تهدئة في الجنوب..وجولة في أستانة بعد جولات في الميدان

تهدئة فی الجنوب..وجولة فی أستانة بعد جولات فی المیدان

يدور على أرض الجنوب السوري من البادية الشرقية إلى السويداء ودرعا والقنيطرة نزال سياسي وعسكري ربما يرسم معالم المرحلة السياسية المقبلة المحددة بتسوية ما، يضبط من خلالها إيقاع المنطقة والحرب على تنظيمي " النصرة" و" داعش" فضلا عن احتمالات انتشار قوات روسية على نطاق واسع في الجنوب الجولان، لرعاية التسوية السياسية ومستقبلا لبحث مسألة الاحتلال الاسرائيلي للجولان المحتل.

ولعل صمود وحدات الجيش السوري وقواته الرديفة في وجه عشرات الهجمات منذ بداية الأزمة بالإضافة لحاضنته الشعبية خصوصا في المنطقة التي تخضع لسيطرة الجماعات المسلحة الأمر الذي منع توسع سيطرة هذه الجماعات وجعل الجنوب عصيا على القبضة المعادية لسوريا وجيشها، حيث فشل أعدائها في انتزاع الجنوب من قبضة دمشق، مع دفن كافة المشاريع الهادفة لاسقاط دمشق انطلاقا من درعا، واللافت في الصراع على الجنوب منذ بداية الازمة فشل جميع الجهات الراعية للحرب على سوريا في تكوين جسد عسكري موحد يطلب منه مهمتين الأولى: تحقيق انتصار عسكري يضعف الجيش السوري والثانية: تشكيل جسم تفاوضي موحد يصلح لعقد التسوية والصلح المنشود مع الحكومة السورية.

 وليس خافيا أن الانخراط العسكري الامريكي في الجنوب بوجود مستشارين امريكيين وبريطانيين على الحدود السورية الأردنية زاد المشهد تعقيدا من دون أن يغير موازين القوى، ولاسيما بعد النجاح الذي حققه الجيش السوري وحلفائه بالالتفاف على خطوط الفصل والعزل التي رسمتها أمريكا وحلفائها. 

وأخيرٱ لجأ الأردن إلى قطع التمويل عن مسلحي الجنوب، وبدل ذلك رفد العناصر العاملة تحت رعايته في مثلث التنف بالدعم بالمال والسلاح، في ظل انكفاء هذه الميليشيات أمام تقدم الجيش في البادية، على الرغم من الغطاء الأمريكي الذي استهدف الجيش بعدة غارات دعما لهذه الميليشيات، ويمكن القول أن الأردن فشل في استمالة العشائر البدوية القاطنة في البادية الشرقية والسويداء بينما كان يعول على دورها في قتال " داعش"  وفرض أمر واقع على الجيش في السيطرة على البادية الشرقية تبين للأردن عمق العلاقة التي تربط العشائر بالدولة السورية، ما أفقد الأردن عنصرا ميدانيا وشعبيا مهما في لعبة النفوذ في المنطقة المجاورة لها.

وفيما كان الأردن قبل شهرين يهدد بتدخل مباشر في الجنوب السوري بعد تحريض اسرائيلي بحجة منع وجود ايران وحزب الله في الجنوب، سقطت الذرائع الاسرائيلية الأردنية أمام فشل المسلحين المدعومين منه في تحقيق القوة المطلوبة للتدخل، وانتقل الأردن بواسطة روسيا إلى التعبير عن رغبته في التفاوض في عودة سيطرة الجيش السوري على "معبر نصيب " الحدودي بين البلدين لإعادة وصل شريان اقتصادي بري شديد الأهمية بالنسبة للأردن.

فشل هذا السعي بالتسوية دفع الجيش السوري لزج قواته وتعزيز خطوط التماس والتحضير بشكل جدي لخوض معركة درعا الحاسمة  ضبط ساعة الصفر على  مخططه المدروس. أيام قليلة عاد للواجهة الحديث عن تسوية بدأت مفاعيلها من خلال إعلان وزارة الدفاع في الجيش السوري لوقف الأعمال القتالية حتى السادس من تموز في درعا والقنيطرة والسويداء يلتزم فيه الطرفين بوقف اطلاق النار، وهذا دلالة واضحة على التحضير لجلوس هادئ على طاولة المفاوضات التي رتبت وحددت مواعيدها في مؤتمر استانة المزمع عقده في موعده المحدد في الخامس من الشهر الجاري في العاصمة الكازاخية" استانة" برعاية وضمانة ايرانية وروسية وتركية.

 حيث من المتوقع أن تكون حدود  وضمانات" مناطق خفض التوتر " أكثر وضوحا وجدية بالالتزام بها وخاصة من قبل الفصائل المسلحة التي جلست مرغمة بعد محاولاتها الفاشلة لكسب الوقت وتحقيق انتصارات محرجة للجيش السوري وحلفاؤه تجعل الطريق سهلا لانتزاع المكاسب قسرا منه، وحمله للقبول بشروط قاسية وفرض أمر واقع..لكن الانتصارات المشرفة التي حققها الجيش وحلفاؤه جعل من جلوسه على طاولة المفاوضات جلوس المنتصر الذي جنح للسلم بقوة وثبات.

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة