لا يمكن للنظام السعودي بسط نفوذه في لبنان أكثر مما مضى

لا یمکن للنظام السعودی بسط نفوذه فی لبنان أکثر مما مضى

لا يولي أمراء أسرة آل سعود أهمية لسعد الحريري كما كان عليه الحال إبان سلطة ملكهم السابق عبد الله بن عبد العزيز الأمر مما جعله يوافق على ترشيح العماد ميشيل عون لرئاسة الجمهورية.

أجرى مراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء لقاء خاصاً مع الخبير الاستراتيجي في شؤون غرب آسيا السيد محمد علي مهتدي على ضوء الأحداث التي تشهدها الساحة السياسية في لبنان حالياً ومحاولة بعض بلدان الخليج الفارسي عرقلة المساعي الرامية إلى توحيد الصف اللبناني وترسيخ اللحمة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد عبر غرس التفرقة والخلافات عن طريق إنفاق الملايين من الدولارات لتحقيق هذه الأهداف الشيطانية المناوئة لحرية الشعوب في اختيار من يدير شؤونها، حيث تجلى مكر هذه البلدان الرجعية اليوم ولا سيما نظام آل سعود الذي يبذل الغالي والنفيس لإبقاء الخلافات والتفرقة محتدمة في البيت اللبناني،

وصرح "مهتدي" بالقول: لقد بقيت الساحة السياسية في لبنان تعاني من خلو منصب رئيس الجمهورية لمدة عامين ونصف العام، وتيار المقاومة وعلى رأسه حزب الله أعرب عن دعمه لترشيح العماد ميشيل عون، ولكن حكام آل سعود أعربوا بصراحة عن معارضتهم لترشيحه نظراً لامتلاكه نفسا وطنياً لبنانياً خالصاً وبسبب مواقفه المبدئية الداعمة للمقاومة.

وأشار الخبير في شؤون غرب آسيا إلى واقع العلاقات بين الرياض وسعد الحريري، وصرح قائلاً: النظام السعودي تغلغل في العمق السياسي على الساحة اللبنانية بفضل مساعدات تيار المستقبل الذي يتزعمه سعد الحريري، حيث يقود هذا الرجل تكتلاً كبيراً في البرلمان اللبناني لذلك كان يعارض ترشيح العماد ميشيل عون لمنصب رئاسة الجمهورية الأمر الذي كان يسفر عن فشل جميع المساعي البرلمانية الرامية إلى توحيد الصف اللبناني وحل الأزمة عن طريق انتخاب رئيس للجمهورية.

اسئلة بحاجة الى اجابات شافية

وفي السياق ذاته تساءل السيد محمد علي مهتدي حول هذا الموضوع بالقول: هناك أسئلة هامة بحاجة إلى إجابات شافية، مثلاً: يا ترى ما هي الأسباب التي أرغمت سعد الحريري للموافقة على ترشيح العماد ميشيل عون في هذه الآونة؟ فهل يمكن القول إنه بدأ يتنصل عن الأوامر التي تأتيه من حكومة الرياض؟ أو هل أن أمراء آل سعود غيروا وجهات نظرهم ووافقوا على ترشيح العماد ميشيل عون لمنصب رئاسة الجمهورية؟ وإذا كان سعد الحريري قد تنصل من أوامر حكام الرياض، فيا ترى ما هي تلك الأسباب التي أسفرت عن ذلك؟ وإذا كانت السعودية قد غيرت وجهة نظرها، فما هي الدواعي لذلك يا ترى؟
وتطرق إلى الإجابة عن هذه التساؤلات كما يلي: يجب القول أولاً إن سعد الحريري قد تنصل نوعاً ما من الأوامر التي تأتيه من جهة حكام الرياض بحيث بدأ يسير باستقلالية، وأعتقد أن هذا الأمر صائب نظراً لوجود قرائن تدل عليه.

فتور العلاقات

ثم أشار السيد مهتدي إلى بعض الأمثلة التي تؤكد على تلك العلاقات الباردة بين سعد الحريري وسلطة الرياض مؤكداً على أن أمراء آل سعود أمسوا اليوم لا يعيرون أية أهمية لهذا الرجل، فقد زار الرياض سابقاً لكن لم يسمح له بلقاء الملك السعودي وولي عهده، ونوه على تملص الرياض من دفع مستحقات إحدى الشركات التي تشرف عليها أسرة الحريري الأمر الذي أدى إلى تعرضها لإفلاس وطرد الآلاف من منتسبيها.

كما اعتبر هذا الخبير الاستراتيجي أن أحد الأسباب التي أجبرت سعد الحريري على القبول بترشيح العماد ميشيل عون لمنصب رئاسة الجمهورية هو تخلي آل سعود عنه وبرود علاقاتهم معه، وقال: باعتقادي فإن أمراء أسرة آل سعود ولا سيما محمد بن سلمان ومحمد بن نايف، فلم يعد الحريري مهماً بالنسبة إليهم كما كان عليه الحال في عهد ملكهم السابق عبد الله بن عبد العزيز، وهذا الإهمال أرغمه على العمل باستقلال والموافقة على ترشيح عون.

كما تطرق هذا الخبير الاستراتيجي في شؤون غرب آسيا إلى أنموذج آخر يدل على برود العلاقات بين الطرفين، حيث أضاف: الحكومة السعودية بدأت منذ مدة بدعم أحد الضباط اللبنانيين، وهو أشرف ريفي من أهالي طرابلس حيث كان سابقاً قائداً للشرطة ومقرباً لسعد الحريري، وقد تولى منصب وزارة العدل بعد تقاعده عن عمله كضابط في الشركة اللبنانية لكنه اليوم وبتحريض من أسرة آل سعود بدأ يصرح علناً بمعارضته لحليفة السابق سعد الحريري ومناهضه لتيار المقاومة؛ وهذا الأمر بطبيعة الحال يدل بوضوح على أن الحرير لم يعد ذا أهمية بالنسبة إلى السعوديين كما كان سابقاً مما جعله لا يجد بداً من العمل في البيت اللبناني باستقلال نوعاً ما.

ضوء أخضر

ونوه السيد محمد علي مهتدي على أن سعد الحريري قد تلقى الضوء الأخضر من سلطات الرياض للموافقة على ترشيح العماد ميشيل عون لمنصب رئاسة الجمهورية، وفي هذه الحالة نستنتج أن السعوديين بدؤوا يفقدون سطوتهم في المنطقة بعد أن تزعزعت أركانهم السياسية في شتى أرجاء العالم ولا سيما فشل مشروعهم التكفيري في البلدان الإسلامية كاليمن وسوريا والعراق، لذا فقد خسروا أوراقهم الرابحة في لبنان وليست لديهم أية ورقة ضغط بعد الآن ولا محيص لهم من الإذعان لإرادة الشارع السياسي اللبناني.

آل سعود خسروا

وأضاف في السياق ذاته بأن حكومة آل سعود خسرت جميع المعادلات السياسية في المنطقة ولم تعد قادرة على مزاولة تلك الضغوط السابقة في أروقة السياسة اللبنانية وليست لديها أية أوراق رابحة تمكنها من تغيير المعادلات التي تجري خلافاً لتوجهاته الوهابية التكفيرية، وهذا الأمر واضح وصائب بكل تأكيد ولا سيما بعد أن تلقى لقطائهم الوهابيين في سوريا صفعة قوية من الجيش السوري والمقاومة الإسلامية الحرة بمساعدة من قوة عالمية عظمى تتمثل بروسيا، فقد أصبحت مواقف الحكومة السورية مستحكمة للغاية على الساحتين السورية واللبنانية ولكن في الحين ذاته أمست حكومة الرياض مهمشة وشيئاً فشيئاً ستركل جانباً وتلقى في سلة النفايات عاجلاً أم آجلاً.

وأكد هذا الخبير على أن الظروف الراهنة تقتضي اختيار رجل مناسب لرئاسة الجمهورية في لبنان بحيث يكون وطنياً حقاً وداعماً لتيار المقاومة ومدافعاً عن حقوق جميع شرائح الشعب اللبناني دون تمييز وإجحاف بترجيح فئة على أخرى طبقاً لما يمليه عليه أمراء آل سعود.

/ انتهى /

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة