تم دحر الصهيونيّة

تم دحر الصهیونیّة

17 عاما من تحرير جنوب لبنان مرّت كأنها طرفة عين، كيف لا وهذا الجنوب يعيش عزّة بفضل عيون ساهرة تحفظ نومهم، وجهد جبّار يدفع هذا القسم من الشعب الجنوبي الى ممارسة حياته بطمأنينة وعزّة وشرف ويردّع أشقى الأعدء الكيان الصهيوني من ارتكاب أي حماقة بحق أراض عمّدت بالقداسة وكتبت أحرف المقاومة فيها بدم شبابها وأطفالها ونسائها.

خاص/تسنيم

17 عاما من التحرير مع لذة الانتصار لم تمحو 18 عاما من الاحتلال الصهيوني الّذي شمل العاصمة اللبنانيّة بيروت في بداية الاحتلال تقلّص بعد بفعل الضربات الموجعة للمقاومة الاسلامية الى شريط حدودي (أو الشريط كما يسميه مواطنو جنوب لبنان) لم ينعم فيه الاحتلال الصهيوني وعملائه بأي راحة، حيث أشعلت مقاومة الشعب اللبناني النّار من تحت مواقعه محولة تواجدهم في أرض جبل عامل إلى جهنّم حقيقية أحرقتهم وعملائهم... بنيران الهية.

مارس الاحتلال الصهيوني أبشع أشكل العدوان ضد اللبنانيين في فترة الاحتلال، فهو لم يرحم طفلا رضيعا ولا شيخا عجوزا، عّذب الشباب والنساء والرجال تحت الاحتلال ودفع بهم نحو معسكرات الاعتقال في انصار والخيام. حاول الصهاينة فرض واقع على الشعب اللبناني على مدى عقدين من الزمن لإقناعهم بأنهم عبيد عند شعب الله المختار، لكن قبضات حيدرية والرجال الرجال من أبناء كربلاء طردوه من أرض جنوب عامل المقدسة وحاصروه في بيت العنكبوت الّذي يقبع فيه.

فترة الاحتلال الصهيوني للأراضي اللبنانية يمكن تقسيمها الى الأقسام التّالية:

فترة اجتياح بيروت في العام 1982 ومقاومة خلدة: اجتاحت القوات الصهيونية الأراضي اللبنانية بسهولة مطلقة في حزيران من العام 1982 في عملية أسمتها سلامة الجليل تحت عنوان طرد المقاتلين الفلسطينيين من لبنان، لكنّ هذا الشعار كان زائفا واثبت نوايا بقائهم على الراضي اللبنانية حتى بعد انسحاب ياسر عرفات وقواته من لبنان.

لقد أدرك الشباب اللبناني المتحمس ذلك سريعا وأطلق أول رصاصات المقاومة على صدر العدو في خلدة جنوب العاصمة بيروت كأول إشعار بانطلاق المقاومة في لبنان.

نشأة حزب الله السريّة وتصاعد العمليات العسكرية ضد الجيش الصهيوني المحتل:

وصلت أنباء احتلال الجنوب اللبناني الى العاصمة الايرانية طهران وطرقت آذان الامام الخميني الراحل (رض) الّذي كان ينادي بنصرة المستضعفين. اعتبر الامام الخميني أن من واجب الجمهورية الاسلامية نصرة المستضعفين فأوفد عدد من قادات حرس الثورة الاسلامية كان بينهم الشهيد مصطفى شمران الى منطقة الزبداني على الحدود اللبنانية السورية كمرحلة ثم الدّفع بهم الى لبنان لتدريب الشباب اللبناني لقتال الكيان الصهيوني.

ساهم المستشارون العسكريون في تكوين نواة حقيقية للمقاومة الاسلامية، حيث دعمت بشكل مباشر عمليات حركة المقاومة اللبنانية أمل في بدايات الأمر، كما ساهمت بتدريب شباب حزب الله في معسكرات جنتا ويحفوفا. حزب الله نشأ وعمل بشكل سريّ طيلة 3 أعوام من الاحتلال الصهيوني منذ العام 1982 الى العام 1985.

هذه الفترة التاريخية الممتدة على 3 سنوات اتّسمت بتصاعد عمليات المقاومة لا سيّما عملية الاستشهادي أحمد قصير التي سوّت مقر الحاكم العسكري الصهيوني في صور بالأرض وقتلت وجرحت المئات من ضباط وجنود الاحتلال الصهيوني.

هذه العمليات المستمرة والمتصاعدة دفعت الكيان الصهيوني الى التراجع نحو شريط حدودي متراجعا عن بيروت وصيدا وصور والنبطية وأقام مع العملاء من جيش لحد سلسلة من المواقع العسكرية على التلال الحاكمة في منطقة جنوب لبنان الممتدة من حدود شمال نهر الليطاني الى حدود فلسطين المحتلّة.

الاعلان عن تشكيل حزب الله:

حزب الله الذي عمل بشكل سري على مدى 3 سنوات، أُعلن في العام 1985 عن مقاومته الاسلامية ضد الكيان الصهيوني بهدف استقطاب الشباب المتحمس لرفض الكيان الصهيوني وممارساته الدنيئة.

لعب علماء الدين دورا بارزا في تلك المرحلة وعرّفوا الشباب اللبناني، الّذي سيطرت عليه الشيوعية فترة قصيرة من الزمن، على واجباتهم الدينية ودبّوا الحماسة في قلوبهم، وقد استشعر الاحتلال الصهيوني هذا الخطر المتزايد حيث أقدم على اغتيال الشيخ راغب حرب في شباط من العام 1985، لكنّه أغفل عن حقيقة الكلمة التاريخية التي نطق بها هذا الشيخ بأن "الموقف سلاح والمصافحة اعتراف".

لبنان الّذي كان غارقا في حرب أهلية في ذلك الوقت، أنتج ثلّة من الشباب اللبناني انضمت الى صفوف حزب الله لمقاومة الاحتلال الصهيوني واستمرت فترة عملياته التي يمكن وصفها بالبدائية لكنها موجعة في نفس الوقت الى أواخر 1990 حيث أصبح هذا التنظيم المقاوم ناضجا عسكريًّا بشكل كامل لتوجيه ضربات عسكرية محترفة ومؤلمة تقض فيها مضاجع العدو.

السيد عبّاس الموسوي أمينا عاما للحزب... وشهيدا

انتخب السيد عبّاس الموسوي في أوائل العام 1991 ليكون أمينا عاما لحزب الله ليبدأ بعد ذلك عصرا قوي في عود المقاومة تصاعدت عملياتها العسكرية مما جعل الكيان الصهيوني في محاولة بائسة للقضاء على هذه المقاومة عبر اغتياله.

وبالفعل فقد أقدمت مروحيات الأباتشي، وبمتابعة لحظية من قبل قادة العدو في غرفة عمليات خصصت لتنفيذ مهمة الاغتيال ، على قصف سيارة السيد عباس الموسوي على طريق تفاحتا عندما كان عائدا من ذكرى تأبين الشهيد الشيخ راغب حرب في 16 شباط من العام 1992، ليستشهد السيد وزوجته أم ياسر وطفلهما حسين.

السيد حسن نصر الله أمينا عاما:

في اليوم التالي لاستشهاده وفيما كانت مراسم الدفن تقام للسيد الشهيد عباس الموسوي أعلنت شورى حزب الله عن انتخاب السيد حسن نصر الله أمينا عاما للحزب، وأعلن السيد حسن نصر الله في ذلك اليوم عن استمرار نهج المقاومة الاسلامية ضد الكيان الصهيوني وشدد على أن عمليات الاغتيال لا يمكن أن تضعف من معنويات المجاهدين والشعب اللبناني في رفضه للاحتلال الظالم.

تصفية الحساب وعناقيد الغضب:

بعد تولّي السيد حسن نصر الله منصب الأمين العام لحزب الله استشعر الكيان الصهيوني بهذا الخطر العظيم حيث أخذت المقاومة الاسلامية باستهداف قادة العدو وعملائه واقتحام المواقع العسكرية التابعة لهم ورفع راية المقاومة على المواقع.

استشعر الكيان الصهيوني بالخطر الدّاهم وقرّر إجراء عملية عسكرية هدفت الى القضاء على حزب الله سمّيت بعملية تصفية الحساب في تموز من العام 1993. شن الكيان الصهيوني خلال هذه العملية آلاف الغارات الجوية لم تستطع القضاء على حزب الله، بل استطاع الحزب أن يمطر الكيان الصهيوني لأول مرة بصواريخ غراد.

تصاعدت عمليات المقاومة اثر عملية تصفية الحساب التي أعطت معنويات عالية للشعب اللبناني والمقاومة الاسلامية أن بإمكانهم إلحاق الهزيمة بهذا الكيان وأصبحت العمليّات تتصف بالدقة أكثر فأكثر إلى جانب زيادة ترسانة المقاومة الصاروخية والعسكرية.

قرر الكيان الصهيوني مرّة أخرى وضع حد للواقع وتدمير القوة الصّاروخية للمقاومة الاسلامية التي كانت تشكل ردا مناسبا على اعتداءاته على المدنيين جنوب لبنان، وشن عملية عناقيد الغضب حيث لم يفلح الى في المجازر وكان بينها مجزرة قانا التي ذهب ضحيتها أكثر من 120 شهيد لبناني لجأوا الى مركز للأمم المتحدة هربا من القصف الصهيوني.

المقاومة الاسلامية لم تسكت عن جرائم الاحتلال الصهيوني وأمطرت شمال فلسطين المحتلّة بوابل من صواريخ الكاتيوشا، وانتهت الحرب عبر صمود المقاومة والمفاوضات المكوكية التي قام بها الشهيد رفيق الحريري الّذي استطاع أن ينتزع قرارا بوقف استهداف المدنيين.

فترة التحرير:

الحروب الصهيونية لم تنقذ هذا الكيان من المستنقع اللبناني، وفيما استمرت عمليات المقاومة عبر حذف المواقع الاسرائيلية عن الخريطة الجنوبية لا سيما موقع عرمتي وموقع البياضة، ومع اغتيال قادة الاحتلال الصهيوني، تسابق مرشّحو الانتخابات الرئاسية على برنامج يقضي بخروجهم من جنوب لبنان وتسليم مواقعهم لعملائهم من جيش لحد.

المقاومة الاسلاميّة كانت متنبّهة لهذا المخطط، وأبت إلى الاندحار الكامل للكيان الصهيوني من الجنوب اللبناني على وقع تدمير المواقع والتجهيزات العسكرية لجيش لحد والكيان الصهيوني.

وبالفعل انهار جيش لحد بسرعة فائقة، وبما أنّه كان يشكل أكياس الرمل للدفاع عن جنود الاحتلال، لم يجد الكيان الصهيوني من خيار آخر سوى الاندحار عن كامل الأراضي اللبنانية عدا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بدون شرط أو قيد جارّا وراءه ذيول الخيبة والهزيمة مع عملائه.

للتاريخ:

انتصار المقاومة الاسلاميّة عام 2000 كان أول نصر على الكيان الصهيوني يحققه بلد دون معاهدة لإنهاء الحرب، وكان أول استرجاع للأراضي من الاحتلال يتم بالقوة من دون أي شرط .

والحمدالله للي تحررني

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة