شيعة السعودية والخيارات المطروحة .. المعارضة النشطة ومواصلة الكفاح

شیعة السعودیة والخیارات المطروحة .. المعارضة النشطة ومواصلة الکفاح

تؤكد استراتيجية التعاون والتعايش على مواصلة الكفاح عبر اساليب سلمية كما تتضمن اعلاما اكثر جدية ونشاطا دعائيا وتشمل المحاولة للتعاون مع باقي فئات المجتمع السعودي كالاسلاميين المعارضين والعلمانيين والليبراليين السنة المطالبين بالتغيير والكثير منهم اليوم ينشط خارج السعودية.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للانباء انه بعد ذكر الاسباب التي  تعيق الشيعة  في السعودية من التحرك نحو الامام يمكن ايضاح الحلول المطروحة أمام الشيعة في السعودية في ثلاث استراتيجيات، ما يؤخذ اليوم بعين الاعتبار من قبل القادة الشيعة قائم على استراتيجية المساومة السلمية والاستفادة من الفرص الموجودة من أجل الحوار مع الحكومة والتي سنشير اليها أدناه:

الانسحاب والعزلة

يستلزم هذا التوجه عدم المواجهة ولايعتبر التعامل مع الحكومة أمرا مسموحا إلا في الحالات الضرورية، في الحقيقة ان هذا المبدأ استراتيجية مؤقتة من أجل البقاء ولايمكن اعتماده كاستراتيجية طويلة الامد وذلك من خلال الاليات المتبعة من قبل الشيعة والمنجزات التي حققوها حتى الآن.

في الحقيقة ان قادة الحركة الاصلاحية يعتبرون الابتعاد عن المجتمع والعزلة والغربة أهم العوائق التي تخل في عملية التلاؤم، لذلك يرون انه على الشيعة تغيير ثقافتهم المطالبة بالعدالة الى ثقافة فاعلة، حيث كان هذا الخيار مطروحا بين الشيعة وكان خيار الابتعاد عن المجازفة مطروحا ايضا وذلك من خلال الوعي بقوة القمع التي تستخدمها الحكومة من اجل ضرب حياة وراحة الشيعة.

ووفق فلسفة الشيعة ان الانسحاب والعزلة الذي يعتبر مبدأ التقية كان يطرح كاستراتيجية، وان هذا الاسلوب يؤكد على بعض النقاط: الاقبال على داخل المجتمع، الحفاظ على المبادىء الاولية للثقافة واسلوب حياة الشيعة والثقة بالذات واذا كان ممكنا الاعتماد على الدعم المالي الخارجي من اجل البقاء.

معارضة نشطة

كانت استراتيجية المعارضة النشطة دوما احدى الاستراتيجيات المطروحة بين النخب وقادة الشيعة وساعدت على استرجاع الهوية الشيعية رغم تحمل المجتمع الشيعي نفقات هذه الاستراتيجية في اوقات مختلفة، ويستلزم هذه الاستراتيجة سلسلة من اعمال العنف واشكال المقاومة المسلحة.

وقام الشيعة خلال العقود الماضية ببعض هذه الخطوات لكن الاعتقاد السائد هو المجتمع الشيعي ليس مسلحا بالقدر الكاف وبالنظر الى القمع الشديد من قبل الاجهزة الامنية والشرطة لايمكن احداث تغيير اساسي في النظام السياسي لا بل من المكن القضاء على جزء من المنجزات التي تم تحقيقها الى حد الان.

التعاون والتعايش

ترتكز هذه الاستراتيجية على مبدأ الحوار والمفاوضة حول تقليل ممارسات التمييز بحق الشيعة تدريجيا، وهو الاسلوب المتبع من قبل الحركة الاصلاحية والذي يحظى بقبول من النسبة الاكبر من الشيعة في السعودية، كما ان عددا من النخب وابرزهم الشيخ حسن الصفار يؤمن بهذا التوجه.

هذه الاستراتيجية تؤكد على مواصلة الكفاح عبر اساليب سلمية كما تتضمن اعلاما اكثر جدية ونشاطا دعائيا وتشمل المحاولة للتعاون مع باقي فئات المجتمع السعودي كالاسلاميين المعارضين والعلمانيين والليبراليين السنة المطالبين بالتغيير والكثير منهم اليوم ينشط خارج السعودية، ويشكل الوضع الراهن والامتناع عن الاشتباك والبحث عن صحف من اجل التغيير والاصلاح اطر هذه الاستراتيجية.

ورغم ان طرح هذه الاستراتيجية في مراحل عدة تمكن من الحصول على حسن ظن الحكومة لكن مشكلة حقيقة استراتيجية التعايش في المجتمع السعودي هي انها كانت مرتبطة بحسن نية باقي الاحزاب والحكومة والتشكيلات الدينية، ففي حال زيادة ضغوط الحكومة على الشيعة تحت اي سبب ان استراتيجية التعايش لن تلبي ثانية.

لذلك وبالنظر الى الحقائق الموجودة وكذلك المحظور والمسموح في المجتمع الشيعي يعتقد ان افضل استراتيجية للشيعة في السعودية التي ستقوم في النهاية على مبدأ الحوار والمساومة السلمية يمكن ان تستند الى المحاور التالية:

  1. قبول الحقائق الموجودة ومعرفة منطق وجوهر قوة السياسة والطائفة في السعودية.
  2. قبول شرعية آل سعود شريطة بعدهم عن توجه التكفيريين والوهابيين، مثلما اعترف الشيخ حسن الصفار بالحكومة السعودية في حدودها الحالية وتمكن من جذب الحكومة في بعض المراحل.
  3. طرح نموذج المشاركة في المؤسسات والمنظمات الحكومية الامر الذي تم مشاهدته في فترة اعتداء العراق على الكويت حيث اصدر شيعة السعودية بيانا لدعم سيادة الاراضي السعودية.
  4. توسيع قنوات الاتصال مع القوى الموجودة في المجتمع السعودي ومنها المجموعات السنية المعتدلة والاسلاميين الليبراليين.
  5. قبول التعددية السياسية بين الشيعة وعدم محاولة جمعها في حزب واحد والتأكيد على اهداف واحدة.
  6. الامتناع عن تغلب الاستراتيجيات المسلحة وطرح مضامين ثورية على استراتيجيات السلمية والملائمة.
  7. الحفاظ وتعزيز الارتباط الشعبي بين النخب الشيعية مع باقي المجموعات الشيعية على مستوى المنطقة بغية التنسيق عند الحاجة لجلب الدعم المادي والمعنوي لهم.
  8. معارضة مشروع آل سعود الرامي لايجاد مرجعية شيعية وطنية واقليمية وابعاد شيعة السعودية عن الجسد الرئيسي للشيعة في قم المقدسة والنجف الاشرف.
  9. تحديد الاهداف وترتيبها زمنيا واعطاء الاولوية للاهداف الاقتصادية والثقافية في هذه المرحلة على الاهداف السياسية.
  10. تعزيز التشكيلات غير الرسمية.

النتيجة:

ارتباط آل سعود بزعماء الوهابية الذين هم مؤسسوا مبادىء الحكومة في السعودية لاينسجم منذ القدم مع مصالح الاقليات القومية والطائفية، وفي خضم هذا كانت ظروف الشيعة بوصفهم الاكثر تأثيرا بين الاقليات الاخرى كانت ظروف متفاوتة.

يعيش الشيعة الذين يعانون من ممارسات التمييز غير القابلة للتبرير من قبل الحكومة السعودية، في حالة من الفقر في اكثر المناطق الغنية في النفط في هذا البلد، وبالنظر الى نسبة هذه الاقلية اللافتة حصلوا على الوعي السياسي الضروري خلال السنوات الاخيرة وعقب انتصار الثورة الاسلامية في ايران، وسيرحبون بأي تحول وتغيير يساعد على احقاق حقوقهم وتلبية مطالبهم.

ورغم ضرورة الاخذ بالحسبان اي تحليل وايضاح لحالة الشيعة في السعودية يجب ان يتم بالتزامن دراسة آليات وقوة المؤسسات التابعة للمعارضة الشيعية لكن زيادة انتظار الشعب والمحاولة للحصول على نسبة من الاستقلال من جهة واصرار الحكومة في حصر المناصب الحكومية للاسرة الحاكمة وحلفائها من جهة اخرى يحفظ اتخاذ جميع الخيارات للمجموعات المحرومة.

ورغم فرض الاسرة الحاكمة قيودا وفرض بعض ممارسات التمييز بحق الشيعة بالتناوب لغاية ما، لكن الحقيقة هي ان النخب وقادة الشيعة يعترفون بأن اي تغيير يجب ان يطرح ويتابع بالنظر الى الحقائق الاجتماعية والسياسية في السعودية والمجتمع الشيعي ليتمكن من اي يكون له تأثير كبير.

وبناء على ذلك، الحصول على مزيد من التضامن من قبل الشيعة يستلزم خطوات جدية من قبل الحكومة حول تواجد الشيعة في المؤسسات الرسمية وتقليل القيود المتبقية أمام تنفيذ الشعائر الدينية ومواجهة مناهضة الشيعة، كما يمكن للحكومة اجراء حوارات وطنية وتأسيس مركز للحوار بين الطوائف، وفي المقابل الشيعة يمكنهم طرح مطالبهم عبر الحديث عن قضايا كالحفاظ على وحدة البلاد والوحدة الوطنية والامتناع عن الطائفية والمشاركة في العملية الوطنية.

المصدر: كتاب الشرق الاوسط 9 خاص بالقضايا السعودية الداخلية

/انتهاء الجزء الخامس والاخير/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة