الدكتورة هدية عباس: لا مكان لحماة الارهابيين في مستقبل سورية

الدکتورة هدیة عباس: لا مکان لحماة الارهابیین فی مستقبل سوریة

أكدت الدكتورة هدية عباس في آخر حوار صحفي لها كرئيسة لمجلس الشعب السوري اجرته مع مراسل تسنيم في دمشق "ان الحرب على سورية ليست سوى حرب على محور المقاومة الممتد من فلسطين إلى بيروت ودمشق وطهران" مضيفة ان " لا مكان لحماة الارهابيين في مستقبل سوريا".

 وفيما يلي النص الكامل لحوار الدكتورة هدية عباس مع مراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء في دمشق:

تسنيم: شهدنا في العامين الأخيرين توافد عدد كبير من الوفود البرلمانية الأجنبية إلى سورية وكنتم قد التقيتم بالكثير منها هنا في مجلس الشعب، ما هي أبرز الرسائل التي حملتها معها تلك الوفود؟ وهل هناك رسائل غير معلنة من قبيل إعادة العلاقات الدبلوماسية بين سورية وباقي الدول أو غيرها من الرسائل.

الدكتورة هدية عباس: بداية أرحب بكم وأتوجه من خلالكم بالتحية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وشعبها وقيادتها، وعلى رأسها سماحة قائد الثورة الاسلامية السيد آية الله علي الخامنئي على مواقفها الداعمة لسورية وشعبها منذ سبع سنوات.

وبالعودة للسؤال .. الحقيقة أننا في مجلس الشعب فتحنا قنوات الاتصال البرلماني مع العديد من المؤسسات البرلمانية في العالم، وفتحنا أبواب المجلس أمام الوفود البرلمانية التي أبدت رغبتها في الوقوف على حقيقة الأوضاع في سورية، ووجهنا دعوات للعديد من البرلمانات لإرسال وفودها للاطلاع بأم العين على ما يجري في سورية وما يتعرض له الشعب السوري من استهداف ممنهج من قبل الإرهابيين والجماعات المسلحة.. ومعظم الوفود التي زارت دمشق خرجت بانطباعات مختلفة عما يروج له الساسة الغربيون والإعلام الغربي، وكانت الزيارات ذات نتائج إيجابية لمصلحة الشعب السوري.. وقد قمنا بإطلاع هذه الوفود على حقيقة ما يجري في سورية وحملناها رسائل الشعب السوري ومطالبه بضرورة الوقوف إلى جانب الدولة السورية في محاربة الإرهاب وأهمية رفع العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب المفروضة من بعض الدول ضد بلدنا وشعبنا، وحتمية التعاون في محاربة الإرهاب والتطرف لأن هذه الظاهرة تهدد مستقبل شعوب العالم أجمع وليس في منطقتنا فحسب، وإن لم نتعاون اليوم فلن نستطيع مجابهة واجتثاث هذه الظاهرة الشاذة مستقبلاً، وسوف تتعرض الشعوب الأوروبية لويلات كالتي نعاني منها اليوم .. والكثير من الوفود توصلت لقناعة تامة بما نقول.

أما فيما يخص الرسائل غير المعلنة فهي غير موجودة، وإن أعلنت بعض الوفود دعمها لإعادة العلاقات مع سورية ولاسيما الأشقاء في تونس وبعض الشخصيات المصرية. لكن نحن نعتقد أن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول التي قطعت علاقاتها مع بلدنا هي مصلحة لتلك الدول قبل أن تكون مصلحة لسورية لأنها السبيل الأمثل لتبادل المعلومات والخبرات في مجال مكافحة الإرهاب، ونحن أصبحت لدينا تجربة وخبرة كبيرة يمكن أن تساعد تلك الدول في تجنب التعرض لويلات الإرهاب.

لذلك نحن دائماً ندعو الوفود التي تزورنا إلى موقف موضوعي بعيد عن المصالح الآنية والسياسات المتشنجة قصيرة النظر.. ونقوم بكشف وفضح الجهات التي تدعم الإرهاب وتموله، ونقدم المعلومات لتلك الوفود لنقلها إلى برلماناتها وحكوماتها، ونطالب تلك الوفود بالضغط على حكومات بلدانها لاتخاذ مواقف مسؤولة.

تسنيم: الدكتورة هدية عباس هي أول امرأة تتولى رئاسة مجلس الشعب السوري منذ عام 1919، ماذا عن معنى أن تستلم امرأة سورية هذا المنصب في الوقت الذي نشهد دولاً كالسعودية وغيرها تحتقر المرأة وتجردها من أبسط حقوقها وبنفس الوقت تتهم الدولة السورية بأنها تسلب حرية وحقوق المواطنين؟

الدكتورة هدية عباس: حقيقةً، لقد أثبتت المرأة السورية على مر التاريخ أنها جديرة بتولي المسؤولية إلى جانب الرجل في مختلف الميادين. وفي التاريخ الحديث قطعت الدولة السورية أشواطاً كبيرة في مجال مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية، وقد تولت المرأة مناصب قيادية عالية منذ سبعينات القرن الماضي، فتولت المناصب الوزارية وشغلت ومازالت منصب نائب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب وفي قيادات الأحزاب... فبلدنا بلد تطوير الكفاءات وتمكين المرأة وتعزيز دورها باعتبارها نصف المجتمع، ونحن من أوائل الدول في العالم بتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية .. وباعتقادي إن وجود امرأة على رأس السلطة التشريعية في سورية أبهر الكثيرين في العالم ممن يقدرون دور المرأة ويسعون لتمكينها في بلدانهم، وقد لاحظنا احتراماً وتقديراً من قبل معظم برلمانات العالم لهذا الأمر. ولا يمكن مقارنة سورية بالسعودية؛ فالسعودية ليست دولة وفق مفهوم الدولة .. إنها عائلة تحكم بعقلية القبيلة .. التي ليس فيها للمرأة من دور ولا حقوق .. فالمرأة في سوية دخلت قبة البرلمان منذ عام 1919 في حين أنه ليس هناك من برلمان حقيقي في السعودية وإنما مجلس للعائلة المالكة .. نحن في سورية نفخر بأننا دولة علمانية حضارية رائدة في المنطقة تعمل على تمكين مواطنيها بالسوية نفسها وتمنحهم الحقوق والواجبات نفسها وفق دستور محترم وقوانين حضارية لا تعرفها ممالك الخليج وعلى رأسها مملكة بني سعود، التي تتبنى قوانين هي نفسها قوانين تنظيم داعش الإرهابي.

تسنيم: انتصارات كبيرة يحققها الجيش السوري في الميدان ويبسط سيطرته على مساحات واسعة ويقترب من مدينة دير الزور وبالتالي من إنهاء وجود داعش في سورية، كيف تنظر الدكتورة هدية عباس إلى مستقبل سورية بعد إعلان الانتصار، وكيف تتوقعون أن تتعامل الدول الغربية والمعادية لسورية بعد هذا الإعلان؟

الدكتورة هدية عباس: لاشك أن الانتصارات الكبيرة التي يحققها جيشنا الباسل على التنظيمات الإرهابية بمسمياتها المختلفة، وتحرير مناطق واسعة من براثن الإرهاب، هي محطات استراتيجية في الطريق للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي، وإعلان النصر النهائي على الإرهاب التكفيري وداعميه ومموليه، واستعادة الدولة السورية أمنها واستقرارها. وأنا باعتقادي أن سورية بعد الانتصار سوف تبدأ إعادة البناء والإعمار على مختلف المستويات، لتكون الدولة العصرية بالخدمات والقوانين والبناء والتعليم، وعلى الدول المعادية لسورية أن تقرأ من اليوم وتتعلم أن الدولة السورية منتصرة بشعبها وجيشها وحلفائها، وعليها أن تعيد النظر من الآن في مواقفها السلبية تجاه سورية قبل فوات الأوان، وأعتقد أن خريطة العلاقات السورية مع دول العالم سوف تتوقف كثيراً على مواقف تلك الدول من الإرهاب الذي نتعرض له اليوم، فالدول التي وقفت مع سورية وشعبها ستكون لها الأولوية في العلاقات وفي الاستثمار وفي التعاون .. أما مَن ناصب سورية العداء ودعم الإرهاب وشارك في سفك دماء السوريين فله حديث آخر.

تسنيم: أين ترى الدكتورة هدية عباس، حلف المقاومة بعد الحرب الشرسة التي شنت عليه على مدى سبع سنوات عسكرياً وسياسياً من الجانب الأمريكي والجانب "الإسرائيلي" وأدواتهما على الأرض؟ هل أصبح أضعف من ذي قبل؟ أم أنه ازداد قوة وفي حال ذلك ما هي العوامل والدلائل على تعاظم قوة حلف المقاومة؟

الدكتورة هدية عباس: أستطيع أن أجزم بأن الحرب على سورية ليست سوى حرب على محور المقاومة الممتد من فلسطين إلى بيروت ودمشق وطهران، وكل المؤشرات التي توضحت وتكشفت على مدى سنوات الحرب تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الهدف من الحرب على سورية هو توجيه ضربة قاسية لمحور المقاومة خدمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي ولمصالح الولايات المتحدة في المنطقة.. وقد كان للفهم والإدراك المبكر من قبل محور المقاومة لأهداف الحرب التي تم تمويهها واستخدام أدوات إرهابية لتنفيذها، دور كبير في استيعاب فصول الحرب والرد عليها وفق المراحل المخطط لها .. وبعد سبع سنوات من حرب مدمرة شنتها تلك الأدوات الإرهابية بدعم وتمويل وتسليح منقطع النظير من قبل إسرائيل وتركيا والسعودية وقطر وفرنسا والولايات المتحدة، أثبت محور المقاومة والمدعوم من روسيا قدرة عالية على الصمود وتحقيق النصر بالرغم من الخسائر المؤسفة التي نعدها ثمناً للانتصار.. لكن بعد هذه الحرب الطويلة يمكننا أن نطمئن شعبنا أن محور المقاومة ازداد قوة ومنعة وترابطاً .. وازداد خبرة عسكرية وميدانية وتعززت القدرات العسكرية الدفاعية التي يمتلكها، ولذلك نرى أن كيان الاحتلال أصبح مهزوزاً هلعاً، يتدخل عسكرياً لمساندة الإرهابيين في المناطق الجنوبية من سورية لإبقاء تلك التنظيمات على قيد الحياة.. لكن نؤكد له ولغيره أنه وأدواته مهزومون أمام إرادة شعبنا وجيشنا وقيادتنا، وأمام تماسك محور المقاومة الذي أصبح اليوم أقوى وأقدر على إلحاق الهزيمة بالأعداء.

تسنيم: العديد من الدول الصديقة والشقيقة وقفت إلى جانب الدولة السورية في حربها ضد الإرهاب، ما الذي يميز مواقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن باقي الدول، فيما يتعلق بتقديم الدعم إلى الجمهورية العربية السورية وإلى شعبها الصامد على مدى سبع سنوات؟

الدكتورة هدية عباس: لاشك أن العديد من الدول وقفت إلى جانب الدولة السورية وإلى جانب شعبنا وساندته اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً في مواجهة الحرب الإرهابية التي نتعرض لها منذ سبع سنوات، ونحن نتوجه بالشكر والتقدير لجميع من وقف معنا بأي طريقة كانت، وشعبنا لن ينسى من وقف إلى جانبه ومد يد العون له في محنته، وعلى رأس هؤلاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا والأشقاء في المقاومة اللبنانية، لكن الدعم السخي الذي قدمته الجمهورية الإسلامية الشقيقة للشعب السوري، يتجاوز منطق الدعم والمساندة ليصل إلى مفهوم المشاركة، أي مشاركة الشعب السوري في الدفاع عن أرضه وسيادته؛ فامتزجت الدماء وتقاسمنا الوجع والفرح وتقاسمنا رغيف الخبز، لذلك نحن ننظر إلى الإيرانيين على أنهم أشقاء شاركونا خبزهم وقمحهم وغذاءهم، وقدموا لنا الكثير من احتياجاتنا الغذائية والدوائية والاقتصادية التي ساهمت في صمود الدولة واستمرارها في المواجهة.. إننا بهذه الروح من التعاون وهذه الإرادة في تحقيق النصر.. فإننا لمنتصرون بعونه تعالى.

تسنيم: أطلق الرئيس بشار الأسد، المشروع الوطني للإصلاح الإداري القاضي بمكافحة الفساد بكل أشكاله ومحاسبة المسؤولين والاهتمام بمقترحات المواطنين السوريين وغيره من العناوين، ما أهمية أن يطلق الرئيس الأسد هذا المشروع بعد سبع سنوات من الحرب على سورية؟

الدكتورة هدية عباس: أعتقد أن إطلاق المشروع الوطني للإصلاح الإداري في هذا التوقيت بالذات ومن قبل سيادة الرئيس بشار الأسد شخصياً.. هو بمثابة إعلان انتصار سورية على الإرهاب.. فنحن نعلم أنه في أوقات الحروب ترتفع مناسيب الفوضى والفساد بسبب انشغال كل كوادر ومؤسسات الدولة في المعركة.. لذلك فإن إطلاق هذا المشروع اليوم هو بمثابة إعلان النصر وبداية مرحلة البناء.. لذلك فهو يعبر عن التوجه العام للدولة في مرحلة ما بعد الحرب مرحلة إعادة الإعمار والبناء على المستويات كافة.. وأراد سيادة الرئيس إعطاء المشروع الزخم المطلوب بأن أطلقه شخصياً ووضع الحكومة والوزراء أمام مسؤولياتهم لتنفيذ المشروع الذي يشكل القاعدة الأساس لإعادة هيكلة المؤسسات، وتطوير منظومة العمل الإدارية التي تساهم في الحد من التراخي ومن الترهل والفساد، وتساعد على استنهاض طاقات الكوادر البشرية واستثمارها بالشكل الأمثل في مشروع تطوير الدولة وتعزيز كفاءة المؤسسات فيها، لتتناسب والخطط المستقبلية لتطوير بنية الدولة وهياكلها ومنظومة عملها في مرحلة إعادة البناء والإعمار.

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة