الاحتفال بأطول ليلة في السنة .. تشابه ثقافي بين ايران ومصر

الاحتفال بأطول لیلة فی السنة .. تشابه ثقافی بین ایران ومصر

العلاقات التأريخية بين الشعبين الإيراني والمصري تتجلى في العديد من المناسبات، وليلة البارحة التي كانت أطول ليالي السنة هي إحدى الشواهد على ذلك.

ليلة البارحة كانت أطول ليلة في الشتاء مما يعني أنها أطول ليالي السنة على الإطلاق، ولهذه الليلة احترام خاص من قبل الشعب الإيراني التي يسميها "ليلة يلدا" حيث يجتمع الأهل والأقارب لصلة الرحم والتسامر وتناول الفاكهة، وهي معروفة أيضاً لدى المصريين القدماء الذين أعاروا لها أهمية خاصلة في معابدهم.

شيد المصريون القدماء أبنيتهم الهامة وأهراماتهم وفق حسابات هندسية وفلكية دقيقة، حيث كانوا على علم بعلم النجوم وحركة الشمس لذلك كانت لديهم سنة شمسية وحساباتهم الدقيقة آنذاك أبهرت علماء العلم الحديث، وأبرز دليل على براعتهم المشهودة هذه تشييد أهرامات لا نظير لها في العالم ومعابد في مدينتي أقصر وأسوان لدرجة أن البعض طرحوا فرضية أن الفراعنة استعانوا بسكان سائر الكواكب السيارة في تشييد مبانيهم.

معبد الكرنك هو أحد المعابد الشهيرة في مدينة أقصر وقد تم تشييده بشكل يتناسب مع حركة الشمس طوال فصول السنة، ففي يوم العشرين من شهر كانون الأول / ديسمبر تشرق الشمس بشكل عمودي على الجدار الشرقي لهذا المعبد وهو ما يطلق عليه في علم الفلك "تعامد الشمس" حيث تنير أشعة الشمس ممرات هذا المعبد والمعابد الأخرى وتكون ظلال من يقف فيها موازية تماماً لجدرانها، وهذه الظاهرة العلمية المعمارية كانت عبارة عن وسيلة معتمدة للتعرف على آخر يوم في فصل الخريف وحلول أول يوم من أيام الشتاء إذ كان للفصول الأربعة دور بالغ في حياة المصريين القدماء، ففي أول أيام الربيع تشرق الشمس في المعابد بشكل خاص يجعلهم قادرين على تحديد هذا الموعد الهام فيبادرون إلى زراعة محاصيلهم الفصلية.

معبد الكرنك

وهذه الحالة مشهودة أيضاً في معبد أبو سمبل الواقع قرب مدينة أسوان، حيث تخترق أشعة الشمس ثقباً واقعاً شرقي السقف وتتلألأ في الصباح على تمثال رمسيس الثاني لمدة عشرين دقيقة مما يضفي عليه جمالاً لا نظير له ويميزه عن سائر التماثيل المجاورة له، حيث تحدث خلال الثاني والعشرين من شهر تشرين الأول / أكتوبر والثاني والعشرين أيضاً من شهر شباط / فبراير وفي سائر الأيام لا تضرب أشعة الشمس هذا التمثال مطلقاً، وهذه الظاهرة الفريدة دليل جلي على براعة المهندسين والمعماريين المصريين القدامى وبراعتهم في علم الفلك وحساب حركة الشمس.

معبد أبو سمبل

ونحن الإيرانيون نحتفل سنوياً بأول أيام الربيع وأطول ليلة في السنة والتي نطلق عليها اسم "ليلة يلدا" ولدينا تقاليد وأعراف اجتماعية خاصة في هاتين المناسبتين السنويتين، وهي موروثة من الأجداد الذين حددوا تأريخهما من خلال حساب حركة الشمس والنجوم مما يعني أننا من اوائل الشعوب التي أبدعت في هذا المضمار.

كما معلوم فالتقويم الرسمي في إيران هو التقويم الشمسي، والمصريون القدماء بدورهم كان لديهم تقويم مشابه، وتجدر الإشارة هنا إلى أن التقويم القبطي القديم في مصر يشابه التقويم الإيراني القديم، وتدل الآثار المكتشفة في مصر على أن المصريين القدماء كانوا يعتبرون أول يوم من أيام الربيع بأنه عيد الأم كما أعاروا أهمية لأطول ليالي السنة في معبد الكرنك وسائر المعابد، وكذلك فإن الشعب الإيراني يحتفل بأول أيام الربيع باعتباره عيد النيروز وكذلك يجتمع الأهل والأقارب في أطول ليالي السنة للتسامر وتناول الفواكه والكرزات؛ وهذا الأمر إنما ينم عن التقارب الوطيد بين الشعبين الإيراني والمصري منذ سالف العصور.

اجواء احتفالية في ليلة يلدا في ايران

"مجتبى أماني" المدير  السابق لمكتب رعاية المصالح الايرانية في القاهرة

/ انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
أهم الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
عناوين مختارة