معسكر الصقر؛ امريكا ام اسرائيل

معسکر الصقر؛ امریکا ام اسرائیل

انشغلت الاوساط العراقية الرسمية والسياسية والشعبية الاسبوع الماضي بحادثة معسكر الصقر الذي استهدف مخزنا للعتاد العسكري الذي اعاد الى الاذهان قصف موقع عسكري في امرلي ومعسكر اشرف في ديالى . لم تتبنى اي جهة محلية او دولية هذه الاعمال العسكرية التي استهدفت بمجملها قواعد وتجمعات ومخازن سلاح تابعة لقوات الحشد الشعبي.

محمد صالح صدقيان
 وما زاد في تعدد التكهنات والتفسيرات صمت الاجهزة الحكومية الرسمية حيال هذه الاعمال المتكررة وعدم اعطاء صورة واضحة للراي العام العراقي والاقليمي مما فسح المجال للمزيد من التكهنات في اتهام هذا الطرف او ذاك.

روايتان تصدرت هذه المواقف. الاولى اتهمت اسرائيل بضلوعها في هذا القصف مستندة على تسريبات لصحف اسرائيلية حاولت جاهدة ان تتبنى القصف فيما امتنعت السلطات الاسرائيلية الرسمية من اعطاء موقف سواء بالنفي من عدمه. اما الثانية فانها القت بالمسؤولية على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة متذرعة بتجسس القوات الامريكية العاملة في العراق على معسكرات وتحركات قوات الحشد الشعبي منذ سنوات وتحديدا منذ تشكيله في حزيران من العام 2014.

وليس من شك ، ان القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية لديها الادلة الكافية والوثائق الدامغة بشان الجهة المتورطة في هذا القصف ، وان عدم اعلانها عن هذه الجهة للراي العام «ربما» يدخل في اطار السياسة التي تتبعها في التعاطي مع المشهد العسكري والامني الذي يسود العراق ، لكن الثابت ان مايجري في داخل العراق من احداث امنية وعسكرية وحتى سياسية لايمكن فصله عن مايحدث في محيطه سواءا في تركيا او سوريا او ايران او في جنوبه في دول مجلس التعاون الخليجي.

ان دعوة الولايات المتحدة لتشكيل حلف عسكري "لحماية" الملاحة البحرية في المياه الخليجية وبحر عمان هو احدث تصعيد تقدم عليه واشنطن من اجل مواجهة التعنت الايراني للجلوس على طاولة المفاوضات ذات المقاسات الامريكية . وعندما طالب وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم بتشكيل قوة مشتركة عربية لتامين امن الملاحة البحرية فانه يعكس القلق الذي ينتاب العراق وبقية دول المنطقة من تداعيات مثل هذه الخطوة ، وهو ذات القلق الذي وقف امام الدول الاوربية والاسيوية التي امتنعت من المشاركة في هذا التحالف الامر الذي يؤشر على خطورة الاوضاع والتطورات التي تديرها الادارة الامريكية في المنطقة.

لقد اخفقت واشنطن وتحديدا المتطرفين فيها امثال مستشار الامن القومي جان بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو من اركاع ايران او خلق اجماع دولي ضدها من خلال عدة احداث نفذت لكنها لم تنجح ، كان اخرها الافراج عن الناقلة الايرانية العملاقة غريس1 بعد احتجازها لمدة 40 يوما من قبل البحرية البريطانية بناءا على طلب من الادارة الامريكية . الايرانيون لم يعتبروا خطوة الافراج عن الناقلة انتصارا لدبلوماسيتهم وانما رأو فيها هزيمة لسياسة ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب.

جان بولتون الذي مسك بملف المواجهة مع ايران اخفق لحد الان عدة مرات في تصوراته . وعد بعدم احتفال ايران بالذكرى الاربعين لانتصار ثورتها في شباط فبراير الماضي لكنه فشل . وفشل ايضا في القاء تبعية الانفجارات التي اصابت الناقلات النفطية في بحر عمان والمياه الخليجية بايران . وفشل كذلك في توريط الولايات المتحدة في حرب محدودة او شاملة مع ايران . وقبل ذلك – وهو المهم - قال بانه يريد تقليم اظافر ايران في العراق والمنطقة لكنه لم ينجح لحد الان.

ويسود الاعتقاد ان التطورات في المنطقة وتحديدا في العراق هي النقطة المهمة التي يجب تسليط الضوء عليها . كيف يمكن تقليم الاظافر الايرانية فيها ؟ ما حدث من تطورات اولية تعاطي الادارة الامريكية مع الحكومة العراقية الحالية تؤشر الى رغبة امريكية جامحة لتطويق التعاون العراقي مع ايران على الرغم من ان طهران اعلنت عدم رغبتها في جعل الساحة العراقية ساحة منازلة مع واشنطن ، لكن يبدو ان بولتون يريد تحقيق هذا الهدف حتى وان كان على حساب استتباب الامن والاستقرار في العراق.

ان المعلومات المسربة بشان احتمال عودة داعش للعراق او الحديث عن تجمعات بشرية لداعش بالقرب من الحدود العراقية السورية المشتركة تدخل في هذا الاطار . حتى ان القصف الذي طال معسكر الصقر في جنوب بغداد او تجمعا في معسكر اشرف بديالى او امرلي يجب ان لا يستبعد عن هذه التطورات خصوصا في ظل تعليمات رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الغاء تراخيص الطيران المعطاة لجهات عراقية وغيرعراقية «وحصر موافقات الطيران بيد القائد العام للقوات المسلحة حصرا او من يخوله» . الخشية، ان يلجأ جان بولتون بتفعيل الورقة العراقية امنيا اذا ما فشلت برامجه مع ايران.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة