حكومة روحاني الجديدة والتحديات الداخلية والخارجية المرتقبة

حکومة روحانی الجدیدة والتحدیات الداخلیة والخارجیة المرتقبة

أقيمت الانتخابات الرئاسية الايرانية في الـ19 من مايو/أيار بمشاركة شعبية واسعة في جميع أنحاء ايران، وأظهرت ايران الاسلامية للعالم مرة أخرى نموذجا لديمقراطيتها القائمة على أصوات الشعب، وأختار الشعب الايراني مرة اخرى حسن روحاني لفترة رئاسية ثانية.

وحسب اعلان وزارة الداخلية أصبح حجة الاسلام حسن روحاني رئيسا للجمهورية الاسلامية مرة ثانية عبر حصوله على 23549616 صوت من اصل صوت 41220131 ناخب ايراني اقترع في هذه الانتخابات.

كما جاء حجة الاسلام ابراهيم رئيسي المنافس الرئيسي لروحاني في المرتبة الثانية عبر حصوله على 15786449 صوت، ومصطفى ميرسليم ثالثا من خلال حصوله على 478215 صوت وهاشمي طبا رابعا عبر حصوله على 219450 صوت، كما انسحب قبل بدء الانتخابات اسحاق جهانغيري لصالح روحاني ومحمد باقر قاليباف لصالح رئيسي.

وكان لدى المرشحون للرئاسة الايرانية مهلة 20 يوما للاعلان عن مواقفهم وبرامجهم للشعب فيما يخص القضايا الداخلية والخارجية ليتمكن الشعب بشكل جيد التصويت للمرشح المناسب، حيث شارك في هذه الدورة من الانتخابات شخصيات من مختلف التيارات السياسية الايرانية بحثا عن تولي منصب رئيس الجمهورية بدءا من المبدئيين وانتهاء بالمعتدلين والمستقلين والاصلاحيين.

وبصرف النظر عن جولات المرشحين على المدن والمحافظات الايرانية المختلفة لاظهار رؤاهم واقامة ملتقيات ولقاءات انتخابية، كان لاجراء ثلاث مناظرات انتخابية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بشكل مباشر على التلفزيون الايراني، دورا كبيرا في اشتداد حماوة المعركة الانتخابية وشد الناخبين الى صناديق الاقتراع.

ومن حيث المبدأ ان اجراء انتخابات وفتح صناديق للاقتراع في كل بلد هو دليل على نشاط وحيوية المجتمع في ذلك البلد واحدى المعايير الضرورية للديمقراطية الدينية.

وفي ايران ينتخب أعلى منصب في البلاد والذي هو قائد الثورة من قبل الشعب، وبعبارة اخرى ان اعضاء مجلس خبراء القيادة يتم انتخابهم عبر اصوات الشعب وهؤلاء الاعضاء يختارون الشخص المناسب لقيادة وادارة البلاد وهنا صوت الشعب "مؤثر" ويدرك انه شريك في تقرير مصير بلاده، ورغم الدعايات المغرضة لاحباط الشعب من أجل عدم المشاركة في الانتخابات شاهدنا مشاركة الشعب الايراني من خلال تشكيله لصفوف طويلة عند صناديق الاقتراع من أجل تقرير مصير بلده الذي هو مصير الاجيال الحالية واللاحقة.

وبالتزامن اقيمت في هذه الدورة بالاضافة الى الانتخابات الرئاسية الايرانية، انتخابات المجالس البلدية ايضا، حيث أودع الشعب الايراني ادارة المدن لمنتخبيهم لمدة اربعة اعوام وهكذا يكون الشعب قد شارك في تقدم واعمار قراه ومدنه.

وفي هذه الدورة من الانتخابات اعطى الشعب مرة اخرى الثقة للدكتور حسن روحاني رغم المشاكل الاقتصادية والتضخم والركود، كما تمكن منافسه الرئيسي ايضا من الحصول على نسبة كبيرة من اصوات المجتمعات الفقيرة وهذا الامر يستحق التوقف عنده والنظر فيه ملياً.

وعلى جميع الاحوال، ان فوز روحاني في هذه الدورة من الانتخابات هي بداية الطريق في الحقيقة، طريق تحقيق الوعود التي كان الرئيس قد قطعها على الشعب الايراني خلال هذه الدورة من الانتخابات.

ويواجه الرئيس روحاني تحديات رئيسية على المستويين "الداخلي والخارجي"، فعلى المستوى الداخلي ان المشاكل الاقتصادية والتضخم والانكماش من القضايا التي ينبغي على الحكومة الجديدة ان تستخدم جميع مساعيها لحلها فورا لأن القسم الاعظم من الشعب الذي هو من الطبقات الفقيرة في المجتمع يعاني من مشاكل اقتصادية ودخل متدني حيث ستسبب المشاكل الاقتصادية والتضخم الكثير من المعاناة لهذه الطبقة من المجتمع وسيؤدي الى مزيد من الضغوط على هذا القسم من المجتمع الذي يملك قدرة شراء متدنية مقارنة بالطبقات الاخرى.

وينبغي على الحكومة الجديدة السعي وجعل العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والتمييز على رأس أولوياتها لتتمكن من اكتساب ثقة قسم آخر من المجتمع الذي لم يصوت لها وصوت الى منافسها.

كما يواجه الرئيس روحاني تحديات رئيسية على المستوى الخارجي وتتلخص في مجملها في قضية الاتفاق النووي حيث ان الجانب المقابل لم ينفذ الوعود التي قطعها بشكل كامل بل فرض عقوبات جديدة على ايران عقب الاتفاق النووي في اطار عقوبات غير نووية حول مزاعم حقوق الانسان وملف الارهاب، من جهة اخرى يجب على الحكومة الجديدة الغاء العقوبات المصرفية التي لاتزال بسبب وجود عقوبات غير نووية امريكية ، لذلك تمتنع المصارف الدولية الكبيرة من اجراء معاملات مالية متعلقة بالشركات الموقعة على عقود مع ايران وهذا سيؤدي الى عدم نجاح الحكومة في استقطاب الاستثمار الاجنبي.

ومن التحديات الاخرى التي تواجه حكومة روحاني هي المشاكل التي اوجدتها بعض الدول العربية في المنطقة تحت مسمى "الايرانوفوبيا" فهي تسعى لتشكيل "ناتو عربي" وبدلا من تقديم اسرائيل كخطر يهدد المنطقة والعالم الاسلامي تعتبر ايران تهديدا للدول العربية، ووصل الامر الى درجة ان هذه الدول على وشك اقامة علاقات علنية مع الكيان الصهيوني، ففي حال حدوث هذا الامر علينا ان ننتظر العواقب الوخيمة لتلك العلاقة على الدول الاسلامية والمنطقة.

لذلك ينبغي على حكومة روحاني ان تتمكن من تعزيز علاقاتها مع دول المنطقة اكثر من السابق عبر الدبلوماسية النشطة مع الدول الصديقة في المنطقة والدول المؤثرة ايضا، ويمكن تخطي هذه التحديات بشكل جيد من خلال تشكيل تحالف اقليمي مع دول المنطقة وابرزها العراق وسوريا ومصر وتحويل "التهديد" الى "فرصة".

بقلم "حسن رستمي" كاتب و صحفي

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة