أمريكا ترامب ستعير أهمية أكثر للقضايا الداخلية ولا أحد يعرف مصير علاقتها مع روسيا

وأجرى مراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء لقاء مع أستاذ جامعة العلامة الطباطبائي والخبير في الشؤون الدولية وقضايا منطقة غرب آسيا السيد "سعد الله زارعي" تمحور حول ما سيتمخض عن تصدي الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لزمام الأمور في البيت الأبيض على المستويين الداخلي والخارجي والأسلوب الذي ستنتهجه واشنطن في التعامل مع مختلف الملفات المطروحة على الطاولة.

وأشار السيد سعد الله زارعي إلى ما ستؤول إليه سياسة واشنطن بالنسبة إلى ملفات المنطقة، فقال: لو تتبعنا السياسة الأمريكية طوال السنتين الماضيتين سنلاحظ أن القوات العسكرية التابعة لهذا البلد حاولت أن تثبت لنفسها تواجداً رمزياً فحسب في بعض بلدان المنطقة كالعراق وسوريا واليمن.

ونوه أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلامة الطباطبائي على الأهداف التي تروم الولايات المتحدة تحقيقها في المنطقة، وصرح بالقول: لقد حاولت واشنطن أن تدير ملفات منطقتنا حسب الأنموذج الأمريكي وتعاملت معها في أدنى المستويات مما أدى إلى فوز التيار المعارض في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فعمليات تحرير الموصل على سبيل المثال قد انطلقت في أعتاب هذه الانتخابات والطيران الأمريكي كان له نصيب فيها.

كما ذكر بعض الأمثلة على التدخل الأمريكي في المنطقة، وأضاف: حاولت واشنطن الحصول على موطئ قدم في سوريا بشتى السبل المتاحة وبالاعتماد على المقترحات التي طرحت لحلحلة الأزمة التي تعصف بالبلاد أمنياً وسياسياً، كما أنها مارست بعض الضغوط على النظام السعودي لأجل وضع حل للأزمة اليمنية وفق برنامج زمني محدد.

وبالنسبة إلى انتخاب "دونالد ترامب" كرئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الأربعة القادمة، أكد هذا الخبير الاستراتيجي على أن هزيمة الديمقراطيين وفشل برامجهم بعد فوز منافسيهم الجمهوريين في الانتخابات سوف يؤدي إلى توقف البرامج الإصلاحية التي حاولت حكومة أوباما القيام بها في منطقتنا، لذا سوف نشهد مستقبلاً إقرار برامج جديدة من قبل حكومة دونالد ترامب، وصرح قائلاً: أعتقد بأننا سنشهد تدخلاً اقل مستوى للقوات العسكرية الأمريكية في بلدان المنطقة إبان عهد حكومة الرئيس الجديد ترامب، وبالتالي سوف تقل الضغوط الأمريكية عليها، وهذا يعني فسح المجال للجمهورية الإسلامية الإيرانية وحلفائها في المنطقة للتعامل مع هذه الملفات بحرية أكثر وقدرة أكبر وبالطبع سوف تتمكن من توجيهها بأفضل وجه ممكن.

ولدى إجابته عن سؤال حول الأولويات التي ستحظى باهتمام حكومة دونالد ترامب المقبلة، قال: أتصور بأن الوعود التي قطعها ترامب على نفسه قبل الانتخابات الرئاسية قد تركزت بشكل أساسي على تحسين الأوضاع الداخلية للشعب الأمريكي، أي أنه سيعمل على أكثر على تغيير الواقع المعيشي لشعبه مقارنة مع سلفه باراك أوباما.

وحول مستقبل العلاقات الروسية الأمريكية بعد انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، اعتبر السيد سعد الله زارعي أن الرئيس الحالي باراك أوباما ولا سيما إبان السنتين الماضيتين بذل جهوداً حثيثة لتحقيق انسجام مع حكومة الرئيس فلاديمير بوتين بالنسبة إلى مختلف ملفات المنطقة، ولكن الروس كما هو معلوم لا يثقون بالبيت الأبيض الأمر الذي نجم عنه عقم كل تلك المساعي، وأضاف: يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية في عهد دونالد ترامب سوف تسعى إلى التقارب أكثر مع روسيا الاتحادية، وهذا الأمر بطبيعة الحال من شأنه مساعدة موسكو على بسط نفوذها بشكل أكبر لدى تعاملها مع مختلف التطورات التي يشهدها العالم وبالأخص في منطقتنا، ولكن الحقيقة التي لا يمكن لأحد إنكارها هي أن الأمريكان لا يرتضون أبداً بتقديم العالم على طبق من ذهب لغرمائهم الروس، إلا أنهم غاية ما في الأمر سيتعاملون مع مختلف المفات بدور أضيق نطاقاً مما كان عليه الحال سابقاً دون أن يركنوها جانباً.

وصرح في السياق ذاته: باعتقادي أنه لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه العلاقات الروسية الأمريكية مستقبلاً، إذ لا أحد يعرف المعالم الأساسية لسياسة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب وما الذي سيتخذه من قرارات مصيرية، وعلى هذا الأساس علينا الانتظار لكي نرى حقيقة الشعارات الانتخابية التي أطلقها هذا الرجل بالنسبة إلى تعامله مع حكومة الكرملين، ولكن غاية ما نستطيع قوله هو أن حكومة ترامب ستعير أهمية للقضايا الداخلية أكثر مما أعارته حكومتا جورج بوش وباراك أوباما.
/ انتهى/