نتنياهو يواجه عاصفة سياسية بعد توجّهه لتعيين ليبرمان وزيرًا للحرب


نتنیاهو یواجه عاصفة سیاسیة بعد توجّهه لتعیین لیبرمان وزیرًا للحرب

أثارت نيّة رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو تعيين رئيس حزب «اسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان وزيرًا للحرب ، عاصفة سياسية و موجّة من التعليقات الغاضبة والانتقادات في كيان العدوّ حيث هاجمت صحيفة "هاآرتس" نتنياهو بشدّة ، واعتبرته قرارا طائشا و رأت في افتتاحيتها اليوم الخميس أنه من "الصعب على المرء أن يتصور قرارًا طائشًا وعديم المسؤولية لرئيس الحكومة أكثر من تعيين ليبرمان وزيرا للحرب.

فللمرة الثانية منذ الانتخابات يكون نتنياهو مُطالبًا بأن يختار بين المعسكر الصهيوني واليمين المتطرف، فيختار مرة اخرى أن ينحو يمينًا ويشكل ائتلافا أيديولوجيًا عنصريًا، يسعى الى تعميق الاحتلال وتوسيع الاستيطان في المناطق والى قمع الأقلية العربية وهز "الديمقراطية" في الكيان.

وأشارت "هاآرتس" الى أنه قبل شهر فقط وصف ليبرمان من قبل الليكود، بـ"الهاوٍ والكسول والسياسي الصغير والمتلاعب" وبأنه ليس مناسبًا حتى لأن يكون محللًا عسكريًا" ، وتابعت "الآن نتنياهو يودع المؤسسة الامنية في يد الرجل الذي "الكرة الوحيدة التي صفرت قرب اذنه كانت كرة التنس" (المقصود هنا الرصاصة) . في لحظة الحقيقة أظهر رئيس الحكومة بانه مستعد لأن يجر «اسرائيل» الى مغامرة أمنية محملة بالمصيبة ، الى إزالة القيود الأخلاقية وتشجيع العنصرية الفظة، فقط من أجل الحفاظ على حكمه. أما الثمن الباهظ فسيدفعه «الاسرائيليون» والفلسطينيون".
وقالت "هاآرتس" إن ليبرمان التي تعكس آراء جهات عليا في جيش العدوّ "كان يُعارض مواقف يعلون وقيادة الجيش كثيرًا، حين كان عضوا في المجلس الوزاري «الإسرائيلي» المُصغّر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة السابقة، وتحديدًا فيما يخص آخر حرب مع "حماس"... تعيين ليبرمان على رأس الجهاز العسكري يُشبه تمامًا الشكل الذي يُنظر من خلاله إلى فوز دونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية للرئاسة من قبل الحزب الجمهوري في الولايات المُتحدة".
بدوره ، كتب المحلل «الإسرائيلي» دان مارغليت في صحيفة «إسرائيل اليوم» تحت عنوان "تعيين ليبرمان - خطأ فادح" قائلة : "لقد وضع نتنياهو بين يدي ليبرمان أكثر جهاز حساس في الدولة. يُدرك ليبرمان ذلك القلق، ولكنه يقول في نفسه إنه طالما أن هو من يُدير الدفة فلا يمكن أن تندلع حرب عشوائية، إلّا أن من يعرف تاريخ «إسرائيل» الأمني يُدرك أن زعماء قبله قالوا شيئًا مماثلاً. ولكن أخطأ الجميع. ففي الأوقات الحاسمة لم يكونوا أصحاب السيطرة، ومن قاموا بتوكيله لاستخدام القوة الوطنية قد ورط «إسرائيل» في مشاكل كبيرة دامت سنوات طويلة".
من جانبه ، قال المحلل السياسي «الإسرائيلي» عاموس هرئيل إن "ثمة سبب آخر للقلق يتعلق بنظرة ليبرمان إلى الفلسطينيين. طالب وزير الحرب الموعود في آخر تصريحاته بإنزال عقوبة الإعدام ضد "المُخرّبين"، وعدم التردد في فتح النار في حال وجود عملية "إرهابية"، ووصف السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس (أبو مازن) أنها تخلف سياسي، واقترح تهديد رئيس حكومة حماس، اسماعيل هنية، بالموت في حال عدم إرجاع جثث الجنود المُختطفين خلال 48 ساعة. هذا الشيء بعيد جدًا عن الخط الذي سار عليه قائد الأركان في عهد يعلون. عملت قيادة الجيش كعنصر كابح، وساهمت تصرفات الجيش المتزنة تدريجيًا على تهدئة نار الصراع، بالتنسيق مع السلطة. ولولا انتهاج هذا النهج لكان هناك خطر زيادة الإرهاب وانهيار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أيضًا نتيجة لذلك. من الصعب التوقع كيف سيتصرف ليبرمان في ظروف شبيهة".
من ناحيته، قال المُحلل رون بن يشاي في موقع "يديعوت أحرونوت" إن "نتنياهو يُعّرض الأمن القومي للخطر" ، مضيفًا أن "العزل المتوقع لوزير الحرب الحالي موشيه (بوجي) يعلون وتعيين نائب الكنيست أفيغدور ليبرمان ليشغل منصبه هو خطوة عديمة المسؤولية يتخذها رئيس الحكومة"، وأردف "يُعرّض نتنياهو أمننا القومي بشكل كبير جدًا، وذلك لاعتبارات سياسية وخضوعًا لرغبة التيار اليميني القومي المُتطرف في حزبه فقط. تعيين ليبرمان بدلًا من موشيه يعلون هو أيضًا تصرف غير أخلاقي.. من المُلفت أن نعرف إذا كان نتنياهو، وعلى إثر سيل الانتقادات هذه، سيُصمّم على خطوته هذه وسينفذها فعليًا أو أنه سيندم في اللحظة الأخيرة".‎
وفي السياق نفسه، أشار محلل الشؤون الحزبية في القناة الثانية عاميت سيغل الى أن "نتنياهو فهم أن لا خيار لديه (بعد فشل المفاوضات مع هرتسوغ) وهذا أيضًا نتاج شتى محاولات الإقناع من مسؤولي الليكود الذين ضغطوا عليه لإعطاء حقيبة "الدفاع" لليبرمان وهم يريدون أيضًا حكومة يمين محصّنة لأن غالبيتهم - لنقل الحقيقة - يريدون رؤية بوغي يعالون يُركَل من وزارة الحرب. وليس هم فقط بل أيضًا نفتالي بِنِيت. مسؤول في حزب البيت اليهودي قال لنا الآن حان الوقت كي يطير يعالون من وزارة "الدفاع" متأخراً سنتين. وآريه درعي يريد ليبرمان وآخرون كُثر. وهكذا وصلنا إلى هذا الوضع".
الغضب تُرجم أيضًا على لسان عضو الكنيست من حزب الليكود بيني بيغين الذي أعرب عن استيائه من التعيين وانتقده بشدة، قائلًا إن "فكرة تعيين عضو الكنيست ليبرمان لمنصب وزير الأمن هي فكرة جنونية وغريبة. هذه الخطوة تمثل انعدام المسؤولية تجاه الجهاز الأمني و«الاسرائيليين». التأرجح السياسي بين المرشحين لضمهم إلى الائتلاف تدل على أن رئيس الحكومة يفضل تبديل الصعوبات اليومية بإدارة الائتلاف الضيق بصعوبات أكثر بعدة مرات، وبمخاطر من شأنها أن تنبع من هذا التعيين السيء".
على مستوى المقالات المطوّلة ، برزت أكثر من مقالة في "هاآرتس"، أحدها لجدعون ليفي جاء فيها أن "الحديث يدور عن اقتراح غير شرعي لأن ليبرمان هو شخصية غير شرعية في الأصل، حتى لو انتخب في انتخابات ديمقراطية. للمرة الأولى في تاريخ الديمقراطية يتحول خطر الفاشية الى أمر حقيقي وفوري. صحيح أن انتخاب مناحيم بيغن لرئاسة الحكومة أثار في حينه مخاوف مشابهة، وأيضًا تعيين اريئيل شارون وزيرًا للحرب، ولكن تلك الايام كانت ايام اخرى حيث كان للمجتمع حصانة وتوازن وكوابح. وقد تم القضاء على هذه منذئذ. والدولة توجد الآن في مواجهة من قد يضر بها الى درجة الدمار".
وتابع الكاتب "أمس حدث شيء ما في «اسرائيل» يُحظر الاستخفاف به ولو للحظة. مجرد الاقتراح على ليبرمان بأن يكون وزير الحرب الـ 18 لـ«اسرائيل» هو رفع علم أسود لم يسبق أن رفع مثله وتجاوز لخط احمر لم يسبق أن تم تجاوزه. أمس تم استكمال الموضوع الذي بدأ قبل نحو اربعين سنة. اليمين في الحكم، وبعد لحظة ليبرمان سيكون وزيرًا.. هل يجب أن نُذكر عمن يتم الحديث؟ اقتراح قصف سد السويس أو القول عن الرئيس المصري "ليذهب الى الجحيم" وموقفه التحريضي القائل إن "الارهاب" الفلسطيني هو جزء من الجهاد العالمي وأن "نحطم الصمت" هم "مرتزقة باعوا أنفسهم للشيطان" و"توجد حدود" وهم "كافو" وأن اعضاء الكنيست العرب يجب أن يحاكموا في محاكم نيرنبرغ. التذكير بالتحريض والتشهير وايضا الصرخة الاخيرة – بأن اليئور ازاريا بطلا؟ هل يجب التذكير بالحزب الفاسد حتى النخاع والشبهات الخطيرة ضده والتي هرب منها بسبب مستشار قضائي متهاون للحكومة؟... اذا كان ليبرمان، ليبرمان، فسنشتاق الى بنيامين نتنياهو. واذا كان ليبرمان، ليبرمان ستشتعل المناطق مثلما لم تشتعل أبدا. واذا كان ليبرمان، ليبرمان فان كل عرب «اسرائيل» سيتحولون الى أعداء. واذا كان ليبرمان، ليبرمان فلن يستطيع أحد الادعاء ضد الجنرال يئير غولان بسبب المقارنة التاريخية للاوقات المظلمة. سيكونون هنا والآن. ولكن اذا كان ليبرمان، ليبرمان، فان غولان لن يكون غولان و«اسرائيل» لن تكون «اسرائيل» . اذا كان ليبرمان، ليبرمان فان هذا المقال لن ينشر.. كنت دائما مع تمزيق الاقنعة عن وجه «اسرائيل». وأمس تم تمزيقها نهائيا، لكن الثمن قد يكون باهظا ولا يمكن تحمله. يجب تهيئة الملاجيء لأننا قد نحتاجها قريبا".
وفي "هاآرتس" أيضًا كتب أمير أورن تحت عنوان "مثل اللطمة على الوجه" ما يلي: من أجل البقاء في رئاسة الحكومة، نتنياهو على استعداد لأن يلقي بكل شيء الى الجحيم، بما في ذلك الحكومة، وهو يوجد له مساعدون مخلصون، كل الوزراء برئاسة رؤساء احزاب مثل موشيه كحلون ونفتالي بينيت، حيث ستعطي أصابعهم وزارة الحرب لليبرمان. لأن الحكومة وليس رئيسها هي التي تقوم بتعيين الوزراء، وبعدها فإن جميع أعضاء الكنيست الذين سيصوتون مع التعيين سيكونون شركاء".
وأدرف أورن "هناك شريك آخر، من كان حتى الاول من شباط الماضي المستشار القانوني للحكومة، يهودا فينشتاين، وقع على مسودة لائحة الاتهام الخطيرة ضد ليبرمان. وبعد ذلك تردد لأكثر من سنة وفي نهاية المطاف تراجع وأعلن عن اغلاق الملف واكتفى بالتوصية للجمهور بأن يحاكمه (وبعد ذلك عندما تمت تبرئة ليبرمان في قضية السفير، تراجع عن نيته الاستئناف). يمكن التوقع أن رد فينشتاين على " بشرى" ليبرمان في وزارة الحرب، قد سار أمس بين القشعريرة والشعور السيء، لكن التوقعات لا أهمية لها. ويجب على فينشتاين الذي صمت منذ مغادرته أن يخلع القفازات وأن يتحدث. وهكذا ايضا يجب أن يتصرف من أيد محاكمة ليبرمان، النائب العام السابق للدولة، موشيه لادور، ورئيس قسم التحقيقات والاستخبارات السابق في الشرطة، يوآف سغلوفيتش. لأن نتنياهو قد يقوم بتغيير رأيه اذا كان هناك احتجاج كبير، لا سيما من شخصيات أمنية وقانونية وكذلك الاستطلاعات والمظاهرات الجماهيرية".. لكن ليبرمان سيكون وزير الحرب القادم. وهو الشخص الذي ستكون أصابعه فوق الأزرار الحساسة جدًا. وهو الذي سيقرر وليس نتنياهو من سيكون رئيس هيئة الاركان القادم. وبدون موافقته لن يتم تعيين أي جنرال أو رئيس الاستخبارات العسكرية أو قائد سلاح الجو أو منسق الاعمال في المناطق وقائد المنطقة الوسطى، لأن هذه مناصب حيوية وهامة للمستوطنين. من المنطقي أن ليبرمان يطمح الى هذه القوة".
أما صحيفة «اسرائيل هيوم» فوضعت تعيين ليبرمان في "خانة الاستجابة للجمهور «الاسرائيلي» الذي اختار اليمين". وقال الكاتب ماتي توخفيلد إن "المرة الاخيرة التي فاجأ فيها نتنياهو بدخول أحد الاحزاب الدراماتيكي الى الائتلاف – دخول شاؤول موفاز وكاديما – حيث اعتبرته وسائل الاعلام الدولية "الملك بيبي". والآن فعل نتنياهو ذلك مرة اخرى، لكن يبدو أن العالم سيتلهف أقل من تعيين ليبرمان وزيرًا للحرب".
ولفت الى أن" نتنياهو كسب ما أراده وهو توسيع الحكومة، وعدم البقاء تحت رحمة أعضاء كنيست قلائل ينغصون حياته، والثمن الذي دفعه ليس باهظا بشكل خاص. يجب قول الحقيقة: دخول ليبرمان الى الحكومة ليس مشكلة وليس هذيانًا، بل العكس، بقاؤه في المعارضة هو الامر الغريب والضار. الآن جاء الاستخلاص بأنه قد حان وقت الاصلاح. إنه الائتلاف الذي أراد نتنياهو إنشاءه قبل سنة. مع حزب العمل – قبل تشكيل الحكومة – لم يجرِ اتصالات".
واعتبر الكاتب في «اسرائيل هيوم» أن "تعيين ليبرمان وزيرًا للحرب انتصار صغير لنتنياهو في سياق آخر"، وأردف "الرياح السيئة التي تهب في قيادة الجيش تزعجه منذ زمن. في الوقت الذي يعتبر فيه كل جنرال نفسه شاعرًا ويحلم بالورود، ويقوم وزير الحرب بالدفاع عنهم ولا يسمح بانتقادهم، وقد حان الوقت لإخراج أجواء المصالحة وإعادة روح الحرب الضائعة".
وختم ماتي توخفيلد "اذا كان نتنياهو وليبرمان المنتصرين الكبيرين، فإن الخاسريْن هما يعلون وهرتسوغ، اللذين يمكنهما الاحتجاج على أنفسهما. يعلون شد الحبل أكثر من اللازم، ولم يفهم أن الضباط رفيعي المستوى قد تجاوزوا الحدود. الجندي الذي يتجاوز الضوابط والأوامر ليس قاتلًا، والمجتمع «الاسرائيلي» لا يمكن مقارنته بأيّ شكل من الاشكال بالمجتمع الالماني في الثلاثينيات".

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة