من يقف خلف أزمة قطر مع الدول الأربع؛ السعودية أم الإمارات؟

من یقف خلف أزمة قطر مع الدول الأربع؛ السعودیة أم الإمارات؟

إثنان وأربعون يوماً مرت على إشتعال نيران الأزمة بين قطر وأربع دول عربية، هي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، كل هذه الأيام مضت دون أن يتراجع أيٌ من أطراف الأزمة عن مواقفه، بل على العكس تماماً، فقد شهدت هذه المواقف في بعض الأحيان تصعيداً شديد اللهجة من قبل طرفي الأزمة.

إن الإعتقاد الأول يقول أن السعودية هي من تقف خلف هذه الأزمة، وربما يكون هذا الإعتقاد صحيحاً، لأن السعودية هي التي تتولى رئاسة مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي حيث مقره الرياض، والإعتقاد الثاني هو أن الرياض ترى في نفسها زعيمة للعالم العربي، وتسعى على الدوام للإحتفاظ بهذه المكانة في المنطقة، وأن أي إجراء تُقدم عليه الدول العربية ويُشم منه رائحة الإستقلال في إتخاذ القرارات سيواجه بنيران الغضب السعودي، وقطر هي نموذج على هذا السعي للإستقلال بالقرار، ومن خارج دول مجلس التعاون الخليجي يمكن الإشارة إلى موقف جمهورية السودان الأخير، حيث تسبب الموقف المستقل للخرطوم فيما يتعلق بالأزمة الخليجية بإثارة حفيظة المسؤولين في الرياض وغضبهم.
لكن النقطة التي لا يجب نسيانها هنا، هي أن الإمارات ورغم أنها لا تبدو ظاهراً أنها هي من تقود الأزمة ضد قطر إلا أنها على الصعيد السياسي تبدو متحمسة جداً لممارسة ضغوط أكبر على الدوحة لا سيما فيما يخص العقوبات الإقتصادية ضدها، ويمكن إستشعار هذا الأمر في مواقف المسؤولين الإماراتيين.

«فأنور قرقاش» وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الذي يبدو أن صلاحياته تتعدى مكانته كوزير دولة للشؤون الخارجية، كان أكثر المسؤولين الإماراتيين تصعيداً ضد قطر في المواقف، وفي الحقيقة فإن هذا الرجل هو من يعلن عادة عن السياسات والمواقف التي تتخذ ضد الدوحة.

ورغم أن موقفاً كهذا وعلى هذا المستوى كان ينبغي له أن يصدر عن المسؤولين السعوديين، لكن التصريح بهذا الموقف والشكل الذي بدا عليه هذا المسؤول الإماراتي ضد قطر يبين أن في الأمر حكاية أخرى. وعلى ما يبدو أن قطر تعي جيداً أن أبوظبي هي من تقف خلف صب الزيت على نيران أزمتها مع السعودية وحلفائها، وقد قامت قناة الجزيرة مؤخراً بفتح ملفات الجرائم، والسجون السرية والتعذيب الذي تمارسه الإمارات في اليمن. والسبب الرئيس وراء ذلك يعود إلى المنافسة الإقتصادية للبلدين في المنطقة ودعم الدوحة للأخوان المسلمين.

وبالنظر إلى مواقف الدول الأربع المشتركة في التحالف ضد قطر، فإنه لا يمكن أن يُرى دوراً مهماً للدولتين الأُخريين، البحرين ومصر.

فالبحرين هي إحدى الدول المنخرطة في ملف الأزمة مع قطر، لكن هذه الدولة ونظراً لصغر حجمها ومكانتها في المنطقة لا يمكنها أن تكون مستقلة في قرارها السياسي، وهي دائماً ما كانت تتبع للسعودية في جميع مواقفها المتعلقة بالأزمات في المنطقة، ودور المنامة لا يعدو أن يكون شيئاً بحيث يتم الإعتماد عليه من قبل الدول الأخرى، فحتى عندما قام عدد من المسؤولين الأوربيين والأمريكيين بزيارات للمنطقة من أجل حل الأزمة لم نرى أياً من هؤلاء المسؤولين قد قام بزيارة إلى البحرين للتشاور مع مسؤوليها، وحتى لو كان هذا قد حدث فإنه لم يكن من أجل التشاور بشأن الأزمة القطرية، في حقيقة الأمر فإن المنامة ليست سوى منفذ لسياسات الدول الثلاث الأخرى، وهي السعودية والإمارات ومصر في أزمة هذه الدول مع قطر.

كذلك فإن مصر أيضاً لا يمكنها أن تكون لاعباً حقيقياً في هذه الأزمة، فالمشكلة الوحيدة لحكام القاهرة الحاليين مع قطر هي قضية تمويل وإيواء الدوحة للأخوان المسلمين، بحيث أن قطر إذا ما أقدمت على إيقاف دعمها لهذه الجماعة وقامت بطرد قادتها من الدوحة، فإن القاهرة ستعيد النظر في دورها في الأزمة الراهنة وربما ستنأى بنفسها عما يجري.

لقد إنتهجت السعودية في هذه الأزمة في التعامل مع قطر سياسة "الضغط والإحتواء" وهي تسعى من جانب لتشديد الضغوط الإقتصادية والسياسية على الدوحة، ومن جانب آخر لإحتواء سياساتها في المنطقة.

إن السعودية على ما يبدو ليست راغبة في طرد قطر من عضوية مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي الذي يتخذ من الرياض مقراً له، إلا أن هذه الرغبة موجودة أكثر لدى الإمارات وصناع القرار فيها، حيث صرح بذلك المسؤولون الإمارايتون مراراً وتكراراً.

في بداية الأزمة وبعد إعلان قطر أن التصريحات المنسوبة لأميرها، تميم بن حمد آل ثاني التي نشرت على موقع وكالة الأنباء القطرية مبركة، وأن الوكالة تمت قرصنتها، جاءت بعض التكهنات لتتحدث عن دور روسي في هذه القضية.

لكن الآن وبعد مرور 40 يوماً على الأزمة كشف مصدر إستخباراتي أمريكي أن الإمارات العربية المتحدة هي من قامت بقرصنة مواقع وسائل الإعلام الحكومية وغير الحكومية القطرية بهدف نشرتصريحات مفبركة ونسبها لأميرها تميم بن حمد آل ثاني.

وأخيراً فإنه وفي حال ثبتت صحة هذا التقرير، فإن الدور الإماراتي في هذه الأزمة سيتضح أكثر وأكثر، وسيتبين أن أبوظبي هي التي كانت تقف خلف هذه الأزمة وتدير ملفها، وتدفع السعودية لتوتر أكبر مع قطر لإجبار الأخيرة على التراجع والتنازل. وقبل هذا كانت قد نشرت تقارير عن تدخل الامارات في انقلاب تركيا الامر الذي مهد لمخاوف مسؤولي هذا البلد.

حسن رستمي كاتب و صحفي

/انتهي/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة