كيف ستنتهي معركة الجرود... ومتى؟

کیف ستنتهی معرکة الجرود... ومتى؟

مع إستمرار المعارك في جرودعرسال والقلمون منذ ليل الخميس-الجمعة الماضي، ومع التقدّم الكبير الذي حقّقته القوى المُهاجمة المُتمثّلة بوحدات من الجيش السوري و"حزب الله"، برز أكثر من سؤال لا سيّما بشأن كيفية إنتهاء هذه المعركة، وموعد هذه النهاية؟

لا شكّ أنّ توازن القوى بين كل من الجيش السوري و"حزب الله" من جهة، وكل من "جبهة النصرة" و"سرايا الشام" و"داعش" مفقود تمامًا، حيث أنّ القوى المُهاجمة تستفيد من غطاء جوّي كامل، ومن غطاء مدفعي وصاروخي أيضًا، ومن دعم لوجستي مفتوح بالعديد والعتاد والذخائر، بعكس القوى المُحاصرة، الأمر الذي يجعل نهاية المعركة محسومة حتمًا لصالح الجيش السوري و"حزب الله". يُذكر أنّ الجماعات المُسلّحة والإرهابيّة تُعاني أيضًا من عدم توحّد قوّاتها نتيجة الخلافات بين فصائلها المُختلفة، وتُواجه مُشكلة كبيرة أخرى تتمثّل في تحوّل جرحاها إلى قتلى خلال ساعات، بسبب عدم القُدرة على نقلهم إلى أي مُستشفى ميداني فعّال، وهي تفتقر أيضًا إلى أي خطة مُواجهة دفاعيّة فعّالة، وتُعاني من معنويات مُنهارة بسبب غياب أي أمل بالربح أو بالنجاة أو حتى بالفرار نتيجة الحصار المُحكم الذي بات مفروضًا عليها.

إشارة إلى أنّ الإجراءات المُشدّدة التي إتخذها الجيش اللبناني في جرود عرسال وفي بلدة عرسال نفسها، لجهة منع أي تسلّل للمُسلّحين نحو الداخل اللبناني وضبط أيّ تحرّك مُسلّح في عرسال وفي المخيّمات بمحيطها، تقاطعت مع قيام "حزب الله" بعدم الإكتفاء بالهجوم الذي إنطلق من العمق السوري باتجاه مواقع "جبهة النصرة" في جرود بلدة فليطا في القلمون الغربي، والقيام بهجوم ثان مُتزامن إنطلق من جرود السلسلة الشرقيّة وتحديدًا في المنطقة الواقعة إلى جنوب غرب عرسال نحو مواقع "جبهة النصرة" أيضًا إلى شمال وشرق جرد عرسال.

وبالتالي، بفضل إجراءات الجيش اللبناني الحاسمة في عرسال ومحيطها، وبنتيجة تمكّن "حزب الله" من أن يقطع بالنار القسم الأكبر من المعابر نحو عرسال، صار خيار الفرار والإنسحاب نحو الداخل اللبناني غير وارد ومليء بالمخاطر بالنسبة إلى الجماعات المُسلّحة المُحاصرة.

وفي ظلّ هذه الوقائع الميدانية، باتت هذه الجماعات أمام خيار من إثنين: إمّا الإستسلام الكامل أو القتال حتى الموت-كما سبق أن هدّدت. لكنّ إتجاه الأمور لن يكون على الأرجح إلى أيّ من الخيارين المذكورين أعلاه، إنّما إلى خيار ثالث يجمع بينهما إلى حدّ ما ويتمثّل في المُوافقة على الإنسحاب من المنطقة، لكن وفق شروط مُختلفة عمّا كان يُعرض على الجماعات المُسلّحة قبل إنطلاق الهجمات على مواقعها، وأكثر قساوة بكثير. ويُمكن القول إنّ المعركة الحالية هي معركة "شروط الإستسلام"-إذا جاز التعبير. وفي هذا السياق، تُحاول الجماعات المُسلّحة تأخير هزيمتها الحتميّة قدر المُستطاع، وإيقاع أكبر قدر مُمكن من الخسائر البشريّة في صُفوف القوى المُهاجمة، بهدف دفع الجيش السُوري و"حزب الله" إلى السماح لها بالإنسحاب وإخلاء المنطقة، لحسم المعركة. في المُقابل، يُحاول كل من الجيش السوري و"حزب الله" السيطرة على أوسع مساحة جغرافيّة مُمكنة في الجرود وبأسرع وقت مُمكن أيضًا، لتكون شروط الإستسلام التي يسعيان لفرضها قاسية جدًا.

في الختام، صحيح أنّ لا أهمّية إستراتيجيّة كُبرى لمعركة جرود عرسال والقلمون الحالية، كما كان الحال عليه مثلاً في معارك القُصير ويبرود والقلمون وغيرها من المعارك السابقة، لكنّ أهمّيتها تكمن في تخلّص النظام السوري من آخر بؤرة أمنيّة ضمن ما بات يُعرف بإسم "سوريا المُفيدة"، وفي تخلّص "حزب الله" من خطر حدودي يُهدّد بيئته الحاضنة، وكذلك في تخلّص لبنان بشكل عام من خطر إرهابي كان يُهدّد بلداته الحُدوديّة وإستقراره الداخلي. وأهميّة الإنتهاء من معركة الجرود تتمثّل خُصوصًا في إمكان نقل تركيز الجيش السوري و"حزب الله" إلى مناطق أخرى في سوريا، بعد حسم هذه المعركة. وإذا كانت النتيجة باتت معروفة من لحظة إنطلاق الهجمات، وتتمثّل في إخلاء المنطقة الجرديّة من كل الجماعات المُسلّحة، إن بالقوة عبر قتل وجرح وأسر مجموعات كبيرة من المُسلّحين، أو عبر إتفاق لإنسحاب من سيتبقّى منها، فإنّ موعد نهاية المعارك ليس بعيدًا، وهو يُقدّر بأيّام قليلة فقط، مع إحتمال أن تأخذ مُفاوضات الإستسلام والإنسحاب النهائي بضعة أيّام أخرى.

المصدر: النشرة

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة