المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة عقب فشل سياسة الضغوط الامريكية القصوى


المنطقة مقبلة على مرحلة جدیدة عقب فشل سیاسة الضغوط الامریکیة القصوى

عقب انهيار سياسة الضغوط القصوى التي تقودها أمريكا ضد إيران، والتي بدأت بعد انسحاب امريكا من الاتفاق النووي، دخلت التحركات السياسية في المنطقة مرحلة جديدة، وجميعها جزء من محاولة استعادة الاستقرار والسلام في الخليج الفارسي كنتيجة لاستراتيجية المقاومة الإيرانية النشطة.

وكالة تسنيم الدولية للأنباء، إن المشهد السياسي في المنطقة خلال الأسبوع الماضي قد شهد تطورات عديدة، واستمرارها من شأنه أن يكون دليلاً على التوجه الجديد من قبل دول الخليج الفارسي نحو تخفيف التوترات وتحقيق حالة أكثر ملاءمة.

هرمز للسلام:  خطة إيرانية لتخفيف التوترات في الخليج الفارسي

أول هذه المبادرات كانت المبادرة الإيرانية، التي قدمها الرئيس روحاني بشكل رسمي في الجمعية العامة للأمم المتحدة و التي اطلق عليها اسم "مبادرة هرمز للسلام".

وفيما يخص هذا الامر قال روحاني في الأمم المتحدة: "بناء على مسؤولية بلادي التاريخية في الحفاظ على الأمن والسلام والاستقرار والتطور في منطقة الخليج الفارسي ومضيق هرمز، أدعو جميع الدول المتأثرة بالتطورات الحاصلة في الخليج الفارسي و مضيق هرمز، الى مبادرة هرمز للسلام. ان هدف تحالف الأمل هو تعزيز السلام و الاستقرار و الازدهار والرفاه  لجميع سكان مضيق هرمز، و التفاهم المتبادل و العلاقات السلمية. تشمل المبادرة مختلف مجالات التعاون ، مثل أمن الطاقة العام، وحرية الملاحة و حرية نقل النفط  وغيرها من مصادر الطاقة من وإلى دول منطقة مضيق هرمز وخارجه".

يقوم تحالف الأمل على مبادئ مهمة مثل الالتزام بأهداف ومبادئ الأمم المتحدة والاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة والمكانة المتساوية والحوار والتفاهم واحترام السيادة والسلامة الإقليمية وحرمة الحدود الدولية والتسوية السلمية لجميع النزاعات. الأهم من ذلك ، هناك مبدآن أساسيان هما "عدم الاعتداء" و "عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض." كما أن وجود الأمم المتحدة ضروري لإنشاء مظلة دولية لدعم تحالف الأمل.

لكن خطة هرمز للسلام هي جزء من الاتفاق العام الضروري لتأمين السلام والأمن في منطقة غرب آسيا والتركيز على هذا الممر المائي الاستراتيجي. هذه الملاحظات الكتابية موثقة في الفقرة 8 من قرار مجلس الأمن 598. حيث أكدت المادة 8 من القرار ، التي أنهت الحرب بين إيران والعراق، على إنشاء ترتيبات أمنية بمشاركة العراق وإيران وست دول خليجية تحت إشراف الأمم المتحدة. باختصار ، تتمثل أهداف المشروع في تأمين الخليج الفارسي والحوار والسلام الإقليمي.

بغض النظر عما إذا كانت المبادرة الإيرانية موضع ترحيب أم لا ، تجدر الإشارة إلى أن كبار المسؤولين الإيرانيين عمومًا أكدوا دائمًا على أن الأمن يجب أن يكون لجميع الأطراف و أنه لا يمكن لطرف واحد أن يتحمل جميع التكاليف و الالتزامات دون الاطراف الاخرى. كما صرحت إيران مرارا وتكرارا بأنها ستلعب ، كما في السابق ، دورا في توفير الأمن للمنطقة، وترغب بالحصول، مثل الآخرين، على جميع مصالحها الناتجة عن الامان فيما يخص الاقتصاد و مبيعات النفط.

المبادرة العراقية في نيويورك والرياض وأبو ظبي

بصرف النظر عن الخطة التي قدمتها إيران، دخلت بعض دول المنطقة، بما في ذلك العراق، الساحة لإعادة الأوضاع الإقليمية الملتهبة إلى الحالة المستقرة.

في هذا الصدد، فإن بغداد ، التي سعت إلى تحقيق الاستقرار في العراق والمنطقة في فترة ما بعد صدام ، قد اتخذت إجراءات و تابعت أعمالها على المستوى الإقليمي وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة.

الرئيس العراقي برهم صالح، الذي زار نيويورك ، اكد استعداد بغداد لاستضافة إيران والولايات المتحدة لمناقشة فكرة عقد مؤتمر مع رؤساء الدول العربية والأوروبية وامريكا والسعودية ، جاء هذا المقترح لعقد مؤتمر في بغداد بقصد تخفيف التوترات في المنطقة.

وأضاف "العراق ينتظر رد الدول المعنية بشأن الاقتراح، بينما وافقت دول الاتحاد الأوروبي عليه".

يوم الأربعاء ، قام رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بزيارة قصيرة إلى الرياض للقاء العاهل السعودي الملك عبد الله.

في بيان رسمي ، قال مكتب رئيس الوزراء العراقي: "عبد المهدي سيلتقي العاهل السعودي و ولي العهد في غضون ساعات قليلة لمناقشة جهود العراق للتوسط بين إيران و المملكة السعودية و تخفيف مستوى التوترات الإقليمية وبناء افضل علاقات مع دول جوار العراق.

بعد الاجتماع ، قال بدر الزيادي، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حول الزيارة القصيرة لرئيس الوزراء العراقي  إلى المملكة العربية السعودية: "كانت زيارة عادل عبد المهدي إلى السعودية ناجحة وسيزور أيضًا  إيران".

إلى جانب مساعي صالح في الولايات المتحدة وعبد المهدي في المملكة العربية السعودية ، زار رئيس تيار الحكمة ، السيد عمار الحكيم ، أيضًا الإمارات العربية المتحدة لعدة ساعات لمناقشة القضايا الإقليمية والعمل على الحد من التوترات.

أجرى الحكيم يوم الجمعة محادثات في أبوظبي مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية حول سبل الحد من التوترات في المنطقة. خلال هذه الاجتماعات ، التي أعقبت مشاورات تهدف إلى الحد من التوترات الإقليمية، ناقش الطرفان سبل حل التحديات التي تواجه المنطقة.

باكستان: طلب مشترك من ترامب و بن سلمان من إيران عن طريق عمران خان

قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة: "لقد طلب مني الرئيس الأمريكي وولي العهد السعودي إجراء محادثات مع الجمهورية الإسلامية بشأن تخفيف التوتر في منطقة الخليج الفارسي".

وقال عمران خان مشيرا، إلى اجتماعه مع ترامب "طلب مني الرئيس الأمريكي أن أطرح مسألة تخفيف التصعيد في المنطقة خلال اجتماعي مع الرئيس الإيراني".

وأضاف: "قبل مغادرتي إلى نيويورك، كنت في زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية و اجتمعت مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي طلب مني التحدث إلى روحاني حول الأحداث الأخيرة في الخليج الفارسي والتوتر بين طهران والرياض". نقلت رسالة ترامب إلى رئيس إيران بشأن التوترات و الاتفاق.

جدير بالذكر، إن وجود قوات أجنبية، خاصة الامريكية، في المنطقة كان أحد الأسباب الرئيسية للتوتر في هذه المنطقة، وبينما تحاول وسائل الإعلام الغربية تصوير إيران كسبب للتوتر دون الإشارة إلى حقيقة أن إيران حاضرة في هذه المنطقة. تستقر القوات الاجنبية التي تتواجد على بعد الاف الكيلومترات من اراضيها، في هذه المنطقة و تسبب التوتر الراهن.

تأثير مرحلة ما بعد الطائرة المسيرة على التغيرات الحالية في الوضع السياسي للمنطقة

إن إلقاء نظرة على الأسباب الكامنة وراء هذه السياسات التصالحية والأحداث في المنطقة في الأيام الأخيرة يدل على أن التطورات تتبع طريقًا خارج السكة المعدة للمنطقة من قبل الولايات المتحدة والسعوديين، وقد يكون هذا التحول في النهج بسبب فشل سياسة الضغوط القصوى للولايات المتحدة على إيران. كما فشل السياسة السعودية في حرب اليمن.

تشكلت معالم هذين الإخفاقين منذ ان تبنت إيران استراتيجية المقاومة الفعالة، ووضعت سياسة الانفعالات المسبقة جانبا. اسقاط إيران للطائرة الأمريكية المعتدية، واحتجاز ناقلة النفط البريطانية بعد انتهاك القوانين الملاحة البحرية، واستراتيجية الحد من التزامها بالاتفاق النووي من خلال ثلاث خطوات، كانت هذه مجموعة من إجراءات إيران الفعالة. كما ان استهداف المقاومة اليمنية لمنشآت أرامكو الحيوية كان له دور أساسي في تغيير حسابات الأطراف الإقليمية والدولية وإيجاد نظام جديد في هذا الصدد.

مشاهدة عجز القوى العالمية في مقابل استراتيجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية المقاومة والفعالة في مواجهة الضغوط الأمريكية وكذلك خيبة أمل بعض حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين ويأسهم من إدارة ترامب كان سببا لتوجههم لاتباع سياسة خفض التوتر.

وتأتي هذه الخطوة الجديدة نتيجة خشيتهم من تصاعد التوترات إلى مستوى خارج عن سيطرة الأطراف وإلحاق الضرر بجميع البلدان في حالة حدوث أزمة خارجة عن إرادتهم. لذلك، تسعى دول المنطقة الآن إلى العودة إلى الاستقرار في منطقة الخليج الفارسي.

النتيجة:

وفي ضوء المبادرات الأخيرة التي قامت بها بلدان المنطقة، يمكن القول إنه بعد النزاعات الإقليمية، تتجه غرب آسيا تدريجياً نحو تخفيف حدة التوتر. تعود الخطوة الجديدة إلى فشل السياسة الأمريكية المتمثلة في استخدام سياسة الضغوط القصوى على إيران، وتحول في إستراتيجية إيران من مجرد صمود إلى مقاومة قوية ويأس سعودي من تحقيق انتصار في حربها الدائرة على اليمن.

تقرير علي حيدري

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة