عبد الباري عطوان : صانعو الارهاب وداعميه في مسيرة ضد الارهاب !!


وجه رئيس تحرير صحيفة "رأي اليوم" الالكترونية نقدا شديد اللهجة الى القادة العرب الذين شاركوا في مسيرة باريس «ضد الارهاب»؛ متسائلا "لماذا يتقدم مسؤولون عرب مظاهرة باريس تضامنا مع الضحايا الفرنسيين جنبا الى جنب مع "الحمل الوديع" نتنياهو ولم نراهم مطلقا في مظاهرة تضامنا مع ضحايا مجازر العراق وغزة وقانا اللبنانية؟!؛ معربا عن شكره لوزير خارجية المغرب على مقاطعة "مهرجان النفاق العربي هذا".

ونعت عطوان في مقال نشره على موقع "رأي اليوم"، معظم المسؤولين العرب والأجانب الذين تقدموا صفوف المسيرة بأنهم من أكبر صناع الإرهاب الحقيقي الذي جاؤوا لإدانته، والحاضنة الدافئة والمريحة له.. ابتداء من بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الصهيونية الذي ارتكب لتوه مجزرة في قطاع غزة راح ضحيتها الفين ومئتي الف انسان ثلثهم من الاطفال، وما زال مئة الف من اهاليهم في العراء في مواجهة عاصفة ثلجية قاتلة، ومرورا بالسيد احمد داوود اوغلو المتهمة حكومته بتوفير الممر الآمن والسريع لآلاف الارهابيين المتهمين بالوقوف خلف هجوم باريس، وانتهاء بفرانسوا هولاند رئيس فرنسا واصدقائه البريطانيين والامريكان الذين تمارس طائراتهم بطيار او بدونه، في هذه اللحظة قتل الابرياء في افغانستان والعراق وسوريا واليمن، عمدا او عن طريق الخطأ!
ولفت الكاتب الصحفي الفلسطيني الى مشاركة رئيس السلطة الفسطينية في رام الله  "محمود عباس"، ليقول : عباس الذي لم يتزعم او يتصدر مظاهرة واحدة في رام الله، ناهيك عن غزة تضامنا مع ابنائه ومواطنيه الذين ذبحتهم الطائرات «الاسرائيلية» تحت سمع اصدقائه في فرنسا وبريطانيا وامريكا وبصرهم، كان الاكثر حماسا في الظهور في مقدمة مظاهرة باريس على بعد امتار من القاتل بنيامين نتنياهو.

وفي سياق متصل شدد عطوان في مقاله بانه ليس مع الارهاب، بل مع حرية التعبير؛وان الاساءة للانبياء والرسل كما فعلت ذلك مجلة تشارلي ابيدو الفرنسية "المستهدفة"، ليس من مفردات حرية التعبير.

الى ذلك، شدد الخبير السياسي الفلسطيني على ان "مكافحة الارهاب لا تتم بالتنسيق الاستخباري واستهداف ابناء العقيدة الاسلامية بالملاحقة والتوقيف والتفتيش - المسلم معرض للتوقيف اكثر من 30 مرة بالمقارنة بغير المسلم في معظم الدول الاوروبية - وانما ايضا من خلال وقف السياسات الاستعمارية الاذلالية في العالم الاسلامي.

وفي جانب اخر من مقاله يؤكد عطوان ان السياسات الغربية والامريكية في الشرق لاوسط هي التي وسعت نطاق الارهاب ليصل الى اوروبا، فقال : نحن نرفض المقولة التي يرددها القادة الغربيون لتبرير تدخلاتهم الدموية في العالم الاسلامي، وتقول "اننا نحاربهم في بلدانهم حتى لا يأتوا الينا" مما يعني ارتكاب المجازر في حق الابرياء دون اي سند قانوني او اخلاقي تحت عنوان "مكافحة الارهاب"، واكبر دليل على فشل هذه المقولة عملية الهجوم على المجلة الفرنسية، والكنيس اليهودي في بروكسل، واقتحام المدرسة الفرنسية اليهودية في تولوز، بل لا نبالغ اذا قلنا ان جميع هذه التدخلات ادت الى تحويل دول آمنة الى دول فاشلة تشكل البيئة الاخصب للجماعات المتشددة.

وتابع : بعد ان قررت مجلة شارلي ابدو اعادة نشر الرسوم الدانماركية المسيئة للرسول الكريم عام 2006، حاول الرئيس الفرنسي جاك شيراك في حينها اثنائها عن هذه الخطوة بالحسنى، واعتبرها استفزازية ولكنه لم يقف في طريقها ويحاول منعها رغم معرفته بالنتائج التي يمكن ان تترتب على ذلك، كان رجلا عاقلا ترك الساحة لساركوزي وامثاله لقيادة فرنسا الى الغزوات والحروب والتدخلات العسكرية الكارثية.

وراى الكاتب الصحفي الفلسطيني ان الارهاب الراهن والناجم عن الجماعات الارهابية السلفية التكفيرية لا يختلف كثيرا عن النموذج الغربي واسلحته وطائراته وصواريخ كروز وحاملات الطائرات والغواصات النووية وجنود المارينز؛  "فالاول وهو مدان، يقتل افرادا بالعشرات او المئات بالكلاشينكوف، بينما الثاني يقتل مئات الآلاف ويدمر دولا ويمزق مجتمعات ويدفع بالملايين الى العراء او الى قوارب الموت بحثا عن ملاذ آمن وهو مدان ايضا والادانة لا تفيد في الحالتين، ويأتي هذا التدمير والقتل في معظمه متدثرا بأكاذيب وقيم زائفة وفي العالم الاسلامي دون غيره".

وتمنى عطوان في كلمته الافتتاحية التي نشرتها صحيفة راي اليوم الالكترونية ، بقوله: لو أن جميع الزعماء والمسؤولين العرب، الذين شاركوا في مسيرة باريس اتخذوا الموقف الشجاع الذي اتخذه وزير الخارجية المغربي "صلاح الدين مزوار" والوفد المرافق له الذي ذهب إلى باريس لتقديم التعازي في ضحايا الهجوم دون ان يشارك في المسيرة؛ منوها بالبيان الصادر عن الحكومة المغربية الذي اكد بأنه "لا يمكن ان يشارك وزير الخارجية او اي مسؤول رسمي مغربي في هذه المسيرة التي رفع فيها متظاهرون رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول علية الصلاة والسلام".