نّظام القمع الخليفي يعسكر البحرين..ويحوّلها إلى معتقلات !

نّظام القمع الخلیفی یعسکر البحرین..ویحوّلها إلى معتقلات !

تحدث الخبير المغربي و الباحث الستراتيجي "مصطفى قطبي" عن قضية الشعب البحريني المجاهد وهو يواجه نظام القمع الخليفي الذي حول المملكة معتقلات ، و كتب مقالا خص به وكالة "تسنيم" اكد فيه ان البحرين اليوم وشعبها ، أمام احتلال سعودي مسلح و دموي ، فاق في إجرامه الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، و هو احتلال ينتهك الحرمات ويقتل الأرواح ، بهدف حماية نظام ملكي يشبه إلى حد بعيد النظام الملكي السعودي التابع لأمريكا منذ عبد العزيز بن سعود و حتى يومنا الحاضر .

و جاء في المقال :

كربلاء الحسين (ع) هي الأصل ، و كربلاء البحرين هي الفرع ، و الثانية بين طياتها الجارية فضحت الجميع ، منها شخصيات فكرية وعلمائية وسياسية وثقافية وإعلامية ، و كذلك على مستوى الدول و الهيئات الإعلامية و الدينية ، و غير ذلك من التجمعات الرسمية والأهلية على المستوى الإسلامي والعربي والعالمي، وسوف تستمر قضية الشعب البحريني المظلوم في فضح الكذابين و المدلسين والمزورين من زمرة ما يسمون برجال الدين و المفكرين الإسلاميين... لأنها وبكل بساطة أصبحت مقياس ومعيار قيمي وأخلاقي وإنساني للصراع بين الحق والباطل .
البحرين اليوم ، أمام احتلال سعودي مسلح و دموي ضد شعبها الأعزل (بمسلميه السنة والشيعة وليس الشيعة فقط كما يروج شيوخ وساسة الفتنة) ، احتلال فاق في إجرامه الاحتلال الصهيوني لفلسطين، احتلال ينتهك الحرمات ويقتل الأرواح، بهدف حماية نظام ملكي يشبه إلى حد بعيد النظام الملكي السعودي التابع لأمريكا منذ عبد العزيز بن سعود وحتى اليوم . و لقد بات من الواضح أن آل سعود يتحكمون كلياً بالبحرين ويقررون حاضرها ومستقبلها ويتحدثون نيابة عنها، إذ أصبحت البحرين منزوعة السيادة ولا قرار لها أو رأي.
أربع سنوات مرت و المعارضة البحرينية مستمرة في حراكها السلمي و المطالبة بالتحول الديمقراطي و الملكية الدستورية ، قابلتها سلطات آل خليفة بممارسة أبشع أنواع القمع ضد المحتجين وهاهي الاحتجاجات تدخل عامها الرابع تحت وطأة الانتهاكات الحقوقية الصارخة ، من خلال الإجراءات والحملات التعسفية والإجرامية ضد الشعب البحريني ، و للأسف فالإعلام المأجور يعمل على التستر عن الجرائم التي يرتكبها حكام البحرين بحق المتظاهرين العزل والسلميين، حيث تستخدم الميليشيات البحرينية المدعومة من مطاوعية آل سعود ضد المحتجين ، أسلحة محرمة دولياً والرصاص المطاطي والانشطاري (الشوزن) والقنابل الغازية الخانقة والسامة ، كما تنهال عليهم بالضرب الشديد و القمع الوحشي ، و هناك تقارير سابقة تؤكد أن السلطات البحرينية استقدمت مرتزقة من الخارج لتستخدمهم بقمع المتظاهرين .
ومع ذلك لا تزال الاحتجاجات مستمرة بديناميكية تفصح عن ديمومة الصراع بين الشعب المطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة السياسية والاجتماعية، من جهة، وبين الأسرة الحاكمة التي تستخدم القمع والقتل غير المبرر ضد أبناء الشعب من جهة أخرى ، في الوقت الذي تقف فيه المنظمات الحقوقية والبلدان العربية والعالمية ، مكتوفة الأيدي ومغمضة العينين أمام العنف والاضطهاد غير المبرر ضد أبناء البحرين، في حين تقدم الحكومة وحلفاؤها من الغرب تعهدات لا تغني ولا تنفع الشعب البحريني، كونها وعود كاذبة جوفاء، تخفي حقيقة معرفة الوجه الآخر لحقوق الإنسان وانتفاضة البحرين، في التعامل بازدواجية وانتقائية من قبل المنظمات الدولية والبلدان العربية والغربية.‏
فالحراك في البحرين يعتبر من أقدم الظواهر السياسية في الخليج (الفارسي) ، وما يجري في البحرين من حراك شعبي متواصل منذ أكثر من أربع سنوات، يدلل بوضوح على المخزون النضالي الذي يختزنه شعب البحرين، الذي صقلته تجربة نضالية سلمية، تهدف الى بناء دولة يتساوى فيها جميع مواطنيها في الحقوق والواجبات ويتمتعون بالكرامة، دولة ديمقراطية تقوم على ما تفرزه وتقره صناديق الاقتراع . لكن الحكومة البحرينية تعاملت مع هذا الحراك السلمي بسياسة القبضة الحديدية و العقاب الجماعي، رغم مشروعية مطالب هذا الحراك، واستقدمت في تعاطيها مع هذه المطالب بمنظومة من الأكاذيب والتلفيقات والتبريرات والحجج الواهية التي لا تستند الى أي مقوم منطقي او أخلاقي أو عقلاني، متهمة المعارضة بأنها تخدم أجندة خارجية، محوّلة المطالب المحقة الى مسألة مذهبية، لتقوم بحملة من الاعتقالات العشوائية والمطاردات والملاحقات للناشطين السياسيين، مستخدمة القوة المفرطة، وعندما عجزت عن مواجهة غضبة الشعب استقدمت قوة عسكرية سعودية لقمع انتفاضة وثورة الشعب البحريني.
فبعد تفجُّر ثورة 14 فبراير/ شباط عام 2011 في البحرين، شعر النظام السعودي بخطورتها على أمنه الخاص ، و قال يومها نايف بن عبد العزيز (الرجل الأقوى هناك): إن أمن البحرين من أمن الرياض... وبهذا حدد طبيعة مستوى التعامل مع مطالب شعب البحرين، التي كانت تصرّ على السلمية والمطالبة بالحقوق بشكل حضاري، لكنّ النظام البحرينيّ أغلق أذنيه، في بلاد تُحكم عائلياً، حيث تمتلك العائلة الوطن ملكية خاصة، وتحتكر الممتلكات والثروات وتنهبها وتتقاسمها بين أسرة آل خليفة.
ويؤكد المراقبون أن ولي عهد البحرين والملك حمد والده، لا يشكلان أي تأثير في المؤسسة الحاكمة في البحرين التي يتحكم بها رئيس الوزراء ـ عم الملك ـ منذ أكثر من 40 عاماً ، إضافة إلى أن البحرين لا تجد مناصاً من اتباع السياسة السعودية بكل تفاصيلها  ''حذو النعل بالنعل'' ولا تملك شيئاً من القرارات السيادية في السياسة الخارجية والداخلية، بخلاف وجود قوات ''درع الجزيرة'' التي تعزز النفوذ السعودي في البلاد ، و تشارك في قمع احتجاجات الشعب البحريني التي انطلقت في 14 آذار عام 2011 وما زالت وتحول دون تنفيذ الشعب البحريني لمطالبه بسقوط الحكومة وتشكيل حكومة من الأغلبية البرلمانية .
في البحرين أعراض تُنتهك ومدن و قرى وأحياء تُستباح وبيوت تُدمر عن بكرة أبيها ورجال ونساء وأطفال يُقتلون بمختلف أنواع الأسلحة المحرمة وجثث يُمثل بها وشبان يُزجون بالمعتقلات ويتعرضون لشتى صنوف التعذيب الوحشي، ذنبهم الوحيد أنهم طالبوا بإصلاحات سياسية وقضائية، ولكن ذنبهم الأكبر أنهم خرجوا بشيبهم وشبابهم بنسائهم وأطفالهم وهتفوا بالحرية والكرامة والعدالة الإنسانية. وكانت جريمتهم التي لا تغتفر أنهم قالوا لا للظلم والديكتاتورية، لا للعنصرية والشوفينية، أما خطيئتهم العظمى التي دفعوا حياتهم واستقلالهم ثمناً لها فهي أنهم آمنوا بالشرعية الدولية وبأن أميركا هي ''حامي حمى الديمقراطية والشعوب المظلومة'' ولذلك فإنها ستهب لنصرتهم متناسين الخدمات والتسهيلات اللامحدودة واللا مشروطة والمجانية الأمنية والعسكرية واللوجستية والاقتصادية التي يقدمها نظام آل خليفة لواشنطن!
وفي ظل هذا السكوت ازاء استبداد الحكام في البحرين ، قال ''كريس بامبري'' الخبير البريطاني في شؤون الشرق الأوسط ، أن النظام البحريني نظام مستبد وغير قانوني ولا يحترم حقوق الإنسان.‏ وأشار ''بامبري'' إلى 176 توصية قدمها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى النظام البحريني لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد. وقال إن هذا النظام لم ينفذ أبداً مثل هذه التوصيات لأنه نظام استبدادي لا يفسح المجال أمام الديمقراطية وحرية التعبير مؤكداً أنه من أجل تطبيق هذه التوصيات والإشراف عليها يجب أن تكون هناك بعثة من الأمم المتحدة أو بعثة مراقبين دوليين أو هيئة حقوقية مستقلة . ‏و أضاف : طالما إن النظام الخليفي مدعوم أميركياً وسعودياً وبريطانياً لن تحل الديمقراطية ولن تحترم حقوق الإنسان في البحرين. مؤكداً أن الوعود التي يقدمها النظام لا قيمة لها لأنه لا يتمتع بالشرعية ويرتكب الجرائم ضد الأبرياء و المتظاهرين السلميين.‏ وتابع أن النظام البحريني لن يقبل أبداً بالديمقراطية لأنه إذا قبل بالديمقراطية يسقط وينهار ولهذا يعتمد على السعودية وعلى المرتزقة من أجل قمع أهل البحرين، مؤكداً أن الحل الوحيد في البحرين في نهاية المطاف هو تغيير النظام.‏
فرصاص الشوزن والقنابل الغازية والأسلحة المحرمة دولياً هي أدوات الحوار عند نظام آل خليفة والتي تستخدمها ميليشياته المدعومة من مطاوعية آل سعود لقمع الاحتجاجات، فبعد إعلانها الحرب ضد المتظاهرين البحرينيين السلميين قررت إعلان حربها ضد نشطاء حقوق الإنسان فمنعت الناشطين الدوليين من دخول البحرين للمشاهدات الشخصية وتوثيق جرائم النظام التي يرتكبها بحق هذا الشعب إضافة لحضور محاكمات الناشطين السياسيين.‏ وفي سياق متصل طالبت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان السلطات البحرينية بوضع حد على الفور ومن دون شروط للقمع القائم ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، وبالإفراج الفوري وغير المشروط عن كل الذين سُجنوا بسبب ممارستهم حقوقهم الأساسية في التعبير عن آرائهم .‏ و قال لورد ''إيريك إيفبري'' عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس اللوردات البريطاني: يجب تجميع شهادات ضحايا التعذيب في البحرين حتى يمكننا محاسبة الجناة أمام المحاكم البريطانية أو الأميركية، فالتعذيب محرم دولياً.‏ وانتقد ''إيفري'' الصمت الدولي المعيب وازدواجية موقف الحكومة البريطانية وطالبها بمنع دخول أفراد العائلة الحاكمة في البحرين للأراضي البريطانية بل وبمحاكمتهم على ممارساتهم ضد القانون الدولي، وإلغاء الامتيازات الغربية التي تعطى للمنامة حتى تلتزم بتنفيذ توصيات لجنة ''بسيوني''.‏
بدوره قال الباحث والأكاديمي أسامة السعيد : أنا أعتقد أن العالم لا يزال يقف متفرجاً حيال ما يقوم به النظام من انتهاكات صارخة وواضحة لحقوق الإنسان. وصرح السياسي جمال عطوان: نبرة التصاعد في المطالب المشروعة بدأت ترتعد منها فرائص النظام المستبد الملكي، ولهذا لم يكتفوا بقتل أبناء الشعب بدم بارد ويعتقلوا العديد من الناشطين، بل وصلوا إلى رجالات الدين من علماء ومراجع، وأتصوّر أن اعتقال الشيخ سلمان هي بداية حقيقية لنهاية هذا النظام.
أما المجتمع الدولي فيتفرج على الشعب البحريني وحقوقه تنتهك، وهو بذلك يمارس النفاق بأسوأ أشكاله بسكوته عما يجري في البحرين من قتل وتعذيب وسجن واعتقال ومطاردات وانتهاك لحرمة المنازل، طالت حتى الأطفال الأبرياء... فأين دعاة الدفاع عن حقوق الطفولة؟ وأين دعاة حقوق الإنسان؟ وأين دعاة حماية الديمقراطية؟ وأين دعاة الدفاع عن الحرية والكرامة؟‏
لماذا يملأ المجتمع الدولي الفضاء صراخاً وعويلاً إذا قتل مواطن في بلاد أخرى، ولا يحرك ساكناً أو ينبس ببنت شفة تجاه القتل والاعتقال على يد نظام القبيلة الفاسد الحاكم في البحرين وبمساعدة نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، والذي كان قد أرسل قواته العسكرية المدججة بالسلاح الفتاك إلى البحرين بعد حصوله على الضوء الأخضر من المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، التي تدعي أنها تعمل على نشر الديمقراطية في المنطقة، كما أنها تدعي بأنها تبذل قصارى جهدها لحماية حقوق الإنسان في دول المنطقة من خلال تشجيعها ودعمها للحراك الشعبي الذي تشهده دول المنطقة؟‏ فلماذا مثلاً لم يسعَ مجلس الأمن الدولي إلى مناقشة ما يجري في البحرين؟ لماذا لا تبادر الدول التي تدعي الحرص على حماية حقوق الإنسان من القمع السلطوي في بلدانها إلى طرح القضية في مجلس الأمن فتتخذ ما يلزم من إجراءات كما فعلت في ليبيا مثلا أو اليمن أو سوريا؟ فهل يختلف شعب البحرين عن شعوب الدول الأخرى؟
والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة: لماذا سكتت المنظمات الدولية، ولماذا جاء ردّ بعضها باهتاً وماسخاً، ولماذا لم تعرض قضية الشعب البحريني وقمعه أمام مجلس الأمن الدولي؟ ولماذا لم ترسل الجامعة العربية لجنة مراقبين إليها ؟ ولماذا لم يطالبوا بتنحية الملك حمد بن عيسى آل خليفة ، كما طالبوا الرئيس بشار الأسد ؟ فالأمر يشير بوضوح إلى تسييس رسالة المنظمات الإنسانية والدولية التي تهيمن على قراراتها دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية بما يخدم مصالحها ومصالح شركائها، وبالتالي نشاهد أن العلاقات السياسية بين حكام الخليج الذين يملكون النفط والغاز وبعض القوى الكبرى تحول دون اتخاذ إجراءات دولية ضد انتهاك هذه الأنظمة لحقوق الإنسان.‏
كما أننا نكاد لا نقع في العديد من وسائل الإعلام و الفضائيات ، التي أخذت على عاتقها رعاية ما يسمى بـ"الربيع العربي" ، على خبر أو تحليل أو معلومة مهمة لما يجري في البحرين، وكأنه غير موجود، في حين تسلط الأضواء الكاشفة على ما يحصل في بعض البلدان العربية الأخرى، بل تعقد الندوات وجلسات الحوار، وتدفع الأموال، وتجري المطالبات بالتدخل الدولي والأجنبي.‏ فقط حراك شعب البحرين، أو انتفاضته، لم تحظ بعناية الفضائيات (العربية)، وفضائيات الديمقراطيات الغربية، المعنية بحقوق الإنسان، والحريات، وحق التظاهر، وصناديق الاقتراع!
فانتفاضة شعب البحرين لا سند لها ، ولا دعم، ولا رعاة، ولا تشملها مبادىء حقوق الشعوب في التحرر من الاستبداد، وديمقراطية صناديق الاقتراع، والمساواة بين المواطنين... فقط: لأنها تقع قرب آبار النفط، وقواعد الاحتلال الأمريكي، وتهدد في حال انتصار شعبها هذه المصالح التي لا تقبل التسامح، فلا إنسانية، ولا إجماع دولي، ولا رأي عام، ولا لجان حقوق الإنسان، ولا ارتجاف في صوت العجوز ''كيري'' وهو يتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان... فالبحرين حيث الأسطول الخامس الأمريكي شيء... البحرين بجوار السعودية... وسورية بجوار «إسرائيل» شيء آخر!
في البحرين ثورة شعبية سلمية مطلبية محقة ، تحاول جهات عدة التغطية على مجرياتها ووقائعها وأحداثها . في البحرين ثورة شعبية سلمية، لم تعد مجدية محاولات قمعها أو التغطية عليها وحرفها عن مسارها ومصيرها، أو التخفيف من وقع تأثيرها المتزايد على محيطها الخليجي، فالشعب البحريني بكل شرائحه، سيثبت أنه أقوى من كل هذه الأساليب، ومن كل محاولاتهم البائسة، وسيتمكن من رسم مستقبله وتحقيق حلمه في الحرية والديمقراطية والعدالة، طال أمد ثورته أم قصر، ومهما اشتد بطش النظام وداعميه .
و نحن بدورنا نقول إن الأصل في انتفاضة و ثورة الشعب في البحرين مسألة سياسية، ولا يمكن أن تحل إلا بحل سياسي سلمي، وديمقراطي، وأن المواطنين في البحرين هم في الأصل مواطنون بحرانيون عرب أولا وقبل كل شيء، لا يغير من ذلك انتماؤهم لهذا المذهب أو ذاك .

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة