ماذا وراء محاولات أمريكا للنفوذ والتغلغل في إيران؟


ماذا وراء محاولات أمریکا للنفوذ والتغلغل فی إیران؟

لم تكد أمريكا تتوقف عن جهودها ومحاولاتها لاستعادة نفوذها السابق في إيران الاسلامية والذي يعود تاريخه لما قبل إنتصار الثورة بزعامة الإمام الخميني عام 1978 حيث تحاول أمريكا اليوم عبر التغطية علي ملفاتها السابقة ، سيئة السمعة في البلاد ، من خداع فئة من السياسيين داخل المجتمع الإيراني ، ليصدقوا أن واشنطن اليوم ، ليست واشنطن الامس ، المعادية للشعب الإيراني و مصالحه ، وأنها غيرت جميع مواقفها السابقة ، التي الحقت بالشعب الايراني اضرارا جسيمة لمدة تزيد علي الخمسين عاما.

لكن الذين هم علي دراية عالية و مطلعين علي كواليس الامور في إيران، لازالوا يصرون علي مواقفهم السابقة والرافضة لاي اقتراب باتجاه أمريكا، معتقدين أن واشنطن تبحث علي الفرصة المناسبة ، لطعن إيران في الصميم مجددا، من خلال التستر بقضايا مثل ضرورة إنهاء العداء الإيراني الأمريكي وعودة العلاقات السياسية الثنائية بين واشنطن وطهران الي مجاريها الطبيعية . فهل حقا أن واشنطن غيرت مواقفها تجاه إيران، أم أنها لازالت علي نفس العداء التي كانت عليه سابقا تجاه إيران ؟ وماذا عن مساعيها للتغلغل في هذه الدولة مجدداً ؟ 

وكتب موقع "الوقت" التحليلي مقالا بهذا الصدد جاء فيه : في ظل هذه المساعي المشبوهة للنفوذ في إيران من قبل أمريكا والتي شهدت خلال الفترة الاخيرة قفزة نوعية من قبل واشنطن ودوائر صنع القرار الأمريكي بالتعاون مع العديد من المنظمات الامريكية الإيرانية المعادية لإيران، ظهرت بعض الشواهد التي تدل علي أن أمريكا لازالت هي نفس تلك الإدارة الامريكية التي قطعت إيران علاقاتها معها قبل أكثر من ثلاثة عقود، ولازالت تترصد الفرص للانقضاض علي إيران واسقاط نظامها الإسلامي.
وخلال العقود الثلاثة الماضية، اوقفت إيران العشرات من شبكات التجسس المرتبطة بالمخابرات الإيرانية، كانت مهمة هذه الشبكات جمع مختلف المعلومات العسكرية، والاقتصادية والسياسية والتقنية . فضلا عن اغتيال العديد من رموز الثورة الإسلامية في إيران علي يد العناصر المرتبطة بالاستخبارات الأمريكية طيلة الفترة الماضية، فقد قام أفراد هذه المجموعات التجسسية بجمع المعلومات في شتي المجالات خاصة حول البرنامج النووي الإيراني، مما ادي ذلك علي الاقل الي إغتيال ٤ من العلماء النووين الإيرانيين.
ولم تكتف واشنطن فقط بارسال عناصر بشرية الي إيران، لتشكيل خلايا تجسسية، لجمع المعلومات الاستخباراتية حولها، بصفة سياح ورجال أعمال وصحفيين، بل أن أمريكا رصدت ميزانية ضخمة عبر البنتاغون و وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي آي آيه)، لاستخدام الطائرات بدون طيار للتجسس علي المراكز النووية والعسكرية والمراكز الحيوية الاخري الإيرانية. وخير دليل علي ذلك، هو اسقاط طائرة التجسس الامريكية من الجيل المتطور جدا والمعروفة باسم « RQ ١٧ » في عام ٢ ١١ علي يد قوات الحرس الثوري في إيران.
وفي هذا السياق بدءت مؤخرا أمريكا جهودا جديدة للنفوذ في إيران، تعتمد فيها علي تعاونها مع ما يعرف باسم «المجلس الوطني الإيراني الأمريكي» (National Iranian American Council )، كون أن غالبية عناصر هذا المجلس يتشكل من الإيرانيين المعارضين والمقيميين في أمريكا، باعتبارهم الاعرف بشؤون إيران ورغبات الشعب الإيراني وتطلعاته المستقبلية. حيث تعرض هذه المنظمة باستمرار وجهة آرائها علي الساسة الأمريكيين وصناع القرار من عبر المؤتمرات التي تعقدها سنويا في أمريكا. حيث قدمت هذه المنظمة والمنظمات الاخري العديد من الإقتراحات للقيام بها من قبل الامريكيين بهدف استقطاب جزءً  من النخب والشعب الإيراني، والغاية الاساسية من هذه الاقتراحات، هي عودة النفوذ الأمريكي في إيران. وكان من أهم المقترحات المقدمة في هذا السياق كما يلي :
١) عقد المؤتمرات العلمية بين إيران وأمريكا (بهدف بدء دوبلوماسية علمية بين الطرفين)
٢) التعاون في مجال الطاقة النظيفة (بما أن إيران بحاجة ماسة الي الطاقة النظيفة خاصة في المدن الكبيرة مثل العاصمة طهران للتخلص من التلوث البيئي، فان هذا التعاون سيكون محل ترحاب من قبل الإيرانيين وفق المنظريين لعودة النفوذ الامريكي في إيران)
٣) زيارة إيران من قبل رئيس اللجنة العلمية التابعة الكونغرس الأمريكي (والهدف من هذه الزيارة خداع الإيرانيين بان الكونغرس الامريكي باعتباره أشد خصوم إيران، في أمريكا، يمكن أن يتعاون مع الإيرانيين في المجالات العلمية في حال غييرت إيران سلوكها تجاه أمريكا)
٤) زيارة إيران من قبل رؤساء أهم الجامعات الأمريكية
٥) منح عدد أكبر من طلاب الجامعات الإيرانية، منح للدراسة في أمريكا والدول الاوروبية
٦) التعاون البيئي مع إيران لإحياء بحيرة «ارومية» التي توشك علي فقدانها للحياة البيئية
ان جميع ما تقدم يشير الي أن لدي أمريكا برنامج مدروس للنفوذ مجددا في إيران، لكن لابد أن يكون هذا البرنامج دون أن يثير شكوك الشعب الإيراني والتيارات المحافظة في إيران.
وفي هذا السياق حذر قائد الثورة الإسلامية في إيران كرارا و مرارا من خطر النفوذ الامريكي ، مؤكدا أن أمريكا لم تغير من سياستها العدائية تجاه إيران قيد انملة . حيث أكد سماحة قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي لدي لقائه مع العلماء المشاركين في الإجتماع السادس لمجمع أهل البيت عليهم السلام الذي عقد قبل فترة في طهران ، ضرورة التصدي من قبل إيران لمساعي واشنطن للتغلغل والنفوذ في هذه الدولة، حتي في حال توصلت إيران والمجموعة السداسية الي إتفاق نهائي، حول البرنامج النووي الإيراني. حيث قال سماحته في هذا السياق: ان الاميركيين يريدون من إتفاق ليس معلوما مصيره او القبول به لغاية الآن (ويقصد الاتفاق النووي)، لا في ايران ولا في اميركا، لاستخدامه وسيلة للتغلغل في ايران، الا أننا أغلقنا هذا الطريق بحزم، وسنستخدم كل طاقاتنا العالية لمنع التغلغل الاقتصادي والسياسي والثقافي او التواجد السياسي للاميركيين في ايران. وفي مناسبة اخري استقبل فيها قائد الثورة الإسلامية الآلاف من قوات وكوادر حرس الثورة الإسلامية ، و تحدث سماحته بتفصيل عن خطر النفوذ السياسي والإقتصادي والثقافي، علي مستقبل البلاد، وضرورة التصدي له بكل قوة حيث قال في هذا اللقاء : قلنا إن نفوذ الأعداء وتغلغلهم هو اليوم من التهديدات الكبيرة التي تحدق بالبلاد . إنهم يرومون النفوذ و التغلغل، فما معنى النفوذ؟ ربما كانوا يرمون إلى النفوذ الاقتصادي، و هو طبعاً أقل أنواع النفوذ أهمية، و قد يكون النفوذ الأمني أيضاً من أقل أنواع النفوذ أهمية. النفوذ الأمني ليس بالشيء الصغير، لكنه قليل الأهمية إلى جانب النفوذ الفكري و الثقافي و السياسي. للنفوذ الأمني عوامله الخاصة، و على المسؤولين بمختلف صنوفهم - و منهم الحرس أنفسهم - أن يمنعوا التغلغل الأمني للأعداء بكل اقتدار إن شاء الله .  و على الصعيد الاقتصادي ينبغي أن تكون الأعين البصيرة للمسؤولين الاقتصاديين مفتوحة و مراقبة لئلا يمارس العدو تغلغله و اندساسه الاقتصادي، لأن نفوذ العدو يضعضع أسس الاقتصاد القوي. (..) الرأسمالي الفلاني يريد للسبب الفلاني أن يركّع ذلك البلد فيسحب رأسماله من ذلك البلد، أو يستولي بطريقة تفرض الركوع على ذلك البلد. هذا أيضاً على جانب كبير من الأهمية، لكنه أقل أهمية بالمقارنة إلى الاقتصاد الثقافي و الاقتصاد السياسي و النفوذ السياسي و النفوذ الثقافي، و الأهم من كل شيء هو النفوذ السياسي و الثقافي .  يحاول الأعداء على الصعيد الثقافي تغيير معتقدات المجتمع، و زعزعة تلك المعتقدات التي أبقت هذا المجتمع واقفاً على قدميه بحيوية. يريدون المساس بها و الإخلال و التغلغل و إيجاد ثغرات فيها. ينفقون الأموال بالمليارات لأجل تحقيق هذا الهدف. هذا هو النفوذ و التغلغل الثقافي» .
وفي النهاية نعود مجددا الي مساعي أمريكا لبسط نفوذها وتغلغلها داخل المجتمع الإيراني عبر استخدام الجواسيس للعمل في إيران ، فقد أعلنت إيران خلال الأيام الماضية القاء القبض علي «نزار زكا» وهو مواطن أمريكي من أصل لبناني، حيث كان ينشط في إيران لجمع المعلومات الإستخباراتية لصالح واشنطن. وبالاضافة الي ذلك فقد اوكلت له مهمة العمل مع بعض عناصر المعارضة داخل إيران، تنظيم موجة إحتجاجات لعرقلة تنفيذ مشروع الإنترنت الوطني، والذي تهدف من ورائه إيران، مكافحة التجسس الاجنبي عبر الإنترنت، ورفع نسبة الامن المعلوماتي في المؤسسات الأمنية والاقتصادية مثل المصارف. إذن إنكشاف أمر مثل هذا الجاسوس الأمريكي في إيران، يدل علي أن أمريكا ليست صادقة في دعواتها تجاه إيران ولهذا فلا يمكن الإعتماد عليها، علي الاطلاق. إذن فان مساعي واشنطن للنفوذ والتغلغل مجددا في إيران، تهدف الي زعزعة الامن والاستقرار، واستهداف المعتقدات الثقافية والدينية، بالاضافة الي شل الاقتصاد الإيراني.

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة