أمن دمشق يتعزز: بدء إخلاء داريا


أمن دمشق یتعزز: بدء إخلاء داریا

على الطريقة الحمصية، وفي سيناريو مطابق لما جرى في حمص القديمة، خرجت أمس عشر حافلات تحمل نحو 370 مسلحاً بالإضافة إلى عشرات العائلات من مدينة داريا في الغوطة الغربية، وانقسمت إلى قسمين، قسم توجه إلى إدلب والآخر قصد قرية حرجلة الخاضعة لسيطرة الجيش السوري في الغوطة الغربية، ليتم منها توزيع العائلات على دور إيواء عدة.

حشود عديدة ووسائل إعلام رافقت المرحلة الأولى من عمليات الإخلاء، لما لداريا من أهمية استراتيجية وتاريخية بالنسبة للحرب السورية، فإضافة إلى كونها قلب الغوطة الغربية ونظراً لقربها من مطار المزة العسكري، فإن المدينة تمثل «ايقونة» بالنسبة للمسلحين في سوريا، كونها شهدت أطول معركة في تاريخ الحرب السورية استمرت منذ منتصف العام 2012 إلى أن تم توقيع الاتفاق بين الحكومة السورية والمسلحين، أمس الاول، لتبدأ بذلك رحلة المقاتلين إلى خارج المدينة.

ولوحظ خلال عمليات إخلاء الدفعة الأولى من المسلحين والعائلات دخول بعض سيارات الإسعاف التي قامت بنقل عدد من المرضى، في حين سُمح لكل مقاتل بأن يحتفظ بسلاحه الفردي، على أن يتم تسليم الأسلحة الثقيلة للجيش (بينها دبابة وعربة مدرعة).

كذلك قام مسلحو المدينة الذين ينتمون لـ «جبهة النصرة» و «لواء شهداء الإسلام» وفصيل ثالث محلي، بإحراق عدد من المقار التي أخلوها، ما تسبب بغيمة دخانية سوداء غطت بعض أجزاء المدينة.

وبرغم عودة داريا إلى قبضة الحكومة السورية وبالتالي تقوية خاصرة العاصمة الممتدة نحو ريفَي درعا والقنيطرة في الجنوب السوري، إلا أن آثار الدمار الكبيرة بدت واضحة في المدينة لتشهد على عنف المعارك التي دارت بداخلها، وقد قدّر مصدر ميداني نسبة الدمار بأكثر من 70 في المئة، نسبة ستأخذ وقتاً طويلاً قبل إعادة المدينة الى الحياة.

وإذ استبعد المصدر، خلال حديثه لـ «السفير»، السماح بعودة السكان الذين كانوا قد نزحوا من المدينة على دفعات عدة خلال السنوات الثلاث الماضية، إلا انه أوضح أن اتفاق داريا «سيشكل نقلة نوعية في الحرب السورية، وخصوصا في محيط العاصمة والمنطقة الجنوبية».

وأشار إلى أن عودة المدينة الى كنف الدولة السورية «سيفتح الباب على مصالحات عديدة في محيط العاصمة، حيث يجري التحضير لاتفاق مشابه في معضمية الشام المحاذية لداريا، كذلك من المنتظر أن تمتد هذه التسويات إلى مناطق قد تشمل في مراحل متقدمة عاصمة مسلحي جيش الإسلام، دوما، في الغوطة الشرقية».

وجاءت هذه التطورات في وقت يحاول فيه مسلحو «جيش الإسلام» عرقلة تقدم قوات الجيش السوري في محيط دوما، وخصوصاً في منطقة الريحان التي باتت نقطة الفصل بين مواقع قوات الجيش السوري ومدينة دوما، ما يعني أن المدينة ستصبح محاصرة من قبل الجيش وتحت نيرانه بشكل مباشر بعد انجاز عملية «الإطباق» على جميع المحاور، وهو ما سيفضي في النهاية إلى تسليم المدينة للجيش السوري وفق اتفاق مشابه لما يجري الآن في داريا، وجرى سابقا في حمص القديمة.

وتعتبر القيادة السورية استعادة مدينة داريا انتصاراً كون الخطوة جاءت لتكلل عملية عسكرية طويلة ومعقدة، إضافة إلى أنها تعني قطع خطوط امداد المسلحين نحو الحدود الأردنية وعزل العاصمة دمشق وتحصينها بوجه مسلحي درعا والقنيطرة، على أن أهم نتائج استعادة داريا تتمثل في تخليص سكان مدينة دمشق من أحد أبرز مصادر إطلاق الصواريخ التي كانت تتساقط عليها.

وبانتظار استكمال مراحل إخراج المسلحين وبقية العائلات من المدينة، تعول مصادر أمنية على تسوية أوضاع عدد كبير من مسلحي داريا الذين تعبوا من القتال، خاصة أنهم يرون في انتقالهم إلى إدلب، استكمالاً لحرب أنهكتهم، إضافة إلى كون ريف إدلب يخضع لسيطرة «جبهة النصرة» و»أحرار الشام»، وهما فصيلان يختلف معهما نسبة من مسلحي داريا، وهو أمر دفع بالبعض منهم لطلب نقلهم إلى ريف درعا، غير أن طلبهم تم رفضه في النهاية.

لا شك أن استعادة مدينة داريا يشكل نقطة تحوّل مهمة في محيط العاصمة دمشق، خاصة أن خروجها من سيطرة المسلحين يعني الانهيار الكامل لنظرية «المناطق المحصّنة» في محيط العاصمة، وهو الأمر الذي سيؤكده العلم السوري العائد ليرفرف في مركز المدينة، وسط دمار من كل حدب وصوب، وذكريات لعشرات المعارك.

المصدر: السفير

/ انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة