السفير : جنيف اليمني انتهى بلا حل والسعوديون أفشلوا الهدنة

السفیر : جنیف الیمنی انتهى بلا حل والسعودیون أفشلوا الهدنة

انتهت أيّام "جنيف اليمني" علي جري ما بدأت عليه : فوضي كاملة، اتضح لاحقاً أنَّها مدروسة ، مكَّنت كل طرف من الاحتفاظ بالمواقع التي يري أنَّها تحصّن مكاسبه ، و ارتفاع منسوب التفاؤل ، ثم هبوطه الحاد في اليوم الأخير ، و لم يخرج المؤتمر بشيء يُمكِّن اليمنيين الواقعين تحت الحرب وحصارها من التقاط أنفاسهم ، فيما حرص وفدا صنعاء والرياض و برغم تحميل بعضهما بعضا المسؤولية ، علي القول إنَّ جنيف كان بداية مسار ، وإنَّه لهذا شكَّل «أرضيَّة» يُمكن البناء عليها في مؤتمر لاحق .

واضاف تقرير صحيفة «السفير» اللبنانية : كان المؤتمر يقترب من إعلان ورقة مبادئ، تشكِّل أرضية لإعادة إطلاق مسار حلٍّ شامل ، بالتزامن مع إعلان هدنة إنسانية تبدأ مع شهر رمضان. وبرغم الحذر في إعلان من كان الطرف المقصِّر، حمّل مسؤول أممي المسؤولية إلي «تعنّت وفد الرياض»، معتبراً أنَّ وفد صنعاء قدَّم مقترحات وكان «منفتحاً علي النقاش».

ولم تُعلن هدنة إنسانية، برغم أنَّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كان متفائلاً بإمكانية إنجازها. حينما أطلق المؤتمر الأحد الماضي، بيَّن أن انعقاده يُجسِّد إرادة موحدة من مجلس الأمن، وأنَّه يجب أن يخرج علي الأقل بالهدنة الرمضانيَّة. مع ذلك، أشاعت الأطراف اليمنية، وكذلك المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ أحمد، أنَّ الهدنة الإنسانية يمكن فصلها عن مسار التفاوض حول صلب الصراع السياسي، مع الإيحاء بإمكانية إعلانها قريباً. لكن أحد سفراء دول مجموعة «الـ16»، الداعمة للمؤتمر، قال إنَّه «غير متفائل، للأسف».
و نقلت صحيفة «السفير» عن مسؤول أممي منخرط في المفاوضات أن وفد صنعاء اعترض جذريا أيضاً ، لكن أعضاءه «كانوا منفتحين علي النقاش، ولم نحس أنَّهم متعنتون» ، وأضاف : إنَّ مسؤولية إحباط إمكانيَّة الخروج بإعلان مبادئ يتحمَّل المسؤولية فيها وفد الرياض ، موضحاً أنَّهم «رفضوا النقاش، بينما وفد صنعاء كان له اعتراضات، لكنَّه كان منفتحاً علي النقاش .
و لم يتردَّد المسؤول الأممي في القول إنَّ وفد الرياض جاء مرغماً، والمؤتمر عقد لأنَّ الأميركيين يريدون ذلك ضدّ رغبة السعودية وحلفائها .
و اكد ممثل جماعة «أنصار الله» حمزة الحوثي ، أنَّ فشل المؤتمر في الخروج بنتيجة ، سببه ضغوط كبيرة لكي لا يتم الخروج بحل . ومع ذلك، حرص علي اعتبار أنَّ ما حصل يعطي «أرضية» يمكن البناء عليها، وأنه كان مشاورات أوليَّة ستتبعها مشاورات لاحقة يُحدَّد موعدها فيما بعد .
في السياق ذاته ، حرص المبعوث الأممي علي التأكيد أنَّ المؤتمر «لم يفشل» ، معتبراً بدوره أنَّ المباحثات التي جرت بيَّنت أنَّ هناك «أرضية مواتية» يمكننا البناء عليها لتحقيق هدنة . مع ذلك، ورداً علي سؤال لـ «السفير»، أقر بالإخفاق في التقدّم في مسائل جوهرية : لم نتفق علي النقطتين الأوليين، وهما وقف إطلاق النار وانسحاب' الأطراف المتحاربة من المدن. معتبرًا أن العمل علي إنجاز آلية لتحقيق الهدنة الإنسانية، يمكن فصله عن مسار المفاوضات علي القضايا الأخري.
وقال رداً علي السؤال : «سأحث مجلس الأمن شخصياً (خلال الأسبوع المقبل) علي أن يطالب بقضية الهدنة» ، قبل أن يضيف، مقللاً من جرعة التفاؤل، «ولكن لا أظن أنَّ هذا يكفي إذا لم نحصل علي موافقة كل من يتعلق به الأمر».
لكن المسألة برأي مسؤول رفيع المستوي في «انصار الله» تتجاوز القضايا التقنية. يقول لـ «السفير» إنَّ ما حدث كان بمثابة 'إفشال للمؤتمر من قبل الأميركيين'. معلقاً علي ما حدث، قال إنَّ «السعودية ليست موجودة بحد ذاتها، إنهم الأميركيون وهذه لعبتهم»، قبل أن يضيف
و أبدى المسؤول الحوثي أيضاً خيبة أمل في مسار مسقط، حيث يجري تفاوض بين «أنصار الله» والرياض بوساطة عُمانية . اعتبر أنَّ فشل جنيف يبيِّن أنَّ ما سمعناه في مسقط عن تفاؤل وإمكانية كان مجرد كلام، فالتعويل هو علي مسار جنيف الذي تظهر فيه النتائج الملموسة، في مسقط كان هناك فقط الكلام . لذلك، فالحل بالنسبة إليه واضح، إذ يشدِّد علي أنَّ 'الميدان سيجبرهم علي العودة والقبول .
و لم يستطع وفد الرياض الهروب من التناقض الذي وجد نفسه فيه. شدَّد علي أنَّ المؤتمر لم يحصل، لأن الآخرين لم يختاروا فريقاً من عشرة ممثلين عنهم. لكنه، في الوقت نفسه، كرَّر أنَّ المشاورات تشكِّل خطوة يمكن البناء عليها. خلال جولة النقاش الأخيرة، اتصل موفدوه برئيسهم هادي ليأخذوا منه تعليمات رفض خطة المبعوث الدولي. تحدث إلي ثلاثة منهم، ليكرروا ما سمعه مبعوث الأمم المتحدة: الرياض لا تريد أيّ حل الآن.
و اثارت الخطة التي اقترحها المبعوث الدولي ، أثارت غضب وفد صنعاء تجاه نقطتين. الأولي اعتبارهم أنَّها تكرِّس العدوان السعودي، لأنَّها تدعو إلي الانسحاب حتي لو تواصل العدوان، في أيّ مرحلة منه. المأخذ الثاني، كما ينقله أحد ممثلي الوفد، أنَّ 'مقترح ولد الشيخ أكثر سوءاً من القرار الدولي، باعتبار أنَّه يكرِّس الحصار ويشرعنه'.
و لفتت صحيفة «الأخبار» إلي أن وفد الرياض طوال خمسة أيام لم يمل من محاولة ابتزاز وفد صنعاء والتحايل عليه عبر المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ، بالاضافة إلي سعي الفريق السعودي إلي الخروج باتفاق يعطي شرعيةً للعدوان، وينتزع مكاسب تعصي عسكرياً علي السعودية، أولها فرض الانسحاب علي الجيش اليمني و«اللجان الشعبية»، مقابل غياب أي تعهد بوقف العمليات العدوانية من قبل التحالف.
و شهد اليوم الأخير من المؤتمر ، ما وصفته الصحيفة بـ«حرب أوراق العمل». مشيرة إلي «ورقة الأمم المتحدة» للحلّ الشامل التي تقدم ولد الشيخ، وتضمّنت 7 نقاطٍ، تنصّ أولاً علي إعلان هدنة شاملة علي الأقل خلال شهر رمضان، ثانياً تسهيل عمل المنظمات الإنسانية وإدخال المساعدة إلي المناطق كافة، ثالثاً، وضع آلية للانسحاب بالتزامن مع الهدنة. رابعاً، تنصّ علي آلية تنفيذ الاتفاق والتحقق من التطبيق والإشراف. خامساً، إطلاق العملية السياسية عبر حوارٍ تشارك فيه كل المكوّنات. سادساً، احترام القانون الإنساني وحماية المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية. سابعاً، تنظيم المبعوث الدولي مشاورات سياسية.
وأشارت «الأخبار» إلي أن ولد الشيخ، أعدّ ورقة لم يقدمها رسمياً إلي وفد صنعاء، تتضمن ربط أي هدنة إنسانية في اليمن بتطبيق مبطّن لقرار مجلس الأمن الدولي ٢٢١٦، موضحة أن الورقة تشرح آليات الانسحابات التي ترمي إلي خروج الجيش و«أنصار الله» من المدن بحيث تخضع لرقابةٍ دولية مفترضة، وهو ما ترفضه صنعاء جملةً وتفصيلاً، خصوصاً بعدما أضحت الأمم المتحدة بعد القرار المذكور، محط شك صنعاء التي تنظر إليها كداعم لطرف ضد طرف آخر.
وقالت الصحيفة : هذه الورقة مثلت بالنسبة إلي وفد القوي السياسية اليمنية، النقطة التي أفاضت الكأس. كذلك كان من المفترض أن يلتقي «وفد صنعاء» بولد الشيخ، لكن الوفد اليمني فوجئ بأن المبعوث الأممي تغيب وبعث في مكانه نائباً له أميركي الجنسية قدم مطالع تبين من خلالها أن ولد الشيخ قد تراجع عن كل التفاهمات التي عقدوها معه في السابق.
و كان وفد صنعاء في المقابل، قد قدّم رؤيته للحلّ الشامل إلي ولد الشيخ ليل أول من أمس. وتتضمّن إعلان وقف إطلاق نار دائم بين القوي اليمنية المتحاربة وانسحاب كل تلك القوي من المدن الرئيسية، بما لا يمنع التصدّي لعناصر «القاعدة» ومنعهم من السيطرة والانتشار؛ إحياء العملية السياسية وفق المرجعيات المتفق عليها، والإنهاء الفوري للحصار المفروض علي الشعب اليمني بأشكاله كافة.
ولفتت صحيفة «الأخبار» إلي أن وفد صنعاء لم يعد يثق بتاتاً بولد الشيخ الذي 'دأب علي عقد لقاءات تشاورية منتظمة مع مسؤولين من الاستخبارات السعودية ومع الدبلوماسيين الغربيين وأخذ التعليمات من غرفة عمليات أقيمت خصيصاً لهذه الغاية، وبالتالي بات مشكوكاً في أمر بقائه في منصبه'. مشيرة إلي أن وفد صنعاء لم أن ولد الشيخ لعب علي ورقة التفريق بين «أنصار الله» وحزب «المؤتمر» بزعامة علي عبد الله صالح.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي أن حكام الرياض الجدد ربطوا سياستهم الداخلية والخارجية بالنجاح في اليمن، وإن أي وقف للنار من دون تطبيق لقرار مجلس الأمن الدولي، سيعدّ انتصاراً لـ«أنصار الله»، وهذا من شأنه تقويض السياسة السعودية في المنطقة علي نحو مذلّ .
واستبعدت مصادر الصحيفة حدوث هدنة في اليمن حتي خلال شهر رمضان . لذلك اكتفي ولد الشيخ بالحديث عن تخفيفٍ للحصار السعودي من خلال السماح للشحنات التجارية بالوصول إلي موانئ اليمن المختلفة وفق آلية يجري وضعها في الرياض، تجري بالتنسيق مع ١٧ وكالة دولية'، مشيرة إلي أن تلك الآلية السرية يخشي أن تقوم علي التمييز بين مناطق وأخري وفق أجندات سياسية، مثلما حدث في الماضي حين كانت باخرة إماراتية تفرغ حمولتها في عدن لأطراف موالية للسعودية، بينما كانت المساعدات الأخري تفرغ في جيبوتي وتخضع لحصار شديد وتمنع من الانتقال إلي ميناء الحديدة.
وأكد تقرير «الأخبار» أن السعوديين يحاولون الخروج بخطة ترضي حلفاءهم ولا يستفيد منها خصومهم. 'هدنة علي شكل تسوية يطلبها الأميركيون وسواهم من أعضاء مجلس الأمن، لأن الوضع الإنساني في اليمن يهدد بكارثة ستحرج الجميع'. مشيرًة إلي أن واشنطن تدعم أيضاً حلاً يقوم علي مبدأ تقاسم السلطة مع الحوثيين في ضوء الاجتماعات التي أجروها معهم في مسقط، وهي تعلم مسبقاً أن العمل العسكري السعودي لن يؤدي إلي أي نتيجة حقيقية علي الأرض. أما عواقبه السلبية فيمكن استيعابها داخل السعودية بتغييرات محتملة داخل الأسرة الحاكمة تأتي برؤوس أقل جموحاً من عقلية محمد بن سلمان.

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة