لم يكن حاضرًا بيننا كمًا إنّما نوعًا لكنه كان حضورًا فاعلا

لم يكن حاضرًا بيننا كمًا إنّما نوعًا ، كمّ الأعمال التي أنجزها والمتابعات اليوميّة التي كان يتابعها يوميًا تجعل منه متفرغًا معظم أوقاته للعمل . إلا أنّ حضوره القليل بيننا كان حضورًا فاعلا. كان يستطيع أن يلامسني في العمق من خلال حديث عابر . لقد كان يعرفنا معرفة عميقة و كانت معظم نكاته تحمل ملاحظة لأحدنا لتقويم سلوك ما ...

• استشهاده لم يكن مستغربا وحدّثنا أنه من الممكن أن لا يعلن عن ذلك ؟!

كنّا نعرف جميعنا أنه بحكم عمله كان ملاحقا من أكثر جهاز استخبارات في العالم لذلك كانت تنفّذ علينا جميع الاجراءات الامنية لأننا بحكم علاقتنا به كان يمكن ان نكون نقطة الضعف له . كنا دائما حين نلقاه نحمد الله وحين نودعه كنا نحتمل دائما عدم عودته ... لذلك لقاؤنا به دائما كان اللقاء الأخير.
حدّثنا مرّة أنه من الممكن أن لا يعلن عن استشهاده ، كما أنه من الممكن أن لا يتبناه رسميا حزب الله كشهيد ومجاهد في صفوفهم ، وذلك لاعتبارات المصلحة العامة للحزب ولخط المقاومة وأوصانا حينها بالصبر و الكتمان كما أوصانا بالالتزام التام بأي قرار قد يتخذه حزب الله من دون نقاش . بناء على كل ما تقدم لم يكن خبر استشهاده مستغربا أو مفاجئا . كان مؤلما حتما لأنك تفقد عزيزا تمنيت كل لحظة ان تشاركه أحلامك المؤجلة بفعل الظروف التي كنا نعيشها كعائلة . كنا نعرف جيدا انه كان تواقا الى حلمه وهو تحرير فلسطين !

• الامام الخميني وسيد المقاومة كما يراهما عماد مغنية

الجميع يعلم ، العدو قبل الصديق ، أن هناك علاقة خاصة كان تربط بين السيد حسن نصر الله و الحاج عماد مغنية . لكن أبي كانت دائما علاقته بالسيد علاقة المحب لقائده الذي لا يتأخر عن تقديم كل عائلته فداء له و لخطه . كان أبي حريصا جدا على تقديم ولائه و انصياعه التام للسيد حسن نصر الله وطبعا كانت الثقة متبادلة ، فقد كان السيد حفظه الله يثق بقدرات وامكانات وحكمة الشهيد . اما العلاقة بالوليّ .. فهي علاقة بدأت منذ لقائه للمرة الأولى بالامام الخميني بعد انتصار الثورة الاسلامية . و قد روت لنا جدتي أنه التقى الامام في المرة الأولى لمدة 10 دقائق فقط ، ثم التقاه في المرة الثانية لنصف ساعة – نقلا عن رواية جدتي – يومها أتى الى لبنان تملؤه الحماسة و يشده الشوق الى التحرك لمواجهة العدو الصهيوني . و يومها قال لها ، و لم يكن قد تكون حينها حزب الله رسميا ، أن الامام الخميني يثق بثلة أطلق عليهم تسمية حزب الله . تقول جدتي أن عماد منذ تلك اللحظة لم يهدأ ... ابتداء من طباعة صور الامام الخميني على الجدران وصولا الى ادارة العملية الاستشهادية التي نفذها الاستشهادي البطل أحمد قصير ، ثم كل ما تلاه ... من هنا تستطيع أن ترى مدى علاقة عماد مغنية بإيران الولاية ! التي حملت شعار نصرة المستضعفين في العالم ! و بالطبع فان هذه العلاقة استمرت و أنتجت الكثير من المشاريع والانجازات التي أعلن عنها وسجلها التاريخ بقوة ، والتي لم يعلن عنها بعد ، بحكم استمرار الصراع .
اما عن العلاقة التي ربطت والدي بالسيد محمد حسين فضل الله فانها علاقة بدأت من العائلة بشكل أساسي . فقد كانت جدتي أم عماد على تماس دائم ببيت السيد محمد حسين فضل الله لأنها كانت تلميذته ، و كان السيد فضل الله في حقبة الثمانينيات رمزا اسلاميا معروفا يبلغ باسم المقاومة الاسلامية ولعب دورا توعويا سياسيا ودينيا مهما في تلك الفترة . و كانت جدتي ناشطة في المجال التوعوي الديني في منطقة السياح و الغبيري حيث كان يقطن السيد فضل الله. لذلك فالعلاقة وطيدة جدا. استمرت هذه العلاقة عندما قرر الشباب في تلك المرحلة كأبي من تكوين مجموعات حماية لهذه الرموز الاسلامية من الاغتيال وكان أبي المسؤول عن المجموعة التي كانت تحمي السيد محمد حسين فلذلك كان السيد كأب روحي له .

 

• لا جهاز خاص بالشهيد عماد للحماية الشخصية

رغم ان الكثير كان ينظر الى الشهيد عماد على انه "لغز حير العقول" و "اسطورة" و"الشبح الذي ارهق استخبارات 42 دولة .. الا انه "لم يكن لوالدي جهاز خاص به للحماية الشخصية ، كان يدير هذه العملية بذاته ، وأحيانا كان يخالف بعض القوانين المعروفة ، لأنه كان شخصا تواقا الى ان يعيش حياة بسيطة وعادية... اذكر أنه في احدى المرات تواعدنا وأمي للقائه في منزلي ، لم يكن عدم حضوره في الوقت الموعود أمرًا مستغربًا ، إلا أنّه يومها انتظرناه أكثر من اللازم حتى أقلقنا . بعد برهة من الوقت ، انتبهت إلى أنّ أحدهم يرشق حصى بشكل متقطّع وخفيف على شباك الغرفة التي كنّا نجلس فيها ، إذ كان منزلي على الطابق الأول ، نظرت من الشباك فوجدته ينتقي الحصى من الأرض . أذهلني ما رأيت ! كيف لشخص مطلوب من كل هذه الجهات الأمنيّة أن يفعل هذا ... ركضت مسرعة فلاقاني بابتسامته الساحرة وأعطاني حفنة الحصى التي جمعها ، علمت حينها أنّه وصل إلى موعدنا لكنّه لم يجد من يفتح له الباب الرئيسي للمبنى" .

• معلومة يكشف عنها ربما لأول مرة

ربما لأول مرة تكشف هذه المعلومة عن أبي ، وهي بطريقة أو أخرى تعبر عن حقيقة شخصيته المحبة للحياة ، فعلى الرغم من كل الخطر الذي كان يحدق بحياته .. الا أنه كان يصر على لقائنا و الخروج معنا الى أماكن مختلفة . و من بين الأماكن التي كنا نقصدها مطعم "مروش" ! و قد كنا نلتقي دائما كعائلة ، في مطعم مروش وهو مطعم عريق في شارع الحمرا في بيروت عمره أكثر من ستين عاما . و هذا المطعم يعتبر احدى معالمها التراثية . و للأسف قامت السلطات اللبنانية باغلاقه منذ فترة وجيزة لاعتبارات لها علاقة بتحديث المنطقة . لكن لهذا المطعم ذكريات جميلة معنا كعائلة . أذكر أننا بعد حرب تموز مباشرة ، وعند وقف اطلاق النار التقينا هناك . كان أبي مسرورا بلقائنا وبذات الوقت يفكر بأمور النازحين الذين تدمرت بيوتهم . جرى حديث بيننا عن الموضوع ، وأخبرنا حينها أن المقاومة ستقوم باستئجار بيوت للنازحين الذين تضررت بيوتهم وستتعهد باعادة اعمار كل الضاحية !

• قيادة العدو مازالت ترى في الشهيد خطرا عليها !!

رغم مرور 7 سنوات على استشهاد الحاج عماد .. الا ان قيادة العدو الصهيوني مازالت ترى في الشهيد خطرا عليها !! ذلك لأن عماد مغنية كان ممن دعموا العمل على اتجاه داخل حزب الله ينحى منحى تأسيس مؤسسات وان لا تترك الامور بإدارة اشخاص منفردين ، لان الشخص معرض للموت بطبيعة الحال وطبيعة الصراع . لقناعة كانت لديه ، و لدى أخوته من المجاهدين . ان تأسيس مؤسسات عسكرية واجتماعية وتربوية وثقافية انما تؤمن استمرارية للعمل عبر تراكم الخبرات .
ولأن عماد مغنية أصبح أيقونة في نفس كل شاب مجاهد ، و أقصد بالمجاهد ليس الشاب العسكري فقط انما حتى الشاب الذي يعمل في الحقل الفني والاعلامي والثقافي . فقد نقلت لي احدى الصديقات قصة عن خطيبها وهو شاب يعمل في المجال الثقافي كان لا يزال عمره 25 عاما عندما استشهد أبي ، وقالت لي : اننا كنا لا زلنا في بداية خطبتنا و استشهد الحاج عماد مغنية . وأردفت تقول : كنا نتمشى كثيرا أنا و خطيبي ونتحدث عن الأمور المستقبلية ، وكان حلم خطيبي أن يصبح "عماد مغنية الثقافة" ! كما كانت حركة عماد مغنية في الأمن والعسكر ! . و هكذا يعيش عماد مغنية بعد استشهاده وأعتقد أن هذين الأمرين هو أكثر ما يقلق العدو الصهيوني . وبالتالي فان عماد مغنية لم يمت .

• ما أوصى به الحاج عماد أحد رفاق دربه قبل 10 أيام من استشهاده

لم تكن هناك وصية بمعنى الوصية .. فلم يكن الشهيد يجيد اسداء النصائح بشكل مباشر. يعني أننا جميعا في المنزل لا نذكر أن أبي كان يجلسنا في مجلس مخصص للعائلة و نتحادث ويعطينا نصائح بشكل مباشر ، بل كانت حياته بزمنها أسرع من هذا الفعل ، لذلك كانت جل ملاحظاته ملاحظات غير مباشرة وآنية بلحظتها .
و لم يترك الوالد وصية مكتوبة ، حتى انه في العام لا آثار مكتوبة للشهيد ؛ اذ كان يحرص على اتلاف كل ورقة يكتبها ، وهذا ضمن التدابير الأمنية التي يتخذها ... فالمكتوب هو أثر ! وكانت سياسته ان لا يترك أثرا . الا اننا استطعنا أن نحصل على ورقة مكتوبة بخط يده ، كان قد كتبها قبل 10 أيام من استشهاده ، وهي رد على مراسلة لأحد الأخوة العاملين معه ، الذي كان يواجه مشكلة ما في عمله ، كتب فيها الحاج : "إن الأمر يحتاج الى بعض من الصبر فهو مفتاح الفرج" . و أنا أعتبرها وصية ، لا سيما في الظروف التي تمر بها الأمة جمعاء .

 

                                                                                                                                  صورة الورقة المكتوبة بخط الشهيد .. كتبها قبل 10 أيام من استشهاده

 

• "صور طبق الأصل" كتاب يروي القصص الحقيقية للصور المنشورة 

بطبيعة الحال ان الصور و التسجيلات الصوتية و المصورة للحاج ، نادرة . الا اننا استطعنا هذه السنة ان نجمع كل الصور التي تم تداولها على المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي . وهي صور انتشرت بسرعة هائلة بعد استشهاده ، بعضها تم تركيبها وبعضها نسبت اليه ، والبعض الآخر رويت عنها قصص ليست حقيقية . و قد عمدنا الى توثيق هذه الصور و ان نروي قصصها الحقيقية من خلال كتاب مطبوع أطلقنا عليه عنوان : "صور طبق الأصل" . و تم اعداد هذا الكتاب باللغة العربية ، وترجم الى اللغتين الفارسية والانكليزية .

• خلال زيارتنا للامام الخامنئي قلت : دماء الشهداء تحدونا للثقة بالعاقبة

في العام الماضي ، نظمت ايران الاسلامية مؤتمرا تحت عنوان: "الشباب والصحوة" ، و كان يضم شبابا من كل أقطار العالم الاسلامي . وقد نظم بعد اندلاع الشرارات الأولى للثورات في العالم العربي مواكبة لما يحصل من تطورات في الميادين العربية . و قد تشرفنا بلقاء الامام الخامنئي و قمت بالقاء كلمة شباب لبنان كوني ابنة عماد مغنية ، أحد مجاهدي المقاومة الاسلامية في لبنان ! و قلت حينها : أن ما يحصل اليوم في العالم العربي من ثورة على الطواغيت انما هو امتداد لما بدأه الامام الخميني في ثورته التي أراد فيها عزة الاسلام والمسلمين واقتدارهم ونهضتهم ، بهدف بناء حضارة ركيزتها الاسلام المحمدي الأصيل . اذ لا يمكن لك امساك زمام الأمور في العالم اذا لم تكن على قدر من الاقتدار والثقة والوعي ، وهذا ما بثه فينا الامام الخميني العزيز. طبعا حينها ، كنا متأملين كثيرا لما يحصل في الميادين العربية ، لا سيما بعد الذي حصل في مصر ، وكنا في غاية الحماسة ، يملؤنا الأمل بغد أفضل ، لكن تحوير الجهود الشعبية الذي حصل أعادنا الى قواعدنا لا أردي إن كنا عدنا سالمين أم لا فهذا متروك للأيام الآتية . الا أن دماء الشهداء الذين سقطوا دائما تحدونا الى الثقة بالعاقبة ، لأن هذه الدماء اذا سقطت، كما قال الشيخ راغب حرب، فإنها بيد الله تسقط ! 

• جهاد عاهد أباه منذ أعلن لأول مرة أنه ابن القائد الجهادي عماد مغنية

جهاد هذا الشاب المفعم بالحياة ، علاقتي به ليست علاقة أخ بأخته فقط ؛ بل علاقة صداقة . جهاد عاهد أباه على المضي في خطه منذ أعلن عن نفسه لأول مرة أنه ابن القائد الجهادي عماد مغنية . و منذ تلك اللحظة أعلن جهاد عن مضمر تربينا عليه وعشنا معه ، وهي الشهادة . وهذه الشهادة هي التي تعيد انتاج حياتنا وحياة أمتنا التي تتطلع الى النهوض .
هكذا نرى شهادة جهاد ، نهضة وحياة . و قد رأينا ذلك في عيون الشباب في عمر جهاد الذين شيعوه الى مثواه الأخير . اعتقد أن هكذا يصنع النصر حينما ترى هذه الحياة في عيون الشباب والشابات . نصر ليس فقط هو ما حقق من انجازات دونها التاريخ او سيدونها . انما تكمن اهمية النصر في حياة القيمة الأخلاقة والدينية في المكونات الداخلية للمجتمع.

• بعد 7 سنوات على استشهاده : ابتسامتك وطننا اشتقنا اليها

بعد 7 سنوات على استشهاد أبي اقول : اشتقنا الى ابتسامتك، لم ننسها جميعنا في المنزل . ابتسامتك وطننا الذي سنعود إليه يومًا ما ، كما عاد جهاد ! نعاهدك جميعًا على ذلك .

 

 

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة