كيف ستتعامل روسيا مع المخططات الامريكية الجديدة؟

کیف ستتعامل روسیا مع المخططات الامریکیة الجدیدة؟

في ظل الحضور الروسي القوي في الشرق الاوسط وفي ظل سعي الادراة الامريكية الى اعادة بسط نفوذها المتراجع في المنطقة، كيف ستتعامل روسيا مع المخططات الامريكية الجديدة ومع التحالفات التي تعمل واشنطن على تشكيلها بهدف تلقيص نفوذ الجمهورية الاسلامية وتحقيق نوع من توازن النفوذ مع روسيا.

بدأ دونالد ترامب منذ اليوم الاول لتوليه سدة الحكم في البيت الابيض باطلاق الشعارات وتوجيه التهديدات والعمل على تشكيل التحالفات، في خطوة منه وحسب زعمه لاعادة الولايات المتحدة الامريكية الى دورها الريادي والقيادي الذي تراجع بشكل كبير في فترة حكم الرئيس الذي سبقه باراك اوباما.

ولم يخفي ترامب خلال حملته الانتخابية عدائه الكبير للمسلمين واعتبارهم مصدر الارهاب العالمي، وانه على الولايات المتحدة ان تتخذ خطوات فعالة لمحاربة الارهاب الاسلامي المتطرف ومنعه من التمدد والانتشار، وكان قانون منع ترامب لمواطني سبع دول اسلامية وهم العراق وايران وليبيا والسودان والصومال وسوريا واليمن من دخول امريكا  الذي اصدره في الايام الاولى لاستلامه الرئاسة، تاكيدا على انه سيستمر في خططه العنصرية التي تبناها في حملته الانتخابية، كيف لا وقد اختار كل مستشاريه ومعاونيه من الاشخاص المعروفين بمعاداتهم للاسلام والمسلمين.

وكان للجمهورية الاسلامية الايرانية النصيب الاكبر من جعجعات ترامب الكلامية، حيث اتهم ايران بانها سبب المشاكل في الشرق الاوسط وان تعاظم نفوذها في المنطقة خلق نوع من عدم الاستقرار، ولذلك دعا الى تشكيل قوة عربية مشتركة تضم السعودية ومصر والاردن والامارات على غرار حلف الناتو مدعومة من امريكا واسرائيل تسعى الى مواجهة النفوذ الايراني وتحقيق نوع من التوازن في المنطقة.

سارعت بعض الدول العربية الملطخة اليدين بدماء الشعب السوري واليمني وفي مقدمتهم السعودية الى تلقف مقترح ترامب برحابة صدر باعتباره بصيص امل لمشاريعهم العدائية في المنطقة والتي منيت بهزائم كبيرة في الآونة الاخيرة، ولم تعر اي اهتمام لاساءة ترامب للمسلمين وكرهه لهم ولم تشعر بأي خزي من احتقار ترامب لهذه الدول بعينها واعتبارها  مصدرا للمال لا اكثر، لا يحق لهم التفكير ولا الاعتراض فقط دفع المال للسيد الامريكي لتمويل خططه في المنطقة والتي تبقيهم على عروشهم.

واكد ترامب ان اولى مهام هذه القوة العربية  ستكون محاربة داعش على الاراضي السورية والسيطرة على الاراضي التي يحتلها هذا التنظيم، والهدف الحقيقي من هذه الخطوة هو منع الجيش السوري وحلفاءه من توسيع مناطق سيطرتهم ونفوذهم، مما يفرض مشاركة دول هذه القوة في اي حل للازمة السورية او اي تقاسم للنفوذ في سوريا.

فقد ادركت الولايات المتحدة الامريكية انه من غير الممكن الاعتماد على الاكراد بشكل كلي في سوريا، لان توسع مناطق النفوذ الكردي وبالتحديد قوات سوريا الديمقراطية غير مقبول اقليميا ولا عربيا، وبالتالي ستكون هذه القوة العربية الذراع الامريكي الجديد في سوريا المقبول والمدعوم عربيا والذي يجابه النفوذ الايراني و يزيد مناطق النفوذ الامريكي مما يخلق نوع من توازن النفوذ مع روسيا التي انشات قواعد عسكرية لها في مناطق مختلفة من سوريا. 

 من الطبيعي ان يعترض محور المقاومة على دخول اي قوات الى الاراضي السورية بدون التنسيق مع الحكومة الشرعية في دمشق، لاسيما ان اغلب الدول المشاركة في هذه القوة تدخلت في الازمة السورية على مدى ست سنوات، ودعمت الحركات الارهابية وعملت على اسقاط الدولة السورية وشاركت بشكل مباشر في سفك دماء السوريين، بالاضافة الى الاعلان وبشكل واضح ان هذه الدول ستتلقى الدعم من العدو الصهيوني في الاستشارة وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

ولكن يبقي الموقف الروسي غامضا في هذا الصدد، حيث لم تعلن روسيا اي موقف من مقترح ترامب ،ولم تعارض او توافق على فكرة تشكيل قوة عربية مشتركة تساعد في قتال داعش في سوريا، مما يسبب فيضا من التساؤلات باعتبار ان روسيا من اصحاب النفوذ الاقوى في المنطقة وحليف لمحور المقاومة.

يرى البعض ان موقف روسيا من الممكن ان يختلف عن موقف محور المقاومة ، وذلك اولا لانها حليف لمحور المقاومة ولكنها ليست جزءا منه ، وثانيا بما ان روسيا دولة عظمى فان نظرتها للامور وتقاسم النفوذ مع الدول العظمى الاخرى يكون على مستوى دولي وليس اقليمي او منحصر في منطقة معينة، لذلك من الممكن ان توافق روسيا على مشاركة قوة عربية في قتال داعش في سوريا، وان يكون للدول المشاركة في هذه القوة دور في حل الازمة السورية، وحتى لو ادى ذلك الى الضغط على الدولة السورية وايران، فما تبغاه روسيا في سوريا هو ايقاف الحرب وايجاد حل سياسي يرضي كل الاطراف الداخلية والاقليمية ويحافظ على مصالحها ونفوذها في سوريا، اما موضوع المقاومة والصراع مع العدو الصهيوني فهو ليس من اولوياتها.

فيما يرى آخرون ان روسيا تتبع سياسة امتصاص الغضب مع امريكا في الوقت الحالي، حيث تعتبر انه من الطبيعي ان يقوم الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب بالتصعيد والتهديد فهذه سياسة امريكية معروفة وتقليدية، ففي اكثر من مناسبة قامت الولايات المتحدة بالتصعيد وتحريك قواتها واساطيلها بغية تحقيق مكاسب سياسية او لدفع طرف من الاطراف على تقديم التنازلات.

لذلك تلتزم روسيا الصمت في الوقت الحالي وتراقب تصرفات وتحركات الجانب الامريكي، مدركة في الوقت نفسه ان هذه التحركات ما هي الا لتحقيق بعض المكاسب السياسية، ، فليس لدى الولايات المتحدة الامريكية اي مصلحة في تاجيج الوضع في سوريا وتحويله الى صراع اقليمي بارسال قوة عربية غير مقبولة من قبل الدولة السورية او ايران للقتال في سوريا، وفي آخر الامر ستجلس امريكا على طاولة الحوار مع روسيا وسيتمكن الطرفان من التوصل الى تفاهم والى ايجاد حل للازمة في سوريا.

 وجاء رد الفعل الروسي هذا بناء على تجربة سابقة حصلت ايام الرئيس باراك اوباما في عام 2013 ، حيث اعلنت الولايات المتحدة انها ستوجه ضربة عسكرية لسوريا وحركت قواتها وارسلت حاملات طائراتها الى البحر المتوسط ولكن قبل موعد الضربة بيوم واحد تمكنت روسيا بكل دهاء من لجم الامريكي وقدمت له مهربا من الدخول بحرب غير معلومة النتائج، وكان هذا المهرب ان تقوم سوريا بتسليم مخزونها الكيميائي الذي كان بمثابة عبىء على الدولة السورية وبالتالي جردت امريكا من كل زرائعها للقيام بضربة عسكرية لسوريا.

تخبىء الاشهر القادمة في طياتها الكثير من التطورات والاحداث في ظل تغييرات كبيرة على الساحة الدولية، ولعل الساحة السورية ومنطقة الشرق الاوسط سيكونا المسرح الابرز لهذه الاحداث فهل سيستمر صراع النفوذ ام ستتوصل الاطراف الدولية والاقليمية الى حلول لانهاء سنين من الحرب وسفك الدماء؟

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة