كيف خدمت المواكب الحسينية الزوار المشاية بين النجف الاشرف وكربلاء المقدسة؟


الطريق بين النجف الاشرف وكربلاء المقدسة هو أحد الطرق الذي يسلكه زوار الاربعين الحسيني في العراق مشيا على الاقدام للوصول الى كربلاء المقدسة واداء الزيارة.

خاص تسنيم / اقدام تطأ الارض شوقا للوصول الى مرقد ابا الاحرار عليه السلام وهنا تتذلل كل الصعاب والمشقة بسبب عظمة الموقف ، الرحلة من النجف الاشرف الى كربلاء المقدسة مشيا على الاقدام وكل ما يحتاجه الزائر من مأكل ومشرب ومكان للمبيت يوفره هنا العراقيون من اهالي النجف الاشرف وكربلاء المقدسة والعشائر التي تقطن قرب هذا الطريق وكذلك اهالي باقي المدن وابناء عشائر باقي مناطق العراق الذين بنوا مواكب على جانب الطريق لخدمة زوار سيد الشهداء عليه السلام، مشهد لا نظير له في العالم اجمع حيث يبذل العراقيون اموالهم وجهودهم لنيل رضا الله عزوجل وتسجيل اسمهم في قائمة من خدم زوار ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، البذل والعطاء هنا من غير منة من احد بل يقول الخدام انهم هم الممتنون للزوار الذين يبيتون في المساء في مواكبهم ويأكلون من زاد ابا عبدالله الحسين عليه السلام.

"هلا بزوار ابو السجاد" عبارة يرددها باستمرار اصحاب هذه المواكب وهذه العبارة تزيل تعب المشاية وترفع معنوياتهم وتنسيهم صعوبة المشي على الاقدام لأيام متتالية وترفع معنوياتهم وتجري دموع بعضهم ، فالمواكب هي عبارة عن ابنية واسعة المساحة تسع البعض منها لآلاف الاشخاص والبعض للمئات وبين الموكب والموكب تجد موكبا آخر. الولاء لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمكنك ان تلمسها في كل حركة وفعالية يقوم بها اصحاب المواكب فالحب والعشق ليس شيئا يمكن اخفائه وهذا الحب والعشق يمكن رؤيته ولمسه جليا في عيون اصحاب المواكب ونظراتهم الى الزوار وكلمات الترحيب بهم والخدمات المقدمة فالزائر لا يحتاج الى اي شيء في هذه الايام لان اصحاب المواكب يوفرونه بكل سخاء وكرم.

ففي الصباح الباكر بعد صلاة الفجر يتم تقديم طعام الفطور بشتى انواعه للزوار المشاية وعند الظهيرة تفرش الموائد في داخل المواكب وعلى جانب الطريق وفي المساء الامر كذلك والشاي العراقي يقدم للزوار على دوام الساعة على جانبي الطريق.

ان احد المواكب الذي مكث فيه فريق وكالة تسنيم الدولية للأنباء والذي نال شرف المشي مع المشاية بين النجف الاشرف وكربلاء المقدسة كان موكب " شباب القاسم" عند العامود 890. وقد قدم اصحاب الموكب كل الرعاية والعناية لفريق وكالة تسنيم كما باقي الزوار وفي الصباح اجرينا مقابلة مع أحد القيمين على الموكب وهو السيد ناجي السيد حسن الموسوي من اهالي النجف الاشرف وقد قال لنا السيد ناجي ان هذا الموكب قد تم تأسيسه في عام ألف وتسعمئة واثنين وسبعين.

وحينما سألنا السيد ناجي من اين جاءت التكاليف قال لنا ان التكاليف هي شخصية وخاصة ومن جهود فردية وأكثر المنتسبين هم من القطاع الخاص وبجهود شخصية ويجمعون الاموال طوال السنة من بينهم واكثرهم من جهدهم او رواتبهم الخاصة اليومية.

وشرح لنا السيد ناجي ان القيمين على هذا الموكب هم رجالنا القدماء وكبيرهم الحاج رضا الشيرازي والحاج هادي ومجموعة نحن نتبعها. واوضح السيد ناجي انهم لا يستطيعون ان يفتخروا بإطعام الزائرين فهذا واجب عليهم قائلا: ان أكثر من الفي زائر يتناولون طعام الغداء وكذلك العشاء والفطور في هذا الموكب وينامون فيه والطعام يزود عن عدد الزوار وعن عدد العاملين في موكب شباب القاسم، وقال لنا السيد ناجي ان العمل هو طوعي وغير محدود فسم من العاملين هم ثابتون وهناك عامل تطوعي يأتي اليوم ويعود غدا لكن حوالي 100 شخص هم دائمون ويخدمون بشكل طوعي ولا يتقاضون اي راتب بل يصرفون من جيوبهم.

وحينما استفسرنا عن التكاليف وهل كلها تبرعات شرح لنا السيد ان التكاليف على نوعين فسم خاصة وقسم من التبرعات التي هي غير رسمية ولا تأتي من جهة منظمة فكلها تأتي من جيوب الافراد ولا تأتي من الحكومات والادارات.

وردا على سؤال لنا حول عدد المواكب الموجودة بين النجف الاشرف وكربلاء المقدسة شرح لنا السيد ناجي انه في سنة 2003 وسنة 2004 تجاوز عدد المواكب 3500 والعدد يتزايد من عام الى عام ولا يمكن احصاء عددها الان ولم يعد هناك مكان ليحتوي المواكب بل عبرت المواكب الى الجانب الآخر من الطريق.

وعندما استفسرنا عما تقدمه الحكومة للمواكب من ماء وكهرباء وباقي الخدمات أكد السيد ان الحكومة تقدم جزءا يسيرا جدا ولا نحتاجه فهي تقدم فقط الكهرباء لكنها ضعيفة ونحن نعالجها ونوصلها بصورة صحيحة فنحن لا نحتاج اي دعم والماء نحن نوفرها كما نوفر المياه الخاصة للشرب.

وعندما سألنا السيد ناجي عن جنسيات الزوار الذين ينزلون في الموكب قال انهم من كل الجنسيات والحمد لله والشكر انهم من كل العالم بين أجنبي واشقاء عرب ومن كل العالم والحمد لله والشكر.

اما السؤال الآخر الذي طرحناه على السيد ناجي كان عن سبب هذا الولاء والعطاء فقال لنا : جنون ، هذا الجنون بالدم فانتم ترون امامكم ان طفلا صغيرا عمره سنتين ينادي يا حسين فهذه فطرة وهي مزروعة وقبل الولادة يسمع الطفل من امه وابيه عبارة يا حسين فهذا موجود منذ القدم وليس شيئا جديدا ، ان هذا الطريق تأسس منذ الاربعينيات والثلاثينيات ونحن نتذكر من كان يتولى هذا الامر وكان عددهم محدودا لكن الأمر تأصل اكثر مع التضحيات فقد زاد العزم واصبحنا لا نحب هذا الطريق بهدوء لأنه درب التضحية والمواجهة والولاء وطريق العزم وحادثة عام 77 تشهد للعالم كله ونحن نجددها كل عام ونقول ان هذا الدرب مهدته دماء طاهرة بالفطرة ليدوم هذا الطريق ضد الطغاة ويصبح دربا ومسيرة عالمية واصبحنا نرى ان النجفيين اصبحوا لا يستطيعون حتى المشي مع الزوار بسبب ضرورة القيام بواجب الضيافة.

وحينما تركنا للسيد ناجي الكلمة الاخيرة قال: أني اريد المحبة بين الزوار ولانريدهم ان يتفرقوا عن الحسين عليه السلام الذي وحد الشعوب ووحد القلوب ونريد نبذ الكراهية بين كل المسلمين. وحينما شكرنا الناجي على المقابلة قال: انا ايضا اشكركم لأن الاعلام ضروري ومطلوب وهو ثلاثة ارباع العمل وجزاكم الله خيرا.

/انتهى/