خاص / تسنيم..القذائف الدقيقة للقوات البرية للجيش الايراني... كيف تعمل هذه القذائف الذكية؟


خاص / تسنیم..القذائف الدقیقة للقوات البریة للجیش الایرانی... کیف تعمل هذه القذائف الذکیة؟

خلال المناورات الأخيرة للقوات البرية للجيش الايراني في شمال غرب إيران، تم الكشف عن تجهيز مدفعية هذه القوات بقذائف دقيقة وذكيّة.

وكالة تسنيم الدّولية للأنباء: خلال الأيّام الأخيرة أزاحت القوات البرية للجيش الايراني عن خبرين مهمين لتعزيز قدراتها العسكرية الدفاعية؛ الخبر الأول هو دخول مشروع "لبيك 1" حيّز التنفيذ والذي يستهدف تطوير المقذوفات الصاروخية "نازعات" لتصبح صواريخ نقطوية؛ أما الخبر الثاني فقد تم الكشف عنه خلال المناورة الأخيرة للقوات البرية للجيش الايراني.

وقد حملت هذه المناورات شعار "هدف واحد بقذيفة واحدة" وكان مسرح عملياتها شمال غرب البلاد؛ أما أحد أهدافها الأساسيين هو الاستخدام الواسع للذخائر النقطوية لسلاح المدفعية.

مهام وحدات المدفعية

وتتولى وحدات المدفعية مهمة تقديم الدعم للقوات البرية واستهداف مواقع العدو بالنيران وكذلك لتقديم الدعم والمساعدة وإيقاف هجوم العدو كما تتولى هذه الوحدات مهمة الرّد السّريع على تحركات العدو وتهديداته.

سرعة الدّعم بالنيران وكذلك مسستوى الدقة لهذ السلاح في مواجهة الخط الأول للعدو، يُعدّان من أهم وظائف وحدات المدفعية إضافة إلى أن هذه الوحدات هي ضمن متناول استخدام القادة الميدانيين متى ما دعت الحاجة.

وبطبيعة الحال فإن هذه الميزات هي ميزات مشتركة بين سلاح المدفعية وسلاح الصواريخ التكتيكية لكن يعد سلاح المدفعية أقل كلفة من السلاح الصاروخي.

الأخطاء في إصابة القذائف لأهدافها

في القذائف المدفعية وبعد أن تخرج القذيفة من مرحلة الباليستية الوسطى – يعني خروج القذيفة من السبطانة – فإنه لن يكون هناك بالامكان التحكم بها وإخضاعه للتصحيحات الذكية لخفض مستوى خطأ القذيفة، وبناءً عليه فإن إصابة الأهداف خلال عملية رمي واحدة تبدو متدنية ويجب تنفيذ عدد من الرميات المدفعية من أجل إصابة الأهداف وخاصّة إن كانت هذه ال الأهداف متحرّكة.

وفيما خص الأهداف المتحركة يجب أن نقول أن عمليات الرمي باتجاهه تعتمد على التخمين المسبق لحركة هذا الهدف، وبالتالي فإن أي تغيّر في مسار الهدف بما يخالف التّوقعات يؤدي الى خطأ في الإصابة وسيتطلب ذلك تنفيذ عدّة رميات مدفعية وربما من أكثر من بطارية تستطيع تغطية مدى الهدف.

القذائف الموجهة وخفض هامش الخطأ

ومع تطور تقنيات تصنيع منظومات التوجيه ضمن أبعاد صغيرة، المقاومة للسرعة الكبيرة لقذائف المدفعية وبطبيعة الحال ذات التكلفة البسيطة، فقد تم إنتاج القذائف الموجّهة وتطوير منظوماتها. هذه القذائف يمكن توجيهها بالليزر تجاه الهدف كما يمكن التّحكم بها وتغيير مسارها وخفض مستوى خطأ الإصابة الى أقل نسبة ممكنة.

التوجيه

طريقة التوجيه بالليزر تتم عبر الشكل التالي: يتم توجيه حزمة ليزرية عبر وسيلة برية أو جوية باتجاه الهدف عبر عسكري على الأرض أو طائرة استطلاع، الموجة المنعكسة من الحزمة الليزرية تنعكس بشكل موجة واسعة باتجاه السماء وبالتالي تسمح للقذيفة الموجهة من استهدافها. هذه العملية تتم في إيران عبر طائرات الاستطلاع المصنعة داخليًّا والتي تم استخدامها في مواجهة بعض المجموعات الارهابية في شمال غرب البلاد.

تضم قذيفة  المدفعية الموجهة بحسّاس وكاشف ليزري، وبعد أن تطوي القذيفة مسارها الصّعودي وتبدأ مسارها النّزولي باتجاه الهدف الأرضي، يقوم الرّامي باستخدام الكاشف الليزري ليوجه القذيفة باتجاه الهدف مع تعيين زاوية الاصطدام بالهدف بواسطة جهاز التوجيه عبر عدّة أوامر تحكمية تتلقاها أجهزة التّحكم لتصيب بعدها القذيفة الهدف بخطأ يصل الى متر واحد.

بواسطة ذلك، تتقلّص مدّة الاستهداف بشكل ملحوظ؛ وبطبيعة العال فإن الموجة الليزرية التي تصدر من الكاشف الليزري مبرمجة بطريقة يستطيع فيها الرامي وحده التّحكم بها وبالتالي لا يمكن التشويش على مسارها أو تضليلها. ويجدر الذكر أيضا إلى أن الأسلحة الليزرية مصانة من أي تسويش في أي حرب الكترونية على الرغمن من أن استخدامها يتطلب ظروفًا جويّة مساعدة. وعلى هذا الأساس يُمكن تدمير الهدف بشكل حاسم عبر رماية قذيفة واحدة في وقت لا تتطلب مدة التحضير للاستهداف الدقيق الكثير من الوقت مما يوفّر سرعة في الاستهداف أيضا.

عبر هذه الوسيلة، يتم استهداف الأهداف إن كانت متحركة أو ثابتة عبر قذيفة واحدة لا غير وعند تنفيذ رمايات متعددة للمدفعية يمكن تدمير عدد كبير من الأهداف في مدة قصيرة جدا مما يوفّر الدّعم المطلوب للقوات البرية المهاجمة أو المدافعة.

أيهما أفضل السلاح الصاروخي أو المدفعي

وعلى الرغم من إمكانية استخدام سلاح الصّواريخ في الاستهداف البري إلّا أن القذائف أقل تكلفة من السلاح، وعلى هذا الأساس وعبر صناعة القذائف الموجّهة بكلفة ليست بكبيرة يمكن أن نحصل على نفس نتيجة الاستهداف البري بواسطة الصواريخ، وبالتالي ضرب الأهداف التي لا تستحق الاستهداف الصّاروخي (من حيث التكلفة) بقذائف مدفعية موجّهة.

هناك أيضا أنواع أخرى من المقذوفات المدفعية  الموجّهة يتم استخدامها عبر الاستفادة من أنظمة بصرية أو حرارية حيث يتم الاستهداف بشكل اتوماتيكي عبر هذين الطريقتين بواسطة تزويد القذائف بأجهزة حرارية وبصرية ذكية.

إمكانية معالجة وتحليل التصاوير حققت نموا كبيرا في الجمهورية الاسلامية الايرانية وذلك عبر منظومة تجمع المعلومات حول أنواع الأهداف حيث تدخل هذه المعلومات في منظومات التّحكّم لمختلف أنواع الأسلحة والذخائر.

قذائف أجنبية دقيقة  "اكسكاليبر" و "كراسنوبل"

على سبيل المثال وحسب المعلومات التي تم كشفها، فإن صاروخ "خليج فارس" الباليستي والذي يُستخدم لضرب القطع البحرية إضافة إلى مجموعة القذائف قاصد هي من الأسلحة الموجّهة عبر استخدام الأنظمة البصرية. ويُمكن ذكر نماذج أجنبية لهذه الأسلحة الموجّهة كقذيفة "اكسكاليبر" وقذيفة "كوبر هد" الأمريكيتين إضافة إلى قذيفة "كراسنوبل" الروسية.

يتم التحكم بقذيفة "اكسكاليبر" عبر منظومات توجيه عبر الأقمار الاصطناعية أما قذيفة "كوبر هد" فيتم التحكم بها عبر منظومة توجيه ليزرية. ويتراوح مدى قذيفة "اكسكاليبر" بين 23 الى 40 كيلومتر، قذيفة "كوبر هد" بين 3 الى 16 كيلومتر بينما يبلغ المدى الأقصى لقذيفة "كراسنوبل"الروسية حوالي 20 كيلومترا. وتذم القذيفة الروسية البالغ وزنها الإجمالي 50 كيلوغراما حوالي 20.5 من المواد المتفجرة ويمكن استهداف الأهداف المتحركة بسرعة 10 أمتار في الثانية.

الكلفة في مواجهة الفعالية... أيهما أفضل

وما يجدر الاشارة اليه هنا هو نسبة قيمة القذيفة الموجّهة إلى فعاليتها العملية. وبشكل عام يمكن القول أن قيمة كل قذيفة موجهة تبلغ 20 الى 30 ضعفا عن النسخة الغير موجّهة لكن فعاليتها تبلغ 40 الى 50 ضعفا عن القذيفة العادية. ويمكن القول هنا أنه من أجل استهداف هدف معيّن كساتر أو دشمة للعدو عبر قذيفة موجّهة، فالقيمة الإجمالية لهذا الاستهداف سيبلغ 20 ألف دولار، بينما سيبلغ قيمة هذا الاستهداف عبر استخدام 40 الى 50  قذيفة غير موجهة لإصابة الهدف نفسه وتدميره حوالي 40 ألف إلى 50 ألف دولار، في الوقت ذاته فإن الاستهداف عبر استخدام القذائف الغير موجّهة يستهلك المدفع 40 إلى 50 ضعفا عن استخدامه للقذائف الموجهة.

هناك مسئلة مهمة إضافية، وهي أنّه عند الرماية الذي يتطلبه الاستهداف المذكور في المثل أعلاه، فإن هذه الرماية عبر قذيفة موجّهة تحتاج إلى مدفع واحد بينما تحتاج الرماية بقذائف عادية دخول عدد من المدافع الى عملية الرمي لاستهداف هذا الهدف. وبالتالي فإن عملية الاستهداف بقذائف عادية تتطلب وقتا أكثر الأمر الذي قد يدفع العدو الى الرد المدفعي على مصدر النيران الأمر الذي يضع مهمة الاستهداف الأساسية ضمن إمكانية عدم الإنجاز التام على العدو وقد يضع المدافع ضمن خطر الاستهداف الجوي.

موضوع آخر لا بد من ذكره وهو أن بعض الشركات المصنعة للسلاح مثل شركة Orbital ATK استطاعت أن تصنع عدد من الامكانات التي يمكن إضافتها الى القذائف الموجودة. هذه الامكانات الجديدة بأسعار مختلفة يمكن تزويد القذيفة بها وبالتالي تصبح عند إذا قذائف موجهة؛ هذه الامكانات توفّر دقة أصابة مختلفة على عدّو مديات وبتكاليف مختلفة أيضا بين مدى وأخر. وتستطيع القذيفة عند تزويدها بهذه الامكانات أن تذرب الأهداف بخطأ لا يتجاوز الخمسين مترا في كل المديات. لا بد من تسليط الضوء هنا إلى أنه مع زيادة مدى القذيفة فإن نسبة الخطأ ستزيد.

مقارنة ثلاثة أنواع من القذائف: 1) قذيفة غير موجهة مع هامش خطأ كبير

2) قذائف موجهة مع هامشي خطأ يصل الى 50 مترا في كل المديات

3) قذائف موجّهة دقيقة مع هامش خطأ يصل ل 10 أمتر فقط

قذيفة بصير الموجهة

ومع حاجة القوات المسلحة الايرانية الى الذخيرة الموجهة، فقد قامت الصناعات الدفاعية الايرانية بتصميم وصناعة قذائف "بصير" في شتاء العام 2010. وبصير قذيفة موجهة بطول 1.2 متر ومن عيار 155 ملم. وتتألف هذه القذيفة من جسد اسطواني الشكل من المؤخرة ومخروطي الشكل في المقدمة. حيث تم تركيب جهاز حساس ليزري في في مقدمة القذيفة.

وفي نهاية جسد القذيفة، هناك عدد من المثبتات تشبه نظيراتها المستخدمة في المقذوفات الصاروخية من طراز "آرش"، "فجر" وفي سلاح ضد الدروع "صاعقة". وخلافا للقذائف الأجنبية من طراز "اكسكاليبر" و "كراسنوبل" فالتي تحتوي على مثبتات مصممة من داخل بدن القذيفة الى خارجها؛ فإن النموذج الأولي لقذيفة بصير تحتوي على مثبتات مدورة بشكل يتناسب مع جسد القذيفة.

نموذج آخر من القذائف الموجهة تم استعراضها خلال العام 2018 إلا أنها حملت اختلافا عن سابقتها وهو في شكل الفراشات المثبتة وذلك خلال معرض إنجازت 40 سنة من الثورة الاسلامية. وخلال هذا النموذج تم استخدام فراشات مثبته داخل جسد القذيفة. وبطبيعة الحال لم يتم ملاحظة أي فراشات متحركة في القسم الأمامي للقذيفة.

قذيفة بصير تعمل على مبدئ التحكم عبر الشفرات المتواجدة في مقدمة القذيفة والتي يُمكن جمعها الى جسد القذيفة. هذه الشفرات تفتح بزاوية الى الخلف عند الانطلاق وهذا الأمر يساعد على مقاومتها للقوة الفيزيائية التي يتسبب فيها الهواء أثناء الطيران وتساعدها في زياىة سرعتها بما يفوق سرعة الصوت.

ويجب التنويه هنا الى أن سرعة قذيفة من عيار 155 ملم وبشكل متوسط تبلغ عند الرمي حوالي 15000 ضعف قوة جاذبية الأرض وهو عدد كبير جدا. إن صناعة قذيفة بصير والنسخ الجديدة منها تشير بشكل واضح الى النجاح الكبير لمتخصصي الصناعات الدفاعية في الجمهورية الاسلامية الايرانية وخاصة في مجالات توجيه جهاز التحكم الذي يضم حساسات، دائرات الكترونيكية، بطارية إضافة الى عديد من التجهيزات الملحقة التي تتحمل ضغطا كبيرا من القذيفة عند الرمي خلال أجزاء من الثانية.

تعدّ تقنية MEMS من أهم التقنيات محليّة الصّنع التي ترفع من مقاومة التجهيزات العسكرية للضغط وتخفض كلفة انتاج هذه القطعات، والتي من الظاهر أنه تم استخدامها عن تصنيع قذائف بصير الموجهة أو النماذج المطورة عنها.

منظومة تحديد الهدف لقذيفة بصير هي منظومة ليزرية، وهي إضافة الى امتلاكها إمكانية كشف الأهداف فهي تملك إمكانية تحديد المسافات والموقع الجغرافي ويبلغ مداها حوالي 15 كيلومتر فيما يبلغ مدى القذيفة نفسها 20 كيلومترا.

مهام بصير غير البرية

إضافة إلى أهدافها البرية تستخدم قذيفة بصير لضرب الأهداف الساحلية وقطعات العدو البحرية. وقد تم الكشف أن نظام توجيه هذه القذيفة يستخدم لإنتاج أنظمة مشابهة لتوجيه المقذوفات الصاروخية والصواريخ الباليستية، وبالتالي يمكن القول إن القذائف الصاروخية التي تم إنتاجها في إيران يمكن الارتقاء بقدراتها عبر تزويدها بمنظومات التوجيه الليزرية.

ان استخدام الذخيرة الموجهة والذكية إن كانت قذائف مدفعية، مقذوفات صاروخية، أو حتى صواريخ يلعب دورا استثنائيا في رفع كفاءة القوات البرية وخصوصا في معارك لا يوجد فيها توازن من حيث الأعداد المهاجمة للأعداء في مقابل قوات مدافعة بأعداد أقل.

كما أن خفض الوقت والكلفة من أجل تدمير وحدات العدو، رفع كفاءة كل مدفع وإمكانية إدخاله في اشتباك مع عدة أهداف في الوقت نفسه وكذلك خفض عدد المدافع المستخدمة من أجل ضرب الأهداف المعادية هي جملة من خصائص استخدام هذا النوع من الذخيرة.

هذه الخصائص كلها تم الاستفادة منها وخاصة في العمليات العسكرية التي نفذها حرس الثورة الاسلامية في شمال غرب البلاد ضد عدد من المجموعات الارهابية وكذلك في عمليات جبهات المقاومة في سوريا التي كانت تتلقى دعم مباشر من وحدات المدفعية لحرس الثورة الاسلامية تحت قيادة عدد من القادة من أصدقاء الشهيد طهراني مقدم الذي كان له الأثر الكبير في إنتاج مثل هذه الأسلحة.

قذائف موجهة، مقذوفات صاروخية موجهة، صواريخ موجّهة... درع حصين أمام أي هجوم للعدو

وبشكل عام فإن إيران وبحيازتها على ذخيرة كافية من القذائف الموجّهة، المقذوفات الصاروخية الموجهة، الصواريخ الباليستية الموجهة هي قوة تتمتع بقدرات كبيرة للغاية في مواجهة أي قوة برية للعدو حتى لو كانت مدرعة.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة