هكذا سحبنا جثمان الشهيد من مخالب التكفيريين ورصاص القناصات


هکذا سحبنا جثمان الشهید من مخالب التکفیریین ورصاص القناصات

دمشق – تسنيم: لم نكن بحاجة للتفكير كثيراً لنغامر بحياتنا من أجل سحب جثمان ذلك الشهيد الطاهر من الأرض التي نجسها البغاة، فكان لزاماً أخلاقياً علينا ألا ننام ورفيقنا شهيدٌ في أرض غريبة عنا.. هذا ما رواه أحد القادة في الجيش السوري لمراسلة تسنيم في دمشق، وإليكم باقي الرواية.

في ذلك اليوم أجرينا عدة محاولات للوصول إلى جثمان رفيقنا، إلا أن غزارة النيران وتكالب المسلحين حالت بيننا وبين الوصول إليه، ليلةٌ طويلةُ لم يجد النوم سبيلاً إلي  وأنا اتخيله شهيداً في أرض الملاعين وأرواحهم الشريرة تطوف حوله، ستة من الرجال اخترتهم بعناية ممن خبرت ثبات أعصابهم وقوة قلوبهم، عقدنا العزم والتحفنا سواد الليل ومضينا متسللين كالأشباح ندب على الأرض كدبيب النمل، نقطع ما يعترضنا من أسلاك العبوات الناسفة، بأيدٍ ثابتةٍ، نستغل حفيف الريح لنسارع في خطواتنا، فهذه الدقائق كانت أثقل علينا من سنوات هذا العمر كله.

وصلنا إلى جثمان الشهيد وكان المسلحون قد سحبوه ووضعوه في منتصف مرمى قناصهم ينتظرون قدومنا لينالوا وطرهم منا، كنا قد جهزنا حبلا طويلا تقدّم به أحد الرجال ممن خاضو أشرس المعارك في منطقة "المليحة" (شرق العاصمة) واكتسب من الخبرة ما يجعلني أثق بنجاح مسعاه، زحف ببطء شديد حتى وصل إلى قبيل جسد الشهيد بأمتار، ضرب بقدمه على الأرض عدة ضربات يتوجس صحوة القناص قبل أن يصبح في مرماه، فلا سبيل بنا لسحبه هو الآخر.

لم ير رداً ولا حركة والليل حالك السواد وقد أمدّنا الله بهبوب ريح عكرت هدوء الليل، وبسرعة خاطفة وضع الحبل بقدم الشهيد وعاد إلينا مبشراً أن باشروا السحب وبكل ما أوتينا من عزم سحبناه حتى وصل إلينا.

لن أنسى هذه اللحظة  ماحييت، لحظة لمستُ فيها جثمان هذا الصديق المؤمن الطاهر أريد أن أصدق أننا فعلناها، لحظةٌ قلتُ له والدمع يفيض من عيني: "رامز" فلا والله لست أنا الذي أتركك أيها البطل"، رفعناه بين أيدينا كأننا نرفع أغلى كنوز الأرض وهببنا به عائدين مغمورين أرجلنا تكاد تسبقنا نريد أن نُفرح أهله باستعادة جثمانه وكان قد مضى على شهادته يوم ونصف اليوم.

السلام لروحك الطاهرة كل يوم وكل ساعة رفيق سلاحنا الشهيد البطل "رامز سلامة"

كان من الطبيعي أن نقدم قوافل الشهداء لتشع نورا على مذبح الوطن، كان من الطبيعي أن نحمل جراحنا وما بقي من أحلامنا لنصون دماء من سبقنا من رفاق، حملنا سلاحنا بداية لنذود عن أرضنا وعرضنا وندفع الظلم عن بلادنا، ونحمله الآن لرد الدَّين لمن كانوا رجالاً شجعان شرفاء، لن نرتضي يوماً أن ندير ظهورنا لدمائهم الزكية الطاهرة بل سنكمل الطريق الذي بدأناه سوياً وأناروه لنا بأرواحهم وعبّدوه بأشلائهم وتضحياتهم، هو وعد حقّ علينا لن نضل الطريق لن نضل الطريق.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة