ما الذي طلبه "ساركوزي" من بشار الأسد حول تخصيب اليورانيوم في ايران؟

ما الذی طلبه "سارکوزی" من بشار الأسد حول تخصیب الیورانیوم فی ایران؟

أجرى مراسل مجلة دراسات السياسة الخارجية الفصلية في طهران لقاء خاصاً مع رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد في أول عدد لها، حيث كشف عن طلب سري غربي حول البرنامج النووي الإيراني وجه إلى سوريا في عام 2008 م.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء أن مجلة دراسات السياسة الخارجية الفصلية في طهران التقت مع رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد في أول عدد لها، حيث تمحور حول أهم الأحداث التي تشهدها الساحة السورية في هذه الأيام إضافة إلى تفاصيل أخرى، وفيما يلي نتطرق إلى ذكر جانب من هذا اللقاء الذي سننشره في عدة أجزاء:

المراسل: سيادة الرئيس، نتقدم لكم بالشكر الجزيل على إتاحة الفرصة لنا لإجراء هذا اللقاء القيم معكم ونأمل أن تسهم تفاصيله في بيان حقيقة الأحداث التي تشهدها الساحة السورية ولا سيما بين النخبة من أبناء الشعب الإيراني، وفي بادئ اللقاء أود أن أذكر مقدمة قبل طرح أول سؤال على حضرتكم.

حسب علمنا فإن اثنين من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية قد اتخذوا مواقف عدائية للغاية ضد سوريا، وهما جورج بوش الابن وباراك أوباما، إذ إن الأول اعتبر بلدكم أحد محاور الشر في العالم بعد أن قسم بلدان العالم في فئتين، أصدقاء أمريكا وأعداؤها وبطبيعة الحال أدرج سوريا ضمن قائمة أعداء واشنطن، وأما الثاني فقد أكد على ضرورة تغيير النظام الحاكم في دمشق منذ تأجج الأزمة السورية وأعلن صراحة بوجوب تغيير شخص سيادتكم، وكل هذه المساعي المعادية بطبيعة الحال لا تعد مجرد تصريحات وحرب لفظية، وإنما تعكس وجهة نظرية يتبناها البعض، لذلك هددوا بلدكم بالحرب تارة وبالدبلوماسية المنحازة تارة أخرى الأمر الذي أدى إلى تأسيس ما يسمى بأصدقاء سوريا بهدف شن هجمات نفسية ضد الشعب السوري الأبي المناهض للعملاء والخونة، بل وتعدت مساعيهم هذا النطاق ليشنوا هجمات إرهابية شرسة وبما في ذلك استخدام الأسلحة المرحمة دولياً وعلى رأسها الأسلحة الكيمياوية وحشدوا جميع حلفائهم في المنطقة للإطاحة بالنظام الشرعي الحاكم في دمشق، ولكن رغم كل ذلك فالشعب والحكومة في سوريا صمدا وجعلا ساسة البيت الأبيض في موقف حرج للغاية.

بعد مدة قصيرة سيغادر باراك أوباما البيت الأبيض في حين أنه لم يتمكن من تحقيق أهدافه غير الشرعية في سوريا، لذا نرجو من سيادتكم توضيح أبعاد استراتيجيتكم في التصدي لكل هذه التهديدات ومواجهة كل تلك الأزمات التي عصفت ببلدكم.

 بشار الأسد: في البداية أرحب بكم في بلدكم الثاني سوريا ويسرني أن أكون أول مسؤول رسمي تجرون معه لقاء في أول عدد يصدر من صحيفتكم وأوجه خطابي للإخوة الإيرانيين الذين وقفوا إلى جانب سوريا في خط المواجهة الأمامي إبان العديد من الصراعات التي واجهناها منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وأؤكد لهم بأننا وقفنا سابقاً إلى جانبهم في الحرب الجائرة التي فرضها عليهم صدام حسين.

ما ذكرته في سؤالك صحيح ولا غبار عليه، فالولايات المتحدة الأمريكية منذ انهيار الاتحاد السوفييتي السابق بذلت كل ما بوسعها لتسخير جميع بلدان العالم وإخضاعها لسلطتها، وهدفها اليوم من تأجيج مختلف الحروب والنزاعات هو بسط نفوذها عن طريق إبادة جميع الأنظمة العالمية المناهضة لها في أي بلد كان ولا سيما بعد تزعزع المعادلات الدولية وظهور توجهات جديدة لا تنضوي تحت مظلتها، ومن الطبيعي بمكان أن يبادر ساسة البيت الأبيض إلى شن هجمات عسكرية على كل من يعارضهم ولا يستجيب لتنفيذ مشاريعهم، وهذا الأسلوب قد تجلى للعيان منذ عام 2003 م حينما طرح ملف إيران النووي على الطاولة، وما زال متواصلاً كمشروع وهو ينفذ اليوم في بلدنا سوريا.

أشرت حضرتك إلى مسألة في غاية الأهمية، فأعداء سوريا لا يكتفون بالحرب الإرهابية ضد بلدنا، بل لجؤوا إلى الحرب النفسية والاقتصادية واعتدوا علينا في مختلف مجالات الحياة بشكل مخز يندى له الجبين، ناهيك عن أنهم سخروا وسائل إعلامهم المحمومة ضد الشعب السوري بل وضد شعوب المنطقة بأسرها، حيث سلطوا الضوء في هذه الأبواق الإعلامية لصالحهم بغية إيهام الرأي العام العالمي بأن شخصية رئيس الجمهورية في سوريا هي سبب الأزمة التي تعصف بالبلاد وقد بذلوا كل ما بوسعهم لترويج فكرة أن رئيس الجمهورية العربية السورية هو شخص واحد لذا فهو لا يحظى بأهمية كأهمية سوريا بصفتها دولة. طبعاً هذا الكلام صحيح، فسوريا أهم من رئيسها، ولكنهم لا يكتفون بذلك وإنما استهدفوا سوريا من أساسها وأصروا على ضرورة تغيير النظام الحاكم فيها بأسره، والخطوة التالية لهم والتي روجوا لها بكل وقاحة في وسائر إعلامهم تكمن في القضاء على سوريا كبلد من الأساس، وهذا هو الهدف الحقيقي لهم، لذا فإن هدفهم هو المساس بسوريا كوطن وعقيدة وهوية، ومن ثم محو تأريخها من الوجود.

وأؤكد لكم بأن الإيمان بالله سبحانه وتعالى يعد أول دعامة نرتكز عليها في مواجهة الأعداء، كما نعتمد بعد ذلك على قدرات شعبنا وإخلاصه، وأما سياسياً فأود أن أؤكد لكم بأن أول خطوة لهذا المشروع المعادي فحواها أن الأعداء حاولوا تلقين الرأي العام العالمي بأن الصراع الداخلي في سوريا يتمحور حول تغيير رئيس الجمهورية، ولكن هذا كذب محض لأن الصراع الحقيقي كان بين سوريا كبلد وبين أعدائها المتربصين بها المكائد، لذلك أكدنا حينا على ضرورة الحوار الداخلي وتوعية الرأي العام بما يجري حيث أعربنا عن رغبتنا المكررة في توحيد الصف والحفاظ على لحمة الشعب السوري أمام مؤامرات أعدائه الحقيقيين.

المراسل: ما هي استراتيجياتكم التي اعتمدتم عليها في مواجهة أعداء سوريا في الجبهة الواسعة النطاق التي فتحوها في مختلف المناطق؟

 بشار الأسد: الوعي الشعبي يعتبر أول وأهم أمر في كل حرب وعلى هذا الأساس أطلقنا مبادرة حوار سوري - سوري حيث نعتقد بأن النهوض بمستوى الوعي الشعبي سوف يعيننا في القضاء على الإرهاب قطعاً، والعكس صحيح فجهل الناس بالحقائق من شأنه إفشال المساعي الرامية إلى حماية بلدنا من المد الإرهابي التكفيري وهذا الأمر هو الذي جعلنا نصمد خمس سنوات، ومن ثمار هذا الوعي إنعاش عجلة الاقتصاد أيضاً وبالطبع فإن تقديم النخبة الدعم لهذا المشروع سوف يعقم المساعي الإعلامية المحمومة التي تستهدفنا في قنوات فضائية يبلغ عددها 700 فضائية.

والأمر الثاني الذي يحظى بأهمية على هذا الصعيد هو ثقة الشعب السوري بقوات الجيش الباسلة، فمن المؤكد أن شعبنا لو لم يكن يمتلك الوعي الكافي لما تمكنت قواتنا المسلحة من الصمود أمام هذه الموجات الإرهابية الهمجية الشرية، إذ من المستحيل بمكان أن يتمكن الجيش من الصمود دون أن يحظى بدعم شعبي واسع، فيا ترى من ذا الذي يدعم أبطالنا معنوياً؟ ومن الذي يمدهم بالطاقات البشرية؟ إن الجيش هو ابن الشعب وهذا ما جعل بلدنا يصمد بهذا الشكل العظيم.

إضافة إلى ما ذكر فإن مساعدة البلدان الصديقة كذلك له الأثر البالغ في انتصارنا على الإرهاب، وأخص بالذكر الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لعبت دوراً إيجابياً في صمود سوريا بهذا الشكل ولا أحد ينكر هذه الحقيقة أبداً، لذا أؤكد لكم بأن المشكلة الأساسية التي تواجهها الجمهورية الإسلامية حالياً لا تكمن في الملف النووي كما هو ظاهر الحال، وإنما يستهدفها الأعداء نظراً لدعمها سوريا والدفاع عن العدل والحق، وهذا الموقف بطبيعة الحال لا بد وأن يجعل الإخوة في طهران يواجهون تحديات كبيرة.

المراسل: سيادتكم تحدثتم عن وعي الشعب السوري لمواجهة التحديات والهجمات المحمومة القادمة من خارج الحدود، ولكن ألا تعتقدون بأن هذا الوعي يقتضي أولاً إيمان الشعب بسيادة بلده وتأييد حكومته؟ فكيف تقيمون موقف الشعب السوري بالنسبة إلى حكومته الشرعية؟ وما السبب الذي دعا هذا الشعب الصامد إلى أن يدعم حربكم ضد الإرهاب رغم كل تلك المشاكل المحتدمة التي يواجهها والخسائر التي تحملها جراء الهجمات الإرهابية الشرسة عسكرياً وإعلامياً؟

بشار الأسد: أحد الأسباب التي جعلت شعبنا يعي ما يدور حوله يكمن في تجربته الإقليمية التأريخية، فبلدنا وبلدكم والبلدان المحيطة بنا قد جربت شتى المؤامرات وعانت من الاستعمار، حيث أبدت شعوبنا مقاومة فذة طوال تأريخها، وهذا الأمر بكل تأكيد يرفع من مستوى الوعي العام والشعب السوري على هذا الأساس أدرك حقيقة مؤامرات أعدائه لدرجة أن المواطن السوري أمسى يتغاضى عن بعض النواقص التي يواجهها في المؤسسات الحكومية ويعرف حق المعرفة أن التحديات التي نواجهها هي السبب في ذلك، ومن الطبيعي أن يكون هناك تقصير في أداء البعض وهذا أمر متعارف في كل بلد، ولكن أؤكد لكم بأن بعض نقاط الخلل الموجودة حالياً لم تكن موجودة قبل الأزمة، لذا فشعبنا يعي الواقع ويعلم بأن الأعداء هم الذين تسببوا في حدوث ذلك، أي أن الشعب السوري يمتلك الوعي الكافي ويميز بين المشاكل الداخلية وبين التوجهات الإرهابية والضغوط الخارجية التي تستهدف كيانه.

لو أردنا تقييم مستوى الرضا الشعبي بشكل دقيق، أقول لكم بأنه لا توجد لدينا إحصائية دقيقة حول هذا الأمر إذ ليس بإمكاني التواجد في جميع المناطق التي يقطنها مئات الآلاف من الشعب السوري والتحدث معهم بشكل مباشر، فهذا أمر غير ممكن بطبيعة الحال، كما هناك الكثير من مواطنينا يقيمون خارج البلد وليس بإمكاننا استطلاع آرائهم بالتفصيل، ولكن ما نحن متأكدون منه وعلى ثقة كبيرة بصحته دونما أي شك وترديد هو أن شعبنا إن لم يكن راض عن حكومته لما استطعنا الصمود طوال خمس سنوات شهدت هجمات شعواء ومحمومة ضدنا، فلا أحد ينكر بأن الشعب السوري هو الداعم الأساسي لحكومته ووطنه، فيا ترى كيف يمكن للشعب السوري أن يعرب عن دعمه لحكومته؟ أليس هذا الصمود طوال السنوات الماضية دليلاً جلياً على رضاه عن قيادته الشرعية؟ فالمواطن السوري قد أعرب عن دعمه لنا في شتى نواحي الحياة الاقتصادية والثقافية والعلمية، وهذا هو الصمود الحقيقي.

وهناك أمر في غاية الأهمية أود أن أنوه عليه في هذا الصعيد، ألا وهو أن الشعب السوري بنفسه قد اختار حكومته تحت مظلة الدستور وفي إطار انتخابات حرة ونزيهة ولا أحد يشكك بذلك مطلقاً، فالانتخابات البرلمانية التي شهدتها سوريا في العام الجاري وانتخابات رئاسة الجمهورية في عام 2014 م كانت إنجازاً تأريخياً لم يشهده بلدنا طوال تأريخه المعاصر منذ استقلاله من نير الاستعمار وإلى يومنا هذا، وكما تعلمون بأن مشاركة الشعب في الانتخابات قد لا يعني بالضرورة امتلاكه توجهات سياسية موحدة بالكامل، ولكن هذه المشاركة بكل تأكيد تنم عن أنه قد أدرك بأن رص الصف والمشاركة في الانتخابات الشرعية هو السبيل الوحيد لمواجهة الإرهاب الأعمى، وبالتالي فقد أدرك أن الوقوف إلى جانب حكومته الشرعية سوف ينقذه من المخاطر الإرهابية والخارجية التي تستهدف كيانه، وهذا الأمر برأيي أكبر دليل على رضا الشعب عن حكومته، فنحن لم نجبر أحد على المشاركة في الانتخابات بل إن الناس هم الذين شاركوا فيها عفوياً وبإرادتهم المحضة.

المراسل: حينما يدور الكلام حول وعي الشعب السوري ودوره في دعم حكومته، فهذا الأمر بطبيعة الحال يدل على أن ما يجري في سوريا يختلف عما حدث في بعض البلدان كمصر وتونس، فما هي أوجه الاختلاف هنا برأيكم؟

بشار الأسد: شعوب منطقتنا لها ثقافات اجتماعية متشابهة، ومن البديهي في هذه الحالة أن تتشابه مطالبها في الظروف الطبيعية، ولكن هناك اختلاف جذري بين نوع نظام الحكم في كل بلد، فالنظامان اللذان كانا يحكمان كلاً من مصر وتونس كانت لهما علاقات حميمة مع البلدان الغربية وبالتالي فهي حظيت بتأييد كامل من قبل الغرب بحيث نالت منه دعماً لا محدوداً؛ ولكن الأمر يختلف بالكامل بالنسبة إلى بلدنا سوريا، فنحن لسنا مقربين من تلك الحكومات وقد كانت علاقاتنا معها في أحسن الأحوال طبيعية وليست حميمة، والواقع أن هذه العلاقات كانت حسنة في ظاهرها فقط.

وأؤكد لكم بأن الأنظمة الغربية حاولت استغلال علاقاتها الإيجابية مع سوريا بغية تحقيق مآربها في المنطقة، فهذه الأنظمة لم ترض يوماً عن الحكومة السورية وكانت وما زالت تفرض علينا حظراً اقتصادياً وتقنياً ولم ترض برفعه إلا بشرط أن نتخلى عن جبهة المقاومة وأن ننأى بأنفسنا عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلا أننا رفضنا هذه المطالبات غير المشروعة وكل تلك الإغراءات التي طرحت علينا.

المراسل: ما الذي طلبوه منكم في هذا الصدد؟

بشار الأسد: طلبهم الأساسي هو أن نتخلى عن محور المقاومة وأن لا ندعم الشعب الفلسطيني، حيث أصروا علينا بالانخراط في عملية التسوية والتغاضي عن حقوق شعبنا وتجاهل حقوق إخوتنا الفلسطينيين.

المراسل: إذن هل يمكن القول إن أساس عداء الولايات المتحدة لسوريا سببه سياستكم الخارجية وما المشاكل الداخلية التي روجوا لها لعبة مفتعلة منهم؟ أعداء سوريا يزعمون أنهم يحاربون الحكومة الشرعية بهدف استيفاء حقوق الشعب السوري.

بشار الأسد: قطعاً الأزمة الداخلية مفتعلة ومزاعمهم في هذا الصعيد كاذبة بكل تأكيد، فلو أنهم حقاً يرومون دعم الشعوب وحلحلة مشاكلها الداخلية لماذا لا ينتشلون الشعب السعودي من براثن آل سعود؟! ما السبب في صمتهم حول ما يواجهه المواطن السعودي من ضغوط قاسية؟! لقد بادروا إلى محاصرة الشعب السوري وتحريضه ضد حكومته، في حين أن القاصي والداني يعرف حق المعرفة أن الخلفية السياسية الحضارية في سوريا والأجواء السياسية الحالية والديمقراطية التي يتمتع بها الشعب السوري لا يمكن أن تقارن بوجه مع ما تشهد الساحة السعودية ولا يمكن بتاتاً مقارنة حرية المواطن السوري مع حياة المواطن السعودي القاسية.

وأذكركم أيضاً بأن الجمهورية الإسلامية تعتبر أنموذجاً في الحرية والديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، ولكن رغم ذلك نجد الولايات المتحدة الأمريكية تناهضها ولا تنفك لحظة عن مضايقتها، في حين أنها لا تتعامل كذلك مع البلدان الرجعية العميلة لها.

نعم إن توجهاتنا السياسية هي السبب في تعامل واشنطن معنها بهذا الشكل الانتقائي، وبلدنا يختلف عن بعض البلدان مثل مصر وتونس هو أن نظامنا لا يخضع لسياسة البيت الأبيض في حين أن هدفهم في تلك البلدان تتمحور حول تأسيس حكومات جديدة تحظى بتأييد غربي وتنال رضا الشعب أيضاً، إلا ان الوضع في بلدنا سوريا يختلف فالغربيون يحاولون الإطاحة بالنظام الشرعي وإيجاد نظام عميل لهم لكي يكون بلدنا لقمة سهلة لهم، لذا بذلوا كل ما لديهم من جهود لدعم الحركات الإرهابية لكن سياستهم في سائر البلدان تختلف حيث كما تلاحظون لا يدعمون الإرهاب فيها لكون التوجهات السياسية الحكومية في هذه البلدان تنصب في خدمة أمريكا والغرب.

في الآوينة الأخيرة ولا سيما في الفترة ما بين 2008 م حتى 2011 م مارسوا ضغوطاً شديدةً ضدنا وبالأخص تلك الجهود التي بذلها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي نيابة عن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، حيث طلبوا منا إقناع القيادة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالتخلي عن جميع رصيدها من اليورانيوم المخصب وتسليمه للغرب دون أي ضمان يذكر، ولكننا رفضنا هذه الوساطة لأن طلبهم غير مشروع ويمس بحقوق الشعب الإيراني، فيا ترى هل هناك بلد يمكن أن يوافق على هذا الطلب دون أي ضمان؟!

نحن نعلم وأنتم كذلك تعرفون جيداً أن القوى الغربية لو استولت على مخزون إيران من اليورانيوم المخصب سوف لا ترجعه إليها بتاتاً.

هذه هي المهمة التي أوكلوها لنا في الفترة الواقعة بين الأعوام 2008 م إلى 2011 م وقبل ذلك أيضاً كانت لديهم طلبات أخرى قدموها لنا، ففي عام 2002 م على سبيل المثال أرادوا منا الموافقة على مشروع الملك السعودي فهد بن عبد العزيز حينما اقترح السلام مقابل التطبيع دون تحقيق أي امتياز للشعب الفلسطيني.

إن السبب الأساسي في عداء الغرب لنا قبل وبعد هذه الأزمة هو علاقاتنا الحميمة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكما ذكرت لكم فقد طلبوا منا إقناع القيادة الإيرانية بالموافقة على مطالبهم لأننا أفضل أصدقاء إيران.

المراسل: هل يمكننا اعتبار الأزمة المحتدمة التي يعاني منها الشعب السوري حالياً هي ثمن لعدم مسايرته للأمريكان والغربيين؟

بشار الأسد: أجل بكل تأكيد، فالولايات المتحدة الأمريكية تمر في المرحلة الراهنة في ظروف عصيبة وهي تتقهقر، فمنذ الأزمة الاقتصادية التي عصفت بها عام 2008 م بدأ نفوذها يضمحل في عين ظهور تكتلات دولية جديدة، وهذا الأمر يعني حدوث موازنة قوى جديدة، لذا إن أراد الأمريكان زعزعة أركان هذه المعادلة فلا حيلة لهم سوى توجيه ضربات قاصمة للبلدان المستقلة التي لا تنصاع لسياساتها مثل الجمهورية الإسلامية وسوريا وكوريا الشمالية وكل بلد آخر يحاول العيش بحرية واستقلالية ولا يكون خاضعاً لهم.

الساحة الدولية في هذه الأيام مليئة بمثل هذه النماذج، فالولايات المتحدة الأمريكية تحاول إعادة بسط نفوذها في شتى أرجاء العالم بعد أن سحب البساط من تحت أرجلها، فقد افتعلوا أزمات في البرازيل وفنزويلا وفعلوا ما فعلوا في بلدنا سوريا، إنهم يريدون حفظ ماء الوجه على أقل تقدير بعد أن انعدمت الثقة بهم بالكامل.

المراسل: الأمريكان كما تعلمون قد خسروا اللعبة في مختلف ملفات الشرق الأوسط، إذ لم يحققوا شيئاً في العراق وأفغانستان وسوريا واليمن، لذا كيف سيتمكنون من إعادة ماء الوجه وتعويض خسائرهم السياسية وما هي خططهم المستقبلية برأيكم؟

بشار الأسد: في عام 1982 م هزم الأمريكان في لبنان وقبل ذلك خسروا اللعبة في فيتنام، وسوف يواجهون مستقبلاً هزائم وهفوات كثيرة، ومنذ الحرب العالمية الثانية وإلى يومنا هذا لم ينفك ساسة البيت الأبيض عن خلق الأزمات لشتى البلدان وتدميرها، ولم يحققوا أي إنجاز آخر غير هذا الدمار الشامل.

لقد دمروا العراق، وما هي خطوتهم اللاحقة؟ يا ترى من الذي أوجد النزاعات الطائفية؟ من الذي أسس تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة الإرهابية؟

لا أحد ينكر أن الولايات المتحدة هزمت في أفغانستان، وفشلت أيضاً في مناطق أخرى، فحكومة واشنطن لا تتبنى سياسات عقلائية حيث تأسست وفق مصالح خاصة ولا سيما تلك الدعايات الانتخابية التي قد تؤدي أحياناً إلى الفتك بأرواح آلاف مؤلفة من البشر، كما تواجه هذه الحكومة ضغوطاً من قبل لوبي السلاح ولوبي النفط وغيرهما، ومن المؤكد أن المصالح الأمريكية لو اقتضت تأجيج حروب وحشية وإزهاق أرواح الملايين من البشر في الشرق الأوسط، لما توانت حكومة واشنطن عن ذلك أبداً، فالهدف الأساسي للأمريكان هو تحقيق المصالح المخطط لها فحسب.

هذه هي حقيقة الحكومة الأمريكية، لذا لا يمكننا تقييمها حسب أصول عقلانية، ولكنهم سوف يواجهون هزائم جديدة كما هزموا سابقاً، فالرئيس باراك أوباما قال في الأيام الأولى التي تقلد فيها زمام الرئاسة بأنه سوف لا يخوض أية حرب، ولكنه ماذا فعل بعد ذلك؟! لقد شارك في جميع الحروب بأشكال مختلفة، إذ حتى وإن لم يرسل كتائب عسكرية أمريكية برية في أراضي البلدان الأخرى، لكنه قدما دعماً لجميع الحروب الجارية في المنطقة، فهو يمنح الصواريخ للقوى الحليفة لواشنطن ويدعم القوى الغربية التي تشارك بالحروب وكأنها تحارب تحت مظلة حكومت، وعلى هذا الأساس لا نبالغ لو قلنا بأن سياسة جميع الحكومات التي تعاقبت على الحكم في البيت الأبيض قد سارت على نهج واحد بهدف إيجاد نظام عالمي جديد، وهذا هو رأيي.

المراسل: ما هي العوامل التي أدت إلى فشل المخططات الأمريكية في المنطقة برأيكم؟ فهل أن السبب في ذلك يرجع إلى ضعف استراتيجياتهم أو أن الأحداث تجري خلافاً لرغباتهم؟

بشار الأسد: أول أمر تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد هو أن النظام السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية هو المشكلة الأساسية التي يعاني منها هذا البلد، فيا ترى هل يسمح هذا النظام للنخبة والعقلاء من الشخصيات البارزة في واشنطن بأن يفرضوا أنفسهم كسياسيين يتولون زمام الأمور أو أنه لا يتيح هذه الفرصة إلا للنفعيين؟

لو تمعنا في العقود الثلاثة الماضية فقط من تأريخ الرئاسة الأمريكية - ولا أريد أن أتحدث في الفترة التي سبقتها - للاحظنا أنه منذ عهد الرئيس رونالد ريغان وإلى يومنا هذا لم يحكم هذا البلد سياسي محنك بكل ما للكلمة من معنى، وهذا الأمر بطبيعة الحال يعد تحدياً جاداً للساسة الأمريكان، ناهيك عن اللوبي الذي يشرف على الانتخابات، لذا فكل رئيس حينما يتولى زمام الأمور فهو يفكر في مصلحة نفسه وتكتله الحزبي واللوبي الذي جاء به إلى السلطة ومن هذا المنطلق فهو يضطر فيما بعد لارتكاب مغامرات متهورة في العالم تنعكس سلبياته على الشعب الأمريكي قبل غيره.

أعتقد أن تأريخ الرئاسة الأمريكية منذ أربعة عقود على أقل تقدير قد تسبب في حدوث أضرار فادحة للولايات المتحدة الأمريكية، وعلى هذا الأساس نقول إن اللوبي الأمريكي هو السبب الرئيس في الهزائم المتوالية التي تواجهها سياسات واشنطن في العالم، وأنوه هنا على أن وسائل الإعلام وسائر المؤسسات التي تتصدى لهذه المهمة الحساسة لها نصيب أيضاً في فشل الأمريكان، ولكن رغم كل ذلك فهم لا يعتبرون بالماضي ونرى أن نفس المغامرات الجنونية تتكرر بين الفينة والأخرى تحت مسميات وذرائع عديدة.

الأزمة الأساسية التي يعاني منها هؤلاء لا تكمن في الخسائر الميدانية فحسب، بل إنهم يواجهون هزائم فادحة إثر ابتعادهم عن الأسلوب العقلاني لدى تعاملهم مع مختلف الملفات حيث يفتقدون إلى الروح الثقافية والواقعية ويفتقرون إلى الصدق في سياساتهم، لذا لو أنهم تمسكوا بهذه المبادئ الهامة لما تعرضوا لأية هزيمة تذكر، فسبيلهم الوحيد في السعي لتحقيق أهدافهم هو التحشيد العسكري والمؤامرات الشيطانية فحسب.

الساسة الأمريكان يعرفون حق المعرفة أنهم فيما لو اتبعوا النهج الإنساني الصادق وسلكوا السبيل العقلاني في التعامل مع مختلف الملفات في العالم فسوف تتوقف عجلة إنتاج أسلحتهم الفتاكة وتفلس مصانعهم، فهذه المصانع كما تعلمون تزاول نشاطاتها الإنتاجية وتحصل على أرباحها المالية حسب حجم الحروب المتأججة في العالم ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط.

المراسل: سوريا لها تأريخ وجغرافيا يميزانها عن بعض البلدان التي تعاني من أزمات داخلية، لذا لا بد من اعتبار الحرب فيها مختلفة عن الحرب في ليبيا، لذلك أسفرت الأزمة السورية إلى انقسام العالم إلى قطبين أحدهما تقوده روسيا والآخر أمريكا، وتحت مظلة هذين البلدين تنضوي سائر القوى العالمية حيث تشارك في الحرب المفروضة عليها بشكل مباشر أو غير مباشر.

فيا ترى ما هي القضايا التي جعلت بلدكم يحظى بهذه الأهمية بحيث استقطب أنظار العالم بأسره وأصبح ساحة لصراع القوى الكبرى؟

بشار الأسد: كلامكم صحيح، فعلى الرغم من أن مساحة سوريا أصغر من بعض البلدان العربية ومع أنها لا تمتلك ثروات طائلة مثلها، إلا أنها تفي بدور أساسي في الساحة الإقليمية نظراً لعظمتها تأريخياً وسياسياً واجتماعياً، وكما تعلمون فحضارتنا ذات جذور عريقة وكل بلد عريق بطبيعة الحال له القابلية على لعب دور أساسي على الساحتين الإقليمية والدولية، وأشبه لكم سوريا بنقطة اتصال بين نقاط الهزات الأرضية في العالم العربي، فبلدنا متنوع الديانات والثقافات والقوميات أكثر من أي بلد عربي آخر وجميع أهله يعيشون بوئام وسلام دون أية مشاكل تذكر، لذا إن حدث أي اختلاف فسوف تحدث هزة أرضية في المنطقة وستكون عواقبها وخيمة على المنطقة والعالم بأسره. هذا هو أحد أبعاد القضية، وأما البعد الآخر فيتمحور حول أن سوريا قد اتخذت مواقف إنسانية ورجولية مستقلة وكان لها الدور البارز على الساحة السياسية العالمية بشكل يميزها عن أي بلد آخر، في حين أن معظم البلدان العربية قد واكبت البلدان الغربية في سياساتها والقرارات المصيرية التي تتخذها، وبعضها أذعن للغرب بكل وجوده بحيث إنه ينفذها بحذافيرها وكأن الغربيين هم أرباب الكون بأسره.

منذ أن انتهجت سوريا سبيلا سياسياً مستقلاً مختلفاً عما انتهجته سائر البلدان في المنطقة، انتابت البعض خشية منها لذا فإن أي تغيير سياسي أو اجتماعي أو في أي مجال آخر فيها سوف يلقي بظلاله على سائر البلدان، وكما أخبرتكم فإن هدف الولايات المتحدة الأمريكية هو تغيير الحكومة السورية لأجل إيجاد نظام حكم عميل لها وهذا الأمر إن تحقق فسوف تكون له تبعات عديدة وبما فيها إعادة تجربته في بلدان أخرى، لذلك فإن قادة جميع بلدان المنطقة التي تروم الحفاظ على استقلالها يعرفون حق المعرفة بأن أي تغيير يطرأ في بلدنا سوف يسري إليهم أيضاً، وبطبيعة الحال فإن هذا التغيير لا يقتصر على البلدان العربية فحسب، بل سيؤثر على كل بلد في العالم، ويمكنني أن أشبه بموقف الجمهورية الإسلامية الإيراينة بحقها النووي إذ إن تراجعها عن حقوقها سيؤدي إلى الإضرار بسائر البلدان.

نحن نعيش في منطقة واحدة وبالتالي نؤثر ونتأثر ببعضنا، ولا أحد ينكر بأن إيران بلد له أهميته الخاصة، لذا فإن كل أمر يواجهه الإخوة في طهران سوف تكون له تأثيرات علينا والعكس صحيح، فهذا التأثير متبادل وهو الذي أسفر عن انقسام العالم إلى قطبين بالنسبة إلى الأزمة التي يعاني منها بلدنا.

المراسل: الزمر الإرهابية المتشددة وكل ما ينضوي تحتها من مجاميع تكفيرية استثمرت الأزمة السورية لشن هجوم همجي ضد المقاومة البطلة، لذا فجميع بلدان العالم وبما فيها الغربية على يقين تام بأن الحكومة الشرعية في دمشق برئاسة سيادتكم تلعب أبرز دور في محاربة هذه التيارات الإرهابية، فيا ترى كيف تقيمون الأوضاع فيما لو نجح الجيش العربي السوري أو فشل في هذه الحرب؟ وكيف ستكون النتائج على سوريا والمنطقة والعالم في كلا الحالتين؟

 بشار الأسد: هذا السؤال في غاية الأهمية، إذ من المؤكد أن محاربة الإرهاب هي أحد أهم أسباب استمرار الأزمة السورية، وكل حرب بطبيعة الحال يراد منها إلى جانب الانتصار العسكري تحقيق إنجازات على سائر الأصعدة، وهزيمة الإرهاب بكل تأكيد لا تترتب عليها نتائج سياسية فحسب، بل لها ثمار اجتماعية ووطنية وهذا ما يقلق الغربيين إلى أقصى حد فهم يعلمون جيداً بأن الجيش العربي السوري وحلفاءه لو تمكنوا من تحقيق النصر على الإرهاب فسوف يصبح أقوى بكثير مما كان عليه سابقاً وهذا الأمر بطبيعة الحال يعتبر تحدياً كبيراً لأعداء سوريا وسائر القوى الغربية ولا سيما أنه نصر كبير لمحور المقاومة بقيادة إيران وسوريا.
نحن لا نواجه عداءً إسرائيلياً فحسب، بل إن مقاومتنا أمست اليوم أمراً مصيرياً شاملاً، فقتالنا اليوم هدفه الحفاظ على أرواح شعبنا وسيادتنا ومصالح بلدنا، وبرأيي فإن أهم مبدأ تهدف إليه المقاومة يكمن في الحفاظ على استقلال بلداننا، وإذا ما انتصرت سوريا على الإرهاب سوف تسري روح الاستقلال إلى سائر البلدان في المنطقة والعالم بنطاق أوسع مما مضى ومن ثم سوف يخشر الغرب نفوذه، وأؤكد لكم بأن الحفاظ على الاستقلال والعزة ليس بالأمر المستحيل لأن البلدان الغربية وعلى رأسها أمريكا لا تمتلك إرادة حديدية، لذا فهي ستهزم حتى وإن كانت الخسائر كبيرة.

إن صمود شعبنا وجيشنا وإخوتنا في المقاومة قد أبطل قول من قال بأن القوي لا بد وأن يأكل الضعيف، وتداعيات هذا الصمود سوف تنعكس على المنطقة والعالم بأسره إذ حينما تتزعزع أوضاع رأس الفتنة فمن المؤكد أن ذيوله في المنطقة سوف يضعفون وبالتالي ستنال الشعوب متنفساً لنيل استقلال أكثر.

لقد تحولت سوريا إلى قطب في محاربة الإرهاب في العالم، وهذا إنجاز آخر لشعبنا وجيشنا وأبطال المقاومة، فقد أوفد أعداؤنا إرهابييهم بأعداد هائلة لتدمير بلدنا، وعلى هذا الأساس إن تمكنا من هزيمتهم بالكامل سوف تنعكس إيجابيات هذا النصر على المنطقة والعالم قاطبة، فالشعب السوري ليس هو المستفيد الوحيد من كسر شوكة الإرهاب التكفيري، ولكن لا سمح الله لو أننا عجزنا عن هزيمة الإرهاب بالكامل فسوف يتغلغل كالغدة السرطانية في العالم ومن ثم ستصبح جميع البلدان مستعبدة من قبل البيت الأبيض.

المراسل: الشائع في وسائل الإعلام العالمية أن الحرب في سوريا وبعض بلدان المنطقة هي حرب طائفية، فهل تؤيدون ذلك؟ أهي حقاً حرب طائفية؟

بشار الأسد: هذا الكلام يختلف بالكامل عما هو موجود في أرض الواقع، فلو كانت هذه الحرب طائفية حقاً لما تأججت في الآونة الأخيرة، بل لحدثت قبل أربعة عشر قرناً.

متى بدأت بوادر الحرب الطائفية في منطقتنا تطفو إلى السطح؟ إنها انطلقت منذ أن شمر البعض عن سواعدهم لمواجهة الثورة الإسلامية في إيران، وأعني المد الفكري التكفيري الوهابي بالتحديد والذي انبثق في السعودية ومن ثم شاع في مختلف أرجاء العالم، لذا فإن إدارة الحروب الطائفية منذ باكورتها كانت وما زالت بأيدي سلطة آل سعود وقد كلفهم أسيادهم الغربيون في بادئ الأمر بقمع الثورة الإسلامية لكن هيهات لهم ذلك، فهذه الثورة استقطبت قلوب جميع الأحرار في المنطقة والعالم.

لا يختلف اثنان في أن الولايات المتحدة الأمريكية تشعر بخشية كبيرة من انضواء شعوب العالم تحت مظلة الثورة الإسلامية الإيرانية، لذلك أمر ساسة البيت الأبيض عملاءهم في الرياض بمحاربتها في إطار مذهبي طائفي.

والطريف في الموضوع أن إيران بعد انتصار ثورتها الإسلامية فجأة تحولت إلى شيعية برأي واشنطن والرياض! فيا ترى ألم يكن الشعب الإيراني قبل الثورة شيعياً؟! وما السبب الذي أدى فجأة إلى ظهور الزمر الوهابية التكفيرية بمسميات عديدة؟!

إذن، الحروب الطائفية التي شهدتها المنطقة قد تم تأجيجها من قبل واشنطن وعملائها بغية التصدي لمبادئ الثورة الإسلامية الإيرانية، وعلى هذا الأساس حاولوا تنفيذ هذا المشروع الخبيث في سوريا أيضاً، ولكنهم عجزوا عن تأجيجها وفق هذا المنحى إذ من الخطأ بمكان قول إن الحرب التي تجتاح بلادنا طائفية، فجميع الأديان والمذاهب والقوميات في بلدنا متحدة، بل لا نبالغ لو قلنا بأنها اتحدت بشكل يفوق ما كانت عليه الأوضاع آنفاً وذلك بعد أن التفت أبناء سوريا إلى المخاطر المحدقة بهم والمؤامرات التي تحاك ضدهم، لذا لو كانت الحرب طائفية حقاً لفنيت سوريا منذ زمن ولما بقي فيها أمن ولا أمان بتاتاً.

حتى وإن وجد اختلاف عقائدي بين مختلف مكونات الشعب السوري، فهو أمر طبيعي وموجود منذ القدم في بلدنا وكذلك هو موجود في أي بلد آخر، فهذه هي طبيعة البشرية في شتى العصور والأماكن، ولكن لا يصح ادعاء أن هذا الاختلاف العقائدي هو السبب في الحرب المفروضة على شعبنا، لذا فإن ما يتم الترويج له في الحقيقة ليس سوى أزمة سياسية أججها الأعداء في بلدان بأيادي تكفيرية قذرة تستهدف جميع القوميات والأديان والطوائف والمذاهب في سوريا.

/انتهي/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة