ماهي مخططات الاحتلال في الخان الاحمر؟

ماهی مخططات الاحتلال فی الخان الاحمر؟

قررت المحكمة العليا الإسرائيلية، إخلاء وهدم قرية الخان الأحمر، شرق مدينة القدس المحتلة، على أن يتم البدء بتنفيذ القرار بعد أسبوع.

ويعتبر هذا القرار مخططٌا قديمٌا جديدا بأهدافٍ تتخطى إخلاءَ منطقةِ خان الأحمر من سكانِها ليشمُل مشروعاً يوصلُ نهايةَ الأمر الى ما يسمى بالقدس الكبرى وإلحاقِها بكيان الإحتلال الإسرائيلي، لا سيما بعد قرارِ الرئيسِ الأميركي دونالد ترامب بالإعترافِ بالقدس عاصمةً للإحتلال.

ودعا نيكولاي ميلادينوف، مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، الاحتلال بوقف هدم قرية الخان الأحمر، وعدم نقل التجمعات البدوية في الضفة الغربية من مكانها.

واضاف ميلادينوف أن هدم السلطات الإسرائيلية لقرية الخان الأحمر يقوض أركان حل الدولتين، وهو في الوقت نفسه يناقض القانون الدولي.

الخان الأحمر؛ الصمود في وجه التهويد

على بعد 10 كيلو مترات شرقي مدينة القدس وعلى الطريق الرئيس المؤدي إلى أريحا يقع الخان الأحمر والمعروف أيضاً بخان السامري، والذي يتعرض سكانه لمحاولات اقتلاع وتهجير.

ويقول روبين أبو شمسية الباحث في تاريخ القدس، ان الخان هو عبارة عن بناء عثماني من القرن السادس عشر، كان مزاراً للتجار على هذا الطريق القديم الذي يربط ضفتي نهر الأردن حيث كانوا يتوقفون للاستراحة وإطعام الخيول.

ويضيف : "أما اليوم فيوجد هنالك متجر للتذكارات وخيمة بدوية تقدم المرطبات للسياح، على الجهة المقابلة توجد هناك آثار واضحة لكنيسة سان يوثيميوس التي بنيت في القرن الخامس، وأصبحت المركز الهام للنساك (الرهبان) في فلسطين".

وعلى التلة الموجودة خلف الخان تقع مستوطنة "معاليه أدوميم" التي أقيمت عام 1978 بعد احتلال الأراضي المقامة عليها والتي أصبحت بمثابة مدينة الآن، وتسعى السلطات الإسرائيلية إلى دمج المستوطنة إلى ما يعرف بمشروع "القدس الكبرى".

ويشير الباحث أبو شمسية الى ان منحدرات الخان الاحمر شرق القدس تبدأ على ارتفاع 800م فوق سطح البحر، ثم تنحدر بشدة شرقاً نحو البحر الميت حيث تصل إلى أكثر من 200م تحت سطح البحر.

وبعكس المرتفعات الوسطى، فإن الأمطار في هذه المنطقة نادرة وهي لذلك أراض شبه صحراوية جرداء بفعل عوامل التعرية.

ويطلق السكان المحليون على هذه المنطقة اسم برية القدس، ويستخدمونها كمراع لمواشيهم لعدم صلاحية أراضيها للزراعة، وتبلغ مساحة المنطقة حوالي 1500 كم²، وتشكل أكثر من ربع مساحة الضفة الغربية.

ولم تقم في هذه المنطقة بالماضي أية مدن أو قرى بسبب شح المياه فيها ولقسوة مناخها، واقتصر الاستيطان فيها على بعض المخيمات البدوية المؤقتة وبعض الأديرة التي أقيمت في الأودية وقرب ينابيع المياه.

أما اليوم فقد أقام فيها الإسرائيليون العديد من المستوطنات اليهودية التي وفروا لها المياه من آبار ارتوازية عميقة يؤثر وجودها سلبا على تدفق المياه من الجبال إلى ينابيع منطقة الأغوار، كما تقوم هذه المستوطنات بمزاحمة البدو من قبيلتي الجهالين والكعابنة اللتين تسكنان هناك منذ العام 1948م.

ويؤكد أبو شمسية ان السلطات الاسرائيلية تسعى اليوم لإفراغ برية القدس من سكانها البدو بدعوى أنها منطقة عسكرية، ولكن الحقيقة أنها تنوي التخلص منهم لتوسيع المستوطنات الكثيرة في المنطقة، وخاصة مستوطنة معالية أدوميم (الخان الأحمر)، التي تعد من أكبر المستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية.

وسميت هذه الاراضي بالخان الاحمر نسبة الى خان عثماني وقلعة بنيتا في القرن السادس عشر، القلعة لحراسة الطريق الرومانية – الاموية التي تربط بين القدس واريحا والاردن والتي عُرفت بطريق الغور، والتي وجدت بجوار القلعة بقايا حجر الميل الروماني والاموي الذي يحدد المسافات بين المدن.

وهذا الخان بني على انقاض دير بيزنطي بني في القرن الخامس الميلادي، والى الغرب من هذا الخان سهل تتميز جزء كبير من تربته بالحمراء (لذلك سمي بالسهل الاحمر وسمي الخان باسم الاراضي ذات التربة الحمراء) منها 65000 دونم كانت تسمى فيما مضى باراضي وخان السلاونة كونها اراضٍ تتبع لأهل سلوان منها 47000 دونم زراعية.

وتذكر لنا الروايات الكثير من القصص عن مواسم الحصاد لأهل سلوان وخاصة موسم القمح، والباقي اراضٍ صحراوية واراضٍ وعرة جبلية، استغل الجزء الاكبر منها لبناء مستوطنة معاليه ادوميم ( التلة الحمراء) والجزء الآخر كمنطقة صناعية تسمى ميشور ادوميم (السهل الاحمر).

وقال منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان جمال جمعة ان تاريخ مشروع "الايوان" بدأ عام 1994 ويعد جزء من مشروع القدس الكبرى الاستيطاني لكيان الاحتلال الاسرائيلي.

وقال جمعة:" الخان الاحمر هي رأس الحربة في مشروع الاستيطاني للاحتلال، واختيار الخان الاحمر كان مدروس جيدا، هذا موقع كان هناك نزاع طويل عليه، وهناك مدرسة بنيت قبل حوالي عشرة سنوات من اموال الاتحاد الاوروبي" مدرسة الكوشوك" ومنذ ذلك الوقت كان هناك على المستوى الدولي كان موضوع الخان الاحمر موضوع بارز وحاضر في التداول".

واشار جمال جمعة الى كيان الاحتلال الذي يسعى منذ مدة الى هدم الخان الاحمر. معتبرا انه سيلي ذلك هدم 24 موقع في هذه المنطقة لاكمال مشروع الاحتلال الاستيطاني.

وأضاف جمعة:" بالنسبة لنا هدم الخان الاحمر كما هو العناقيد في النقب، لذلك كان يجب ان يكون هناك وقفة فلسطينة جادة في هذا الموقع مهما كلف الامر لانها تعني بدء العد التنازلي لإغلاق منطقة القدس وتكون القدس الكبرى قد أغلقت من الجهة الشرقية التي هي المنفذ الوحيد بإتجاه غور الاردن وبإتجاه أريحا".

وأوضح جمعة ان قرار الاحتلال بهدم الخان الاحمر هو موجود منذ عام 1999  وتم أحياءه في أكثر من وقت وأوقف من قبل الادارات الامريكية السابقة لكن ترامب اعطى مجددا الضوء الاخضر لكيان الاحتلال لهدم هذه المنطقة.

هذا وندد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية خطيب المسجد الأقصى المبارك محمد حسين بقرار محكمة الاحتلال هدم وإخلاء الخان الأحمر شرق القدس المحتلة.

وناشد حسين في بيان، المواطنين بضرورة التصدي لهذا القرار ودعم صمود سكان التجمع في وجه سياسة التطهير العرقي التي يمارسها الاحتلال تمهيدًا لتنفيذ مخطط استيطاني توسعي لربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقدس.

وأكد أن السياسات الممنهجة للاحتلال، هي انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر التهجير القسري للسكان المحليين، وتشكل استخفافًا واضحًا بقضيتنا الفلسطينية، وحقوق شعبنا الشرعية، محملًا الاحتلال والإدارة الأمريكية المسؤولية كاملة عن تأجيج الوضع السياسي والشعبي في المنطقة.

ودعت حركتا فتح وحماس، إلى ضرورة التصدي لمخطط الاحتلال الاسرائيلي هدم قرية الخان الأحمر وتهجير سكانها، والعمل على مساندتهم والدفاع عنهم أمام هذا المخطط.

ووجهت حركة فتح دعوة للشعب الفلسطيني للاعتصام والتوافد لقرية الخان الأحمر، والدفاع عنها أمام القرار الذي وصفته بـ "البربري" الصادر عن سلطات الاحتلال الإسرائيلي القاضي بهدم القرية وترحيل أهلها.

ودعا عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي كافة الفصائل والمؤسسات الفلسطينية وغير الرسمية والنقابات والطلاب والعشائر إلى التوافد المستمر للخان الأحمر، باعتبار ذلك نضالا ورباطا واستمرارا لمعركة القدس والدفاع عنها.

من جانبها دعت حركة حماس، مختلف شرائح الشعب الفلسطيني إلى "الانتفاض في وجه الاحتلال الإسرائيلي ومقاومته بالوسائل كافة لوقف إجرامه وغطرسته، وإفشال مخططاته الاستيطانية التوسعية".

واعتبرت الحركة في تصريح صحفي قرار المحكمة الإسرائيلية العليا بإخلاء وهدم تجمع الخان الأحمر بالقدس المحتلة، "جريمة إسرائيلية جديدة تضاف لسجل جرائمه النكراء بحق الشعب الفلسطيني".

وقالت أنه "لا رادع لهذا المحتل إلا بالمقاومة، وأنه لن يعيد حساباته باغتصاب مزيد من أرضنا وتهجير سكانها إلا بزعزعة أمنه، ودفعه ثمن عدوانه المتواصل بحق الشعب الفلسطيني".

وطالبت حركة حماس السلطة بـ "إطلاق يد شعبنا في الحراك الجماهيري الشعبي المناصر لأهلنا في الخان الأحمر دون أي تضييق أو تحديد"، داعيةً الفصائل الوطنية والإسلامية والمؤسسات الفاعلة إلى "اعتبار هذا الأسبوع أسبوعا وطنيا تُنظم فيه التظاهرات والاحتجاجات وصولا لتشكيل أكبر حالة إسناد شعبي لسكان الخان".

وحملت حماس الاحتلال الاسرائيلي المسؤولية عن نتائج هذه الجريمة الجديدة، مشيرةً إلى أن هذا القرار يؤكد أن هذه المحاكم ما هي إلا أدوات تنفذ سياسة الاحتلال، وتخفي دولة الاحتلال الإسرائيلي من ورائها وجهها العدواني الهمجي.

ومن جانبها أكدت حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين أن "القرار الإسرائيلي بشأن هدم الخان الأحمر"، وتابع "هذا قرار سياسي مغلف بستار القانون الزائف الذي تتستر خلفه سلطات الاحتلال لتنفيذ حربها المعلنة ضد الوجود الفلسطيني في مدينة القدس".

وقالت الحركة في بيان لها أن "كل التجارب أثبتت أن سياسات السلطة ورهانها على التسوية والمفاوضات وإصرارها على الالتزامات الأمنية المنبثقة عن اتفاق أوسلو المشؤوم كانت سببا مباشرا في كل هذا التآكل الذي تعرضت له الأرض ولا زالت بفعل سياسات التوسع الاستيطاني".

وشددت الحركة على "حق شعبنا في التصدي لهذه السياسات، ودعت جماهير الشعب الفلسطيني في كل مكان لإعلان النفير العام ولتمتد مسيرات العودة لتواجه الاستيطان التهويد ولينتفض الشعب كله في مواجهة تنخرط فيها كافة القوى والفصائل وتعلي صوتها وفعلها الحقيقي لمواجهة الاحتلال".

وطالبت الحركة "السلطة بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين ووقف التنسيق الأمني نهائيا"، ودعت "أبناء الشعب الفلسطيني للخروج في مسيرات غضب في كل مكان لمواجهة هذه القرار الذي يتزامن مع الحرب على حقوق اللاجئين وحق العودة المقدس".

انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة