الامام الخامنئي ينعى رحيل العلامة المجاهد آية الله الآصفي

الامام الخامنئی ینعى رحیل العلامة المجاهد آیة الله الآصفی

أصدر قائد الثورة الاسلامية سماحة آية الله العظمي الامام السيد علي الخامنئي اليوم الخميس بيانا نعي فيه رحيل العالم الديني المجاهد اسوة الزهد والجهاد والاجتهاد آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي الذي وافاه الاجل والتحق بالرفيق الاعلى فجر اليوم اثر صراع مع المرض وحياة زاخرة بالعلم و الجهاد ، و أشاد بشخصيته العلمية والجهادية لدي اشارته الي صفاته الحميدة والخصوصيات التي كان يتميز بها اضافة الي ماضيه الجهادي المشع ضد النظام الصدامي في العراق.

و‌ أفاد القسم السياسي لوكالة "تسنيم" الدولية للأنباء بأن الامام الخامنئي قدم التعازي في بيان الى عائلة الفقيد الراحل وتلامذته وانصاره ومريديه وابتهل الي الله تعالي بأن يتفضل عليه بالمزيد من الدرجات الرفيعة .

وفيما يلي نص البيان :
تلقيت ببالغ الأسى والحزن خبر رحيل العالم المحقق المجاهد المرحوم آية الله الحاج الشيخ مهدي الآصفي رحمة الله عليه .
لقد كان الفقيد الراحل فقيهاً مجدّداً ومتكلّماً فذّاً ومؤلّفاً غزيراً ذا أثر بالغ ، فقد ترك ثمرةً لعمره المبارك عشرات المؤلفات القيّمة التي تناولت القضايا الابتلائية في مجال العقائد والكلام والفقه .
كما كان للفقيد الراحل تاريخاً جهادياً مشرقاً في ساحات الجهاد السياسي والاجتماعي  في العراق ، وكان فكره الوضاء و آراؤه السديدة و تحليلاته العميقة لقضايا المنطقة ، من جملة سمات و ميزات هذه الشخصية الجامعة الأطراف .
إن زهد الفقيد الراحل وعزوفه عن اللذائذ المادية وقناعته بالعيش المتواضع الذي يطبع حياة طلبة العلوم الدينية يُصنَّف في عداد الخصوصيات البارزة الاُخرى لهذا العالم الجليل وهذه الشخصية العلمائية الرفيعة الشأن .
ولقد تحمُّل سماحته لسنوات عدة مهام وكالَتي وعناء تمثيلي في النجف الأشرف ما يشغل ذمّتي بحقّ عظيم تجاهه ، والله عزّ و جل أسأل أن يجعل لطفَه ورحمتَه المؤدّيين لحقّ كل ما أسداه المرحوم من خدمات علمية ودينية واجتماعية .
إنني إذ أعزي ذويه وأصدقائه ومحبيه بهذا المصاب الأليم ، أسأل الباري تعالى له علو الدرجات والرحمة والغفران .


السيد علي الخامنئي

يشار الى ان قائد الثورة الاسلامية سماحة الامام السيد علي الخامنئي أوعز بنقل جثمان المفكر الاسلامي والعلامة الراحل اية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي ، بطائرة خاصة الى مدينة النجف الاشرف لمواراته الثرى هناك في ارض مدينة امير المؤمنين عليه السلام .

و ولد آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي في النجف الأشرف عام 1939 من عائلة دينية علمية ، فكان جده  مرجعاً دينياً في إيران ، وأبوه آية الله الشيخ علي محمد الآصفي البروجردي من علماء و مجتهدي النجف ، وأمه بنت الشيخ محمد تقي البروجردي ، من العلماء أيضا .
و جمع الشيخ محمد مهدي الآصفي بين الدراستين الدينية والأكاديمية ؛ إذ تخرج من كلية الفقه في النجف الأشرف في دورتها الأولى ، ثم درس الماجستير في جامعة بغداد ، وتتلمذ في دراسته الدينية في الحوزة العلمية في النجف الأشرف على كبار الفقهاء ومراجع الدين ؛ ففي مرحلة السطوح كان من أبرز أساتذته العلامة الشيخ محمد رضا المظفر والعلامة الشيخ عبد المنعم الفرطوسي والشيخ مجتبى اللنكراني . وفي مرحلة البحث الخارج (الدراسات العليا) تتلمذ على الامام السيد محسن الحكيم وآية الله الشيخ مرتضى آل ياسين وآية الله الشيخ حسين الحلي وآية الله ميرزا هاشم الآملي والإمام الخوئي والإمام الخميني ، حتى مكّنته ملكاته  العلمية من الحصول على درجة الاجتهاد في سن مبكرة ، و كان أحد أبرز وكلاء الإمام الخوئي في العراق ثم الكويت وإيران بعد هجرته اليهما في سبعينات القرن الماضي . كما حصل على شهادة الماجستير من جامعة بغداد .
و من أساتذته :
١ـ السيّد محسن الطباطبائي الحكيم.
٢ـ الشيخ عبد المنعم الفرطوسي.
٣ـ الشيخ محمّد رضا المظفّر
٤ـ السيّد أبو القاسم الخوئي
٥ـ الشيخ مجتبى اللنكراني
٦ـ الشيخ صدرا البادكوبي
٧ـ الشيخ باقر الزنجاني
٨ـ الشيخ حسين الحلّي
٩ـ ميرزا هاشم آملي
10- الإمام الخميني
و عمل العلامة الآصفي أستاذاً للفلسفة لأكثر من 15 سنة في كلية أصول الدين ببغداد وكلية الفقه في النجف الأشرف ، إضافةً إلى تدريسه الفقه والأصول والفلسفة في الحوزة العلمية النجفية . وكان أسلوبه في التدريس مميزاً ؛ لأنه كان يجمع بين المنهجية الأكاديمية والمنهجية المسجدية ، كما كان يقيم المحاضرات الأسبوعية والدورية الإسلامية في أكثر من مكان منذ أواخرالخمسينات .
انتمى الفقيد الراحل الى حزب الدعوة الإسلامية في عام 1962 ، وما لبث أن أصبح من كوادره المتقدمة ومسؤولاً عن تنظيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف . وعمل أيضاً مع جماعة العلماء في النجف الأشرف في هذه الفترة . و في عام 1971 بدأت السلطة البعثية تتابع نشاطاتها وتحركاته ، وتحولت المتابعة إلى ملاحقة دائبة ؛ فاضطر الى التخفي بعد صدور أمر إلقاء القبض عليه ، حتى هاجر إلى الكويت عام 1974 بجواز سفر مزور . ثم حملته ظروف العمل الإسلامي على السفر إلى إيران ، إلاّ أن سلطات الشاه المقبور بدأت بملاحقته ، نظراً لعلاقاته مع المقربين من الإمام الخميني في إيران واتصالاته بهم ، و حاول جهاز "السافاك" (الأمن الإيراني) إلقاء القبض عليه ، ثم احتجزه واحتجز جواز سفره ، إلاّ أنه عاد إلى الكويت متخفياً خلال عام 1975 ، واستقر فيه ثانية ، حيث ساهم في قيادة العمل الإسلامي من هناك ، بعد أن اختير عضواً في القيادة العامة لحزب الدعوة الإسلامية .
وبعد انتصار الثورة الإسلامية هاجر إلى إيران ، وساهم في إعادة بناء تنظيمات حزب الدعوة التي تعرضت لضربات شديدة في العراق ، و انتخب ناطقاً رسمياً لحزب الدعوة خلال عام 1980. وساهم في العام نفسه في تأسيس مجلس العلماء لقيادة الثورة الإسلامية في العراق مع قياديين آخرين في الحزب ومستقلين . كما انتخب عضواً في الهيئة الإدارية لجماعة العلماء المجاهدين في العراق عام 1982 ، و شغل ايضا منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق لسنتين ، ثم استقال منه مع ممثلي الحزب الآخرين في المجلس . و بقي يعمل في صفوف قيادة الدعوة حتى عام 1999 ؛ إذ جمّد عضويته فيها بعد ذلك؛ الا انه بقي على تواصل مع الحزب ، و كان يعد أحد أبرز حكماء الدعوة ، وظل يساهم في حل الإشكالات التي تحصل داخل الحزب حتى وفاته رضوان الله عليه . وكان آخر مسعى له هو إعادة ترتيب الأوضاع داخل قيادة حزب الدعوة ؛ ضماناً لوحدة الحزب وتمهيداً لانعقاد مؤتمره القادم ، وقد بدأه قبل وفاته بشهر ونصف تقريباً ، وتوفي وهو يتابعه متابعة حثيثة .
وكان الإمام الخامنئي قد عيّن العلامة الفقيد آية الله الآصفي أميناً عاماً للمجمع العالمي لأهل البيت (بدرجة وزير) في عام 2000 . و بعد ثلاث سنوات تقريباً استقال منه ليتفرغ للعمل العلمي والخيري ؛ وذلك إمتداداً لنشاطاته في هذين المجالين ؛ إذ كان من أساتذة الفقه والأصول والأخلاق والعقائد في الحوزة العلمية في قم المقدسة منذ وصوله اليها . كما كان يرعى في ايران الاسلامية و العراق وافغانستان آلاف الفقراء والمعوزين من مختلف الجنسيات؛ ولا سيما العراقيين والأفغانيين والباكستانيين ؛ و ذلك عبر مؤسسات خيرية كبيرة ؛ أهمها مؤسسة الإمام الباقر . فقد قام الفقيد الراحل منذ وصوله إلى مدينة قم المقدّسة بافتتاح مؤسّسة الإمام الباقر عليه السلام الخيرية عام 1400 هـ ، والتي يمكن تلخيص أهدافها بما يلي :
- تقديم المعونات الشهرية الثابتة لأكثر من خمسة آلاف عائلة موزعة في إيران
-تقديم المساعدات المالية للمرضى لإجراء العمليات الكبرى
-تقديم القروض الحسنة لمدّة طويلة وبدون فوائد
-تقديم الهدايا والمساعدات للمتزوجين حديثاً
-تقديم المساعدات في داخل أفغانستان
-إنشاء مجمعات سكينة لعوائل الأيتام
-تقديم المساعدات في داخل العراق
-كفالة الأيتام والأرامل والمساكين
-بناء المدارس الدينية والأكاديمية
وبعد سقوط نظام الطاغية صدام ؛ عاد الشيخ الآصفي الى النجف الأشرف، وشرع فوراً بتدريس الفقه و الأصول على مستوى البحث الخارج في الحوزة العلمية . وكان من الشخصيات المعتمدة والبالغة الإحترام لدى الإمام السيستاني و الإمام الخامنئي وأصبح في السنوات الأخيرة ممثلاً للإمام الخامنئي في النجف الأشرف . وفي الوقت نفسه كانت لديه وكالة من الإمام السيستاني .  كما كان يحظى باحترام جميع الحركات والتيارات الإسلامية الشيعية العراقية . وساهم عبر بياناته وفتاواه وتوجيهاته وتحركاته في تثبيت الأوضاع في العراق الجديد ومحاربة الإرهاب . ويعد الشيخ الآصفي أحد المفكرين الإسلاميين المعاصرين ، و يبلغ عدد مؤلفاته المطبوعة أكثر من ثلاثين مؤلفاً في الفلسفة والفكر والفقه والتفسير والاقتصاد منها :
• الإمامة في التشريع الإسلامي
• المدخل إلى دراسة التشريع الإسلامي
• دور الدين في حياة الإنسان
• ملكية الأرض في الفقه الإسلامي - رسالته في الماجستير
• تداول الثروة
• ولاية الأمر
• تاريخ الفقه الإسلامي
• آية التطهير
• نظرية الإمام الخميني في دور الزمان والمكان في الإجتهاد
• أثر العلوم التجريبية في الإيمان بالله
• بحوث في الحضارة الإسلامية
• نظرية الإمام الخميني في دور الزمان والمكان في الإجتهاد
• أثر العلوم التجريبية في الإيمان بالله
• المدخل إلى دراسة نص الغدير
• الدعاء عند أهل البيت

وكان أهم ما يميز العلامة الآصفي هو تواضعه الجم وأخلاقه العالية ، وانطباق وعظه ونصائحه وإرشاداته مع تفكيره وسلوكه وأسلوب حياته . ولذا كان نموذجاً للداعية والمفكر  والسياسي الإسلامي الحقيقي.
لكن أكثر ما كان يلفت النظر في سلوكه هو زهده العجيب ؛ في ظاهره وباطنه؛ في مسكنه ومركبه وملبسه ومأكله؛ على الرغم من وضعه الديني والعلمي والسياسي والإجتماعي ؛ الذي يسمح له أن يكون من الأثرياء وأصحاب المظاهر ؛ لكنه فضّل أن يعيش عيشة الفقراء ؛ الذين كان يحبهم ويرعاهم ويخدمهم بنفسه ؛ إذ كان الشيخ الآصفي يشتري المواد الغذائية والسلع المنزلية ويملأ سيارته بها ، ويخرج كل ليلة مع مرافقه ليوزعها بنفسه على الفقراء في بيوتهم .
توفي العلامة اية الله الشيخ الآصفي في مدينة قم المقدسة ؛ حيث كان يخضع لدورة العلاج الكيمياوي ؛ وذلك في صبيحة يوم الخميس 16 شعبان 1436هـ الموافق 4 حزيران 2015 ؛ عن عمر ناهز 76 عاماً قضاه بالبر و التقوى و الجهاد و العمل الصالح و الدعوة الى الله و خدمة الانسانية ؛ و ذلك بعد أدائه صلاة الفجر مباشرة .

ح. و

الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة