الحدس والتحليل.. أيّهما الأنسب لاتّخاذ القرارات؟

الحدس والتحلیل.. أیّهما الأنسب لاتّخاذ القرارات؟

تخيّل أنك تعلن قراراً مهماً بالاستناد إلى الحدس، فهل يجب بالقطع أن تصدر القرارات المهمة من خلال التفكير بعناية، ودراسة الأمور بشكلٍ عقلاني ومتأنٍ؟

ويعتقد الكثيرون أن البشر قد تطوّروا من الاعتماد على التفكير البدائي إلى التفكير بطابع عالمي وتحليلي، ونتيجة لذلك فإنهم يعتبرون أن العواطف والحدس عناصر عرضة للخطأ، بل وإنها متقلّبة وغريبة الأطوار.

فلم يعد من المقبول في عصر التفكير العقلاني أن نعتمد على الحدس، وتقول خبيرة في علم الأعصاب "فاليري فان ميلوكوم" إن الاستجابات الصادرة عن المرء والتي تحمل طابعاً انفعالياً ليست خاطئة كما يعتقد البعض.

وتشير دراسات إلى أن المشاعر والعواطف لا تُشَكِلُ مجرّد استجاباتٍ بليدة غبية، فتلك جوانب من الشخصية، تتولى تقييم ما شعر به المرء، وهو ما يجعلها - بهذا المعنى - تؤدي أحد أشكال عمليات معالجة المعلومات.

ويضمن ذلك أن يظل المخ على الدوام مستعداً للتعامل على الوجه الأمثل مع المواقف التي يمر بها صاحبه، وعندما يحدث أي شيءٌ لم يكن متوقعاً سلفاً يُحَدِّثُ المخ نماذجه المعرفية والإدراكية.

فالحدس أو الشعور الغريزي ينتج عن إجراء المخ عمليات مضاهاة بين النموذج الإدراكي المختزن، والخبرة التي يمر بها، ولكن دون أن تصل عملية المعالجة هذه إلى مستوى الإدراك الواعي للإنسان.

وربطت الدراسة بين الخبرة وزيادة المعلومات التي يمكن للمخ أن يقارن من خلالها المواقف التي تصادفه، وهذا يعني أنه يمكن بالفعل شحذ وتحسين القدرة على الحدس والشعور الغريزي من خلال الخبرات والتجارب، تماماً كما يحدث مع القدرات الابتكارية والإبداعية.

وأظهرت دراسات أنه لا توجد عادةً علاقة ارتباط بين التفكير الحدسي ونظيره التحليلي، وليس من الممكن أن يحدث الاثنان في الوقت ذاته، لكن في الواقع يتكامل نمطا التفكير هذان، بل ويمكنهما العمل معاً بشكلٍ متناسق ومتناغم، حتى الدراسات العلمية الرائدة، قد تبدأ بمعرفة ذات طابعٍ حدسي تُمَكِّنُ العلماء من استنباط أفكارٍ وافتراضاتٍ إبداعية، يمكن التحقق من صحتها لاحقاً عبر إخضاعها للتجربة والتحليل على نحوٍ صارم.

كما آن الأوان لوقف الهجوم المحموم على الحدس، والنظر إليه على حقيقته، بوصفه نمطاً من أنماط معالجة المعلومات، يتسم بالسرعة والتلقائية ويحدث على مستوى العقل الباطن، ويمكنه أن يوفر لنا استخلاصاتٍ ومعلوماتٍ مفيدة للغاية، لا يتسنى لنا الحصول عليها عبر التفكير التحليلي المنطقي الذي يتصف بالتأني.

وفي الختام نرى أننا بحاجة تقبل حقيقة أنه يتعين اللجوء إلى نمطيْ التفكير هذين معاً وفي وقتٍ واحد، على أن تجري المقارنة والمفاضلة بينهما، في المواقف التي يصعُب فيها اتخاذ القرار.

وتجدر الإشارة إلى أن للتفكير نموذجين بوجه عام؛ الأول الحدسي الذي يُعرف بأنه تلقائي وسريع وغير واعي، والثاني التحليلي الذي يبدو وكأنه أبطأ إيقاعاً يحمل طابعاً منطقياً، ويحدث بشكلٍ متعمد ومتأنٍ وواعٍ.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
أهم الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
عناوين مختارة