تصدعات وصراع نفوذ داخل «تيار المستقبل»


تصدعات وصراع نفوذ داخل «تیار المستقبل»

كشفت الحملة العنيفة التي تعرض لها وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق من قبل زملاء له في «تيار المستقبل» علي خلفية أحداث سجن رومية المركزي شرق بيروت ، الذي شهد حالة تمرد واسعة نفذها تكفيريون ينتمون للتنظيمات الوهابية التكفيرية موقوفون بقضايا إرهاب متنوعة ، عن تصدعات كبيرة في هيكلية التيار الذي يرأسه النائب سعد الحريري ، و الذي يعتبر الركن الأساسي في قوي «14 آذار» .

و تخلل حالة التمرد الواسعة في سجن رومية المركزي ، احتجاز عناصر من الشرطة داخل مبني «د» المخصص لهؤلاء وإشعال نار وخلع أبواب الزنازين وتحطيم مرفقات السجن، وتمكنت القوي الأمنية من استعادة السيطرة علي السجن بعد أكثر من 24 ساعة.

وبينت التحقيقات والتسريبات أن وراء حركة التمرد والفوضي التي شهدها سجن رومية في المبني «د» قيادات في التيارات السلفية والتكفيرية التي كان لها دور رئيسي في افتعال وإدارة جولات العنف التي شهدتها مدينة طرابلس – كبري مدن شمال لبنان علي مدي 4 سنوات بدفع وتحريض مباشر من قيادات بارزة في «تيار المستقبل»، علي خلفيات مذهبية وسياسية تتعلق بالأزمة السورية، وأسفرت عن وقوع مئات القتلي والجرحي معظمهم من المدنيين المنتمين للطائفة العلوية.
وتوقفت جولات العنف هذه بإقرار الحكومة اللبنانية خطة أمنية لمدينة طرابلس أصدرت خلالها السلطات القضائية مذكرات توقيف وملاحقة في حق ما بات يعرف بـ «قادة المحاور» الذين أقنعهم وزير العدل أشرف ريفي القيادي في «تيار المستقبل» بتسليم أنفسهم ضامنًا لهم الإفراج عنهم بأقل من شهر، إلا أن وعود ريفي لهؤلاء مضي عليها أكثر من 11 شهرًا وهم لا يزالون خلف القضبان.
و عدم إيفاء «تيار المستقبل» بوعوده لموقوفي سجن رومية ، دفع هؤلاء إلي الاعتراف خلال التحقيقات معهم بأن كل ما كانوا يقومون فيه من عمليات إرهابية وافتعال معارك واغتيالات كان يتم بطلب من قيادات في التيار وعلي رأسها «عميد حمود» الذي صدر في حقه مع آخرين مذكرات توقيف.
و شن النائب محمد كبارة الذي يعتبر من صقور «تيار المستقبل» والمتعاطف مع التنظيمات الوهابية التكفيرية ، شن حملة عنيفة علي زميله في التيار الوزير المشنوق، وانتقد فيها أداءه وطريقة تعاطيه مع قضية السجناء التكفيريين واتهمه فيها بصناعة البطولات واستغلال هذه القضية للترويج لنفسه لدي حزب الله كرئيس حكومة مستقبلاً.
و لم تخل انتقادات كبارة من السخرية والتهكم علي الوزير المشنوق فوصفه بـ «الفاتح الكبير الاسكندر ذي القرنين» وهاجم من أسماهم «أتباعه الذين يروّجون الأكاذيب عن بطولاته حتي كادوا يرشحونه لنيل جائزة نوبل للسلام كونه فتح سجن رومية من دون إراقة نقطة دم».
وقال : ليس صحيحاً أن «الفاتح الكبير» هو الذي أنهي جولات العنف في طرابلس. بل هو قرار كبير أنهي ما كان ، أما «الفاتح» فقد باع هذا الإنجاز لأميركا وإيران حالماً بأنه يمكن لهما إيصاله إلي السرايا (مقر الحكومة)، متناسيا أن السرايا، ليست «سرايا وفيق صفا» (مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله) التي يغض النظر عن تمددها في كل لبنان، بل هي مركز الموقع السني الأول في الدولة اللبنانية، ولا يدخلها أحد علي دماء أهل طرابلس ودماء أهل السنّة ، مؤكدًا أن التلطي بالرئيس سعد الحريري للزعم بأن «الفاتح الكبير» يمثل خياراته وتطلعاته السياسية، فهذا افتراء عليه .
و تزامنت حملة النائب كبارة علي الوزير المشنوق مع هجوم آخر أقل حدة شنه أيضًا وزير العدل أشرف ريفي القيادي الآخر في «المستقبل» والذي أعلن رفضه لطريقة تعاطي وزير الداخلية مع قضية السجناء التكفيريين، وبلغت مواقفه حد المزايدة إذ أوفد ريفي ممثلاً عنه للمشاركة في اعتصام لأهالي السجناء والموقوفين، ما يؤكد وجود صراع علي النفوذ في صفوف «التيار»، لا سيما أن المشنوق وريفي وكبارة ثلاثتهم ينتمون لمدينة طرابلس.
و أمام بروز التصدعات في هيكلية «تيار المستقبل» سارع نواب مدينة طرابلس فريد مكاري وهادي حبيش وأحمد فتفت للرد علي زميلهم في «تيار المستقبل» النائب محمد كبارة، دفاعًا عن الوزير المشنوق.
لكن أكثر ما لفت الانتباه هو بيان رئيس «كتلة المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، أمس، الذي رد علي كبارة مشيراً إلي أن مواقفه «لا علاقة لتيار المستقبل بها ولا تعبر عن رأي الكتلة لا من قريب ولا من بعيد». وأكد السنيورة أن «الوزير نهاد المشنوق يمثل تيار المستقبل في الحكومة، وهو يمارس مسؤولياته في ضوء هذا التمثيل، ويحظي بثقة الكتلة ودعم الرئيس سعد الحريري، سواء بالنسبة للإجراءات التي هي محل اعتراض النائب كبارة، أو فيما خص السياسة العامة المعتمدة في وزارة الداخلية».
و تساءلت صحيفة «السفير» في عددها الصادر اليوم الجمعة عما إذا كان كبارة وريفي يغردان خارج «السرب الأزرق» (تيار المستقبل) أم أن في الأمر تبادل أدوار؟ وماذا سيكون موقف الحريري من هذا الصراع؟ وهل سيتم، بعد بيان السنيورة، اتخاذ قرارات علي غرار القرار الذي اتخذ بحق النائب خالد الضاهر؟ (الذي تمت إقالته من كتلة «المستقبل» مؤخرًا). ورأت الصحيفة أن الارتباك لدي قيادات «المستقبل» هي نتيجة بعض «القرارات الزرقاء» التي تتعارض مع توجهات شريحة واسعة من الشارع السني في لبنان، وبفعل تحوّل «المستقبل» من حاضن لبعض المجموعات المسلحة عندما كان معارضاً لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، الي «سجّان» لمسؤوليها وعناصرها عندما عاد الي الحكم وأوقف حمام الدم بين التبانة وجبل محسن (في طرابلس) .
بدورها رأت صحيفة «الديار» أنّ النائب محمد كبارة يعيد تجربة النائب خالد الضاهر في المواقف ، معتبرة ان 'تصعيده بوجه وزير الداخلية نهاد المشنوق ليس يتيمًا، فهو يُضاف إلي سلسلة من الوقائع المتلاحقة والتي تكتسب الكثير من الدلالات، بدءاً من اعتصامات أهالي الموقوفين الإسلاميين المطالبة باستقالة وزير الداخلية، والتي نُظّم بعضها أمام دارة وزير العدل أشرف ريفي في مفارقة لا تمتّ بطبيعة الحال إلي البراءة بأيّ صلة، وصولاً إلي التصعيد في مواقف شخصيات دينية وسياسية، علمًا أنّ في أروقة «تيار المستقبل» من يتحدث عن وقوف الوزير ريفي شخصيًا وراء التصعيد الطرابلسي بوجه المشنوق، والهدف ضرب وزير الداخلية والبلديات من بيته الداخلي، بعد أن استطاع أن يؤمّن بيئة حاضنة لتوجهاته الانفتاحية لدي الخصوم . وأكدت «الديار» أن هناك احتضانًا كبيرًا للمشنوق من قبل قيادته السياسية، أي رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، حيث تصر علي القول أن خطوات المشنوق لا تتم من دون تنسيق مع الحريري، الذي سبق له أن التقي المشنوق مؤكداً دعمه المطلق لكلّ الإجراءات التي يقوم بها انطلاقاً من عمله في وزارته .

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة