آية الله السيستاني غير راضٍ عن الأوضاع الراهنة ..عودة الإخوة الصدريين للتحالف ستمکّنهم من تفعيل برامجهم الإصلاحية


آیة الله السیستانی غیر راضٍ عن الأوضاع الراهنة ..عودة الإخوة الصدریین للتحالف ستمکّنهم من تفعیل برامجهم الإصلاحیة

أكد رئيس التحالف الوطني العراقي "أنّ توجيهات المرجعية الرشيدة في العراق لها دور أساسي ومصيري في العملية السياسية بعد انهيار الحكم الدكتاتوري البائد وأن أعضاء هذا التحالف يعتبرون أنفسهم مكلّفين بتنفيذ جميع أوامر هذه المرجعية التي كانت وما زالت نبراساً منيراً يضيء الطريق للعملية السياسية ولا سيّما للتحالف الوطني.

هذا وأجرى مراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء حوار خاصّاً مع السيّد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق تمحور حول عدّة مسائل أساسية على الساحة العراقية ومواقف التحالف الوطني إزاء بعض الملفات الهامّة.

وفي مايلي تنشر وكالة تسنيم النص الكامل للمقابلة مع السيد الحكيم: 

تسنيم: تمّ انتخابكم رئيساً للتحالف الوطني العراقي الذي يعتبر أكبر تكتّل سياسي شيعي في بلدكم، فيا ترى ما هي العوامل التي أدّت إلى هذا الاتفاق من قبل التحالف الوطني لتوليكم منصب الرئاسة ؟

السيد عمّار الحكيم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أتقدم بالشكر الجزيل على لطفكم، وأعزيكم بمناسبة حلول شهر محرم الحرام، شهر الجهاد والصمود والعزاء لسيّد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)، وأسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً من أنصاره والسائرين على نهجه.

وأمّا بالنسبة إلى سؤالكم فأودّ أن أخبركم بأنّ اختياري كرئيس للتحالف الوطني الذي هو أكبر تكتّل نيابي في العراق قد تم بالإجماع من قبل أعضائه لكي أتمكّن من العمل على تحقيق وحدة وانسجام بين مختلف مكوّناته ورفع كفاءته. وهنا أودّ أن أتقدّم بالشكر الجزيل للمساعي الحثيثة لرئيسيه السابقين المرحوم سماحة السيّد عبد العزيز الحكيم (رحمه الله) والأخ العزيز سيادة الدكتور إبراهيم الجعفري حفظه الله، وأسأل الله تعالى بأن يوفّقني للعمل على تحقيق الأهداف المرجوّة.

تسنيم : بعد انتخابكم لهذا المنصب، ما هي البرامج التي ستضعونها والإجراءات التي ستتخذونها لأجل توحيد صفوف التحالف الوطني؟

السيّد عمّار الحكيم: أشكركم على هذا السؤال الهام. بعد الاستشارات مع الإخوة الأعضاء في التحالف الوطني، فقد تقرّر أن يكون برنامج العمل على صعيد اتخاذ القرار في ثلاثة لجان مختصّة، هي مجلس قيادة التحالف والمجلس السياسي والجمعية العامّة، وبالفعل فقد عقدت اجتماعات وما زال العمل متواصلاً على هذا النسق لأجل التنسيق في أداء التحالف الوطني؛ إضافة إلى ذلك فقد قرّرنا تقسيم المهام على أساس فرق عمل خاصّة بالملفات المعنية، أي أنّ كلّ عضوٍ يتولّى مهمّة الإشراف على أحد الملفّات الخاصّة مثل ملفات البرلمان والحكومة والمجالس المحلية ومجالس المحافظات، وكذلك تدوين السياسات العامّة للتحاف، والإعلام والملفّات الأمنية والحشد الشعبي وسائر المجاميع الشعبية، وأيضاً الملفّات الاقتصادية والخدمات والانتخابات.

هذه الملفّات الخاصّة تتمّ متابعتها بواسطة فرق عمل مشترك يتمّ تأسيسها من قبل المسؤولين عنها، وهؤلاء المسؤولون يخضعون لرقابة التيارات السياسية الثمانية التي يتكوّن منها التحالف الوطني، حيث توضع الخطط والسياسات العامّة للملفّات ذات الصلة لأجل يعتمد عليها كخارطة طريق له؛ ومن هذا المنطلق سوف يتحقّق انسجام كامل بين جميع الأعضاء بإذن الله تعالى.

تسنيم: في الآونة الأخيرة شهدت الساحة العراقية مظاهرات مناهضة للحكومة من قبل التيار الصدري بهدف محاربة الفساد في دوائر الدولة. يا ترى هل يؤيد المجلس الأعلى الإسلامي هذه المظاهرات أو أنّه يدعو الشعب إلى المطالبة بحقوقه عن طريق المراجع القانونية بعيداً عن الاضطرابات؟

السيّد عمّار الحكيم: تيّار السيّد مقتدى الصدر هو في الحقيقة أحد التيّارات الأساسية في التحالف الوطني، وبفضل الجهود التي بذلها التحالف تمكّنا من إعادته إلى صفوفه من جديد.
من المؤكّد أنّ عودة الإخوة الصدريين إلى أحضان التحالف الوطني ستمكّنهم من تفعيل برامجهم الإصلاحية في رحاب هذا التحالف بأسهل الطرق.

التحالف مستعد للاستجابة إلى جميع البرامج الإصلاحية الهامّة في مجال أداء الحكومة العراقية ومكافحة الفساد الإداري، وهذا الأمر مطلب تؤكّد عليه المرجعية الدينية والشعب والتيارات السياسية والمجتمع المدني في العراق، كما أنّه على أهبة الاستعداد لاتخاذ الإجراءات اللازمة ومتابعة هذه القضايا في ظلّ الدستور والقوانين المعتبرة.

تسنيم:  نظراً لكون العراق يعاني اليوم من فساد اقتصادي بحيث تزايدت الدعوات من قبل الشعب والمرجعية الدينية لمكافحة هذا الفساد، فما هو برنامجكم لمكافحة هذه الظاهرة السلبية؟ وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ بعض وسائل الإعلام الإقليمية تستغلّ هذه الظاهرة السلبية بأسوأ ما يكون للتعدّي على الشيعة في العراق وزعم أنّهم غير كفوئين لقيادة البلاد. فما هو رأيكم بذلك ؟

السيّد عمّار الحكيم: لا شكّ في أنّ مكافحة الفساد هي هدف أساسي للتحالف الوطني ومدرجة ضمن جدول أعماله، وكما ذكرت آنفاً فإنّ التحالف الوطني باعتباره أكبر تكتّل في البرلمان العراقي وفي الحكومة أيضاً، فهو يتحمّل عبئاً ثقيلاً على صعيد تفعيل عملية مكافحة الفساد، لذا فهو بحاجة إلى إقرار برنامج مدّون عام وشامل من شأنه أزاله الكثير من العقبات الموجودة والمساعدة على بيان مختلف القضايا بشفافية تامة.

تسنيم: المرجعية الدينية في العراق كانت لها مواقف سياسية تُعلن عنها في خطب صلاة الجمعة بواسطة ممثليها، حيث كانوا يذكرون نقاط الضعف في هذا الصدد، ولكنّها لماذا التزمت جانب الصمت اليوم في هذا المجال ؟ إذ نلاحظ أئمّة صلاة الجمعة لا يتطرقون إلى القضايا السياسية في خطبهم؟ وبعبارة أخرى فمراجع التقليد اليوم كيف يبلغون الساسة في الحكومة العراقية بآرائهم على الصعيد السياسي ؟

السيّد عمّار الحكيم:لا شكّ في أنّ توجيهات المرجعية الرشيدة في العراق والتي تتبلور في شخصية آية الله العظمى السيّد علي السيستاني (دام ظله) لها دور أساسي ومصيري في العملية السياسية في العراق بعد انهيار الحكم الدكتاتوري البائد، وهي كانت وما زالت نبراساً منيراً يضيء الطريق للعملية السياسية ولا سيّما للتحالف الوطني، لذا فأعضاء هذا التحالف يعتبرون أنفسهم مكلّفين بتنفيذ جميع أوامر هذه المرجعية الرشيدة.

السيّد علي السيستاني (دام ظله) يطالب الساسة العراقيين ببذل قصارى جهودهم لمكافحة الفساد وتقديم الخدمات للشعب، كما أنّه غير راضٍ بتاتاً عن الأوضاع الراهنة، ومن هذا المنطلق فإنّنا بحول الله تعالى وقوّته سوف نبذل الغالي والنفيس في التحالف الوطني لأجل تنفيذ أوامره التي هي في الحقيقة مطالب أساسية للشعب العراقي، ونأمل أن نكسب رضاه، وبطبيعة الحال فإنّ هذا الهدف لا يتحقّق إلا على ضوء برنامج شامل ومدروس.

تسنيم: ما هو برنامج التحالف الوطني للانتخابات المقبلة ؟ وهل هناك احتمال بتولّي السيّد نوري المالكي لزمام الأمور من جديد ؟

السيّد عمّار الحكيم: من المؤكّد أنّ العملية الانتخابية تحظى بأهمية بالغة وهي مصيرية بالنسبة إلى الشعب العراقي لكون النظام الديمقراطي في العراق قائم عليها، لذا ونظراً لتلك الهجمة الشعواء الواسعة النطاق والمدعومة من قبل قوى داخلية وخارجية والتي ترمي إلى تشويه صورة الساسة الإسلاميين في بلدنا، فالحاجة ماسة لتوحيد صفوفنا وتحقيق أعلى مستوى من الانسجام والتكافؤ بين القوى السياسية. أضف إلى ذلك حتى وإن أغلق الملف العسكري للإرهاب في مواجهة الزمر الإرهابية الداعشية، فالعراق قطعاً سوف يواجه تحديات سياسية وأمنية واقتصادية وكذلك ثقافية مما يقتضي وضع برنامج شامل وواسع النطاق بحيث تنعكس نتائجه بشكل مباشر وغير مباشر على الانتخابات مستقبلاً؛ لذا سوف نحثّ الخطى ونتكاتف في التحالف الوطني بغية تحقيق انسجام أكثر قبل الانتخابات المقبلة، وبالفعل فقد تمّ تشكيل لجنة خاصّة على هذا الصعيد. وأمّا بالنسبة إلى من سيكون مرشّحاً عن تحالفنا في الانتخابات المقبلة، فهذا الأمر يرتبط بنتائج الانتخابات والتوازن السياسي الذي سيحصل بين مختلف المكوّنات السياسية بعد إعلان نتائج الانتخابات المقبلة.

تسنيم: ما هو موقفكم تجاه وزير الدفاع وبعض وزراء حكومة السيّد حيدر العبادي ؟ ويقال إنّ عزل بعض الوزراء عن مناصبهم كان لأغراض سياسية وتصفية حسابات ولا يرتكز على أُسس قانونية.

السيّد عمّار الحكيم: كما تعلمون فإنّ نواب البرلمان لهم صلاحية الإشراف على أداء مختلف الوزارات في الدولة، وبالطبع مهما كان هذا الإشراف صائباً ومستنداً إلى الدستور والقوانين الرسمية فسوف تكون نتائجه بناءة أكثر وإيجابية؛ ونحن بدورنا نؤيد هذا الحق القانوني لجميع النواب تأييداً تامّاً، ولكن المسألة الجديرة بالذكر هنا هي أنّ بلدنا اليوم يخوض حرباً مع أقسى أعداء البشرية من الإرهابيين كما أنّ الأوضاع الاقتصادية بعد انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها قد أصبحت متأزّمة للغاية، ناهيك عن أنّ عملية إشراف نواب البرلمان على الوزراء لا تقتصر على الاستجواب فحسب، بل أولاً لا بد من حضور الوزير في اللجان ذات الصلة لطرح آرائه وملاحظاته حول الشبهات التي أثيرت حول أدائه حيث يخبر النواب الذين تم تعيينهم في اللجنة المختصة بقضيته بما يكتنف القضية وبيان شتى ملابساتها، فإذا لم يقنعهم بآرائه ولم يتمكن من إزالة الغموض حينها يتمّ الاعتماد على منافذ قانونية أخرى لمتابعة الموضوع وبما في ذلك الاستجواب في البرلمان؛ وهذه العملية القانونية برأيي لم تجر بالنسق المذكور لدى قيام بعض النواب باستجواب الوزيرين المشار إليهما.

تسنيم: متى ستبدأ عمليات تحرير الموصل برأيكم ؟ وما هي القوات التي ستشارك في تحريرها ؟ وهل ستشارك القوات الأمريكية في هذه العمليات ؟

السيّد عمّار الحكيم:عمليات تحرير الموصل ستنطلق في القريب العاجل إن شاء الله تعالى، ولكن ساعة الصفر لها ستحدد بواسطة رئيس الوزراء باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، لذا لا يمكن لأحد إعلان أي تأريخ آخر سوى ذلك التأريخ الذي يحدده السيّد حيدر العبادي.

محافظة نينوى مساحتها كبيرة جداً كما أنّ سكنتها ينحدرون من قوميات عديدة ويعتنقون ديانات مختلفة، لذا فهذه العمليات سوف تكون واسعة النطاق وأيضاً هي آخر عمليات عسكرية رسمية مع إرهابيي داعش مصاصي الدماء؛ ومن ثمّ فالضرورة تقتضي تحشيد جميع القوى العسكرية في العراق لتنفيذها وبما فيها قوات الجيش والشرطة الاتحادية والحشد العشائري في الموصل والحشد الشعبي والبيشمركة وقوات مكافحة الإرهاب، ونأمل بأن تحقق نتائجها المرجوة في أسرع وقت ممكن رغم أنّها ستكون حرباً ضاريةً في غاية الضراوة.

وأما بالنسبة إلى دور القوات الأمريكية وسائر القوى الأجنبية، فهو سيقتصر على الجانب الاستشاري والدعم الجوي فحسب، لذا سوف لا يسمح لأية قوات برية أجنبية بالتدخل في معركة الموصل المرتقبة، ومن المؤكد أنّ التحالف الوطني سيبذل جهوده لتحقيق هذا الهدف الهام.

تسنيم: هناك تقاير مسربة تشير إلى وجود تعاون بين الأمريكان والأكراد العراقيين وخطة عمل مشتركة بينهم لتحرير الموصل، فيا ترى ما مدى صحة هذه الأخبار ؟ وهل أنّ الحشد الشعبي سيشارك في عمليات تحرير الموصل ؟

السيّد عمّار الحكيم: حسب علمنا وطبقاً للتقارير التي حصلت عليها الحكومة العراقية، فإنّ جميع التنسيقات لعمليات تحرير الموصل قد أجريت تحت إشراف الحكومة المركزية والقيادة العامّة للقوات المسلحة، كما عقدت اجتماعات بين ثلاثة أطراف بحضور كبار الضباط والمسؤولين المعنيين.

وأما بالنسبة إلى مشاركة الحشد الشعبي في هذه العمليات، فالقيادة العامّة للقوات المسلحة أعلنت بأنّ الحشد الشعبي سيكون له حضور فاعل كما ذكرت في الإجابة عن السؤال السابق.

تسنيم: بما أنّ العراق هو أحد البلدان التي لها كلمتها في المنطقة، ولكننا مع ذلك لا نلمس له دوراً فاعلاً في التطورات التي تشهدها الساحة الإقليمية، فهل هذا يعني وجود ضعف في المنظومة الدبلوماسية العراقية أو هناك أسباب أخرى أسفرت عن ذلك ؟ يرى الخبراء أنّ العراق وسوريا ومصر وبالتعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بإمكانها تشكيل تحالف قوي في المنطقة، فيا ترى ما هي الخطوات التي اتخذتها الحكومة العراقية على هذا الصعيد ؟

السيّد عمّار الحكيم: كما تعلمون فالعراق منذ لحظة سقوط نظام الدكتاتور صدام وإلى يومنا هذا يعاني من حرب إرهابية شعواء لا توقف لها، وهي حرب شاملة ومتواصلة، والهدف من ورائها بطبيعة الحال هو استنزاف قدرات بلدنا وإنهاكه من جميع النواحي قدر المستطاع؛ ولكن رغم هذه المصاعب الجمّة فقد وضعت الحكومة الجديدة برامج استراتيجية أساسية بغية تفعيل العلاقات الخارجية وإحياء الدور المؤثّر للعراق في شتى المجالات، حيث تمّ اتخاذ إجراءات عملية نأمل بأن تثمر قريباً.

القضية السورية هي إحدى أهم القضايا الإقليمية وكل ما يحدث في هذا البلد فهو يلقي بظلاله على العراق وأمنه بشكل مباشر، لذا لا يمكن للحكومة العراقية أن تلتزم جانب الصمت إزائها، ومن المؤكّد أنّ غرفة العمليات التي تمّ تأسيسها بمشاركة روسيا والجمهورية الإسلامية والعراق وسوريا تعد خطوة في غاية الأهمية، ومستقبلاً يمكن توسيع نطاق هذه الغرفة المشتركة.

تسنيم: ما هو موقف المجلس الأعلى الإسلامي في العراق بالنسبة إلى دور السفير السعودي في العراق والذي تدخل مراراً في الشؤون الداخلية في العراق وأثار سخط واعتراض الشارع العراق ومختلف التيارات السياسية ؟

السيّد عمّار الحكيم: الحكومة العراقية هي التي تتولّى بشكل رسمي مهمة تقييم أداء سفراء الدول الأجنبية واتخاذ القرارات المناسبة بشأنهم وفقاً للبروتوكولات الدولية المتفق عليها، ومن المؤكّد أنّ جميع المكونات السياسية والقنصليات الأجنبية في العراق مكلفة باحترام القوانين الداخلية والدولية على حد سواء، ولا شكّ في أنّ الحكومة العراقية سوف تتخذ الإجراءات اللازمة على هذا الصعيد.

/انتهي/ 

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة