كيف نعالج التطرف؟

کیف نعالج التطرف؟

ردا على سؤال لوكالة تسنيم، أرسلت الباحثة والكاتبة الكويتية، ايمان شمس الدين للوكالة ورقة حول التطرف ذكرت فيها محاولات علاجية للتطرف.

وكتبت شمس الدين أفكارا علاجية أبرزها :

إعادة الدور لمرجعية القرآن المعرفية للتأسيس لنظرية دولة ونظريات اجتماعية تعددية يديرها قيم كالتعايش والتسامح، وهو ما يحتاج تظافر جهود العلماء والنخب في رسم خارطة طريق تتناسب والزمان والمكان وتعيد النظر في مناهج التفكير، وترتيب مصادر المعرفة وفق أولوية تجعل من القرآن قائدا معرفيا ومن العقل قارئا محوريا لتلك المعارف. لإنضاج رؤية حيوية قادرة على حل إشكالية التطرف وإعادة الحياة للتعدد وقيم التسامح والتعايش.

- تنضيج الفكر المقاصدي وإعادة النظر في دوره الهام في فهم الدين ومحاولة عمل مراجعات لما طرح في هذا الصدد لتثويرها وتنضيجها وبلورتها دون الوقوع في مخاوف المساس بأسس الشريعة وثوابتها.

- أهمية ترشيد الاعلام من قبل الدولة ليس بتقنين ما يكمم الأفواه ويقمع الحريات ولكن بتقنين ما ينهض بالقيم ويرسم معالم الاختلاف النظيف الذي يثري حالنا لا أن يرثيها. وهنا يحتاج جدية من قبل القائمين على إدارة الاعلام في الدول لرسم سياسات قابلة للتطبيق تكبح جماح الفتنويين وتفصل التاريخ العقدي عن السياسة ومتطلبات حسن الجوار . فلا يعقل أن يتعاطى السياسيين بدبلوماسية فائقة ، تقرب وجهات النظر وتبني جسور التواصل بين البلدان ، ثم تحت عنوان حرية الرأي يأتي الاعلام لهدم تلك الجسور وبناء جدر صد تفصل وتعزل الشعوب عن بعضها البعض بسبب العصبيات القاتلة لكل إبداع بشري ولمحاولات التواصل. وهذا يتطلب حزما في تطبيق القوانين.

- دور النخب في قيادة المجتمعات نحو النهوض وتجسير العلاقات جغرافيا بطريقة تقربها عقليا وعاطفيا على قواعد اشتباك تقلل من مساحات الخلاف لا الاختلاف. فلا يمكن استمرار النخب في قيادة الأزمات واللعب على وتر العصبيات بحجة الدفاع عن العقيدة وممارسة دور جنود الله. إن الانحدار في هذا الدور عبر التاريخ حرق النخب والشعوب ومكن الأنظمة الفاسدة والمستبدة من التحكم بالعباد والبلاد .

- معالجة اسباب تفشي العصبيات معالجة جذرية معرفية ومحاولة نشر قيم التعايش والتسامح وتسليط الضوء على اثرها في الاستقرار الأمني والاجتماعي والنهضة الثقافية والتنمية البشرية من خلال الجلوس سويا والسماع لبعضنا البعض. لم تعد تجدي مؤتمرات الوحدة وندوات يحضرها فقط المقتنعين بها وبما يطرح بها ، على الدول أن تحول مشاريع عمل التقريب وتوصيات التعايش إلى قوانين حقيقية، ففي ٢٧/ يناير / 2016 عقد مؤتمر في مدينة مراكش حضره 300 شخصية علمائية ومفكرة وصدر عنه "إعلان مراكش" اعتمد على صحيفة المدينة في التعامل مع الأقليات الدينية في العالم الإسلامي ، وبدأت ترجمة  توصيات المؤتمر بدعوة ملك المغرب وزارة التربية والتعليم المغربية لمراجعة مناهج التعليم وتخليصها من كل ما يدعو إلى التطرف والتكفير . وهذه خطوة إيجابية تتبناها أعلى سلطة في الدولة ومن ثم تتحول لقوانين تسري وتدريجيا تطبق ويتقبلها المجتمع.

وأضافت: ونحن واقعا بحاجة لخطوات عملانية كهذه من كل دول الجوار ، فلا يعقل أن أمد يدي للآخر وأدعوه للتعايش والتسامح وتراثي يمتلئ بتكفيره وبالتعدي على رموزه ، ومؤسساتي العلمية تتبنى قتل المخالف أو شتم رموزه أو تمارس دور الله في ادخال فلان إلى الجنة وفلان إلى النار.

- أهمية التركيز على خلو مناهج التعليم من الفكر المتطرف من خلال عمل مراجعات تاريخية لتوثيق نشأة هذا الفكر ومحاولة تضعيفه علميا لتخليص المناهج التربوبة من كل آفاته، وهذا يتطلب جهد نخب باتجاه السلطات في كل دولة ودعم قراراتها بقوننة تكون قادرة على فرض تطبيقها حفاظا على الاستقرار الاجتماعي الذي هو واقعا جزء من استقرار الأوطان.

وهذا يدعونا الى جلسة جادة من كافة الأطراف إلى مراجعة التراث من قبل المتخصصين مراجعة قائمة على أسس علمية ، وتستعين بالمناهج الحديثة في نقد التراث وتمحيصه .

هذا فضلا عن ضرورة النهوض بمبدأ المواطنة التي تتطلب تطبيق القانون بالتساوي على الجميع وليس على أساس مذهبي أو طائفي . وهذا يتطلب إنشاء مراكز تفكير تضم نخب من المفكرين والعلماء المعتدلين من كافة الأطراف للنهوض بمشروع دولة حقيقي .

- الشفافية والوضوح والصدق في معالجة القضايا الاشكالية بعيدا عن المجاملات الدبلوماسية والمصالح السياسية، وعدم القفز على  الاشكاليات الحقيقية حتى لا تتفاقم وتتحول الى آفات مزمنة مع التقادم.

- الاستفادة من دول الجوار بشكل موضوعي ، خاصة إذا كانت تجربتها رائدة ومفيدة ، فإيران اليوم قدمت نموذجا مهما في حل أعمق الإشكاليات مع أعدائها عبر الحوار ، وأثبتت أن الحروب والفتن لا يمكنها أن تفرض رؤى أحادية على أحد ، وقدمت نموذجا في الحوار المتكافئ القائم على احترام السيادات وعدم فرض آراء من موقع الاستكبار والعلو .

- اليوم تأخذ الخلافات بين إيران ودول الجوار بعدا مذهبيا ، أو قوميا خطيرا يستلهم من التاريخ العقدي كل وقوده ليشعل نيران الخلاف ، والمطلوب واقعا فصل هذا الخلاف عن التاريخ وإبقائه في دائرته السياسية فقط ، وهو ما يتطلب تداعي الشخصيات المؤثرة وكل مؤسسات المجتمع المدني والهيئات الحوارية والحركات الاسلامية والمؤتمرات القومية والعربية من أجل بذل الجهود لتشكيل رأي عام عربي وإسلامي رافض لاندلاع أية مواجهة جديدة في المنطقة تحت أي عنوان وإبقاء الخلافات في الاطار السياسي وعدم اتخاذها بعدا مذهبيا او قوميا.

 /انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة