لأول مرة .. «تسنيم» تسلط الأضواء على محطة بوشهر النووية

لأول مرة .. «تسنیم» تسلط الأضواء على محطة بوشهر النوویة

لأول مرة ، نشرت وكالة‌" تسنيم" الدولية للأنباء ، تقريرا ، يسلط الاضواء على مسيرة محطة بوشهر النووية ، تناولت فيه نتيجة جهود مئات الساعات من النشاط الدؤوب في هذه المحطة التي تقع في جنوب الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تعود خططها في حيازة التقنية النووية الى عهد النظام الملكي السابق .

و لاقت ايران التشجيع من الولايات المتحدة و حلفائها لدخول هذا الميدان بذريعة مواجهة مطامع الاتحاد السوفيتي السابق ومخططاته في الوصول الى مياه الخليج الفارسي الدافئة بهدف كسر الهيمنة الامريكية على المنطقة . و تم جمع المعلومات الخاصة بهذه المحطة حيث يعكس هذا الملف تجربة مرة عاني منها الشعب الايراني طوال فترة النظام الملكي البغيض التي تتمثل بتبعية الشعب الايراني المسلم للدول الاجنبية في مجال العلوم النووية . وقد بدأت ايران الاسلامية قبل 7 سنوات أول خطوة في هذا المجال ، لتصبح الي جانب الدول النووية من خلال توقيعها اتفاقية تحت عنوان " الذرة للسلام" وأبرمت عدة عقود مع الدول التي تملك تقنية نقل المعدات الي ايران . وأبرمت طهران اتفاقية تعاون مع شركة " كرافت وورك يونيون‌ " الألمانية من مجموع عدة شركات عملاقة التي كانت تعمل تحت عنوان زيمنس لتأسيس محطة بوشهر النووية وبدأت أعمال هذه المحطة . و كانت هذه الشركة تتميز بأداء جيد الي قبل انتصار الثورة الاسلامية في انشاء المحطات النووية الا انها وبعد انتصار الثورة المباركة تنصلت عن تنفيذ هذا المشروع بمختلف الذرائع وبالتالي امتنعت عن اكمال محطة بوشهر . و تم بعد ذلك اناطة اكمال هذا المشروع بعد توقف دام لفترة طويلة الي حد ما الي المهندسين الروس بسبب عدم وجود خبراء ايرانيين فيما قامت روسيا بتأجيل تنفيذ هذا المشروع الي الاعوام المقبلة و تم أخيرا تسليم هذه المحطة الي الجانب الايراني في فصل الخريف الماضي .
و خلال الاعوام الأخيرة أكد قائد الثورة الاسلامية سماحة الامام الخامنئي ضرورة حصول ايران الاسلامية علي التطور والتقدم في المجالات العلمية الحديثة خاصة لدي استقباله الطلبة الجامعيين الذين قال خلال لقائه الأخير بهم : "ان بعض الدول ربما تنقل انتاجها في مجال النفط الي أصحاب الثروة و العلم في العالم الذين تمنحها نوعا من التقدم العلمي الظاهري .. الا ان هؤلاء قد يمتنعون عن تقديم الخدمة وفق ماتريده أهواؤهم فهذا لايعتبر تقدما وتطورا حيث يجب أن يستند أي تطور أو تقدم علي القوي الذاتية لذلك البلد " . وأشار سماحته الي محطة بوشهر وقال "ان الغرب و الاوروبيين كانوا يرغبون في زمن الشاه المقبور ، القيام ببعض الاعمال الخاصة في المجال النووي لإيران حيث أنهم أبرموا العقود مع الجانب الايراني آنذاك مثل الألمان الذين تنصلوا عن اكمال محطة بوشهر ، رغم أنهم كانوا قد حصلوا علي الاموال المطلوبة لتشغيل هذه المحطة واشترطوا فيما بعد تنفيذه بشرط توفير الكهرباء فقط ، أي ان الشعب الايراني لا يحق له استخدام الطاقة النووية وفق احتياجاته ، بل يجب أن يستثمر هذا المشروع ، تحت اشراف الغربيين الذين لا يريدون الخير لهذا البلد" .
و انضمت ايران في عام 1958 الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية . وفي 1967 صدرت الولايات المتحدة مفاعلا نوويا بحثيا بقوة 5 ميغاواط ، و تم نصبه في طهران وتزويده بخمسة كيلوغرامات من الوقود النووي المخصب بدرجة عالية ومن ثم تم تحديد آفاق الخطة النووية للبلاد القاضية بتشييد مفاعلات كهروذرية لتوليد عشرين الف ميغاواط من الطاقة الكهربائية لغاية عام 1995. بدأت ايران خطوتها الاولى قبل اعوام قليلة من انتصار الثورة الاسلامية تنفيذا لهذه الخطة حيث تم تاسيس منظمة الطاقة الذرية في عام 1974 وتقرر تشييد اربع محطات كهروذرية في بوشهر ودارخوين في الجنوب ، و4 محطات اخرى في محافظة اصفهان وسط البلاد . وفي هذا السياق تم التعاقد مع شركة زيمنس الالمانية لتشييد محطة بوشهر النووية الا ان انتصار الثورة الاسلامية والحظر الغربي ضدها حال دون اكمال المشروع اذ علقت الشركة العمل وتركت البلاد . وبعد انتهاء حرب السنوات الثمانية التي فرضها الطاغية المقبور صدام في ثمانينات القرن الماضي ، و التي الحقت اضرارا فادحة بالمنشآت الخاصة بالمحطة ، شرعت حكومة الرئيس الاسبق اكبر هاشمي رفسنجاني بمفاوضات مع الشركة الالمانية لاكمال المشروع الا ان الشركة رفضت الطلب ، ما حدا بطهران للتوجه صوب روسيا وابرام اتفاق معها حول المشروع . وتم التوقيع على الاتفاق مع شركة استروي اتم اكسبورت في 1992 لاكمال مشروع المحطة لغاية عام 2000 الا ان الشركة تأخرت اعواما عن الموعد وفي النهاية اكتمل مشروع بناء المحطة ودخل الكهرباء المنتج فيها والبالغ 1000 ميغاواط الى الشبكة الوطنية الايرانية في 2011 .
خلال هذه المدة الطويلة ادركت ايران حاجتها الى الوقود النووي المستخدم في نشاط المحطة المنجزة والمحطات اللاحقة وفي هذا المجال كان امامها آليتين فاما ان تعتمد على البلدان صاحبة التقنية النووية لاستيراد ماتحتاجه واما ان تبدأ مشروعا شاقا وطويلا لتحقيق الاكتفاء الذاتي في حيازة دورة كاملة للوقود النووي . و بحكم تجاربها المريرة مع الغرب والحصار والضغوط والحظر الذي فرض على النظام الاسلامي الجديد منذ الايام الاولى لنشأته ، اختارت ايران الاسلامية الطريق الثاني رغم صعوبته حيث بدأت بجهود مكثفة وفق برنامج عمل وخطة مدروسة واسعة النطاق . واشتملت الخطة الايرانية الرامية الى تحقيق الاكتفاء الذاتي في الطاقة النووية السلمية على عدة مراحل :
- الاولى اعداد كوادر و مختصين في هذا المجال ، و فتح المجال امام الجامعات والمؤسسات العلمية والمراكز البحثية في البلاد من اجل تحديد تفاصيل واجزاء برنامج التوصل الى الاهداف المرسومة في حيازة دورة متكاملة من الوقود النووي وسد الحاجة الداخلية في هذا المضمار. –
- المرحلة الثانية تنفيذ الخطة النووية الوطنية الايرانية عمليا على مرحلتين الاولى مرحلة التنفيذ على المستوى المختبري وبابعاد وكميات ضئيلة . وفي هذه المرحلة واجهت ايران صعوبات جمة في نيل المعدات والاجهزة التي لم تكن متوفرة لديها سابقا الا انها في النهاية استطاعت تصنيع ما تحتاجه على يد مختصيها بخبرات محلية .
ولما لم تكن لدى ايران الخبرة باي تقنية ينبغي التوصل اليها لنيل النجاح في حيازة دورة الوقود النووي بصورة سريعة ،حيث يمكن تحقيق ذلك الهدف وفق تقنيتين عالميتين متوفرتين احداهما العمل باستخدام اجهزة الطرد المركزي والثانية تقنية الانشطار في مصنع يستخدم المياه الثقيلة، بدأ الخبراء الايرانيون العمل وفق هاتين التقنيتين في آن واحد لعل احداهما تتكلل بالنجاح.
وبعد انشاء وتشييد عدة مختبرات بحثية في طهران واصفهان واراك وغيرها من المدن اجريت عدة اختبارات على عملية تخصيب اليورانيوم المعقدة الا ان المحاولات الاولى لم تكلل بالنجاح بسبب النقص والعيوب في المعدات اضافة الى قلة الخبرات المحلية لكن المختصين الايرانيين لم يشعروا بالاحباط يوما ما .
ورغم الصعوبات الهائلة التي واجهت الخبراء والباحثين الايرانيين الا ان اليأس لم يدب الى قلوبهم بل استمروا في نشاطاتهم لمحاولة انجاز عملية تخصيب اليورانيوم على المستوى المختبري بالافادة من تقنية اجهزة الطرد المركزي . وبعد جهود مضنية تكللت بالنجاح في عهد الرئيس الاسبق محمد خاتمي حيث نجح علماؤها النوويون في انتاج بضع غرامات من اليورانيوم المخصب في مختبرات منشأة اصفهان ماعزز الثقة بالنفس لدى العلماء الايرانيين . و فور اعلان ايران نجاحها في عملية تخصيب اليورانيوم المعقدة اصاب الغربيون الذعر وصعقوا بالمفاجأة . وعلى الفور ارسلت ما يسمى الترويكا الاوروبية التي تضم المانيا وبريطانيا وفرنسا وفدا رفيعا على مستوى وزراء الخارجية الى طهران للاطلاع عن كثب على حقيقة الانجاز الايراني المعلن والقفزة العلمية الهائلة في المجال النووي . وبعد عدة اجتماعات ولقاءات مع المسؤولين والاطلاع على التفاصيل تحقق الغربيون من صحة ادعاء ايران وادركوا انها دخلت مرحلة جديدة من التكنولوجيا الرفيعة وينبغي التعامل معها بحزم لوقفها قبل فوات الاوان لاعتقادهم انها ستشكل خطرا يهدد الكيان الصهيوني على وجه الخصوص ومصالحهم في الشرق الاوسط بصورة عامة . وبعد عقد عدة جولات من الحوار والمفاوضات مع الترويكا الاوروبية قررت الحكومة الايرانية تجميد نشاطاتها النووية وغلق منشآتها والقبول بتنفيذ البروتوكول الاضافي الذي يتيح القيام بعمليات تفتيش على منشآت البلاد دون اكتساب الاذن او اي اعلان مسبق . و استمرت ايران الاسلامية على هذا الحال عامين ونصف الا ان البلدان الغربية لم تتوقف عن ضغوطها حيث طالبت بتفكيك جميع المنشآت النووية في البلاد بل تعدت في مطالبتها الى اغلاق فرع الدراسات النووية في الجامعات الايرانية وعدم الخوض في هذا المجال ابدا ووضع اي نشاط يشتبه فيه تحت الرقابة المتواصلة . وبعد تسلم الرئيس السابق محمود احمدي نجاد مهام السلطة التنفيذية في 2006 بدأت جولة جديدة من المفاوضات بين طهران والغرب الا ان البلدان الغربية لم تكف عن ممارسة الضغوط بل ذهبت الى مجلس الامن لاصدار قرارات مناهضة لايران مااضطر طهران الى مواجهة التعامل السلبي الغربي بحزم حيث قررت الخروج من البروتوكول الاضافي واستئناف النشاط في منشآتها النووية دون اي اكتراث لموقف الغرب المعارض . وبدأ الخبراء الايرانيون جولة جديدة من النشاطات على صعيد العمل في تخصيب اليورانيوم على المستوى الصناعي الذي تطلب تحقيق امرين هامين هما :
- تصنيع المئات من اجهزة الطرد المركزي المعقدة بسرعة فائقة
- اكمال مراحل استخلاص اليورانيوم المنجمي الى ما بعد مرحلة مايسمى بالكعكة الصفراء.
وبعد اختبارات واسعة وجهود مريرة تحقق الحلم الايراني على ارض الواقع حيث نجح خبراءها في اقامة مئات السلاسل من اجهزة الطرد المركزي التي ضمت 1700 منها وادخلوا اليورانيوم المعالج على شكل غاز والذي يعد المرحلة الادق والاصعب بعد مرحلة الكعكة الصفراء الى هذه الاجهزة واستطاعوا التوصل الى عملية التخصيب على المستوى الصناعي في مثل هذا اليوم من عام 2010 ، والذي سمي فيما بعد بـ"اليوم الوطني للتقنية النووية".

الأكثر قراءة الأخبار {0}
عناوين مختارة