أحدث انجازات الجيش الايراني..أقدم الصّواريخ الايرانية تتحول إلى نقطوية


أزاحت القوات البرية للجيش الايراني السّتار عن أحدث إنجازاتها ضمن مشروع "لبيك 1" حيث عمدت الى ترقية صواريخ نازعات التي كانت تستخدم لضرب الأهداف ضمن مساحة واسعة لتُصبح صواريخ تستطيع تدمير الأهداف الصّغيرة ضمن مساحة ضيقة.

وكالة تسنيم الدولية للأنباء؛ ضمن فعاليات الاحتفال بذكرى حرب الدّفاع المقدّس (الحرب المفروضة من قبل النظام البعثي الصّدامي ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية)، أزاحت القوات البرية في الجيش الايراني عن 5 إنجازات شملت الآليّة المدرعة "رويين تن"، روبوت عسكري ذكي، طائرات استطلاع خفيفة تطلق عبر اليد، نظام للتشويش على طائرات الاستطلاع كذلك تم الكشف عن مشروع "لبيك 1" لترقية الصواريخ الايرانية نازعات لتُصبح صواريخ نقطوية تستطيع تدمير الأهداف الصّغيرة ضمن مساحة ضيقة.

والجدير ذكره أن هذه الانجازات هي نتيجة الجهود التي بذلتها مؤسسات الأبحاث التّابعة للقوات البرية للجيش الايراني. وفي هذا التقرير سوف نتطرق الى أحد هذه الانجازات وهو مشروع "لبيك 1" والذي سيؤدي تنفيذه عبر إضافة روافد تحكم الى تحويل هذه الصّواريخ من سلاح ذي دقة عادية الى صواريخ بدقّة عالية.

ما هي القذائف الصّاروخية(Rocket) وبما تختلف عن الصّاروخ (Missle

في الحقيقة تختلف القذائف الصّاروخية عن الصّواريخ (إلّا أن كلمة الصّواريخ تطلق على كليهما ضمن المصطلحات الخبرية الدارجة)، فالقذائف الصّاروخية (Rocket) تمتلك محرك صاروخي ويتم إطلاقه عبر منصّة أو راجمة بعد توجيهها باتجاه إحداثيات الهدف. لكن الصواريخ تختلف عن القذائف الصّاروخية حيث أنها مزوّدة بأنظمة توجيه وتحكّم يتم التّحكّم بالصّواريخ وتعديل مسارتها عبرها حتى قبل إصابتها الهدف وذلك لزيادة نسبة دقتها.

كيف يتم التقليل من  نسبة الخطأ في المقذوفات الصاروخية؟

بطبيعة الحال توجد هُناك وسائل وطُرق عديدة من أجل خفض نسبة الخطأ في الإصابة لدى القذائف الصّاروخية خاصة إذا ما تعرّضت هذه المقذوفات الى عوامل غير مساعدة أثناء عملية التّحليق كزيادة حجم فراشات المحرّك الصّاروخي أو عبر إيجاد محور طوليّ يضبط مسار الصّاروخي.

أهمية المقذوفات الصاروخية؟

ويمكن اعتبار المقذوفات الصّاروخية سلاحًا فعّالا ضد الأعداء كونها تستهدف هدفا ضمن مساحة واسعة وذلك لقيمتها المتدنية حيث أنها لا تملك منظومات معالجة، ولا محسوسات (sensors)، ولا منظومات تحكّم وتوجيه؛ وبالتالي تعتبر هذه المقذوفات الخفيفة سلاحًا مناسبًا يخفّض من الكلفة الإجمالية للإشتباك مع العدو كما لا تستلزم تكاليف إضافية من قبيل معاينة المنظومات المذكورة سابقُا ضمن فترة تخزينها.

بالعودة الى الصّواريخ وخاصّة الباليستية منها، فإن نسبة خطأ هذه الصّواريخ تزداد مع ازدياد مداها وبالتالي فهي تحتاج الى منظومات للتوجيه، التحكّم والملاحة من أجل خفض هذه النّسبة.

أيهما أهم؟ الصواريخ النقطوية أو المقذوفات الصاروخية؟

مع نسبة خطأ مُعتبرة في إصابة الهدف، يتم عادة إطلاق العديد من المقذوفات الصّاروخية باتجاه الهدف وذلك لتعويض الخطأ النّاتج عن دقّته المنخفضة (بعكس استخدام الأسلحة الموجّهة). ومن هذا المنطلق فإنه على الرّغم من أن القيمة الإجمالية للذخيرة الموجّهة تبدو مرتفعة مقارنة بقيمة الذخيرة الغير موجّهة يبدو استخدامها أكثر منطقيّا حتى من الناحية الاقتصادية وذلك بسبب الحاجة إلى كميات أسلحة موجّهة أقل لتنفيذ مهمة استهداف معيّنة مقارنة بالذخيرة الغير موجّهة.

مثال واضح في هذا المجال هي قذائف المدفعية الموجّهة. هذه الذخيرة مثل قذائف كراسنوبول (krasnopol) الروسية وقذائف (Excalibur) الأمريكية التي تبلغ قيمتها 20 الى 30 ضعف عن قذائف ال 155 ملم العادية لكن قيمتها العملياتية أكثر ب 40 الى 50 ضعف عن الذخيرة العادية. بمعنى آخر إذا كان تدمير هدف ما يحتاج الى 40 الى 50 قذيفة عادية، فإنّه يحتاج الى قذيفة موجّهة واحدة وبالتالي توفير كلفة 20 الى 30 قذيفة عادية.

أهم أنظمة توجيه الصواريخ

تعدّ منظومة الملاحة اينرسي (INS) من أهم أنواع منظومات التّوجيه وأكثرها استخدامًا والتي تُعالج معظم عملية التّوجيه، التّحكّم والملاحة بطريقة ذاتية وبدون الاعتماد على المعطيات المستقاة من خارج جسم الصّاروخ عبر استخدام أنواع معيّنة من المحسوسات (sensors) وأجهزة قياس السّرعة التي تتولى عمليّة قياس الموجات الدخيلة على الصّاروخ إضافة إلى أنطمة المُعالجة وغيرها من الأنظمة التي تعمل كمجموعة متناسقة ضمن بدن الصّاروخ لتخفيض نسبة الخطأ في عمليات الاستهداف الصّاروخي.

بشكل عام، فإن هذه المنظومات تعمل على تجنّب الأخطاء في مسار الصّاروخ (في مختلف الأبعاد) لكي يستطيع الصّاروخ بنهاية المطاف عبور المسار الذي قد تم تحديده له مسبقا وبالتالي إصابة هدفه بدقة. وأهمية هذه المنظومات هي في معالجة أي خطأ داخلي أو خارجي طارئ يتعرّض له الصّاروخ، بحيث أن هذه الأخطاء ستؤدي بالتالي إلى إصابة نقطة قبل، بعد، إلى يمين أو يسار الهدف.

لماذا يخطئ الصّاروخ هدفه؟

بعض العوامل التي تسبب الأخطاء في في توجيه الصّاروخ هي التّأرجحات الناتجة عن وزن الصّواريخ، التأرجحات في قطر وطول الصّاروخ، الأخطاء التاتجة عن مكونات الوقود وكمية الوقود التي يحتويها الصّاروخ، الأخطاء الناتجة عن متوسط الزمان لاحتراق الوقود ومتوسط القوى الناتجة إزاء ذلك، الأخطاء النتاجة عن عدم توازن الاجنحة او توازن فراشات المحرّك، الأخطاء الناتجة عن انحراف مركز ثقل الصّاروخ عن النقطة المفترضة للصاروخ، الأخطاء الناتجة عن عدم اتّساق القوى الدورانية مع محور الطيران، الأخطاء الناتجة عن عدم تطابق المحور الطولي مع الأجزاء الداخلية للصاروخ بعد عملية المونتاج، الأخطاء الناتجة عن تغيّر جهة وسرعة الرّياح بما يخالف المقادير المفترضة عند تصميم الصّاروخ، الأخطاء الناتجة عن تبدلات التّضاريس (اختلاف عملية الاطلاق من مستوى ارتفاع عن مستوى ارتفاع آخر)... وغيرها من الأخطاء

أهم أهداف العدو تحت مرمى النيران الدقيقة

بالتّالي فإن تجاوز هذه الأخطاء في الأجيال الجديدة للصواريخ بالمقارنة مع الأجيال القديمة تجعل من عملية الاستهداف الصّاروخي أكثر دقّة وبالتّالي تضع طرق المواصلات والجسور المهمة للأعداء والتي تتمتع بنظام دفاعي قوي ضمن نطاق الاستهداف المدمّر كما لا يسلم من دائرة الاستهداف حتّى عنابر الطائرات والمروحيات الثقيلة والنّصف ثقيلة ولا حتى الأبنية الصغيرة المسلحة.

في الحقيقة إن المستوى الضّيق للخطأ الذي تتمتّع به الصّواريخ النقطويّة تمنح القادة الميدانيين إمكانية تدمير طائرة للعدو وعنبرها، أو مدرج للطائرات، أو مبنى معيّن يقع ضمن دائرة الاستهدافز بمعنى آخر فإن تدمير هدف ثمين للعدو سيتطلب إطلاق صاروخ إيراني نقطوي واحد باتجاه هذه الهدف.

المزيّة الواضحة للذخيرة النقطوية هي إمكانية استخدام صاروخ نقطوي واحد أو قذيفة نقطوية واحدة من أجل تدمير هدف العدو، وهذه الميزة يدافع عنها مؤيدو صناعة هذه الأسلحة والتي بالفعل أثبتت فعاليتها في العديد من الحروب.

أما في الحديث عن القدرة التّدميرية للصواريخ النقطوية، يبدو من الوضوح بمكان أن الرأس الحربي الذي يزن عدّة مئات من الكيلوغرامات من المتفجرات كفيلة بتدمير الهدف عن بكرة أبيه وفي حال أخطأ الصّاروخ هدفه ضمن قطر أقصاه العشرة أمتار فإن القوة التدميرية للرأس الحربي كفيلة بتدمير هذا الهدف أيذا عن بكرة أبيه.

الصناعات الدفاعية الايرانية وترقية المقذوفات الصاروخية الى صواريخ دقيقة

إضافة إلى تصميم وإنتاج الصواريخ النقطوية من ألفها إلى يائها أي من مراحل إنضاج مشروع توجيه الصّاروخ من لحظة البداية حتّى إصابته للهدف، حققت الصّناعات الدّفاعية في الجمهورية الاسلامية الايرانية نجاحات متميّزة بتبديل المقذوفات الصّاروخية إلى صواريخ دقيقة، وهذا ما حوّل الاهتمام الى المقذوفات التي كانت قد تم إنتاجها سابقا والموجودة اليوم في مستودعات الذخيرة للقوات المسلحة الايرانية وتحويلها الى صواريخ نقطوية، وبالتالي لم يعد من الاهمية بمكان وضع خط إنتاج جديد لصناعة الصواريخ النقطوية، وما هو مطلوب اليوم هو ترقية المقذوفات الصواريخ الموجودة حاليًّا وتحويلها الى صواريخ موجّهة عبر تزويدها بمنظومات التوجيه والتّحكم والملاحة. وبالتالي يتم إنتاج صواريخ نقطوية ذات قدرة تدميرية كبيرة عبر تحديث المقذوفات الصاروخية بكلفة أقل وفي زمن أقل.

بإلقاء نظرة على البرامج التي يتم تنفيذها في العالم لتحويل  المقذوفات الصاروخية الى صواريخ موجّهة، فإن هذه البرامج بأغلبها تتمركز حول تزويد المقذوفات الصاروخية بأنظمة الاستهداف وتحديد المكان الجغرافي (GPS) أو عبر الباحث الليزري الذي يتم وضعه في مقدمة الصاروخ لتعقّب الهدف وتصويره.

الصّناعات الدفاعية الايرانية قامت بتنفيذ هذه البرامج وتنفيذها بنجاح على الصّواريخ من عيار 122 ملم وكذلك على المقذوفات الصاروخية فجر 3 – 4 – 5 وكذلك مقذوفات زلزال الصاروخية.

مشروع "لبيك 1"

في أحدث الانجازات التي تم إزاحة الستار عنها هي الانجازات التي تم إزاحة السّتار عنها من قبل القوات البرية للجيش الايراني ومن ضمنها مشروع "لبيك 1" الذي يستهدف تحويل المقذوفات الصّاروخية الى صواريخ موجّهة ونقطويّة.

المقذوفات الصّاروخية "نازعات" والتي دخلت الخدمة العسكرية منذ فترة حرب الدفاع المقدّس المقدّس (الحرب المفروضة من قبل النظام البعثي الصّدامي ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية)، تم تزويدها بالوقود الصّلب المركب منذ الثمانينات ودخلت خط الانتاج المكثف والخدمة العسكرية لدى الجيش الايراني وحرس الثورة الاسلامية. وتراوحت مديات النسخات المختلفة لمقذوفات الصّواريخ "نازعات" من مدى يبلغ 90 كيلومتر في نسخته السادسة الى مدى يبلغ 125 كيلومترًا في النّسخة العاشرة من الصّاروخ.

يبلغ طول المقذوفة الصّاروخية "نازعات 6" 6.29 متر فيما يبلغ قطرها ال 356 ملم، أما الوزن الكلّي للمقذوفة فيبلغ 900 كيلوغرام بينها 130 كيلوغراما لرأسها الحربي. أما المقذوفة الصّاروخية "نازعات 10" فيبلغ طولها 8.03 متر فيما يبلغ قطرها ال 450 ملم، أما الوزن الكلّي للمقذوفة فيبلغ 1830 كيلوغرام بينها 240 كيلوغراما لرأسها الحربي..

ضمن مشروع "لبيك 1" والذي كان شارك بعدد من الانجازات الحربية سابقا في مناورات القوات البرية للجيش الايراني، فقد قدّم اليوم إنجازًا جديدًا يستهدف مقذوفات "نازعات" الصاروخية، عبر تقديم مجموعة أنظمة توجيه، تحكم وملاحة متكاملة يمكن تزويد المقذوفات الصّاروخية بها لتُصبح صواريخ نقطوية دقيقة.

ما الذي يميّز صاروخ "نازعات" النقطوي عن صاروخ "فاتح"

وما يميّز هذه النسخة من الانجازات للقوات البرية للجيش عن سائر الانجازات المشابهة في السنوات السّابقة، كان في تصميم فراشات المحرك، فبينما تميّزت نسخات فاتح الصاروخية بفراشات محرك مثلثة عادية، تبدو فراشات المحرك للنسخة المعدلة من صاروخ "نازعات" أشبه بفراشات المحرك الموجّهة لصاروخ "R-27" الروسي.

مناورة سريعة واستهداف دقيق حتى مديات تتعدى الـ 100 كيلومتر

المهم في عملية الارتقاء بصواريخ نازعات هو في الاعتماد عليها من الآن فصاعدًا كصواريخ نقطوية وليس سلاحًا لاستهداف هدف ضمن مساحة كبيرة (هدف منطقة)، حيث أصبح بالامكان اليوم تدمير أهداف صغيرة ضمن مساحة استهداف ضيقة وقدرة تدميرية كبيرة في فترة زمنية قياسية وعلى مديات تتعدّى ال 100 كيلومتر.

/انتهى/