عملية القدس الإستشهادية... ثلاث رسائل أساسية

عملیة القدس الإستشهادیة... ثلاث رسائل أساسیة

العملية الإستشهادية التي نفذها 3 شبان فلسطينيين يوم أمس الجمعة في المسجد الأقصى جاءت لتكون حاملة لـ ثلاث رسائل أساسية.

الرسالة الأولى هي أن هذه العملية الإستشهادية حدثت في وقت تحضر فيه أمريكا بالتعاون مع الكيان الصهيوني لنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس الشريف، وهذا أمر أعلن عنه المسؤولون الأمريكيون مراراً وتكرارا. وقد بيَّنت عملية الأمس الإستشهادية التي نفذها 3 شبان فلسطينيين أن القدس "خط أحمر" بالنسبة للشعب الفلسطيني، وأن حركات المقاومة الفلسطينية سوف لن تسمح بأي شكل من الأشكال بالتعدي أو المساس بهذا المكان المقدس، أو بمحاولة تغيير النسيج السياسي والسكاني فيه، وأنها لن تسمح أيضاً للكيان الصهيوني وحليفه القديم أي أمريكا بتنفيذ خططهما الشيطانية إزاء أولى القبلتين بالنسبة للمسلمين في العالم. فهذه العملية حملت رسالة للكيان الصهيوني، مفادها أن الشعب الفلسطيني ليس مستعداً أبداً للتخلي عن أهدافه، أو التنازل عن أراضيه المحتلة لصالح هذا الكيان، وأنه مستعد في أي وقت أو مكان لتعريض أمن الكيان الصهيوني للخطر والتزعزع.

أما الرسالة الثانية لهذه العملية فهي أن حركات المقاومة الفلسطينية إستطاعت بالأيدي الخالية وباسلحتها المصنعة محلياً، ومن دون الحصول على دعم الدول الأخرى أن تُدخل أمن الكيان الصهيوني في المخاطر والتحديات، وأن هذه الحركات إستطاعت من خلال التسلل إلى أكثر المناطق حساسية في هذا الكيان التي تخضع لتدابير أمنية مشددة أن تقوم بتنفيذ عملياتها الإستشهادية. إن عملية الأمس أثبتت أن "المنظومة الأمنية" لهذا الكيان قابلة للإختراق رغم الدعائية الكاذبة للكيان الصهيوني، سيما وأن هذه العملية وقعت في يوم الجمعة الذي فرضت فيه قوات الإحتلال إجراءات أمنية مشددة ضد المصلين الفلسطينيين للحيلولة دون حدوث عمليات كهذه.

وأما الرسالة السياسية التي حملتها هذه العملية، فهي أن الشعب الفلسطيني يعارض أي عملية تسوية من شانها جعل أهداف هذا الشعب تذهب في طي النسيان. فعلى الرغم من إبتعاد بعض الأنظمة العربية عن أهداف الشعب الفلسطيني، وتوجهها نحو تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، إلا أن الشعب الفلسطيني أثبت أنه لن يتراجع أبداً عن أهدافه، وأنه سوف لن يبقى منتظراً للأنظمة العربية كي تأتي وتحرر أراضيه المحتلة، حتى وإن كان زعماء فلسطينيون على وفاق مع الكيان الصهيوني خلف الأبواب المغلقة وداخل القصور الفخمة.

لقد أثبتت المرحلة أن حركات المقاومة الفلسطينية وعندما تشعر بنية حركة فلسطينية أخرى عقد تسوية مع الكيان الصهيوني، فإن حركة أخرى وعبر رفعها لراية المقاومة تقوم بمواصلة هذه المقاومة، حيث أن الفشل والتسويات والعقوبات والضغوط السياسية والإقتصادية لم تتمكن لحد الآن من إعاقة هذه المقاومة عن مواصلتها لهذا الطريق.

إن عملية الأمس الإستشهادية أثبتت أن إنتفاضة الشعب الفلسطيني مستمرة رغم ظنون بعض الحركات الفلسطينية التي إتخذت من التسوية سبيلاً لها، وأنه يجب على تلك المجموعة من الحركات الفلسطينية التي تسعى وراء التسوية، الوحدة مع الشعب الفلسطيني والحركات المجاهدة بدل الجلوس على طاولة مفاوضات التسوية.

كما أن عملية الأمس حملت رسالة أساسية إلى الأنظمة العربية وهي أنهم لا يمكنهم إتخاذ القرارات بدلاً عن الشعب الفلسطيني، حيث بيَّنت هذه العملية أن أهداف الشعب الفلسطيني ما تزال حية، وأن شعلة المقاومة سوف لن تنطفئ أبداً.

وكان يجب على السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس أن تضع نهاية للتنسيق الأمني بينها وبين الكيان الصهيوني لقمع الحركات الفلسطينية بدل إدانة عملية القدس الإستشهادية، لأن هذه السلطة إذا كانت اليوم تمتلك ورقة رابحة في مفاوضاتها مع الكيان الصهيوني فإن الفضل في ذلك يعود إلى مقاومة هؤلاء الشبان وعملياتهم الإستشهادية، وقد أثبتت المرحلة أنه لا يمكن الحصول على تنازلات من الكيان الصهيوني إلا عبر إستخدام القوة وممارسة الضغط عليه.

وعلى الحركات الفلسطينية في مثل هذه الظروف أن تُنحي الخلافات والإنقسامات الداخلية جانباً وأن تسارع للوحدة فيما بينها، لأن أهداف الشعب الفلسطيني لا تتحقق إلا تحت ظل هذه الوحدة. فالخلافات يجب أن تكون خلال هذه السنين قد جعلت هذه الحركات تمر في تجربة باهضة، وهي أنه لا يمكن الوصول إلى الأهداف المنشودة في ظل الإنقسامات والخلافات، وأنها سوف لن تحصد من وراء هذه الإنقسامات سوى التجمد وتقديم التنازلات للطرف الآخر، كذلك في مثل هذه الظروف لا يجب على حركات المقاومة الفلسطينية أن تنتظر المساعدة أو العون من الأنظمة العربية، لأن هذه الأنظمة، وإضافة إلى المشاكل الداخلية التي تعاني منها، فهي تتصارع مع بعضها البعض، والقضية الفلسطينية أصبحت عملياً خارجة من جدول أعمال هذه الأنظمة.

بقلم حسن رستمي كاتب و صحفي ايراني

/أنتهى/

أهم الأخبار انتفاضة الاقصي
عناوين مختارة