هل ستعصف رياح التغيير الدولية بالسعودية؟

هل ستعصف ریاح التغییر الدولیة بالسعودیة؟

تشهد الساحة الدولية على مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية تطورات كثيرة في الاعوام القليلة الماضية ستؤدي الى ظهور تحالفات وتكتلات جديدة وتغيير موازين القوى وتنامي اقتصادات وتأزم اقتصادات اخرى، ستكون لهذه التطورات آثار كبيرة على دول المنطقة وبالاخص الدول التي ترتكز اقتصاديا بشكل كامل تقريبا على النفط وفي مقدمتها السعودية.

كانت السعودية خلال العقود الماضية حليفا اساسيا لدول الاستعمار الغربي ولامريكا وكانت مصدر التمويل الاساسي لمخططاتهم التدميرية في العالم مستخدمة في ذلك سلاح النفط  باعتبارها تملك ثاني اكبر احتياطي نفط في العالم بالاضافة الى وضع مجموعاتها الوهابية الارهابية التي تمولها وتسلحها في كل انحاء العالم في خدمة تلك المخططات الاجرامية.  

ولعل ابرز الصراعات التي شاركت فيها السعودية نهاية القرن المنصرم كان الحرب الباردة حيث لعبت السعودية دور الممول الاساسي والداعم للجانب الامريكي الغربي  وعملت على اغراق السوق بالنفط لخفض اسعاره مما اثر بشكل كبير على اقتصاد الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت.

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفرد امريكا بقيادة العالم، لم يبقى من رادع للسعودية التي عملت على  تعزيز نفوذها بشكل كبير في المنطقة والعالم وزادت من تآمرها وتدخلها في الشأن الداخلي للدول وزادت من نشر افكارها الوهابية وتمويل جماعاتها الارهابية المنتشرة في كل العالم.

ولكننا اليوم امام تطورات كثيرة سياسية واقتصادية تشهدها الساحة الدولية ولعل الصراعات المنتشرة في كل انحاء العالم والازمات المالية والاقتصادية دليل على ان العالم لن يكون كما كان عليه سابقا وستكون تحالفات الغد مختلفة عن تحالفات اليوم ومن الممكن ان تتحول قيادة العالم من نظام احادي القطب الى متعدد الاقطاب بسبب ظهور قوى عظمى ستنافس حتى الغريمين التقليديين روسيا وامريكا.

هذه التطورات ستؤثر بشكل كبير على السعودية التي (في اغلب الظن) لم تكن تضعها ضمن حساباتها، فلو حللنا التطورات السياسية في الوقت الحالي نلاحظ ان امريكا لم تعد تتفرد بالقرار الدولي بل اصبحت كل من روسيا والصين فعالتان بشكل كبير في مجلس الامن، الامر الذي ظهر واضحا عند استخدام الفيتو عدة مرات من قبل الطرفين لرفض مقترحات كانت موجهة ضد سوريا.

 من هذه النقطة نستنتج ان السعودية لن تكون طليقة الايدي لتنفذ مخططاتها بحرية وبمباركة ودعم امريكيين وفي ظل صمت دولي كما كانت في السابق، فعلى صعيد المنطقة العربية رأينا عدد من الدول تتهم السعودية بالتدخل بشؤونها الداخلية منها سوريا والعراق واليمن كما تشهد العلاقات المصرية السعودية تدهورا واضحا ايضا بسبب التدخل وبسبب الضغط السعودي على القيادة المصرية لتغيير مواقفها في عديد من القضايا لعل ابرزها مواقف القيادة المصرية من الازمات في المنطقة. 

ومن الناحية الاقتصادية بالتاكيد ان السعودية بلد غني بالثروات فهو يملك احتياطي كبير من النفط  لكن كما هو ملاحظ في الفترة الاخيرة اُجبرت السعودية على خفض انتاجها للنفط والالتزام بقوانين منظمة اوبك وذلك امر لم تكن السعودية لتفعله في اي وقت مضى ولكنها اُجبرت في ظل الضغط الدولي عليها، كما ان تراجع اسعار النفط العالمية كان له اثر كبير على الاقتصاد السعودي لذلك بدأت بالقيام باجراءات لتعويض ذلك منها فرض الضرائب.

 حيث ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن "عهد المعيشة المعفاة من الضرائب انتهى بالنسبة للسعوديين"، بعد أن وافق مجلس الوزراء السعودي على فرض ضريبة القيمة المضافة، ولفتت الصحيفة إلى أن صندوق النقد الدولي قد أوصى دول الخليج الفارسي بفرض هذه الضريبة، تعويضا عن خسائرها الناجمة عن تراجع أسعار النفط.

وقد وافق مجلس الوزراء السعودي، في قراراته الصادرة الاثنين 30 يناير/كانون الثاني 2017، على الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة، والضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون الخليجي الفارسي، حسبما نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس"، وستفرض السعودية ودول الخليج الفارسي ضريبة القيمة المضافة، بنسبة 5%، على جميع المنتجات والخدمات باستثناء 100 سلعة أساسية، في الربع الأول من العام 2018.

ومن ناحية اخرى فانه من المعروف ان الغاز سيكون مصدر الطاقة البديلة في السنوات القادمة وهناك طلب متزايد على الغاز الطبيعي كوقود حول العالم، حيث تملك السعودية احتياطا كبيرا من الغاز ولكن ينافسها بذلك عدد من الدول في العالم والمنطقة اولها روسيا التي تملك اكبر احتياطي غاز في العالم و على الصعيد الاقليمي يشهد الاقتصاد الايراني تناميا واضحا بعد رفع الحظر عن ايران ويرتفع معدل الصادرات الايرانية من الغاز بشكل ملحوظ خلال العام الماضي.

فلو اخذنا بعين الاعتبارات هذه الاسباب بالاضافة الى افتقار السعودية لمصادر اقتصادية اخرى كالصناعات المتوسطة والثقيلة والصناعات العسكرية المتطورة والصناعات الالكترونية سنجد ان السعودية لن تكون قادرة على المضي قدما بنفس الخطة السابقة، حيث ستضطر الى البحث عن سبل اخرى وهذا ظهر واضحا في الرؤية التي أعدها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة الأمير محمد بن سلمان والتي سميت "الرؤية السعودية 2030"  وشملت الرؤية السعودية خططا واسعة من بينها برامج اقتصادية واجتماعية وتنموية تستهدف تجهيز السعودية لمرحلة ما بعد النفط. 

لن تكون السعودية في السنوات القادمة كما كانت من قبل و لن يبقى النفوذ السعودي على وضعه الحالي ستضطر السعودية الى التراجع والتفاوض في كثير من القضايا  وستسعى لوضع خطط اقتصادية لهذه المرحلة، خططا واقعية لا تعتمد بشكل مطلق على المشتقات النفطية التي كانت تنتجها وتبيعها دون حسيب او رقيب.

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة