أحمديان: أنصار الله قوة مستقلة توازن القوة السعودية وحرب السعودية وصلت إلى «طريق مسدود»

أحمدیان: أنصار الله قوة مستقلة توازن القوة السعودیة وحرب السعودیة وصلت إلى «طریق مسدود»

أكد الدكتور حسن أحمديان باحث وأكاديمي إيراني متخصص بالشئون الإستراتيجية أن منطقتنا باتت تعاني اليوم من أجواء مشحونة بالطائفية أدت إلى استقطابات جديدة وقتل ودمار وتشريد، منتقداً ضعف ثقافة تقبّل الآخر التي كان يجب أن تسود في المنطقة.

ولقد تطرقنا خلال الجزء الأول من حوارنا مع أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة طهران الدكتور حسن أحمديان (ويمكن متابعته من هنا) إلى الكثير من القضايا حول سياسات السعودية تجاه المنطقة ودولها وفي مقدمتها إيران وسنطرح خلال الجزء الثاني والأخير من هذا الحوار العديد من الأسئلة الاخرى على الدكتور أحمديان لنرى كيف يحلل لنا قضايا مهمة تورطت بها السعودية مثل الحرب على الشعب اليمني وعرقلة إيفاد الحجاج الإيرانيين لأداء مناسك الحج الإبراهيمي هذا العام واتخاذ السعودية قرار متسرع قررت من خلاله إغلاق سفارتها بطهران، وبالإضافة إلى هذه الاحداث سنتطرق إلى قضايا استراتيجية أخرى بالنسبة للسعودية مثل مستقبل العلاقات بين الرياض وحركة أنصارالله اليمنية. فلنتابع معاً.

تسنيم: هناك من يقول أن السعودية وإيران هما دولتين منافستين لبعضهما البعض وكلا من هاتين الدولتين تسعى لتحوز على دور كبير في المنطقة، وهنالك أيضا من يعتقد بأن التوتر في العلاقة الإيرانية السعودية يولّد مشاكل طائفية كبرى تؤدي إلى تضرر الشعوب الإسلامية، في حين أن مثل هذا التوتر سيخدم مصالح الكيان الصهيوني، إذن بناء على هذه القضايا كيف يمكن للسعودية وإيران اعتماد سياسة معينة توصلهما إلى أهدافهما دون حدوث خلافات وشجارات كالتي نشهدها حالياً بين البلدين؟

أحمديان: طبعا بالنسبة لمستقبل العلاقة بين الدولتين أعتقد أن أهم ما يمكنه فعله هو إيقاف ما يحدث الآن. بدل محاولة الإتيان بطرق بديلة،يمكن على الأقل إيقاف هذه الدعاية المشحونة بالطائفية. هذا الكلام الفضفاض الذي يتكلم عن تدخل هذا او ذاك. هذه المشاحنات السياسية التي لم تأتي للمنطقة إلا بإصطفافات جديدة، استقطابات جديدة وقتل ودمار وتشريد. هذا ما أتت به السياسات الحالية. وإن افترضت الدولتين افتراضين أساسيين أعتقد أن بإمكانهما التعايش. الافتراض الأول أن الدولتين هما قوتين اقليميتين، والافتراض الثاني أنه لا يمكن لأي دولة من هاتين الدولتين شطب دور الدولة الأخرى من  الإقليم. هذا الفهم وهذين الافتراضين وهما افتراضين اساسيين لا يمكن تغييرهما. إن قبلهما الساسة في الدولتين، سيؤديان إلى إحداث طرق بديلة تلقائياً. وسوف نصل إلى نتيجة أن الاستمرار بهذه المجابهات والمشاحنات والمناكفات الإعلامية والسياسية والعسكرية في بعض الأماكن سيؤدي إلى إهدار الكثير من المال والسلاح والارواح وتدمير الدول وعدم الاستقرار في المنطقة. لذلك أنا شخصياً أرى أن إيقاف ما يحدث الآن هو أهم من إيجاد طرق بديلة.

تسنيم: هنالك أيضا من يقول أن سبب خلافات إيران والسعودية يعود لخلافاتهما العقائدية، وهنالك من يعتقد بعكس ذلك حيث يقول أن السبب الرئيسي لخلافات السعودية وإيران هي ليست قضايا عقائدية، ويلقي باللوم على السعودية في هذا الصدد حيث يبرر أصحاب هذا المعتقد بان خلافات السعودية لم تعد محصورة في إطار خلافاتها مع إيران فحسب، بل أصبحت الرياض توجد لديها خلافات حادة حتى مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وهذا ما يبرر عدم صوابية السياسة السعودية، إذن ما هو السبب الرئيسي لخلافات السعودية مع إيران؟

أحمديان: رؤية الدول في منطقتنا هي رؤية صفرية لكل القضايا الاستراتيجية. هذه الرؤية هي الأساس. الدين يستخدم والمذاهب تستخدم في بناء استراتيجيات من أجل ضرب واضعاف الآخر. لكن هذا ليس الأساس. تاريخ الشرق الأوسط الحديث يقول لنا أن الدول في هذه المنطقة لا تنظر إلى التطورات الاستراتيجية من منظور عقائدي، النظرة هي استراتيجية أساسا والنظرة الإستراتيجية مبنية علي واقعية موازنة القوى. بعبارة أخري إنها نظرة تقليدية جداً للعلاقات الدولية والرؤية أيضا مبنية على نظرة صفرية: إما أنا وإما الآخر.

وهذا ما يحدث المشاكل الأساسية كما اسلفت عن ضعف ثقافة تقبل الآخر. وللأسف لا يوجد هكذا تقليد استراتيجي في المنطقة وإن وجد، سَتُحَل مشاكل كثيرة. لكن طالما لا يوجد هكذا أمر طبعا ستحدد المجابهات الاستراتيجية مستقبل الدولتين او مستقبل دور الدولتين في الإقليم وكذلك رصيد القوة لكل من الدولتين. في الوضع الحالي إن وضعنا إيران والسعودية على كفتين ونظرنا إلى مقومات القوة لدى كل منهما سنصل إلى إجابة حول مستقبل دور كل من هاتين الدولتين في المنطقة. ما الذي تمتلكه إيران على الصعيد الاقتصادي، العسكري، الأمني وموقعها الاستراتيجي وما الذي تمتلكه السعودية في نفس المجالات.

هذا يساعدنا كثيراً في استشراف المستقبل. المذهب والدين والثقافة عناصر دائمة الوجود في منطقتنا، لكن الأساس هو التنافس الاستراتيجي والعلاقات الدولية بين إيران والسعودية. وعلاقاتهما في الإقليم مبنية على هذه الرؤية، موازنة القوى، الرؤية الصفرية ومحاولة زيادة رصيد القوة والنفوذ في الإقليم وهذا ما يضع الدولتين أمام بعضهما البعض.

تسنيم: رغم أن قائد الثورة الإسلامية السيد الإمام الخامنئي انتقد بشكل واضح وعلني ما تعرضت له السفارة السعودية في طهران واعتبره عمل سيء لا يخدم مصالح إيران والعالم الإسلامي وعبّر عن ذلك أمام وسائل الاعلام، لكن رغم هذا الموقف الواضح الذي صدر من قبل أعلى مستوى رسمي في إيران، فان السعودية لازالت تصر على أن الحادث مدبّر وقطعت على إثره علاقاتها مع إيران، فهل كانت السعودية تبحث عن ذريعة لقطع علاقاتها مع طهران واستغلت حادث السفارة؟

أحمديان:لنجب على هذا السؤال من داخل الخطاب السعودي الذي إزداد عنفاً أو تعنيفاً لصورة إيران في هذا الحادث. المحور في هذا الخطاب أنه حادث مدبّر، دبّرته إيران، الهدف طبعا لا يتطرق له أحد، لكن القضية انه مدبّر. الهدف وراء هكذا فعل مدبّر من قبل إيران لا يتكلم عنه الاعلام السعودي او الخطاب السعودي. النقطة الثانية أنه بعد هذا الحادث شجبت إيران الرسمية من القيادة إلى رئيس الجمهورية إلى وزير الخارجية إلى القضاء، كل هؤلاء شجبوا هذا الحادث، ثم اوتي ببعض هؤلاء الذين هاجموا ومن حرض علي ذلك وهم أكثر من اربعين شخص للعدالة على إثر الهجوم على السفارة والقنصلية. إذن لو كان الحادث مدبّرا لماذا تذهب إيران لفعل مثل هذه الأمور؟ فالأحري أن تعطي إيران الرسمية هؤلاء ميداليات لو أنهم نفذوا فعلا مدبّرا أُمرو به!.

هناك افتراض آخر يقول بتعدد الجهات المؤثرة في إيران. لكن هل يوجد فعلاً في إيران هذا التذبذب الهائل في السياسات حيث يذهب أحدهم للمهاجمة ويأتي الآخر بالفاعل للقضاء ويحكم الثالث عليه بالسجن؟ لا أعتقد أن هذا وارد. أنا شخصيا لا أرى هكذا شيء على الأقل. ثم النقطة الثانية أن في إيران وفي داخل هذا الخطاب يقول لك أن إيران تبحث عن التصعيد ضد السعودية. وهذا هو الهدف الوحيد الذي ذكر. لا توجد أهداف استراتيجية أو سياسية. الموجود والهدف الوحيد لإيران هو أنها تريد التصعيد ضد السعودية! طيب لننظر لما بعد هذا الحادث.

إيران قامت بالإتيان بهؤلاء إلى العدالة والقت ببعضهم في السجون وحاكمتهم ويركن إلي الآن العديد منهم في السجون. وقد حكم علي بعضهم بسنوات عديدة. إذن إيران قامت بما ارتأته لإيقاف التصعيد. لكن ما الذي فعلته السعودية؟ أول ما فعلته هو قطع العلاقة. وهذا جاء أمام شجب الرئيس الإيراني ووزير الخارجية بعده والقيادة الإيرانية للمهاجمين والعمل علي الإتيان بهم إلى العدالة. لكن السعودية قطعت العلاقة. فلو كانت السعودية لا تبحث عن التصعيد لكان الأحري أن تتحري وتصطبر قليلاً لتري النتائج.

هذا ليس حادث وحيد لنقول أنه عبارة عن ردة فعل علي غضب من مهاجمة السفارة. يساعدنا تتبع تلاحق الأحداث في فهم طبيعة العلاقة الثنائية أكثر. فقبل حادث السفارة وعند وقوع حادث مني الذي راح ضحيته ٤٦٤ إيرانيا إلي جانب مسلمين آخرين، طالبت الجهات الرسمية الإيرانية إشراكها في التحري عن الحادث. ورفضت السعودية ذلك. ثم رفضت إعطاء التأشيرة حتى لوزراء أرادوا الذهاب للوقوف علي الحادث. ثم عندما قطعت العلاقات وفي السنة التالية لحادث مني المأساوي رفضت السعودية إعطاء التأشيرة للحجاج الإيرانيين وطلبت منهم الذهاب إلى دولة ثالثة لطلب تأشيرة.

ثم عندما إزدادت الضغوط ذهبت الحكومة الإيرانية بالموقف السعودي إلى الاعلام وقالت أن السعودية "صدت عن سبيل الله" وبعدها أتت السعودية وقالت أننا سنقبل عبر الانترنت مثلا إدخال الحجاج واعطائهم تأشيره وكان ذلك بعد ان فات الأوان. كيف يمكن ترتيب كل الأمور في أسبوع او أسبوعين لذهاب 66 ألف حاج إيراني للحج؟!. والواضح أن إيران لم تكن بمقدورها التحضير لهذا الأمر. وأعتقد أن السعودية كانت تعلم ذلك عندما أعلنت موافقتها إعطاء التأشيرة في الأسابيع الأخيرة.

إذن ثلاثة حوادث، قطع العلاقات، حادثة منى ثم قضية الحج هذه السنة، كلها تشير إلى أن هناك نهج تصعيدي يقول لك يجب الوقوف أمام إيران ولومها على التطورات ولومها على كل تصعيد في المنطقة وكل تصعيد في العلاقة السعودية الإيرانية. بينما إن نظرنا إلى الأحداث وتطورات العلاقة الثنائية نجد أن في كل حادث هناك من يصعد، وهذا الجانب ليس إيرانيا، إن نظرنا بدقة. لا في حادثة منى ولا في قطع العلاقة ولا في صد السبيل علي الحجاج الإيرانيين. إذن السعوديون يقولون إن حادث حدث والاعمار بيد الله.

طيب لماذا لم تتيحوا على الأقل لإيرانيين رسميين الذهاب للاطلاع على ما حدث. أو اتركوا إيران على جانب واقبلوا بلجنة تقصي حقائق إسلامية من قبل منظمة التعاون الإسلامي. ثم لم نجد مسؤول سعودي واحد أقيل على إثر هذا الحادث. طيب كيف نقرأ هذا الحادث. وفي مقابل ذلك فقد هوجمت السفارة في إيران ولم يقتل شخص واحد، وعلى إثرها حوكم أكثر من 40 شخص وألقي بهم في السجون. في السعودية قتل او توفي (إثر كارثة منى) على أقل تقدير 1500 والتقديرات تصعد إلى الآلاف لكن لم يحدث شيء ولا مسؤول اُوتي به إلى العدالة. لنضع هذين الأمرين إلى جانب بعضهما، سوف نصل إلى صورة، يتضح فيها معالم المحرض والمصعد.

 

تسنيم: لقد أشرتْ خلال حديثك إلى عدم جدوى السياسية العسكرية السعودية تجاه اليمن والتي شنت عدوان واسع على هذا البلد، ورسمت السعودية أهداف لهذا العدوان مثل ما أسمته "دعم الشرعية" وهي تعني بذلك إعادة عبدربه منصور هادي مجدداً إلى السلطة بعد أن أعلن استقالته رسميا، فحاليا ورغم أن السعودية فشلت فشلا عسكريا وفشلت في إعادة منصور هادي إلى صنعاء وفي مقابل ذلك هناك انتصارات عسكرية يحققها اليمنيون وفي كل يوم يتم الكشف عن صواريخ جديده يصل مداها إلى مئات الكيلومترات باتت تهدد المدن السعودية، فهل باعتقادك ستصل السعودية إلى نتيجة عقلانية أنه ينبغي عليها أن تتماشى مع اليمنيين وتحترم إرادتهم أم لا؟

أحمديان: عسكريا حرب السعودية وصلت إلى طريق مسدود منذ شهور. وإن نظرنا إلى الخبرة العسكرية السعودية نجد أن آخر انتصار عسكري للسعودية كان سنة 1934 وبعد ذلك فان السعودية لم تدخل حربا وانتصرت فيها وأساسا لم تدخل حروبا كبيرة. لذلك فإن الخبرة العسكرية السعودية في استخدام التقنية العسكرية الحديثة ضئيلة جدا. ويؤثر ذلك على مدى قدرتها على إحداث تغييرات تراها وفق أهدافها المعلنة أو غيرالمعلنة في اليمن وهذا ما حدث منذ أكثر من عام ونصف العام، السعودية تقصف وتدمّر دون جدوي. سعر الصواريخ الأمريكية والغربية التي تطلقها السعودية على الأهداف اليمنية تفوق بعض هذه الأهداف بمئات المرات. واليوم وبعد ١٩ شهر من القصف، لا يوجد أساسا ما تقصفه السعودية.

لذلك تجد أن القتلى من المدنيين في اليمن إلي التزايد وكذلك التشريد والتدمير. والسعودية في وضع صعب يسميه البعض "ورطة اليمن." فقد دخلت حرب لا يمكنها الخروج بسهولة منها بالقول أننا لم نستطع أن نحقق أهدافنا. سيؤثر ذلك على الداخل. وحتى الآن وللأسف السعودية تستطيع تمويل هذه الحرب لكن الضغوط التي تتصاعد يمكن أن تؤثر على السعودية وتغير مسار الحرب في المدى المتوسط. الضغوط الإقتصادية بدأت تزداد.

فمثلاً للرئيس عبدربه منصور هادي قائمة من 60 الف عسكري يتقاضون رواتبهم من السعودية وكل سلاح هؤلاء من السعودية. هذا الي جانب كلفة الجيش السعودي نفسه في حرب اليمن. فالطيار القائد للطائرات السعودية مثلاً يتقاضي بين ٤ إلي ٧ آلاف دولار لقاء كل طلعة. وكل هذا في ظل ظرف إقتصادي صعب. لذلك لا يمكن للسعودية الاستمرار بالحرب في المدى الطويل. لكن الفائض الذي يعود لسنوات الملك عبدالله مكنها من الإستمرار حتي الآن بهذه الحرب.

هذا على الصعيد العسكري، لكن سياسيا أيضا فانه من المؤسف أن لدى هذه الدولة المقدرة على الاستمرار في هذه الحرب رغم أنها فشلت. طبعا كما قلت أن الضغوط ستؤدي إلى عدة تغييرات وأنا متأكد من أن الضغوط في المدى المتوسط خلال سنتين او ثلاثة سنوات قد تأتي بمخرجات تؤثر على مستقبل السعودية بشكل كبير لكن حتى الآن لم يحدث هذا. النقطة الثانية، سياسيا السعودية حاولت الإتيان بهادي إلي اليمن. طبعا هادي عاد عن استقالته بعد هروبه إلى عدن وطلب من السعودية ودول مجلس التعاون التدخل لكن حتى الآن الرئيس هادي لم ينتقل إلى اليمن رغم تقدم القوات التي تحالفت مع السعودية في بعض أجزاء اليمن. على الأقل عدن وحضرموت وبعض المحافظات الهامة خارج سيطرة أنصار الله، لكن لماذا لا يَعِدْ هادي إلي اليمن ليقيم فيه؟ الإجابة سهلة.

فعندما تنتصر في الحرب لا تنتهي الحرب وعليك بناء السلم، ولا تمتلك السعودية مقومات بناء السلم ولا تجربة لها في العمل المباشر في المجتمع اليمني، كما أنها لا تستطيع أن تسيطر على هذا المجتمع. وهناك جهات متصارعة ومتحاربة في هذا الجزء من اليمن لا يمكن لأي دولة السيطرة على كل هذه الجهات لذلك لا يمكن بسهولة بناء السلم. لذلك لا يستطيع هادي أن يعود حتى إلى الأجزاء الجنوبية من اليمن، عندما عاد كان يبيت في باخرة على سواحل عدن وليس في نفس عدن.

لذلك التطورات السياسية لم تتجه باتجاه تحقيق أهداف الرياض.المفاوضات التي جرت في عمان والكويت لم تأتي بالنتائج التي أرادتها السعودية. بشكل عام لدي السعودية فوبيا من أنصار الله وأنصار الله أصبحت قوة لا يمكن تجريدها من كونها قوة والمملكة السعودية لا تريد أن ترضى بوضع تكون فيه جماعة أنصار الله قوة في شمال اليمن وهي قوة مستقلة توازن القوة السعودية على الطرف الثاني من الحدود بخبرة عسكرية أصبحت كبيرة بعد ١٩ شهر من الحرب.

والمفاوضات لم تؤدي إلى نزع سلاح أنصار الله كما ارادته السعودية وكان هذا هدف السعودية الرئيسي من المفاوضات السياسية. إذن وعلي الرغم من أن الأهداف السياسية لم تتحقق، تستمر السعودية في الحرب. لكن إن لم تحقق أهدافها وأنا لا أرى أنها ستستطيع تحقيقها في المدى القريب أو المتوسط، فان الضغوط ستزداد إلى حد قد لا يكون لدى الرياض المقدرة على مواجهتها. هذا ما حدث في الأسابيع الماضية عندما طالب وزيري خارجية بريطانيا والولايات المتحدة بوقف غير مشروط للحرب. وبعدها بيوم واحد أعلنت الرياض أنها ستقوم بهدنة أحادية الإعلان. لذلك ستملي الضغوط علي الرياض ما لم يمليه فشل الحرب.   

تسنيم: قبل فترة ادعت الولايات المتحدة الأمريكية أن سفنها تعرضت إلى هجوم صاروخي ومن ثم قالت أن الهجوم أتى من منطقة تسيطر عليها حركة أنصار الله رغم أن الحركة نفت أنها قامت بمثل هذا العمل. هناك من يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول عبر مثل هذه الاتهامات انقاذ السعودية من ورطة حرب اليمن، فيما أن هنالك جهة أخرى تقول أن السعودية هي من أرسلت جهات لاستهداف السفن الأمريكية بغية جر واشنطن إلى المشاركة مباشرة بالعدوان على اليمن، أنت كيف تفسر الموضوع.

 

 

أحمديان: كل هذه هي في الواقع معلومات استخبارية لا يمكن التحقق منها بسهولة. الولايات المتحدة تتهم انصار الله أو على الأقل تتهم جهات في داخل الأراضي التي يسيطرون عليها بالقيام بهذا الأمر وأنصار الله يرفضون ذلك. وبعيداً عن الحادث فعلاً، الواضح أن القوى الغربية تريد إيقاف الحرب وهذا اتضح بشكل لا لبس فيه منذ أن أتى السيد جون كيري إلى جدة واجتمع بوزير الخارجية السعودي ووزير الخارجية الاماراتي ومساعد وزير الخارجية البريطاني في جدة وكان الهدف معلنا هو: إيقاف الحرب. الدول كلها تريد إيقاف هذه الحرب لأنها حرب أثبتت عدم جدواها والسعودية لم تستطيع فرض ما تريد فرضه.

لذلك بدأت الأصوات تتصاعد وتتسائل لماذا هذه الحرب؟ لماذا يُقتَل المدنيون؟ لذلك تريد الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة إيقاف هذه الحرب. بريطانيا بمشروعها في الأمم المتحدة أوضحت  أنها تريد إيقاف الحرب. تريد على الأقل ان تأتي بشيء وسط ترضاه الرياض لتوقف الحرب. يعبّر البعض عن مشروع بريطانيا الجديد بمثابة طوق نجاة للسعودية. قد يكون ذلك. لكن الواضح أن هذه الدول تريد إيقاف الحرب لأن الحرب اثبتت عدم جدواها والضغوط الأمريكية على أنصار الله اعتقد أنها تصب في نفس الاتجاه. أي أن الولايات المتحدة تريد أن تقول للسعودية أن الضغط الأمريكي ليس موجهاً ضد الرياض فقط. طبعا هذا قد يكون مدعاة لتوتر جديد لكن الهدف منه بتقديري هو إيقاف الحرب.

 

دکتر حسن احمدیان
دکتر احمدیان
دکتر احمدیان
دکتر احمدیان
احمدیان 1
احمدیان 2
احمدیان 3
احمدیان 5
دکتر احمدیان
احمدیان
أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة