محللان جزائريان: دبلوماسية الجزائر تقوم على تصدير السلم

تستحوذ الرئاسيات في الجزائر على الجزء الأكبر من السجال السياسي الدائر حالياً، على الرغم من الدور الكبير الذي تضطلع به البلد عربياً وإسلامياً ودولياً.

خاص- تسنيم: وللحديث في تفاصيل الملف الجزائري، فيما يخص محور علاقتها مع الجوار وموقفها في إعادة العلاقات العربية العربية، ومبادراتها للتقريب بين الدول، إضافة إلى التطرق لمحور مكافحة الإرهاب، كان لوكالة تسنيم الدولية للأنباء حوار خاص مع اللواء المتقاعد "عبد العزيز مجاهد" والمحلل السياسي الجزائري الدكتور "بو حنيفة قوي".

تنسيق عالي

أكد اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد في الحديث عن الإجراءات الجزائرية لملاحقة الإرهاب أنه "يتم عبر التنسيق العالي في مجال تبادل المعلومات ومنع تسلل العصابات الإجرامية من خلال تعزيز حرس الحدود للقيام بمهامهم على أرقى مستوى بالإضافة إلى التعاون في ميدان التكوين والتدريب دون أن نهمش الجانب اللوجستي، مبيّناً أن التهديد قائم  وسيظل إلى أن يستتب الأمن  والاستقرار الاجتماعي بعد أن يعمّ الاستقرار السياسي الوطني باستبعاد التدخلات الاجنبية في دول الجوار، مضيفاً "طالما هناك غياب وفاق وطني في هذه الدول ستظل الساحة مفتوحة على مصراعيها للتدخلات الخارجية بكل أشكالها".

دبلوماسية المسافة الواحدة

أما عن محور العلاقات مع الجوار (المغرب، ليبيا، تونس)، وعن الخطوات الجزائرية لإعادة العلاقات العربية العربية، فقد أشار المحلل السياسي الجزائري الدكتور "بو حنيفة قوي" إلى أن الجزائر انتهجت تاريخياً في دبلوماسيتها ما يمكن تسميته دبلوماسية المسافة الواحدة مع جميع الأفرقاء، موضحاً أنها تنطلق  في دبلوماسيتها من مجموعة مسلّمات؛ تكمن الأولى في عدم التدخل في شؤون الدول، لافتاً إلى أنه شعار تبنّته منذ استقلالها وهو ما أكبسها احتراماً دولياً ودبلوماسياً متصاعداً،  في حين يرتكز المنطلق الثاني على حالة وجود الأزمات التي تعطي الأولوية للحوار والأدوات السلمية".

وأشار "بو حنيفة" إلى أن الرؤية الجزائرية للدبلوماسية التي تقول أنه في حالة وقوع إشكالات هيكلية بأي دولة كما هو الحال في أي دولة من دول ما سُميّ بـ"الربيع العربي" فإن الأولوية تُعطى للطرف الداخلي لإبداء توافقات داخلية وحل الأزمة وليس لإعطاء الطرف الخارجي أو الأجنبي أو القوى العظمى دورها في حلحلة هذه الأزمة، غير أنها تؤمن أنه إذا طلب منها المشورة أو المساعدة في تقديم يد العون من الناحية الإنسانية أو الاجتماعية أو التنموية فإنها تبذل المجهودات لغرض تصدير ما يمكن تسميته السلم، فالجزائر دولة في دبلوماسيتها صانع المستقبل وهو الشعار الذي تتبناه منذ مرحلة ما بعد الاستقلال".

علاقات استراتيجية

وبيّن "بو حنيفة" ما يمكن ملاحظته من دور إيجابي للجزائر في علاقتها مع تونس وليبيا، وارتباطها في علاقات استراتيجية ترتبط بتدريب الجيش التونسي وتقديم الاستشارة إلى الحالة الليبية دون أن تقف مع طرف دون آخر، فالآن ما يهمها هو استقرار هذه الدول لان استقرار هذه الدول كفيل ببناء استقرار إقليمي وجماعي".

لم يعلن ترشحه

وفيما يتعلق بمحور الرئاسيات الجزائرية والمنافس للرئيس عبد العزيز بو تفليقة قال "بوحنيفة" "ينبغي بداية الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية "بو تفليقة" لم يعلن ترشحه رسمياً لرئاسيات 2019، وأيضاً هو الحال بالنسبة لأحزاب التحالف الرئاسي أو أحزاب ما يسمى لدى المعارضة بأحزاب "الموالاة"، مؤكداً أنه لحد الآن لم تعلن ترشيحها رسمياً للسيد رئيس الجمهورية للموعد القادم، غير أنها ترى أنه بحالة ترشح الرئيس فإنها ستدعمه بقوة؛ بمعنى أن ترشيحها للرئيس يتوقف على رغبة  الرئيس نفسه". 

تشتت وانقسام

وأشار إلى أن "المعارضة" في الوقت نفسه مشتتة ومنقسمة على نفسها بمختلف أطيافها سواء كانت اشتراكية، علمانية، وطنية أو إسلامية لذلك يبدو المشهد السياسي غير واضح المعالم، مضيفاً أنه "ربما يكمن ضعف المترشح لدى المعارضة في حال عدم تواجده أصلا بمعنى أن أحد عناصر قوة المعارضة في حال إذا ما كان له قوة هي في توحدها على مرشح توافقي وهو غير متوفر للفترة الحالية لحد الساعة".

مشهد مستقبلي

وأوضح "بو حنيفة" أنه "في حالة ترشح الرئيس الحالي لموعد الرئاسيات القادمة فإن المشهد السياسي يمكن أن يؤدي إلى فوز الرئيس في حالة عدم وجود منافس قوي من طرف المعارضة له، كما يمكن القول أن الشهرين القادمين سيحددان معالم المشهد المستقبلي اللاحق بخصوص رئاسيات 2019".

علاقات إيجابية

وفيما يتعلّق بفرصة لمؤتمر أو حوار بين السعودية وإيران برعاية جزائرية لفت "بو حنيفة" إلى دور الجزائر في التقريب بين السعودية وايران، مضيفاً أنه عند قراءة لغة الأرقام نرى أن الجزائر تحتفظ بعلاقات جداً ايجابية واستراتيجية مع السعودية وأيضا لها علاقات مع إيران، مشيراً إلى أنه رغم توتر العلاقات التي أدت إلى توقيف المسار الانتخابي ودخول الجزائر في أزمة أمنية، غير أن علاقات الجزائر وايران في السنوات الاخيرة انتعشت ايجابياً حيث أن كل طرف يدرك علاقة هذا الطرف بالآخر، كذلك الحال بالنسبة لعلاقات الجزائر والسعودية".

أطر دبلوماسية

وأردف "الجزائر لم تنخرط في ما يسمى الحلف الإسلامي ضد الارهاب الذي تقوده السعودية ولم تكن طرفاً بعاصفة الحزم لاعتقاد مفاده كما سبقت الإشارة إليه أن الجزائر لن تتدخل في شؤون الاخرين وإن تطلب الأمر فإنه ضمن الأطر الدبلوماسية، غير أن هذه العلاقة الطيبة الإيجابية بين الجزائر والسعودية من جهة وإيران من جهة  تخولها للعب دور إيجابي في تقريب وجهات النظر ربما تكون في الرؤية الاستراتيجية المستقبلية، غير أنني شخصيا أستبعد أن تضع الجزائر أجندة بهذا الخصوص (عقد مؤتمر) بين السعودية وايران لاعتبار ينطلق من مكونات ومسلمات خارجية".

مواقف ثابتة

وبالحديث عن الاشاعات بوجود عناصر تدرب "مقاتلي الصحراء" أكد "بو حنيفة" أن "الجزائر التي عانت الإرهاب المر خلال العشر سنوات والتي تسمى بالعشرية السوداء، لا يمكن أن تكون طرفا لتأجيج صراع بين طرف دون آخر وهذا من مواقفها الثابتة تجاه القضايا التحررية والإنسانية في العالم".

وأضاف "الجزائر التي قاومت الإرهاب لا يمكن أن تكون طرفاً في لعبة الارهاب ونتيجة لذلك لاتزال حتى هذه الساعة تقاوم وجود الإرهاب في المناطق التي قد تشهد توتراً هنا وهناك، لذلك يمكن القول أن هنالك تعاون وتضافر جماعي بهذا الصدد للوقوف بوجه الارهاب".

دولة قوية لها دبلوماسيتها

وفي رده على أسباب رفض الجزائر إخراج سورية من جامعة الدول العربية رغم تعرضها للتهديد من قبل "قطر" بنقل الأحداث اليها أكد "بو حنيفة" أن "الجزائر لم تتعرض لأي تهديد من أي دولة كانت فالجزائر دولة قوية لها دبلوماسية واضحة ودقيقة وأمنية، كما تمتلك علاقات طيبة مع جميع الدول العربية، مبيّناً أنها تحتفظ بعلاقاتها وهي على مسافة واحدة من أن تربطها علاقات استراتيجية مع بعض الدول بحكم دول الجوار والتعاون الاقتصادي والتكامل التجاري و الدبلوماسي غير أنها لا يمكن أن تضع نفسها  موضع التهديد من طرف دولة، بل تحتفي بعلاقات طيبة مع الجميع ولها علاقات جيدة مع دول الخليج الفارسي دون استثناء، كما تربطها  علاقات إيجابية مع دول المغرب العربي".

عودة سورية لجامعة الدول العربية

وتابع "صحيح أنها رفضت آلية حلحلة الأزمة في سورية ورفضت حقيقة أن يتم التعاطي بشكل راديكالي؛ أي بشكل يخرج سورية من حاضنة جامعة الدول العربية غير أنها هي من منظومة جامعة الدول العربية واتخذت مواقفها عندما تطلب الأمر ذلك، مؤكداً أن يجب أن تعاد سورية إلى جامعة الدول العربية، ويعاد إرساء السلم والأمن لهذه الدولة ليتم تفعيل الحوار على مختلف الشركاء في العملية السياسية في سورية".

وختم "بو حنيفة" " تسعى الجزائر لتكون رائدة في إعادة بعث الروح في اتحاد المغرب العربي وعلاقات أورومتوسطية باعتبارها مفتاحا للاتحاد الافريقي الذي يربط القارة الأوروبية بدول المغرب العربي إلى العمق الإفريقي".

/انتهى/