هكذا يدير العرب أحوالهم الشخصية.. تعديلات "خجولة" أسقطت الأسرة في دوامة الـ "مآخذ"

هکذا یدیر العرب أحوالهم الشخصیة.. تعدیلات "خجولة" أسقطت الأسرة فی دوامة الـ "مآخذ"

الأحوال الشخصية، العلاقات الاجتماعية، تنظيم الأسرة والعلاقة بين أطرافها، الحياة اليومية للمواطن وحقوقه وواجباته في العالم العربي تبقى محل تساؤل.

خاص / تسنيم|| أركان في القانون تندرج تحت مسمى قانون الأحوال الشخصية، موجود في كل دولة عربية والهدف منها تنظيم شؤون الأسرة والعلاقة بين أطرافها، ويحدد حقوق وواجبات كل من أفرادها وعلاقاتهم، كما يضبط أمور الزواج والطلاق ورعاية الأطفال والأمور النفسية والمالية الناتجة عن الطلاق.

في كل الدول العربية وتماشياً مع العصر وتطورات المرحلة، وزارات العدل والسلطات التشريعية في الوطن العربي، تقوم بين الحين والآخر بتعديلات تطال أحكام وقوانين البلاد، بهدف جعلها أكثر مرونة، وأكثر تماشياً مع الوقت الراهن. هذا حال كل القوانين والتشريعات حتى التي تنظم شؤون الحكم في البلاد العربية، إلا قوانين الأحوال الشخصية، طرحها ومناقشتها ووضعها تحت المجهر، دائماً ليس اليوم، دائماً لسنا اليوم في وارد بحثه، كلما نادت سلطة رابعة أو هيئة أو نقابة او اتحاد بتعديل مادة من قانون الأحوال الشخصية، جاء الرد المتعنت: "الوقت اليوم ليس مناسباً".

تعتبر التعديلات التي طرأت منذ عام 2000 على قوانين الأحوال الشخصية في الوطن العربي، خجولة جداً وهي جزء عضوي من العملية الصراعية السلمية في مجتمعاتنا وليست جزءاً منفصلاً عنها، ولم تسمو لتكون ضمانة مطلقة للمساواة والعدالة، فما زالت العدالة الاجتماعية بعيدة كل البعد عن قوانيننا، الأمر الذي يدعو إلى تضافر جهود مؤسسات المجتمع المدني، وكل القوى الاجتماعية من أجل مزيد من التقدم.

نجول في التقرير التالي على بعض الدول العربية لنرى قوانين أحوالها الشخصية والتعديلات التي طالتها..

مسائل الأحوال الشخصية في المنطقة العربية بقيت من دون تدوين حتى 1917م، إلى أن أصدرت الدولة العثمانية قانوناً لأحكام الزواج والفرقة للمسلمين والمسيحيين واليهود، كل بحسب شرائعهم وتقاليدهم، وأسمته "قانون حقوق العائلة"، وبالتالي استندت قوانين الأحوال الشخصية في البلدان العربية على مشاريع فقهية تجديدية حاولت، بشكل متواضع، مراعاة المستجدات الاجتماعية والاقتصادية ومتطلبات الحداثة العربية.

"قانون حقوق العائلة" ذاك ضل معمولاً به في مصر حتى عام 1929، حيث صدرت عدة قوانين نظمت الأحوال الشخصية منها قانون المواريث، وقانون الولاية على المال، وقانون الوقف رقم 48 لعام 1946، ثم صدر القانون رقم180 لسنة1952بإلغاء الوقف الأهلي، وأدخلت عليه بعض التعديلات الهامة بالقانون رقم 100 لعام 1985، والقانون رقم 1 لعام 2000 الذي أدخل التعديلات الخاصة بالخلع.

الشهر الماضي عزم مجلس النواب المصري البدء بجلسات الحوار المجتمعي ومناقشة مشروعات تعديل قانون الأحوال الشخصية، المقدمة من حزب الوفد لمعالجة ما أسماه سلبيات قانون الأحوال الشخصية، لكنه أجل جلسة المناقشة لأسباب لم يعلن عنها.

تلك التعديلات التي بقيت مشروع ومسودة اصطدمت بانتقادات أيضاً طالتها.

عضو مجمع البحوث الإسلامي الكاتب والصحفي محمد أبو زيد قال لـ "تسنيم": "هذا التعديل يخالف بصورة أو بأخرى الشريعة الإسلامية ولا يلاءم المجتمع المصري، وإذا ذهبنا أبعد من ذلك نجد أن إطلاق مصطلح الأحوال الشخصية على "أحكام الأسرة" محاولة لعزل مفهوم الأسرة وبلبلة المعاني والمفاهيم الشرعية،  فالإسلام لا يعرف التجزئة كما عرفتها العقلية والثقافة الغربية".

وأضاف أبو زيد أن التعديل رفع سن الزواج عند المرأة إلى 18 عاما، وجرّم من يتزوج دون هذه السن، وهذا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، سواء خالف قناعاتنا أم وافقها، فتجريم من يتزوج دون هذه السن كلام مرفوض تماما في الإسلام ويجب ألا يعتد به من الناحية الشرعية.

كما انتقد أبو زيد إمكانية تعدد الزوجات، مؤكدا أن الشريعة في مجال الأحوال الشخصية قد جاءت بأحكام لا غبار عليها، وسمحت بتعدد الزوجات، وبالتالي لا يجوز تقييده بقانون وضعي.

في السياق رفض أبو زيد المادة الثانية من القانون المعدّل والتي تنص على أن يتم رؤية الصغير‏ الذي لم يبلغ التاسعة من عمره في محل إقامته،‏ أي في مسكن الأم، انطلاقًا من أصل التشريع الذي يجعل هذه الأم أجنبيةً عن والد الطفل، فلا يجوز له أن يدخل منزلها وتجلس معه، خاصةً في عدم وجود محرم‏, فضلاً عما قد يفتحه هذا البند من مشكلات أخرى.

إلى السودان: ويتم العمل بمذهب الإمام أبي حنيفة، إلا في المسائل التي تصدر بها منشورات شرعية من قاضي القضاة تأخذ بغير الراجح في المذهب الحنفي من المذاهب الأخرى، ثم نسخت بقانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م.

بتاريخ 17 حزيران 2016، شكّل وزير العدل السوداني، عوض الحسن النور، لجنة خاصة لمراجعة وتعديل قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م في البلاد على ضوء احكام الشريعة الاسلامية، وذلك بهدف تعديل الموادي التي تقوم على عدم أهلية وكفاءة المرأة ابتداءاً من تعريف الزواج وسنه، وشروط الطلاق وطريقته والنفقة والحضانة وغيرها.

ولا يزال الموضوع عالقاً حتى الآن، اقتصرت جهود المعنيين فيه على عقد بعض الاجتماعات وجلسات الحوار، دون نتائج تذكر.

إلى ليبياالتي تعمل بقانون الاحوال الشخصية الصادر عام 1984 والذي ينظم الأحكام الخاصة بالزواج والطلاق وآثارهم، وبشأن الميراث يُعمل بقانون عام 1947.. الذي بقي راسخاً حتى صدور تعديلات الأحكام الخاصة بالزواج والطلاق وآثارهما. بالقانون رقم 14 الصادر عام 2015.

العراقأصدر قانوناً للأحوال الشخصية عام1959، ثم عدل بالقانون رقم (11) عام1963م، تميز بأنه مستقى من جميع المذاهب الفقهية، يعالج كافة الأمور المتعلقة بالميراث والزواج والطلاق وحقوق المرأة، بقي يعمل به حتى عام 2013، حيث أقر مجلس الوزراء العراقي قانوناً جديداً للأحوال الشخصية أثار ضجة كبيرة بين الاوساط الاجتماعية العراقية التي اعترضت على ما ذهب اليه التعديل الذي عدّه الكثيرون نكسة للمرأة العراقية واهانة لمكانتها وحقوقها الانسانية والقانونية والدستورية، ورأوا ان تعديل القانون هو لإعادة إنتاج قانون الأحوال الشخصية الرجعي الذي يبيح زواج القاصرات ويشجع زواج المتعة والمسيار.

في الأردن: صدر قانون حقوق العائلة عام1951الذي حل محل قانون العائلة العثماني، ثم صدر عام 1976قانون الأحوال الشخصية رقم 61 والذي حل محله مؤخراً القانون الجديد رقم 36 لعام 2010.

لم يعترض سريان أحكام القانون الآنف الذكر سوى مقترحات تقدمت بها اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة ، تضمنت مقترحاتها تعديل 12 مادة من مواد قانون الأحوال الشخصية وهي "10، 18، 74،76، 155، 157، 170، 171، 172، 185 "، تم تقديمها للسلطتين التشريعية والتنفيذية عند طرح القانون للمناقشة. بقيت تلك المسودة حبراً على ورق، ولم تلقى آذان صاغية من السلطات الأردنية، حالها حال دعوة جمعية معهد تضامن النساء الأردني "شباط  2018" المطالبة بإلغاء الاستثناء الوارد في المادة 10 من قانون الأحوال الشخصية الأردني، والاكتفاء برفع سن الزواج إلى 18 سنة شمسية.

ممثل منظمة "صحفيون من أجل حقوق الانسان الكندية" في الأردن الصحفي الأستاذ محمد شما يقول لـ "تسنيم": إن قانون الاحوال الشخصية الأردني، يستند على الشريعة الإسلامية، ما يعني ذلك تطبيقا لأحكام الدين الاسلامي الذي يعالج أمور المسلمين فقط فيما يعالج قانون الكنائس أمور المسيحيين، بالتالي فهو يسقط أوضاع غير المسلمين من بهائيين ودروز وهذا بحد ذاته يؤثر سلبا على حقوقهم الشخصية من إرث وأمور شخصية عموماً".

يضيف الدكتور شما: "قانون الأحوال الشخصية الأردني، لا يعطي المرأة حقوقها تحديدا بالإرث، حيث تفقد حقها عموما في كثير من الأحيان، القانون ذكوري في صياغته ولا يعتد بالمرأة عموماً وهو أحد أهم الإشكالات"، مشيراً إلى النفقة في حال الانفصال، يحددها  القانون الأردني وفق نسبة معينة، لا تتناسب وطبيعة الحياة الحالية من تكاليف وخلافها.

وختم الدكتور شما: "للأسف كثير من المنظمات الحقوقية ونشطاء حقوقيون حاولوا تقديم مقترحات لتعديل قانون الأحوال الشخصية لكن العقلية الذكورية تحول دون ذلك. الطريق طويلة لكنها ليست النهاية".

 

في لبنان: بقي قانون حقوق العائلة العثماني الصادر عام 1917هو المطبق على المسلمين، ومعظمه من الفقه الحنفي، حتى صدور قانون قيد وثائق الأحوال الشخصية في 7 كانون الأول 1951.

اليوم في لبنان يُتاح لكل طائفة أن تحكم في أمور الأحوال الشخصية بتشريعها الديني الخاص.

في دول الخليج الفارسي

تعتمد المحاكم على أحكام الشريعة الإسلامية في إصدار أحكام قضايا الأحوال الشخصية وعلى المذهب الحنبلي تحديدا، ورغم المطالبة بتقنين أحكام قضايا الأحوال الشخصية اقتداء ببعض الدول التي عملت على إنشاء قانون مقنن للأحوال الشخصية، إلا أنها تجد ذلك من عدم الإنصاف، نظرا لأن طبيعة هذه القضايا تختلف باختلاف الأوضاع في كل قضية، ولا يمكن أن تكون أحكامها من مصدر جامد غير مرن. حسب تعبيرهم.

في الكويت، صدر قانون للأحوال الشخصية عام 1983 يشتمل على157مادة، وهو مستمد من مختلف المذاهب الفقهية من دون تقيد بمذهب معين وأدخل عليه تعديلات قانون رقم (66) لسنة 2007 بإضافة مواد جديدة إلى القانون رقم (51) لسنة 1984 في شأن الأحوال الشخصية.

أما قطر، أصدرت قانون الأسرة ( 22 / 2006 ) وقانون 21/1989 تنظيم الزواج من الأجانب وقانون الولاية على أموال القاصرين 40/2004، وصدرت الموافقة الرسمية من مجلس الشورى 2014م على قانون إجراءات التقاضي في مسائل الأسرة، ويُعمل فيه بالمذهب الحنبلي ، فيما أعد في الإمارات العربية المتحدة مشروع القانون الاتحادي لسنة 1979بإصدار قانون الأحوال الشخصية من 455مادة ثُم عدل، وقد صدر أخيراً بالقانون 28 لعام 2005.

إلى دول المغرب العربي

تتفاوت مسارات قوانين الأحوال الشخصية وفقا لطبيعة التكوينات الاجتماعية فيها، وأيضا لطبيعة أنماط التدين التي تهيمن على طبيعتها العقائدية. فعلى الرغم من أن بلدان المغرب العربي تتسم بوحدة شبه مطلقة للدين والمذهب، حيث تصل نسبة المسلمين إلى أكثر من 98% من تعداد السكان، فإن التعامل مع الأقليات الصغيرة في تلك البلاد وتقنين أوضاعها يختلف من بلد إلى أخرى.

يعد قانون الأحوال الشخصية في دولالمغرب العربيأحد أوجه التنازع بين القيم التقليدية وقيم الحداثة بعد سنين طويلة من الاستعمار كشفت الهوة العميقة بين الغرب الحداثي والشرق التقليدي، وكان لكل دولة من الدول طريقتها في توليفتها الخاصة بين الحداثة والتراث. إلا أن كل من الدول كانت متمسكة بأن يخرج قانون أحوالها الشخصية كدرب من دروب الاجتهاد الشرعي، ففي تونس التي شهدت أول تقنين للفقه الإسلامي في العالم في "قانون الجنايات والأحكام العرفية" الصادر سنة 1861 والذي جاء قبل "مجلة الأحكام العدلية" الشهيرة التي طبقت في أغلب الدول الإسلامية بعد ذلك. وذلك بعد صدور مجلة الأحوال الشخصية وهي سلسلة من القوانين التقدمية التونسية، صدرت في 13 آب 1956، وتهدف إلى إقامة المساواة بين الرجل والمرأة في عدة مجالات.

أعطت المجلة للمرأة مكانة هامة في المجتمع التونسي خصوصا والوطن العربي عموما، حيث تم إلغاء تعدد الزوجات ووضع مسار إجراءات قضائية للطلاق وأخيرا اشتراط رضاء الزوجين لإتمام الزواج.

إلى الجزائر, والتي مر فيها التنظيم القضائي في مجال الأحول الشخصية في الجزائر بمراحل عديدة اولها مرحلة ما قبل عام 1830 م التي كان فيها التنظيم القضائي كما هو الحال في مختلف البلاد العربية والاسلامية، بعدما استردت الجزائر سيادتها واستقلالها وتحررت من الهيمنة الاستعمارية عمل المشرع على التخلص من الازدواجية والتبعية القضائية للقوانين الفرنسية وإنشاء جهاز قضائي يتلاءم مع تطلعات الشعب الجزائري و أوضاعه الجديدة.

فكان أن اصدرت القانون رقم 63/218 المؤرخ في 18/05/1963 ليلغي بموجبه ولاية محكمة النقض الفرنسية على القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف الشرعية .

عام 1984، صدر قانون الأحوال الشخصية والذي اطلق عليه المشرع تسمية قانون الأسرة الجزائري، ليصدر بعده القانون رقم 02/05 المؤرخ في 04 ماي 2005 يعدل ويتمم القانون رقم 11/84 المؤرخ في 09 جوان 1984 المتضمن قانون الأسرة الجزائري.

المغرب:  يعمل بما يسمى اقتضاباً، مدونة الأسرة المغربية، وهي قانون وضعه برلمان المغرب سنة 2004 وأقرّه الملك محمد السادس، هو القاعدة المحدِّدة للشروط والواجبات والحقوق في حالات عائلية كالخطبة، والنكاح، والطلاق وكذا الحضانة والنَفَقَة والوَصاية.

تتُضمِّن المدونة باباً تمهيدياً للأحكام العامّة، و 7 كتب مقسم كلّ منها إلى أقسام مبوَّبة بدورها إلى أبواب متفرّعة إلى فروع ثم في كل فرع عدد من المواد.

سورية

تعمل بالقانون 59 الصادر عام 1953، الذي ينظم أمور الرضا والعلانية والأهلية والولاية في الزواج، إضافة إلى مواضيع الكفاءة والمحارم من النساء.

بعد الاطلاع على قانون الأحوال الشخصية في سورية نجد أنه يتعارض في كثير من النصوص القانونية مع الدستور السوري الذي ينص في أحد مواده على أن "المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق". وجاء فيه أيضاً: "تكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية...

بالمقابل نجد العديد من المواد في قانون الاحوال الشخصية جاءت خلافاً لما أقره الدستور، في "الطلاق التعسفي، تعدد الزوجات، التهاون في جرائم الشرف، شهادة المرأة، قانون الجنسية، قانون الحضانة، الوصاية، الارث.....".

كما تعتبر هذه المواد مخالفة للاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها سوريا، كميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية سيداو التي تتمتع بشموليتها في معالجة قضايا التمييز ضدّ المرأة في ميادين الحياة كافة.

يرى بعض علماء الدين أيضاً أنقانون الأحوال الشخصية في سوريا المتوارث من أيام العثمانيين يوجد حوله بعض الخلافات حول عدد من القضايا من بينها تعدد الزوجات، مثلا بالنسبة لتعدد الزوجات فهناك آية قرآنية واضحة حول هذا الشأن "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" و "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" سورة النساء، هذا في الوقت الذي ما يزال تعدد الزوجات جارياً ومتزايداً.

وعن الطلاق التعسفي تقول الآية القرآنية الكريمة "طلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" سورة البقرة، وفي سورة الأحزاب "وسرحوهن سراحاً جميلاً".

فيما يدافعالمشرع السوري المستند إلى الفقه الإسلامي، عن قانون الأحوال الشخصية بالقول: "بالقانون المدني يصبح مجتمعنا كأوروبا التي ذكرت أحدى إحصاءاتها أن 65% من طالبات المدارس الإعدادية أجهضن لأنه حسب قانونهم يمنع الزواج قبل بلوغ 21 سنة، كما أن الكثير من الأوروبيين لا يعرفون حقيقية أبويهم، وأتوا نتيجة علاقة غير مشروعة لذلك يتكون لديهم نقمة على المجتمع، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة الجرائم عندهم".

يضيف المشرع السوري: ""قانون الأحوال الشخصية الجديد استطاع أن يلبي الحياة الشرعية والاجتماعية... تم وضع مسودة قانون للمسلمين في جمهورية الصين، بعدما اطلعوا على جميع القوانين في العالم العربي والإسلامي، فوجودوا أن القانون السوري هو أفضلها لما يتميز بالكثير من المزايا".

عضو مجلس الشعب السوري الأستاذ صفوان قربي تحدث لـ "تسنيم" عن قانون الأحوال الشخصية السوري بأنه قيد التعديل وتم مناقشة العديد من المواضيع الواجب أخذها بعين الاعتبار، من منطلقين، الأول النصوص القانونية البالية التي بحاجة إلى تعديل لكي تلاءم المرحلة، والثاني النصوص القانونية التي تقع على عاتقها ترميم فوضى الحرب والأخطاء الاجتماعية التي وقعت في المناطق التي كانت تحت سيطرة الجماعات الإرهابية.

قربي أكد أن ملفات زواج القاصرات ومجهولي النسب والولادات غير الشرعية من أبرز المواضيع التي تتم مناقشتها حالياً، ويتوجب على القانون الجديد أخذها بعين الاعتبار، مشيراً إلى أن موضوع زواج القاصرات هو غير مقبول، ومن غير المنطقي أن تربي فتاة أطفالها، وهي أصلاً بحاجة إلى تربية، لكن الحرب أفرزت حالات يندى لها الجبين، لا بد من معالجتها بقانون الاحوال الشخصية.

تطرق قربي في حديثه أيضاً الى موضوع قانون مجهولي النسب، مشيراً إلى ان ولادات غير شرعية حصلت، والآن لدينا اطفال آباؤهم إرهابيين، بعضهم أصبح خارج القطر، واجب القانون السوري استقطاب هؤلاء الأطفال واستيعابهم، لذلك فهي مهمة نبيلة من الدولة السورية.

الشهر الماضي، تناقلت بعض وسائل الإعلام تسريبات تؤكد أن المحكمة الشرعية بدمشق في المراحل الأخيرة من تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي من المتوقع أن ينصف المرأة لدرجة أنه حتى المصطلحات ستعدل بشكل كبير.

التسريبات أشارت إلى أن التعويض الذي كانت تحصل عليه المرأة بعد الطلاق التعسفي والذي يتم فقط في حال الفقر والبؤس سيعدل، معتبرة أنه كان مجحفاً بحقها وتمت المطالبة سابقاً بتعديل هذا النص لأن الطلاق التعسفي فيه ظلم للمرأة وتعسف من الزوج في استخدامه.

كما أن القانون الحالي يتيح تزويج الفتيات في سن مبكرة جداً (13 عاماً)، وهذا أمر تحاربه المنظمات المدنية وتعتبره "جريمة" بحق طفلة.

ختاماً، أبدت قوانين الأحوال الشخصية في الوطن العربي المستندة إلى الشريعة الإسلامية ممانعة شديدة لعملية علمنة القوانين سواء في فترة الاستعمار أو ما تلاها من فترات تحت حكم الدول الوطنية، مبرهنة بذلك على طبيعة عنيدة، فهي تأتي في الغالب من قلب المجتمع، وتتسق مع منظومة القيم الدينية والثقافية السائدة، لذا فمن الصعوبة بمكان فرضها من خارج النظام الاجتماعي، فتجد مقاومة شرسة إن لم تتماهى مع ما هو سائد من أعراف وتقاليد.

الحكومات المتعاقبة دائماً كانت شديدة الحذر في محاولاتها تعديل قوانين الأحوال الشخصية القائمة، في محاولة لتلافي الصدام مع نمط التدين السائد في المجتمع، أو مع هيمنة أيديولوجيا الذكورة داخل الطبقة الوسطى التي من المفترض أن تقود عملية التحديث في المجتمع.

وعليه فإن قوانين الأحوال الشخصية تُعد من أهم محاور النظام التشريعي، إن لم تكن أهمها على الإطلاق، لما تتميز به من تأثير يصل إلى شتى البنى الاجتماعية والاقتصادية، حيث تساهم إلى حد كبير في تشكيل صور العلاقات الاجتماعية، بما لها من طبيعة تتجذر في شتى سياقات البناء التحتي للمجتمع.

/انتهى/ 

 

الأكثر قراءة الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
أهم الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
عناوين مختارة