لمحة تاريخية عن تاسيس الجامعه العربية و اسباب فشلها

لمحة تاریخیة عن تاسیس الجامعه العربیة و اسباب فشلها

تشير الدلائل والاحداث التي مرت بها المنطقة العربية الى فشل الجامعة العربية كمنظمة تسعى الى تعزير التعاون والتنسيق بين الدول العربية وتعمل على حل الخلافات والمشكلات التي تعاني منها بعض الدول الاعضاء وتهدف الى تشكيل نواة لوحدة عربية شاملة.

تحولت الجامعة العربية منذ تأسيسها في عام 1945 من منظمة للتعاون العربي لحل القضايا والمشكلات التي تعاني منها الدول الاعضاء الى منظمة خاملة عديمة الجدوى لا تنفذ الا ما يملى عليها من قبل أمريكا والدول الغربية، ومرت الجامعة بالعديد من المراحل لتصل الى ما هي عليه اليوم من عجز تام في ايجاد او تنفيذ اي حل تتفق عليه الدول الاعضاء لتبقى كل قراراتها عبارة عن حبر على ورق.

و كانت فكرة تأسيس الجامعة العربية فكرة عروبية بإمتياز تحقق آمال الشعوب العربية بالوحدة بين الاقطار العربية التي تجمعها اللغة والتاريخ المشترك، وخاصة ان المناخ الدولي والاقليمي في فترة تأسيسها كان مناسبا لذلك.

 ساهمت عوامل عديدة على الصعيد العربي في تاسيس الجامعة العربية:

1- نمو الحركات الوطنية ونشاط المقاومة ضد الوجود الاستعماري في الاراضي العربية، الأمر الذي انعكس على استقلال عدد متزايد من الدول العربية وظهور الحاجة إلى إقامة نوع من التوازن بين القوى السياسية على الساحة العربية ولعبت مصر دوراً فاعلاً فيه.

2- ظهور الحركة الصهيونية، حيث تعززت الحاجة إلى الوحدة مع الوعي بمخاطر الحركة الصهيونية وتزايد الهجرات اليهودية إلى فلسطين باشراف الاحتلال البريطاني.

3- تزايد الاحتكاك بالغرب نتيجة البعثات التعليمية، مما أدى إلى الانفتاح على بعض الأفكار والتيارات السياسية التي كانت تعمل فيه، وفي مقدمتها الفكرة القومية.

4- وجود التبادل التجاري وانتقال الأشخاص بين الدول العربية، الأمر الذي بدا وكأنه يوفر الأساس المادي للوحدة إضافة إلى الأساس الثقافي المبدئي.

 اما على الصعيد الدولي، ففي فترة الحرب العالمية الثانية كان لانشغال الدول الاستعمارية كفرنسا وبريطانيا التي كانتا تتقاسم احتلال الاقطار العربية في ذلك الوقت، دور كبير في خلق مناخ دولي مناسب لتأسيس الجامعة العربية، واجبرت الحرب هذه الدول على مجارات الآمال و الطموحات العربية و القومية.

وكان لبريطانيا دور في تأسيس هذه الجامعة حيث صرح وزير خارجيتها "انتوني ايدن" في فبراير من عام 1943 وامام مجلس العموم البريطاني بان الحكومة البريطانية تنظر بعين العطف إلى كل حركة بين العرب ترمي إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية.

واعتبرت بريطانيا ان تاسيس الجامعة العربية في ذلك الوقت يخدم مصالحها من النواحي التالية:

1- التعاطي بشكل جديد وفعال مع الاوضاع في المنطقة العربية تحسبا لاي منافسة دولية وخاصة من قبل فرنسا.

2- التجاوب مع المد الاستقلالي والتحرري الذي بدا أنه سيكون أحد معالم العلاقات الدولية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

3- محاولة حل قضية اليهود في فلسطين، حيث كانت تعتقد أن تأسيس دولة يهودية لا يمكن أن يتم إلا من خلال إطار عربي عام موحد لكلمة العرب بما يخص تقديم التنازلات للصهاينة.

وبالفعل تم توقيع بوتوكول الاسكندرية  من قبل رؤوساء الدول المشاركة في الفترة التحضرية للجامعة عام  1944 ليكون اول وثيقة تخص الجامعة العربية، وبعد ذلك تم توقيع ميثاق جامعة الدول العربية في 22 مارس من عام 1945 واصبح هذا اليوم ذكرى تأسيس الجامعة العربية، وكانت تضم في بادىء الامر الدول العربية السبع المستقلة التي وقعت على الميثاق وهي سوريا ومصر ولبنان والعراق واليمن والاردن والسعودية، ثم بعد ذلك انضمت باقي الدول العربية اليها بعد ان نالت استقلالها.

ويمكن تلخيص اهداف جامعة الدول العربية حسب بروتوكول الاسكندرية وميثاق الجامعة بـالتالي :

1- السعي الى تحقيق الوحدة بين الدول العربية الاعضاء.

2- صيانة استقلال الدول الاعضاء.

3- المحافظة على السلام والامن العربي.

4- تحقيق التعاون العربي وتوطيده في شتى المجالات السياسية وغير السياسية.

5- التعاون من الهيئات والمنظمات الدولية.

6- النظر بصفة عامة في شؤون ومصالح المجتمع العربي.  

 دلائل فشل الجامعة العربية:

من خلال الاطلاع على اهداف جامعة الدول العربية الواردة في ميثاقها، والاطلاق على الاحداث و الحروب والمشكلات التي مرت بالمنطقة العربية منذ تاسيسها، نجد العديد من الادلة على فشل هذه الجامعة بشكل كامل في تحقيق اي هدف سعت اليه.

ففي القضية الفلسطينية التي تعتبر قضية العرب المصيرية، لم تتمكن الجامعة من اتخاذ اي خطوات لدعم الشعب الفلسطيني وايقاف الاستيطان وتمدد الاحتلال والتهجير والتجويع والقتل الذي يقوم به الكيان الصهيوني، ووقفت عاجزة امام الحروب الذي شنها هذا الكيان ضد ابطال المقاومة الفلسطينة والتي كان اخرها في عزة عام 2008.

وفي عام 2003 لم تستطع الجامعة العربية حماية العراق من الغزو الامريكي الذي راح ضحيته مئات الاف المدنيين، وادى الى انهيار الدولة و الى حرب داخلية مستمرة حتى اليوم الحالي.

ووافقت جامعة الدول العربية على قرار مشروع مجلس الامن لاقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا عام 2011، وقامت قوات الناتو بقصف ليبيا وتدمير جيشها وقتل شعبها وها هي اليوم تتقاسم الغنائم والنفوذ فيما بينها.

وتقف الجامعة العربية اليوم مكتوفة الايدي امام الحروب الدائرة في المنطقة، ولا تقدم اي عون للدول التي تعاني من الارهاب كسوريا والعراق، ولا تستطيع ايجاد حل لايقاف الهجمة البربرية التي تقوم بها السعودية على اليمن. 

هذا الامر دفع رؤساء وملوك بعض الدول الى الابتعاد وتجنب المشاركة في الجامعة العربية، حيث بدء الامر بالرئيس الليبي معمر القذافي الذي هاجم الجامعة في اكثر من قمة وانسحب من عديد من القمم، واليوم تعتذر المملكة المغربية عن استضافة الدورة العادية القادمة للقمة العربية.

اسباب فشل الجامعة العربية:

هناك العديد من الاسباب لفشل الجامعة العربية لعل اهمها ارتباط وتبعية اغلب الدول العربية الى الغرب، فكيف لهذه الدول ان تكون ذات رأي مستقل وهي تجعل من اراضيها مرتعا لقواعد وقوات الناتو، هذا الامر جعل جامعة الدول العربية ممرا لمخططات الدول الغربية، التي عملت على السيطرة على المنطقة من خلال زرع الخلافات بين الدول العربية واتخاذ دور الحكم والمنقذ لهذه الدول. 

والسبب الاخر هو فشل التنسيق بين المصالح القطرية والقومية، حيث كان ميثاق الجامعة العربية أقرب إلى محاولة التوفيق بين الاتجاهين القطري والقومي، ومن هنا فإن مبدأي المساواة والسيادة كانا من أهم العقبات التي واجهت عمل جامعة الدول العربية، حيث أسهما في تقنين مبدأ الإجماع كأساس لاتخاذ القرارات، الأمر الذي فرض قدرًا من الجمود والشكلية على عمل الجامعة العربية.

من هذه الدلائل والاسباب نجد ان منظمة الجامعة العربية اصبحت مهترئة، وتحتاج الى تغيير جزري في بنيتها وهيكلتها، والى نهوض عربي ضد الدول المرتبطة بالغرب يشابه النهوض والصحوة العربية فترة الاستقلال عن المستعمرين والذي شكل نواة تاسيس هذه الجامعة.  

المصدر: تسنم+ وكالات

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة