زمن التفرد الامريكي المطلق على وشك الانتهاء والاسد باق ولو الى حين و«البلدوزر» الروسي يبدأ اجتياحه للشرق الاوسط


زمن التفرد الامریکی المطلق على وشک الانتهاء والاسد باق ولو الى حین و«البلدوزر» الروسی یبدأ اجتیاحه للشرق الاوسط

فيما يوشك زمن التفرد الامريكي المطلق على الانتهاء ، اعتبر الخبير و المحلل العربي المعروف "عبد الباري عطوان" رئيس تحرير صحيفة "راي اليوم" الالكترونية ان تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير تغريدا خارج السياق ، و قال ان الرئيس السوري بشار الاسد ، باق .. ولو “الى حين” ، مؤكدا ان «البلدوزر» الروسي بدأ اجتياحه لمنطقة الشرق الاوسط عبر البوابة السورية .

و اعرب عبد الباري عطوان عن استغرابه للضجة التي تثار حاليا بسبب ارسال موسكو طائرات لقتال قوات داعش في سوريا ، وكأنها الطائرات الحربية الوحيدة التي تحلق في الاجواء السورية ، و كأنه “حلال” على الطائرات الامريكية والفرنسية والبريطانية والسعودية والاماراتية .. و حرام على الروسية !! ، و قال : من الذي يحدد “الحرام” و”الحلال” في هذه الحالة ؟ هل هي الولايات المتحدة، ام الامم المتحدة ، ام النظام السوري، ام الجامعة العربية؟
و اضاف عطوان : ان التحالف الستيني الامريكي عندما ارسل طائراته لقصف جهاديي “داعش” و تجمعاتهم في سورية والعراق، لم يفعل ذلك وفقا لقرار من مجلس الامن الدولي، ولا تلبية لطلب من السلطات السورية، او حتى التنسيق معها .
و تابع قائلا : عام كامل، والطائرات الامريكية من كل الانواع تقصف هذه المواقع والتجمعات، ولم تنجح مطلقا في تحقيق اهدافها رغم اكثر من ستة آلاف طلعة جوية القت خلالها آلاف الاطنان من القنابل والصواريخ، الاكثر فتكا من “البراميل”، وقتلت العشرات او المئات من الابرياء، ولكنها ما زالت تراوح مكانها ، مشيرا الى ان خمسة اعوام والساحة السورية كانت ارضا مشاعا ومفتوحة على مصراعيها للادارة الامريكية ، وكل حلفائها الاوروبيين والعرب، ومقاتليهم، لانجاز مهمتهم في اسقاط النظام السوري ، لكنهم فشلوا فشلا ذريعا. و و اوضح عطوان : جربوا كل شيء.. المعارضة “المعتدلة”.. وجيوشها، المعارضة الاسلامية المتشددة.. ومجاهديها، اقاموا معسكرات للتدريب اشرف عليها خبراء وكالة المخابرات المركزية الامريكية في تركيا والاردن وقطر والسعودية، ففوجئوا انهم يدربون مقاتلين، اما يهربون من اول رصاصة، او يستسلمون في اول معركة، او ينضمون بمعداتهم الخفيفة والثقيلة الى الطرف الآخر، الذي من المفترض ان يقاتلونه ويقضون عليه .
ولفت عطوان الى ان الروس كانوا موجودين في سورية في اطار معاهدة دفاع مشترك، واقاموا قاعدة بحرية في طرطوس في وضح النهار منذ عشرات السنين، تماما مثل القواعد الامريكية في قطر والسعودية والعراق والبحرين ، فأين وجه الغرابة؟ وهل القواعد الامريكية شرعية والروسية غير شرعية ؟
و اضاف ان لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي وصف الروس امس بأنهم يتكلمون كثيرا ولا يفعلون شيئا لمحاربة جهاديي “داعش” ، داعيا موسكو الى قرن كلامها بالافعال ، وها هي تستجيب له وترسل اربع طائرات من طراز “سوخوي 34″ المتطورة وتشن ثلاث غارات على مواقع للدولة قرب مدينة حمص، واكد مسؤول عسكري امريكي حدوث مثل هذه الغارات .
واشار الى ان التطور الجديد هو ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد تعزيز التواجد العسكري والسياسي لبلاده في الشرق الاوسط ، وان لا يترك المنطقة “ارضا بور” لامريكا وحلفائها ، يعبثون بها ، ويغيرون انظمة مثلما ارادوا ، ولسان حاله يقول “لن نسمح لكم بتكرار تدخلاتكم العسكرية في العراق وليبيا على حساب مصالحنا واصدقائنا، الزمن تغير ونحن هنا” .
و قال عطوان ان التدخل الروسي في سورية في صورته المتطورة الحالية، جاء بعد اعطاء مجلس الاتحاد الروسي يوم امس تفويضا “روتينيا” للرئيس بوتين باستخدام القوة العسكرية في الخارج، وصدر القرار بالاجماع، وبعد ان تقدم الرئيس بشار الاسد بطلب صريح وواضح في هذا الصدد الى الرئيس الروسي . واعتبر عطوان ان دخول روسيا الى حلبة صراع النفوذ في سورية ومنطقة الشرق الاوسط برمتها، ربما يكون افضل حظا من نظيره الامريكي، لان الطائرات الروسية التي بدأت غاراتها تملك قوات حليفة على الارض ممثلة بالجيش السوري، وقوات ايرانية (مستشارين)، واخرى تابعة لـ”حزب الله”، بينما لا تملك القوات الامريكية ومحورها الشيء نفسه، لان تركيا والمملكة العربية السعودية والاردن وقطر رفضت ارسال قوات برية للقتال الى جانب “الجيش السوري الحر”، ومشاريع تدريب “صحوات” سورية على غرار نظيراتها العراقية عام 2007 تحولت الى “اضحوكة” وموضع سخرية الامريكيين قبل اعدائهم .
و اشار الى ان الموقف الامريكي ازاء هذا الاجتياح للمنطقة من قبل “البلدوزر” الروسي ما زال يتسم بالغموض والارتباك، وينعكس كل هذا على تصرفات حلفائهم ومواقفهم، فتارة يتحدث الفرنسيون على لسان فابيوس بأنهم يؤيدون بقاء الاسد، وتارة اخرى يطالبون برحيله فورا لانه جزء من المشكلة، حتى اوباما نفسه ظهر طوال اليومين الماضيين الاكثر “ارتجاجا” في مواقفه ، و نتحدى ان يعطينا اي محلل او مراقب تلخيصا، او صورة واضحة، عن ما اراد قوله في خطابه الذي القاه في الامم المتحدة ، خاصة حول الموقف من سورية، او رئيسها الاسد . و لعل الصورة الاكثر وضوحا لهذا الارتباك هو التصريح الذي ادلى به السيد عادل الجبير وزير خارجية السعودية على هامش اجتماعات الجمعية العامة عندما كرر اقواله السابقة بأن امام الرئيس الاسد خيارين ، اما ان يرحل من خلال عملية سياسية او يواجه خيارا عسكريا يجبره على الرحيل. وقبل التدخل الروسي الكاسح في سورية، ربما ينطوي هذا الكلام على بعض المصداقية ، لكنه بعد هذا التدخل الممهور بموافقة وتنسيق امريكيين ، وعنوانه الرئيسي هو تثبيت الرئيس الاسد فوق قمة نظامه ، فانه يمكن تفسيره على انه واحد من امرين : الاول ان كلام السيد الجبير ينطوي على قراءة غير دقيقة للتطورات السياسية في المنطقة (ولا نريد استخدام كلمة اخرى) ، او انه نوع من “المكابرة” ، و نرجح الامر الثاني .
و ختم عبد الباري عطوان بالقول : لو تكلل التدخل العسكري السعودي في اليمن بالنجاح بعد ستة اشهر من بدئه ، لقلنا ان كلام السيد الجبير يستند الى “سابقة” عسكرية مفصلية يجب اخذها بعين الاعتبار، لانها يمكن ان يتم نقلها الى سورية، تماما مثلما كان يردد الكثير من المسؤولين والمحليين السعوديين في بداية “عاصفة الحزم”، ولكن هذا التدخل ما زال يواجه صعوبات عديدة، ويمكن ان تتفاقم في المستقبل المنظور على الاقل .
و اكد ان العودة الروسية، وبهذه القوة الى المنطقة، وعبر البوابة السورية، وتحت ذريعة محاربة “الدولة الاسلامية” ستغير المشهد السوري ، بل والمشهد “الشرق اوسطي”، رأسا على عقب، ولا نعتقد ان امريكا ستقبل وجود منافس لها ، وكذلك بالاذعان والخنوع ورفع الرايات البيضاء ، وهذا لا يعني ان هذه العودة الروسية غير محفوفة بالاخطار .
و اضاف ان التعايش بين “الدب” الروسي و”الحمار” الديمقراطي الامريكي لم يدوم طويلا ، مثلما لم يطل مثل نظيره بعد الانتهاء من الخطر النازي بعد القضاء على الاخير في الحرب العالمية الثانية، ولا نتردد بالقول ان متغيرات كثيرة زاحفة الى المنطقة والايام بيننا!

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة