مطالبنا ليست لطائفة معينة بل للوطن وجميع أبنائه

مطالبنا لیست لطائفة معینة بل للوطن وجمیع أبنائه

أكد الناشط السياسي البحريني هاشم سلمان ان النظام في البحرين اليوم يمارس الضغوط على الحسينيات والخطباء ورؤساء المآتم والمواكب وتستدعي العلماء والخطباء لمجرد إلقاء كلمة تتحدث عن مظلومية الإمام الحسين (ع) مضيفا بأن مطالب الشعب البحريني ليست لطائفة معينة بل للوطن وجميع أبنائه.

بدأت الثورة البحرينية في 14 فبراير عام 2011 بتظاهرات وحراك سلمي لقوى المعارضة، تطالب فيها بتغييرات ديمقراطية وإصلاحات سياسية، كإقامة الملكية الدستورية عن طريق صياغة دستور جديد للمملكة، يتم بموجبه انتخاب الحكومة من قِبَل الشعب، على غرار الديمقراطيات العريقة، بدلًا من النظام الحالي الذي ينتخب بموجبه برلمان له سلطات محدودة، وطالب المشاركون في المظاهرات بدستور عقدي وبإسقاط دستور 2002، الذي أقره الملك البحريني بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني في فبراير 2001.

لم تبالِ الحكومة بالمسيرات والمطالبات الثورية، بل اتخذت إجراءات أمنية للتضييق على المتظاهرين، وهو ما ضاعف من أعدادهم، ودفع المتظاهرين إلى ارتداء الأكفان، وبدأت "مظاهرة الأكفان"، وبعدها مظاهرات ومسيرة بالسيارات، ومنها إلى مظاهرات مليونية، ثم جمعة الغضب. واستمرت هذه المظاهرات بتعدد أشكالها السلمية حتى يومنا هذا.

أثناء الثورة وبعدها تعرضت التنظيمات السياسية والشخصيات المعارضة لضربات أمنية كثيرة خلال مسيرتها، حيث سنت الحكومة قوانين في ملاحقة أي منتقد حتى لأداء البرلمان، فهي تلاحق المغردين، والتهمة الجاهزة دائمًا هي التحريض على كراهية النظام أو إهانة هيئة نظامية، وهو ما حدث مع قيادات جمعية الوفاق البحرينية المعارضة؛ كونها من أقوى حركات المعارضة في البلاد، حيث تم اعتقال أمينها العام، علي سلمان، ووجهت إليه ظلماً وجوراً المحكمة تهمة التحريض العلني على النظام الدستوري للبلد ، وحكم عليه بالسجن لمدة 9 سنوات تعسفاً .

ويستمر النظام بممارسة كل أشكال العنف ضد المواطنين السلميين، فشرع بإسقاط الجنسية عن المشاركين في المظاهرات، ليشكل ذلك ورقة ضغط قوية، كذلك عمد الى اعتقال الأطفال وزجهم بالسجون تحت ظروف قاسية، واليوم وفي ذكرى عاشوراء وحيث بادر المواطنون لاحياء المناسبة، كانت السلطة أسرع منهم بالاجراءات الظالمة وتهديدهم وترويعهم، حتى منعت عليهم نشر الرايات السوداء فوق منازلهم، باعتبار ان ذلك يهدد الامن القومي! 

استعراضا لهذا الواقع المؤلم الذي يعيشه فئة كبيرة من المواطنين البحرينيين كان لوكالة تسنيم الدولية للأنباء لقاءً جامعا مع الناشط السياسي البحريني هاشم سلمان تم التطرق فيه الى مختلف العناوين وعرض آخر المستجدات على الساحة البحرينية.

وكالة تسنيم الدولية للانباء:الاضطهاد الطائفي الذي يمارسه النظام بحق شعب أعزل وشعب خرج بالمطالبة بالإصلاح والمساواة بين أطياف الوطن ونحن في محرم كيف يقضي الشعب أيام عاشوراء في ظل هذا القمع؟

هاشم سلمان : منذ أن خرج شعب البحرين بثورته الإصلاحية والتي تطالب بحقوق المواطنة المتساوية والحق في حرية الرأي والتعبير والمشاركة في صنع القرار كما كفله ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين والعهود والمواثيق الدولية التي صادقت عليها مملكة البحرين، منذ ذلك الحين والسلطة تحاول اللعب على الوتر الطائفي وتحويل الحراك الإصلاحي إلى طائفي، إلا أن وعي المعارضة وعلى رأسها الجمعيات السياسية أفشل مثل هذه الخطوات لاداراك المعارضة بأن الدخول في نفق الطائفية يعني ضياع المطالب، لذلك تقدمت المعارضة بوثائق توضح المطالب التي تتوافق مع كل المواثيق والعهود الدولية منها وثيقة المنامة ووثيقة اللاعنف ووثيقة "لا للكراهية"، وطالبت المعارضة بعدم التمييز كما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر.

وحين أدركت السلطة بأنه من الصعوبة خلق بؤرة للتوتر الطائفي بين أبناء المجتمع سوى بعض الأصوات النشاز التي لم يلتفت لها أحد، قامت بغلق جميع الجمعيات الإسلامية ذات النشاط الثقافي أو السياسي التي يرأسها ناشطون من الطائفة الشيعية وعلى رأسها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية أكبر فصيل معارض في البحرين، ثم أغلقت مكتب البيان التابع لآية الله الشيخ عيسى قاسم وحجزت أموال الخمس الشرعية التي يستلمها من المكلفين الذين يؤدون الخمس باعتباره فريضة شرعية خالصة، إلا أن السلطة اتهمت فضيلة الشيخ عيسى قاسم باستخدام غسيل الأموال وهو اتهام خطير لأكبر شخصية في الطائفة الشيعية في البحرين.

واليوم تمارس الضغوط على الحسينيات والخطباء ورؤساء المآتم والمواكب وتستدعي العلماء والخطباء لمجرد إلقاء كلمة تتحدث عن مظلومية الإمام الحسين (ع)، وهو خرق واضح للدستور الذي يؤكد في المادة 22 على أن حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دُور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقا للعادات المرعية في البلد. اليوم لم يعد هناك أي أمان لأي شخص يقوم بإحياء الشعائر الدينية التي يجرّم الدستور التضييق عليها.

وكالة تسنيم الدولية للانباء :جمعية الوفاق هي جمعية وطنية إسلامية كانت درعا قويا للثورة، كانت المؤسسة الوحيدة التي كانت ضمانا للسلمية، أنت كناشط سياسي ترى إلى أي مدى يؤثر حل جمعية الوفاق في نبض الثورة؟ 

هاشم سلمان : جمعية الوفاق استطاعت أن تخرج من العباءة الضيقة إلى الأفق الأوسع حيث شكّلت مع الجمعيات الوطنية الأخرى تحالفا قويا استطاع ترسيخ وجوده في قلوب أبناء الشعب من خلال حمل مطالبهم والإصرار عليها والتأكيد على سلمية الحراك، وتمثل المعارضة جميع الأطياف الإسلامية والعلمانية والقومية، لذلك تقدمت المعارضة بوثائق توضح المطالب التي تتوافق مع كل المواثيق والعهود الدولية منها وثيقة المنامة التي تضمنت المطالب الأساسية والتي منها حكومة منتخبة تمثل الإرادة الشعبية ونظام انتخابي عادل يتضمن دوائر انتخابية عادلة تحقق المساواة بين المواطنين وفق نظام صوت لكل مواطن، وسلطة تشريعية تتكون من غرفة واحدة منتخبة، وتنفرد بكامل الصلاحيات التشريعية والرقابية والمالية والسياسية، وقيام سلطة قضائية موثوقة مستقلة، ووثيقة اللا عنف التي تمثل المبادئ التي آمنت بها المعارضة، منذ 14 فبراير 2011، باعتبار أن السلمية هي النهج الاستراتيجي في عملنا السياسي سلوكا وممارسة لتحقيق مطالب شعبنا من خلال مشاركته الحقيقية في صياغة قراره السياسي ورسم مستقبل بلادنا في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والأمن الاجتماعي والسلم الأهلي، كما أطلقت الجمعيات المعارضة مشروع التسامح ونبذ الكراهية من خلال وثيقة "لا للكراهية"، هذه الوثائق أكدت سلامة أهداف الثورة في البحرين وعدم انجرارها للاحتراب الطائفي وتفويت الفرصة على السلطة لمحاولات وصمها أو جرجرتها للطائفية.

هذه الوثائق تقطع الطريق على جميع الذرائع التي تذرعت بها السلطة حين قامت بحل جمعية الوفاق وهي تعلم تمام العلم بأن الوفاق هي ضمير الشعب وأنها تمثل الغالبية لشعب البحرين وما يؤكد ذلك هو فوزها بأغلبية الأصوات في الانتخابات النيابية والبلدية التي دخلت فيها عام 2006م وعام 2010م بالرغم من أن الدوائر الانتخابية لم يراع فيها العدالة في التوزيع.

لذلك نعتقد بأن حل جمعية الوفاق سيؤدي بالنتيجة إلى تقويض العمل السلمي في البحرين وهو ما لم نتمناه أبدا، فقلوبنا على مصلحة هذا البلد الغني بشعبه مع قلة موارده، فثروتنا الحقيقة هي إنسان هذا البلد الذي يجب أن تستثمر جهوده من خلال فتح آفاق الحل السياسي المفضي إلى حلحلة جميع الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والذي يمثل بيئة حاضنة للتطور والبناء ومستقطبة للاستثمار.

وكالة تسنيم الدولية للانباء: اعتقلت السلطات القادة وخاصة النشطاء وعلماء دين، وآخرها كانت سحب الجنسية عن زعيم الطائفة الشيخ عيسى قاسم ومنذ يومين اعتقال السيد الغريفي، ما هي الرسالة التي يؤيد النظام إرسالها للثائرين من خلال هذه الاعتقالات؟ 

هاشم سلمان : طبعا عمليات الاعتقال وتوجيه التهم لم تتوقف منذ انطلاق ثورة الرابع عشر من فبراير سنة 2011م المطالبة بالإصلاح، حتى وصل عدد المعتقلين بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف من ضمنهم شيوخ ونساء وأطفال ومرضى، وكأن الرسالة التي يراد إيصالها للشعب البحريني بأنه إذا لم تتوقف عن المطالبة بحقوقك فسنواجهك بالمزيد من الاعتقالات وعمليات الفصل من العمل وسلب الجنسيات.

أما قضية آية الله الشيخ عيسى قاسم فهي قضية تتعدى مرحلة مواجهة المطالبين بالإصلاح إلى مواجهة الطائفة الشيعية، لأن الشيخ عيسى يمثل الطائفة الشيعية بكل مكوناتها والتهم الموجهة إليه هي تهم تتعلق بأموال الخمس التي هي من الواجبات لدى الطائفة الشيعية، فكأنما الرسالة في هذه التهم هي نوع من الضغط على المعارضة للتخلي عن المطالب السياسية والإصلاحية وإلا فان السلطة ستحرف هذا المسار إلى مسار آخر وهو مواجهة أسس ورؤوس الطائفة الشيعية التي تمثل الثقل الأكبر في البحرين، علما بأن المطالب لا تخص طائفة بعينها وإنما هي مطالب للوطن وبحجم الوطن ولكل من يعيش على هذا الوطن، ليست للشيعة وحدهم وليست للسنة وحدهم بل لكل المواطنين على اختلاف انتماءاتهم.

وكالة تسنيم الدولية للانباء : حصل في بعض الدول ثورات سميت بالربيع العربي، أين الثورة البحرينية من هذا الربيع ولماذا لم يحشد الإعلام طاقاته لنصرة هذه الثورة المنسية؟

هاشم سلمان : نعم حصلت ثورات منذ بداية 2011م في عدد من الدول العربية ابتدأت بتونس ثم مصر وانتقلت إلى البحرين وليبيا واليمن والمغرب وغيرها من الدول، وساند الإعلام بعض الثورات في هذه الدول خصوصا مع اتخاذ ساحات معينة لانطلاق هذه الثورات وبقاء الثوار فيها حتى تحقيق أهدافها.

واستطاعت بعض الثورات الإطاحة بالزعماء مثل ثورة تونس ومصر واليمن وليبيا وبقيت الأخرى بفعل التدخلات التي عقّدتها وعطّلت تحقيق أهدافها.

وأستطيع أن أقول بأن بعض هذه الثورات تحولت إلى خريف بعد أن كانت ربيعا بفعل تصرفات من قطف ثمارها كما حدث في مصر أو الى صيف لاهب بسبب الاحتراب الداخلي كما هو الحال في ليبيا .

أما الثورة البحرينية فقد بقيت على نصاعة وسمو أهدافها ولم تنحرف إلى محاولات جرها للعنف أو للطأفنة، وللأسف الشديد فقد تجاهل الإعلام "الموجّه" والذي كان يخدم أهدافا معيّنة، تجاهل ثورة البحرين منذ بداياتها وهذا يؤكّد بأن الإعلام لم يكن حياديا في التعامل مع الثورات بل كان يمارس الانتقائية لخدمة أهداف محددة بعيدا عن المهنية.

ثورة البحرين كانت سامية بأهدافها التي تمثل الإصلاح والاعتراف بحق المواطنة والمشاركة الحقيقية في صنع القرار، كما كانت سامية بسلوك المطالبين الذين أصروا على السلمية ونبذ العنف والطائفية والابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة الكراهية.

ولأن هذه الثورة تحمل أهدافا سامية فانها ستبقى الثورة الأنصع التي لن تنجر إلى التطاحن كما يحدث في بعض الدول بل ستبقى ثورة سلمية تسمو بمبادئها حتى تحقيق أهدافه.

المصدر: مراسل وكالة تسنيم الدولية للانباء

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة